في هذه اللحظات التي أحن فيها الى القاهرة كما عشقتها وأشعر باقترابها واقترابي ... اشتاق الى التجوال بين مكتبات وأرصفة وشوارع وسط البلد ، سور الأزبكية في العتبة ومكتبات ابو الريش بجوار محطة مترو السيدة زينب .. وبجوار مترو الاسعاف ونقابة المحامين ... وبجوار سور كلية الزراعة وبالقرب من ميدان الجيزة ... كنت أهيم على وجهي بحثا عن نوادر الكتب القديمة حتى ساعات متأخرة من الليل .. وأنفقت معظم دخلي من العمل في الصحف لسنوات على اقتناء الكتب ... وكنت أعود بعد منتصف الليل والهواء والسكون يلفني .. وانا محمل بعشرات الكتب في مختلف المجالات ... واعتبرها ثروة حقيقية ... وكنت لا انتظر حتى أصل الى البيت بل كنت افتح متلهفا احد الكتب وأتصفحه وانا في المترو ...
ياااااااااه كم كانت أيام جميلة ...
متعة في البحث عن الكتب في مكتبات وازقة وأرصفة القاهرةوالجيزة .... وكان الامر لا يخلو من مغامرات .....
وكان يساعدني ويشجعني على اقتناء المزيد من الكتب عشق زوجتي الكاتبة هناء عادل الرباط ام مهاب ، هي الاخرى للكتاب فكانت تقدر قيمته .. وتقول ان لم نستطع قراءة كل هذه الكتب فربما يقرؤها أولادنا او يتعلمون منها شيئا .. نترك لهم ما يثقفهم افضل من اي شيء آخر ... لكنها في لحظات قليلة كانت تتقمص شخصية الزوجة في السينما التي كانت تقابل زوجها الموظف البسيط وهو داخل البيت وتقول له يعني جاي بطولك لا كيس فاكهة ولا اي حاجة !!! ههههه فكانت ام مهاب تقابلني احيانا بل نادرا بغضب وانا احمل الكتب بيدي .. وتقول : كفاية كتب ... الشقة لم تعد تتحمل والمصاريف تزيد علينا ...!!! وبالفعل وقتها كنا نمر بأيام عصيبة بسبب قلة الدخل وقلة فرص العمل في الصحافة وقتها من 2005 الى 2008 ... لكنني كنت رغم قلة الدخل لا استطيع مقاومة "شهوة شراء الكتب" !!! وكنت في اليوم التالي اشتري المزيد منها وأعود بعد منتصف الليل ولا اصعد بها الى شقتي حتى لا تغضب زوجتي ام مهاب لانني دمرت الميزانية المدمرة اصلا .. فاترك الكتب في كرتونة أسفل في الدور الأرضي واصعد وكأن شيئا لم يحدث ... وكنت انتظر نوم ام مهاب ثم انزل واحمل الكتب واضعهم في الحجرة المخصصة للكتب ...
لكن في اليوم التالي تكتشف ام مهاب بحسها الثقافي ان هناك كتبا غريبة دخلت البيت ...!!!! وأجدها تتجه ناحيتي متجهمة الوجه .. وتقول لي : يعني اشتريت كتب !!! فيكون رد فعلي السكوووووت ... وأفاجأ بها سريعا تمتدح عناوين الكتب وتقول ضاحكة : سماح المرة دي ..... ههههههه كانت أيام جميلة
اشتاق الى رائحة صفحات الكتب ... التي يخرج منها غبار لكنه كان كعطر باريسي خلاب يذهب عقلي ... وأشتاق الى مشهد يدي وأصابعي يعلوها طبقات من التراب بسبب بحثي عن كتاب ما ، بين تلال الكتب في مكتبات وأرصفة وشوارع وسط البلد ... اشتاق الى باعة الكتب القديمة الذين كونت معهم صدقات لا تعوض ... احدهم وجد انني اعشق فعلا الكتب القديمة ... فأخذني الى حيث الكنز الثمين ... حجرة متهالكة خلف أكشاك بيع الكتب بجوار مترو السيدة زينب ... كانت الحجرة مليئة بتلال من الكتب والخرائط القديمة .. جلست فيها 3 ساعات حتى الساعة 12 منتصف الليل ... وجمعت كنوزا منها .. ما بين كتب تراثية وقديمة و خرائط و البوم طوابع بريد عمرها نحو 80 سنة ولا تقدر بمال ... وكنت لسنوات ... أعود يوميا ومعي مجموعة من تلك الجواهر الثمينة ... اسأل الله ان ينفعنا بها ... والحمدلله على كل حال
** صحفي وكاتب عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.