توم باراك: مسلحو داعش ربما تنكروا بزي قوات الحكومة السورية خلال اشتباكات السويداء    مصادر تركية: المفاوضات الروسية الأوكرانية تبدأ مساء الأربعاء    «المنافسة ستكون قوية».. شوبير يكشف قرار ريبيرو بشأن حراسة مرمى الأهلي    مدافع الأهلي السابق يحدد البديل الأنسب لوسام أبو علي    تجديد تعيين الدكتور تامر سمير رئيسا لجامعة بنها الأهلية    الزراعة تنظم تدريبًا مكثفًا لطلاب الجامعات داخل معهد بحوث الصحة الحيوانية    اللون الأخضر يكسو مؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم    نتائج واعدة لبئر "بيجونيا-2" وإعادة استكمال "بلسم-3" بدلتا النيل البرية    محافظ الغربية يتابع أعمال إصلاح كورنيش طنطا: نتحرك بخطوات مدروسة    رئيس الوزراء يؤكد موقف مصر لدعم القضية الفلسطينية ودخول المساعدات بشكل عاجل    فتح باب التسجيل بجامعة كفرالشيخ الأهلية لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجامعي 2025/2026    مجزرة مروعة في تل الهوى واستمرار الانسحاب الجزئي للاحتلال من دير البلح    الداخلية السورية: خروج العائلات من السويداء بشكل طارئ أمر مؤقت    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 59 ألفا و219 شهيدا    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 59219 شهيدا    برلماني: "23 يوليو" نقطة تحول لبناء دولة العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    عرضان برتغالي ومصري.. الأهلي يستقر على إعارة لاعبه    المشدد 6 سنوات لمتهم في الاتجار بالهيروين المخدر بالموسكي    البنك المركزى: تحويلات المصريين بالخارج تقفز إلى 32.8 مليار دولار خلال 11شهرا    محمد ممدوح يكشف ذكرياته مع الثانوية العامة| فيديو    ثورة يوليو البيضاء وثورات العالم الحمراء!    ماذا يحدث للجسم عند تناول الحمص يوميا؟    أفضل الوسائل الطبيعية، للتخلص من دهون البطن في أسرع وقت    تفاصيل الدورة ال 41 ل مهرجان الإسكندرية السينمائي.. تحمل اسم ليلى علوي    «الأعلى للإعلام» يوجه لفت نظر لفريق عمل برنامج منى الشاذلي    وزيرا الأوقاف والتربية والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية بالمساجد    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    حتى 31 أغسطس المقبل.. استمرار العمل بتيسيرات الإعفاء بنسبة 70 % من غرامات التأخير للوحدات والمحال والفيلات    الصحة: النسخة ال 3 لحملة حملة "100 يوم صحة" تستهدف مواجهة التوحد والإدمان    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    تحرش بتلميذة داخل «حمام مدرسة» يقود 5 مسؤولين للمحاكمة العاجلة (تفاصيل)    تكتفي بالمراقبة أكثر من الكلام.. 5 أبراج يفضلون الصمت    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. 8 نصائح لطلاب الدور الثاني للتغلب على التوتر وزيادة التركيز    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    "الزراعي المصري" يحصد جائزة أفضل بنك في دعم التنمية الزراعية المستدامة لعام 2025    المصري وحش كاسر، توفيق عكاشة يوجه رسالة تحذير للمتطاولين على المصريين    السيسي: مصر دار الأمن والاستقرار ولدينا 10 ملايين شخص من بلاد كثيرة    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    محمد عبد الحافظ ناصف مستشارًا للشؤون الفنية والثقافية بالهيئة العامة لقصور الثقافة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الابن الضال بعد ربع قرن !
نشر في المصريون يوم 24 - 08 - 2011

عندما كنت ادرس العلوم السياسية كانت هناك مقولة شائعة يرددها علينا أساتذتنا تقول :"إن لم تكن شيوعيا وأنت في العشرين فأنت بلا قلب ، وإن بقيت شيوعيا حتى الأربعين فأنت بلا عقل".
والحقيقة أني خضت هذه التجربة في حياتي الشخصية ولكن (وهذا موطن العجب) قبل المراحل العمرية المشار إليها في تلك المقولة فقد انتميت إلى منظمة الشباب الاشتراكي وأنا في المرحلة الإعدادية، وكنت قارئا للأدبيات الاشتراكية والماركسية والدوريات اليسارية في مصر مثل مجلة "الطليعة" و"دراسات اشتراكية" وصحيفة "الأهالي" وأنا في المرحلة الثانوية، وأواظب على حضور ما يتاح لي من فعاليات حزب التجمع.
ولكنني في الحقيقة كنت محظوظا لأنني ركبت قطار اليسار في عربته الأخيرة أي (السبنسة)، أو كما يقول المثل الحجازي "رايح يحج و الناس راجعين"، فقد وقعت تلك الأحداث التي سردتها آنفًا في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، تلك الفترة التي استفاد السادات من نصره في أكتوبر في تحجيم التيار اليساري في مصر، وأسهمت آفاق الحرية المحدودة التي فتحها في إعادة طرح الفكر الإسلامي (الذي كان مغيباً عن الساحة المصرية) من جديد فما أن وصلت إلى الجامعة في أواخر السبعينيات قدر الله لي أن أميل لهذا التيار الإسلامي (على تفاصيل قد يتاح المجال مستقبلا لبسطها) وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ثم لم تلبث الشيوعية بعد سنوات قلائل حتى تهاوت في أقوى معاقلها واحدًا تلو الآخر، وهرولت الشعوب التي كانت ترزح تحت نيرها باتجاه الغرب الإمبريالي الرأسمالي.
فما الذي ذكرني بهذه التفاصيل بعد ثلاثة عقود من الزمان وجعلني أشغل وقتكم وأصدع رؤوسكم بها؟، منذ أقل من شهر كنت عائدا من البرازيل بعد المشاركة في مؤتمر نظمه مركز الدعوة الإسلامية في دول أمريكا الجنوبية والكاريبي، كانت رحلتي من ساو باولو إلى الدوحة تستغرق ست عشرة ساعة من الطيران المتواصل (نعم 16 ساعة)، ولَكُم أن تتخيلوا كيفية قضاء هذا الوقت الطويل مهما نمت واستيقظت ومهما حاولت شركة الطيران توفيره لك من وسائل الراحة والترفيه.
في الطائرة كان لكل مقعد تلفزيون مستقل يختار الراكب منه ما يشاء من المواد المتنوعة المقسمة حب اللغات، وكانت المواد العربية كثيرةً جدًا حتى حيرني الاختيار و استقريت في الأخير على أفلام يوسف شاهين التي كان عدد لا بأس به منها مدرجاً على القائمة؛ فقد كنت (وما زلت) من المعجبين هذا المبدع المتميز، فبادرت بمشاهدة بعض أفلامه التي لم تتح لي فرصة مشاهدتها من قبل، ثم وجدت على القائمة فيلم "عودة الابن الضال" وتذكرت أنني شاهدت هذا الفيلم مرة واحدة فور عرضه لأنني كنت شغوفاً به ومعجباً بطرحه، فوجدتها فرصة لأستعيد ذكرياتي باستعراض سريع لبعض مقاطعه خاصة تلك التي تشتمل على تغريد الكروان "ماجدة الرومي"، ولكنني ما أن بدأت تشغيل الفيلم حتى وجدت نفسي أشاهده من جديد بالكامل، أشاهد فيلماً آخر بفكر آخر وعين أخرى، فبقيت معه من أوله لآخره مع تركيز شديد مع كل مشهد وكل فكرة، وأنا مندهش تماماً كيف أسرني هذا الفيلم عندما شاهدته في شبابي!.
بالطبع لا أجادل في التقنية الحرفية العالية للفيلم وتميز العاملين فيه؛ ولكن المشكلة أن الفيلم مغرق في الماركسية بصورة فاقعة تعكس ربما فكر متطرفي الماركسيين اللذين تحطمت دعاواهم على صخور التطبيق العملي، فالفيلم يعرض صورة سوداوية قاتمة تفقدك الأمل في كل مكونات المجتمع فرجل الأعمال مستغل مصاص دماء، وموظفو الحكومة عاجزون ومتواطئون، والنقابات مُشتراة وممالئة، والمعارضون مُخترقون بالمندسين؛ وحتى المعارض الإصلاحي الذي طال انتظارهم له فهو ضعيف متردد لا رجاء فيه، وبالتالي ينحصر الأمل الوحيد في التغيير فقط في المعارض الثوري (الراديكالي) ذي العقلية الانقلابية.
رحلتي انطلقت من أمريكا اللاتينية التي كانت مرتعاً للفكر اليساري وما زال ينظر إليها منظرو "اليسار الجديد" كأنسب المحاضن لمستقبل هذا الفكر رغم أنني عبر زياراتي المتكررة للبرازيل استشعرت سعادة المواطنين ومن ألتقيه من مواطني الدول المجاورة بالانعتاق من ربقة الشيوعية، ووصول الحكماء من قادتهم مثل "لولا دي سيلفا" إلى صيغة من الاشتراكية التي تسعى لإحداث نهضة تنموية شاملة في المجتمع؛ وليس فيها أي ملامح ماركسية، وبالمقابل نقمتهم الشديدة على القادة الذين لا يزالون يتعلقون بأهداب هذا الوهم الزائف وما أوصلوا بلادهم إليه من تردٍ.
وبعد عبور المحيط مررنا على أوربا الغربية التي استطاعت أن تتجنب الفكر اليساري بذكاء اقتبس أجمل ما فيه من حقوق للعمال وتفادى أسوأ ما فيه من مصادرة للأملاك وإحباط للمواهب وتوريث للبلادة. ثم مررنا على أوربا الشرقية التي لم تزدها سبعة عقود من الشيوعية سوى فساداً وقمعاً وتأخراً وتخلفاً؛ حتى خرجت من أسر هذا السجن فعرفت الوجه المشرق للحياة، ثم مررنا على الوطن العربي الذي تلاعبت به أنظمته الحاكمة فتقلبت بلدانه بين اليمين واليسار وقادها هذا التقلب من فشل إلى فشل حتى تذيل العالم.
بعد أن رأيت فيلم "عودة الابن الضال" من جديد بعد هذه العقود علمت لماذا فشلت الماركسية، وحمدت ربي أنني لم يطل بي البقاء في ربقتها؟، ولكن الذي لم يتغير في رؤيتي للفيلم هو إعجابي الشديد بالإبداع المبهر للعملاق محمود المليجي رحمه الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.