تعود مصر، غدا الجمعة، إلى المظاهرات الداعمة والأخرى المعارضة للسلطات الحالية، لمنح تفويض ثانٍ للرئيس عبدالفتاح السيسي، لمكافحة الإرهاب. وتأتي مظاهرات المؤيدين استجابة للدعوة أطلقها إعلاميون وسياسيون، لتفويض السيسي، لمواجهة الإرهاب، بعد أن تحدث خلال خطابه السبت الماضي، مذكرا المصريين بالتفويض الذي طلبه منهم في 24 يوليو 2013، عندما كان وزيرا للدفاع لمكافحة ما أسماه ب"الإرهاب والعنف المحتمل"، وهو ما استجاب له الشعب في 27 من الشهر ذاته. السيسي، في خطابه الأخير لم يطلب تفويضا جديدا، لكن إعلاميين وسياسيين مؤيدين له، علقوا على الخطاب بدعوة المصريين إلى منحه تفويضًا جديدًا لمكافحة الإرهاب، وذلك بالنزول إلى الميادين الجمعة. ودعا الإعلامي أحمد موسي، الداعم للسلطات، المصريين، للنزول يوم الجمعة القادمة من أجل تجديد التفويض للرئيس والجيش والشرطة في "مواجهة الإرهاب". وقال موسى في برنامج "على مسؤوليتي"، الذي يقدمه على فضائية "صدى البلد"، السبت الماضي، "نريد النزول جميعنا، ولا أقول أننا سنكون 10 ملايين، فأعدادنا يجب أن تكون بالملايين، ولا تقل عن التفويض الأول، انزلوا يوم الجمعة واطلبوا ما تريدونه، والرئيس سينفذه في نفس اليوم، اخرجوا لو كنتم تريدون تحرر بلادكم من الخونة والإرهابيين، وطالبوا بإعدام الجماعة الإرهابية، وتأييد الجيش والشرطة". وقبلت حملات وحركات مؤيدة للسيسي، الدعوة ودعت للتظاهر عصر الغد الجمعة بميدان التحرير، وسط القاهرة، لتأييد كل من الجيش والشرطة في "الحرب على الإرهاب"، والتي لم توضح حتى الآن هذه الحركات ما إذا كانت تظاهراتها بتصريح رسمي من وزارة الداخلية، طبقًا لقانون التظاهر، أم لا. وفي تصريحات لوكالة "الأناضول" قال خالد العدوي منسق حملة "كمل يا ريس"، إن الحملة ستقوم بالحشد من أجل دعم الدولة ومساندة السيسي في حربه على الإرهاب"، وفق مراسل الأناضول. وأوضح أن "المظاهرات ستتركز في ميدان التحرير مهد لثورة 25 يناير 2011، دون وجود أي نية للاعتصام أو الاشتباك مع جماعة الإخوان المسلمين". في الاتجاه نفسه، قال محمد حسين، منسق حركة تمرد "25-30"، أحد الحركات الداعمة للسلطات الحالية، إن "الحركة تدعو المصريين للخروج في مظاهرات الغد بميدان التحرير لتأييد الجيش والشرطة، للتنديد بالعمليات الإرهابية التي تواجهها البلاد، إلى جانب دعم السيسي في أي خطوات يتخذها لمحاربة الجماعات الإرهابية". وأوضح حسين أن المشاركين غدا "غير منتمين" لجهة بعينها، وإنما عن اقتناع بأهمية النزول لمكافحة الإرهاب. من جانبه، قال أحمد حنفي، أحد شباب حزب التيار الشعبي المؤيد للسلطات الحالية، في تصريح مقتصب إن "الحزب لن يشارك في مظاهرات الغد لكن هذا لا يعني رفضا لها وإنما من حق الرئيس أن يحارب الإرهاب دون اخذ إذن بالتفويض". وقريباً من هذا الموقف فضلت عدد من الأحزاب المؤيدة للسلطات الحالية ترك خيار النزول لأعضائها، ومن بينهم المصري الديمقراطي الاجتماعي، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والحركة الوطنية، بحسب تصريحات منفصلة لأعضائها. وعلى الصعيد الرسمي، من المنتظر أن تتطرق خطبة الجمعة الموحدة غدا، بجميع المساجد المصرية، بحسب بيان لوزارة الأوقاف، للاصطفاف في مواجهة الإرهاب الغاشم الذي تجرد من كل المعاني الإنسانية وأقدم في همجية وحشية غير مسبوقة على عملية إجرامية تعد وصمة في جبين وتاريخ الإنسانية، وهي حرق الطيار الأردني". وفي المقابل، التحالف المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، دعا في بيان له اليوم، مؤيديه إلى "التوحد الثوري والمشاركة غدا في جمعة بعنوان "رفض تفويض القتل"، في إطار الموجة الثورية "مصر تتكلم ثورة"، والتي تنطلق في كل ميادين الغضب". وأضاف البيان: "ثورة مصر كتب عليها أن تدخل مرحلة ثورية جديدة حفاظا على مصر، والمتبقي من وحدة المصريين، وإن السيسي الذي أخذ تفويضه الأول وارتكب المجازر يجب أن يعلم أن أغلب المصريين لن يستدرجوا هذه المرة لاحتراب داخلي مرفوض وستكون نهاية نظامه قريبا". وتكررت في مصر تزامن مشاهد المظاهرات المؤيدة والمعارضة للسلطات، منذ عزل مرسي أكثر من مرة، كما حدث في 6 أكتوبر 2013، و25 يناير 2014، و30 يونيو 2014، و3 يوليو 2014. وفي 3 يوليو 2013، عزل الجيش المصري بمشاركة قوى دينية وسياسية وشعبية الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، بعد عام واحد من حكمه للبلاد، عقب احتجاجات ضده، وهي الخطوة التي يعتبرها قطاع من المصريين "انقلابا"، فيما يعتبرها فريق آخر "ثورة شعبية". ومنذ ذلك التاريخ، ينظم أنصاره مظاهرات داعمة لمرسي شهدت في أحيان كثيرة تفريق من قوات الأمن أوقعت قتلى ومصابين. وفي نهاية ديسمبر 2013، أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان "جماعة إرهابية" وجميع أنشطتها "محظورة"، واتهمتها بتنفيذ التفجير الذي استهدف مبنى مديرية أمن محافظة الدقهلية، شمالي البلاد، الذي وقع قبل هذا الإعلان بيوم واحد وأسفر عن مقتل 16 شخصا، رغم إدانة الجماعة للحادث، ونفيها المسؤولية عنه.