تصفيات كأس العالم – بوركينا فاسو تنتصر وتنتظر نتائج المنافسين لحسم مقعد الملحق    الخامس.. غانا تفوز على جزر القمر وتتأهل إلى كأس العالم    بلال مظهر يسجل أول أهدافه ويقود رديف أولمبياكوس للفوز على كاليثيا    منتخب مصر يهزم غينيا بيساو بهدف نظيف في تصفيات كأس العالم    ترامب: الصراع في غزة انتهى والإدارة الجديدة ستباشر عملها قريبًا    استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في مدينة خان يونس    بعد تجاوزات إثيوبيا غير القانونية.. مصر تكشر عن أنيابها في أزمة سد النهضة.. متخصصون: ندافع عن حقوقنا التاريخية في نهر النيل والأمن المائي خط أحمر    الأولى على القسم الجامعي "تمريض": التحاقي بالقوات المسلحة حلم الطفولة وهدية لوالدي    رئيس الوزراء البريطانى يصل إلى شرم الشيخ للمشاركة فى قمة شرم الشيخ للسلام    فرنسا تُعلن تشكيل حكومة جديدة برئاسة لوكورنو لتجاوز الأزمة السياسية    منتخب مصر ينتصر على غينيا بيساو بهدف نظيف في تصفيات كأس العالم 2026    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    بوركينا فاسو تختتم التصفيات بفوز ثمين في ختام مشوار إفريقيا نحو المونديال    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    ترامب: الحرب في غزة انتهت ووقف إطلاق النار سيصمد    خبير تربوي يضع خطة لمعالجة ظاهرة العنف داخل المدارس    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    الخارجية الفلسطينية تؤكد أهمية ربط خطة ترمب للسلام بمرجعيات القانون الدولي    إعلام عبري: إطلاق سراح الرهائن من غزة بداية من الساعة 8 غدا على دفعتين    زيلينسكي: بحثت مع ترمب تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك وأنظمة باتريوت    باحث فلسطينى: زيارة ترامب لمصر محطة مفصلية لإحياء مسار السلام    وائل جسار يُحيى حفلا غنائيا فى لبنان الأربعاء المقبل    البنك المركزي يقبل سيولة بقيمة 125.6 مليار جنيه في عطاء أذون الخزانة اليوم    وزير الصحة يلتقي الرئيس التنفيذي لمعهد WifOR الألماني لبحث اقتصاديات الصحة    بيحبوا يصحوا بدري.. 5 أبراج نشيطة وتبدأ يومها بطاقة عالية    هل التدخين يبطل الوضوء؟ أمين الفتوى: يقاس على البصل والثوم (فيديو)    أسامة الجندي: القنوط أشد من اليأس.. والمؤمن لا يعرف الإثنين أبدًا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أول الحذر..ظلمة الهوى000؟!    نوفمر المقبل.. أولى جلسات استئناف "سفاح المعمورة" على حكم إعدامه    ابن النادي" يتصدر تريند "إكس" بعد تصاعد الأحداث المثيرة في الحلقات الثالثة والرابعة (صور)    قافلة طبية بجامعة الإسكندرية لفحص وعلاج 1046 مواطنًا بالمجان في الكينج مريوط (صور)    خاص للفجر.. يوسف عمر يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل فيلمه الجديد مع أحمد عز    بعد مصرع الطفل " رشدي".. مديرة الامراض المشتركة تكشف اساليب مقاومة الكلاب الحرة في قنا    محافظ القليوبية يقود حملة مفاجئة لإزالة الإشغالات بمدخل بنها    تأجيل إستئناف المتهم الرئيسي ب " تظاهرات الألف مسكن "    الخريف.. موسم الانتقال والحنين بين دفء الشمس وبرودة النسيم    تأجيل الدعوى المقامة ضد إبراهيم سعيد لمطالبته بدفع نفقة ابنه    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    دمياط: فصل المياه في بعض المناطق منتصف الليل حتى الثامنة صباحا    أوسكار عودة الماموث.. فيلم يخطو نحو الإبهار البصري بقصة إنسانية مؤثرة    20 أكتوبر.. انطلاق جولة «كورال وأوركسترا مصر الوطني» بإقليم القناة وسيناء    الخريف موسم الانتقال... وصراع المناعة مع الفيروسات الموسمية    بالأسماء.. الرئيس السيسي يُصدر قرارا بتعيينات في مجلس الشيوخ    نجوم الأهلي في زيارة حسن شحاتة بالمستشفى للاطمئنان على حالته الصحية    "سلامة الغذاء" تنفذ 51 مأمورية رقابية على السلاسل التجارية في أسبوع    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    وزارة الصحة: 70% من المصابين بالتهاب المفاصل عالميا يتجاوز عمرهم ال55 عاما    الداخلية تضبط أكثر من 106 آلاف مخالفة مرورية في 24 ساعة    "الوطنية للانتخابات" تواصل تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 لليوم الخامس    تنفيذ ورش تدريبية مجانية لدعم الحرف اليدوية للمرأة في الأقصر    مراكز خدمات «التضامن» تدعم ذوى الهمم    مشروع الفستان الأحمر    مدارس التكنولوجيا تعيد رسم خريطة التعليم الفنى    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    استبعاد معلمي الحصة من حافز ال 1000 جنيه يثير الجدل.. خبير تربوي يحذر من تداعيات القرار    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمارات والتحول من النفط إلي الطاقة النووية
نشر في المصريون يوم 04 - 01 - 2015

لم يمض شهر واحد علي إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حتى أعلنت المؤسسة عن إختيارها لتحالف الشركات الذي ترأسه الشركة الكورية للطاقة الكهربائية "كيبكو" للقيام بتصميم وبناء والمساعدة في تشغيل محطات الطاقة النووية في دولة الإمارت وذلك ضمن البرنامج السلمي للطاقة النووية لدولة الإمارات
العربية المتحدة، كان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان -رئيس الدولة- قد أصدر بصفته حاكما لإمارة أبوظبي القانون رقم "21" لسنة 2009 بشأن إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية - برأسمال قدره 375 مليون درهم تعادل نحو 100 مليون دولار أمريكي- مدشناً بذلك البرنامج النووي السلمي الهادف لإنتاج الكهرباء ودعم التنمية الاقتصادية وتوفير العديد من فرص العمل لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة.

وبموجب هذا العقد، سيقوم اتحاد كوري جنوبي تقوده مؤسسة "كيبكو"، ببناء أربعة مفاعلات نووية تعمل بالماء الخفيف سعة كل منها 1400 ميجاوات في غضون عشر سنوات بقيمة 20.4 مليار دولار، ومن المتوقع عقد المزيد من العقود بقيمة 20 مليار دولار أخرى، لتشغيل وصيانة وتزويد وقود مفاعلات نووية خلال 60 عاماً من التشغيل.

يأتي هذا القرار في الوقت الذي تعد فيه الإمارات -التي يبلغ تعداد سكانها قرابة 4.5 مليون نسمة- أحد الدول العربية والعالمية الرئيسية في إنتاج النفط، ففي عام 2008 بلغ انتاج الإمارات نحو 144 مليون طن تمثل نحو 3.1% من الانتاج العالمي ولتحتل به المركز العاشر علي مستوي العالم في قائمة الدول الأكثر انتاجا للنفط والمرتبة السادسة في الدول المصدرة للبترول، وهو ما يعد أحد العناصر الأساسية في بناء الدخل القومي للإمارات والذي بلغ 114 مليار دولار في عام 2008، من جهة أخري بلغت الاحتياطات المؤكدة من النفط في الإمارات نحو 8.4 مليار برميل بحسب تقديرات عام 2008.

وعلي المستوي الدولي تزود الطاقة النووية دول العالم بأكثر من 6%من الطاقة التي يحتاجها، فهي تلبي ما يقرب من 35% من احتياجات دول الاتحاد الأوربي، ففرنسا وحدها تحصل علي 77% من طاقتها الكهربية من المفاعلات النووية ومثلها ليتوانيا، أما اليابان فتحصل علي 30%، وفي الوقت الحالي يعكف العلماء علي أبحاثهم بغية التحكم في عمليات الاندماج النووي، في محاولة لصنع مفاعل اندماجي لإنتاج الكهرباء، لكنهم مازالوا يواجهون مشاكل حول كيفية التحكم في عملية الاندماج التي تجري في حيز محدود.

من هذا المنطلق، نتساءل عن الأسباب التي دفعت الإمارات إلي اللجوء لبناء محطات طاقة نووية؟، الأمر الآخر ما هو السبب في البدء الفعلي ببناء أربعة محطات نووية دفعة واحدة؟ خاصة وأنها التجربة الأولي؟ هل كان من الأولي أن تنشأ الإمارات محطة واحدة علي سبيل اكتساب الخبرات ثم تحديد الرؤية المستقبلية بشأن إنشاء محطات أخري أم التوقف.


توجهات الطاقة في الإمارات
بالإضافة إلي دور الإمارات المؤثر عالميا في مجال النفط، اتخذت إمارة أبو ظبي في أبريل 2006 قرارا بضرورة مشاركة مصادر الطاقة المتجددة في إمداد أبو ظبي بالطاقة، وبناء عليه تم الإعلان عن "مبادرة مصدر" والتي تعني في المقام الأول ببحث مشاركة المصادر المختلفة للطاقة المتجددة في توفير جانب من الطاقة اللازمة للإمارة إلي جانب العمل علي تأمين مصادر الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون وتوفير المياه، والعمل علي تأسيس نظام اقتصادي متنوع لخدمة هذه الأهداف، كما تم إنشاء شركة "أبوظبي لطاقة المستقبل" لتتولي تنفيذ المبادرة، وبالتالي التخطيط والإشراف علي دراسة وتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة بأبو ظبي ومراقبة انبعاثات الكربون في الإمارة، والعمل علي إيجاد مكانة متميزة للإمارة علي خريطة الطاقة العالمية وذلك من خلال دعوة شركاء عالميين لديهم خبرات عملية ومتميزة في المجالات التي تتضمنها المبادرة وذلك لتحقيق تقدم سريع وكفء لتحقيق الأهداف المرجوة.

وفي يوليو 2008 وقع عدد من دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقا لتجارة الكهرباء لربط شبكاتها الكهربائية غير أن التجارة عبر الحدود من خلال مشروع الشبكة الذي يتكلف 1.4 مليار دولار ستكون محدودة في البداية حيث لا يوجد فائض للتصدير –حاليا في دول المجلس- سوى لدى قطر.

وأوضح السيد الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية "محمد الحمادي"، أن الدراسات قد أظهرت حاجة الدولة إلى أكثر من 40 ألف ميجاوات بحلول 2020، تعادل ضعف الكميات المنتجة حالياً، بنمو سنوي تراكمي تصل نسبته لنحو 9%، أما السيناريوهات المطروحة للإمداد بالطاقة في الإمارات فتتمثل في أن كميات الغاز الطبيعي التي قد تتوفر لقطاع الكهرباء في الدولة لن تكفي لتلبية الطلب في المستقبل وأن استخدام النفط الخام أو الديزل سيكون ممكناً من الناحية اللوجستية، ولكنه سيكون مكلفاً وضاراً بالبيئة وأن توليد الطاقة بحرق الفحم قد يكون أقل تكلفة، إلا أنه غير مرغوب فيه من الناحية البيئية، وغير قابل للتطبيق من حيث أمن الإمدادات، وبالتالي فإن استخدام مصادر بديلة للطاقة سوف يكون بمثابة استكمال لمجموعة مصادر الطاقة لدى دولة الإمارات، وسيكون بوسعه تلبية قرابة 6-7% من الطلب على الكهرباء بحلول عام 2020.

وبالتالي تأتي هذه المحطات الأربع بناء علي عدة عوامل هى، العامل الاقتصادي، حيث إن محطات الطاقة النووية التي تدار بشكل جيد تعتبر من بين أفضل مصادر إنتاج الكهرباء فعاليةً، والعامل البيئي حيث لا ينتج عن تشغيل محطات الطاقة النووية انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون فهي أو أكسيد النتروجين أو ثاني أكسيد الكبريت التي تسبب الاحترار العالمي والمطر الحمضي والضباب الدخاني، وبالتالي تعتبر المحطات النووية من أدوات مقاومة تغير المناخ، والعامل الثالث هو أمن الإمدادات حيث تتمتع محطات الطاقة النووية بجاهزية عالية للعمل (تتجاوز نسبة 90%) ويمكن للعديد من محطات الطاقة النووية العمل لفترة 18-24 شهراً بعد تزويدها بالوقود النووي لمرة واحدة، أما العامل الرابع فهو التطوير الصناعي حيث من شأن أي برنامج للطاقة النووية أن ينشئ صناعات جديدة، ويوفر فرص عمل ذات قيمة عالية، إلي جانب تعزيز نواحي التنمية المستدامة.

وقد أعلنت الإمارات في أبريل 2008 تبني سياسة تعتمد على الاستخدام السلمي للطاقة النووية وذلك بدعم حظر الانتشار النووي والامتناع عن تخصيب الوقود النووي وإعادة معالجته داخل الدولة، وهاتان العمليتان هما الأكثر تسهيلاً لاستخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، بخلاف أن هذا المنهج يؤسس لإقامة نموذج جديد يمكن للبلدان غير النووية أن تقوم من خلاله باستكشاف ونشر الطاقة النووية بدعم وتأييد كامل من المجتمع الدولي.

وعمليا تحتاج محطة الطاقة النووية إلي نحو عشر سنوات حتى يكتمل بناؤها وتبدأ في الإنتاج، وهو ما يعني أن الإمارات سوف تبدأ في استخدام الكهرباء المولدة من المحطات النووية بداية من عام 2017 وتزيد هذه النسبة لتصل إلي أقصاها في عام 2020 عندما يكتمل إنشاء الأربعة مفاعلات التي تبلغ قدرتها الإجمالية 6400 ميجا وات، الجدير بالذكر أن الخطوة التي أقدمت عليها الإمارات تعتبر تتويجاً لما يقارب ثلاث سنوات من التقييم والعمل التمهيدي، بحثت خلالها الحكومة عن أكثر الطرق فاعلية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.

الأزمة المالية العالمية
يعد القطاع المالي والمصرفي في الإمارات من أكثر القطاعات التي تعرضت للانعكاسات السلبية للأزمة المالية، مما أثر بشدة على العديد من المشروعات في المجالات المختلفة، ومع الخسائر الضخمة التي تعرضت لها البورصات العالمية والتي تقدر بالمليارات خيمت أجواء من الترقب في العديد من دول العالم مؤكدين أن آثار الأزمة لم تتضح بعد.

ومما لا شك فيه أن دولة الامارات ومن خلال انفتاحها على الاقتصادات العالمية لم تكن بعيدة عن تأثيرات هذه الأزمات وتداعياتها، فالتراجع الكبير في أسعار النفط يعد أحد المؤثرات الأكبر حيث أن الامارات هي ثالث أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بنحوى 26 مليون برميل يوميا، أيضا سعت الحكومة الإماراتية إلي عدم تعرض أي من المصارف الوطنية لأية مخاطر ائتمانية، من خلال ضمان الودائع والمدخرات في المصارف إلى جانب توفير ضمانات عمليات الاقتراض فيما بين المصارف العاملة في الدولة وضخ السيولة اللازمة في الجهاز المصرفي في حال تطلب الأمر ذلك .

وعلي الرغم من أن الأسواق لا تنفي عمليات الاستغناء عن العديد من العاملين وإعلان بعض الشركات عجزها عن متباعة المسيرة، فقد افتتح السيد محمد راشد آل مكتوم حاكم دبي برج خليفة والذي يعد أعلي بناء في العالم حتى الآن، بتكلفة بلغت نحو 1.4 مليار دولار وكأنه إعلان عن عدم تخوف دولة الإمارات من آثار الأزمة المالية العالمية، وقبلها بأيام قلائل أعلنت الإمارات عن فوز التحالف الكوري ببناء أربعة مفاعلات النووية بتكلفة بلغت نحو 20.4 مليار دولار، لتضمن للإمارات الصدارة ليس فقط بين جاراتها في الخليج ولكن علي مستوي دول الشرق الأوسط، والتي تسعي دوله إلي تلبية الطلب المتنامي على الطاقة.

علي نحو آخر، فعلي الرغم من آثار الأزمة المالية إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي الست -الامارات والسعودية والبحرين وقطر وعمان والكويت- أبدت اهتماما بالطاقة النووية لسد الطلب المحلي المتنامي على الكهرباء والسماح بزيادة صادرات النفط والغاز، فقد عقدت الكويت محادثات مع اريفا الفرنسية خلا عام 2009 في حين قالت السعودية وفرنسا انهما قريبتان من ابرام اتفاقية للتعاون في مجال الطاقة النووية المدنية، أيضا وقعت شركة الكهرباء الفرنسية العملاقة "EDF" مذكرة تفاهم مع قطر في مطلع 2008 للتعاون بشأن برنامج مدني للطاقة النووية.

طراز المحطات النووية
تنتج "كيبكو" محطات نووية من الجيل الثالث وذلك وفقاً للتصميم "APR – 1400" الذي اعتمدته الشركة الكورية للطاقة الكهربائية والذي يحظى بأحدث وأعلى مستويات السلامة والأداء والتأثيرات البيئية بما يتماشى مع معايير السلامة والأداء المعمول بها على مستوى العالم، الجدير بالذكر أن هذا التصميم تم تطويره من قبل الجهات المسؤولة في قطاع الصناعة النووية الكورية بقيادة "كيبكو" وذلك على مدى عشر سنوات منذ العام 1992، وقد حظي التصميم المشار إليه بمصادقة هيئة الرقابة الكورية في عام 2002، هذا ويعد "APR – 1400" النسخة المحسنة لتصميم "System 80+" والذي سبق أن اعتمدته مفوضية الرقابة النووية في الولايات المتحدة الأميركية.

وتضمن أنظمة السلامة لهذا التصميم بقاء نسب الإشعاع الناتج عن الوقود النووي في مستويات آمنة في المحطة، وعدم وجود أية آثار له خارج المحطة، ومن أبرز أنظمة السلامة والأمان القبة الهائلة في المحطة وهي هيكل خرساني مُسلَّح بالحديد يتولى تغليف جميع الأنشطة النووية، ويلعب دوراً بارزاً في حماية وتحصين المحطة.

علي نحو آخر، تقوم كيبكو حالياً بإنشاء محطتين وفق التصميم المعتمد للإمارات وهما محطتا "شين كوري" حيث ستبدأ أولاهما بمد الطاقة الكهربائية إلى الشبكة الكورية مطلع عام 2013 وستكون هذه المحطة بمثابة "محطة مرجعية" لبرنامج دولة الإمارات، بمعني أن المحطات التي ستنشأ في الإمارات ستتبنى نماذج تلك "المحطات المرجعية" مع إجراء أي تعديلات مطلوبة بما يتلاءم والظروف المناخية السائدة في دولة الإمارات وأية متطلبات أخرى صادرة عن الهيئة الاتحادية للرقابة النووية التي تتولى الإشراف على السلامة والأمان النووي في دولة الإمارات.

وبالإضافة إلى توريد المحطات النووية توصلت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وكيبكو إلي اتفاقية تحصل بموجبها الشركة الكورية على جزء من أسهم المشروع، وهو ما من شأنه أن يقوي العلاقة التجارية بين الطرفين.

أما بشأن التعامل مع الوقود المستنفذ من عمليات التشغيل فقد ذكر الحمادي "أن التعامل مع الوقود النووي الناتج عن عمليات التشغيل سيتم من خلال 3 مراحل تقتصر المرحلة الأولى على تخزينه في أحواض مائية مصممة خصيصاً لهذا الغرض، ويتم إنشاؤها ضمن محطات الطاقة وتستمر المدة التخزينية إلى نحو 10 سنوات، وفي حال إذا ما بلغت الطاقة التخزينية لتلك الأحواض مداها، يتم تخزين ذلك الوقود في حاويات مصنوعة من الحديد والخرسانة المسلحة ومادة الرصاص ولمدة لا تقل عن 60 عاماً.

وتتضمن المرحلة الثالثة تخزين ذلك الوقود بعد مرور 70 عاماً على استخدامه في باطن الأرض بمناطق يتم تحديدها جيولوجياً، مع بحث إمكانية إعادة استخدام ذلك الوقود من خلال عمليات المعالجة والتي يجري استخدامها حالياً في بعض الدول.

معايير تقييم عروض الشركات
تمت عمليات التقييم الفني والمالي من قبل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والتي إستغرقت عاماً كاملاً بحيث تتمكن المؤسسة من تحديد هوية الشركة الأفضل، حيث روعي في عملية التقييم المعايير التي تتضمنها "وثيقة السياسة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة في تقييم إمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية"[1] والتي تحدد الشروط اللازمة فيما يتعلق بالسلامة والأمان وحظر الإنتشار النووي والتنمية المستدامة.

وقد شكل فريق التقييم خبراء متخصصين في المجالات التالية: الأمن والأمان والسلامة النووية، التصميم والإنشاء، عمليات التشغيل والصيانة، مطابقة الجودة النووية، إدارة التوريدات والتجهيزات، تأمين وإدارة الوقود النووي “شاملا ذلك الضمانات وحظر الانتشار وإدارة الوقود المستنفد، "تحليل المواقع" شاملا تقييم الآثار البيئية وعلم الزلازل والجيولوجيا والأرصاد الجوية، والنواحي الاقتصادية شاملة وضع نماذج التكلفة وميزانيات المشروع إلي جانب العقود والاستشارات القانونية.

هذا وقد تقدمت ثلاث تحالفات: الأول فرنسي يضم شركة كهرباء فرنسا ""EDF و"غاز دو فرانس سويز" ومجموعة آريفا النووية والمجموعة النفطية توتال، التحالف الثاني: وهو تحالف ياباني أمريكي يضم هيتاشي وجنرال الكتريك، بالإضافة إلي التحالف الكوري الفائز.

هذ وقد ركزت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على خمس معايير أساسية ساعدت في التوصل إلى قرارها النهائي، وهذه المعايير هي:

أ‌) السلامة: أظهرت التحالفات الثلاث التي تقدمت بعطاءاتها للفوز بعقد المقاول الرئيسي أن البرامج المعتمدة لديها في مجال التكنولوجيا والسلامة والأمان مطابقة لأحدث المعايير الدولية وبأن مستويات السلامة التشغيلية لديها من بين أعلى المستويات على النطاق العالمي.

وقد جاءت نتيجة هذه المرحلة في صالح التحالفات الثلاث حيث لبت جميعها معيار السلامة والذي يأتي كأولوية قصوى، وهو ما سمح لها بالدخول للمرحلة التالية والتي تمر من خلال المعايير التالية:

ب‌) عملية التوريد والتسليم: القدرة على تحقيق الأهداف التي حددتها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية للبرنامج والبدء بمد شبكة الطاقة في الدولة بالكهرباء في عام 2017.

ت‌) الالتزام بأحكام العقد: وتهتم بقياس مدي مطابقة العرض مع أطر العمل التي إشترطتها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية فيما يخص "المقاول الرئيسي"، وقد صُممت تلك الأطر بحيث تناط مسؤولية توريدات المشروع بمقاول رئيسي واحد مما يزيد التنسيق والفعالية في الإجراءات الإدارية والتنفيذية واللوجستية.

ث‌) تنمية الموارد البشرية: وتختص بتقييم التزام المقاول الرئيسي بتطوير الموارد البشرية في دولة الإمارات والتخطيط الحثيث لتنميتها دعماً لتهيئة قوة عمل مستدامة تعتمد على الكفاءات الإماراتية.

ج‌) التنافسية التجارية: تتضمن تخير عرض الشركة الذي يعزز التنافسية الإقتصادية لدولة الإمارات عن طريق توفير طاقة كهربائية بتكلفة منخفضة، ويؤسس فرصاً للشراكة بهدف دعم تطوير الصناعة النووية في الدولة، ويحد من المخاطر، ويعكس طبيعة العلاقة التجارية والتشغيلية على المدى البعيد كما هو منصوص عليه في مسودة العقد الرئيسي.

التحالف الفائز
تعتبر الشركة الكورية للطاقة الكهربائية "كيبكو" ثالث أكبر شركة على مستوى العالم في مجال الطاقة النووية بقدرة فعلية لتوليد الطاقة النووية تصل إلى 17,716 ميجاوات، وتقوم "كيبكو" بتشغيل عشرين محطة للطاقة النووية، ولديها ثمان محطات إضافية قيد الإنشاء حالياً، وعشر محطات إضافية يخطط للإنتهاء من بنائها بحلول العام 2030.

كما تحظى الشركة الكورية للطاقة الكهربائية بسمعة عالمية كشركة رائدة من حيث مستويات أمان وكفاءة وفعالية المحطات وفقاً للتقييم الذي أجرته الجمعية العالمية لمشغلي الطاقة النووية "World Association of Nuclear Operators, WANO " والتي تأسست لغرض رفع مستويات السلامة والكفاءة في تشغيل محطات الطاقة النووية. وتحرز الشركة الكورية للطاقة الكهربائية حالياً أعلى الدرجات على مؤشرات برنامج الأداء الذي تعتمده "WANO" والذي يحتسب معايير الأداء لدى المشغلين على نطاق العالم.

وستقوم "كيبكو" بتقديم كافة الأعمال والخدمات المطلوبة لبرنامج الطاقة النووية للأغراض السلمية في دولة الإمارات، ويشمل ذلك الأعمال الهندسية والتجهيز والتوريد والإنشاء والوقود النووي ودعم أعمال التشغيل والصيانة، وذلك بالتعاون مع شركات كورية مشاركة في التحالف الذي قادته "كيبكو"، ومنهم سامسونج، وهيونداي، ودوسان للصناعات الثقيلة، إضافة إلى الفروع التابعة للشركة الكورية للطاقة الكهربائية وهي: الشركة الكورية للطاقة الهيدروليكية والنووية ""KHNP والتي من المقرر أن تلعب دوراً رئيساً بوصفها مقاولاً ومنفذاً للأعمال الهندسية، الشركة الكورية لهندسة الطاقة "KOPEC" والتي سوف تقوم بإعداد التصميم الخاص بمحطة الطاقة النووية وتقديم الخدمات الهندسية، الشركة الكورية للوقود النووي ""KNF ومهمتها توفير الوقود النووي، الشركة الكورية لخدمات المنشآت والهندسة ""KPS والتي ستتولى أعمال الصيانة للمنشآت.

ويضم فريق "كيبكو" - ثالث أكبر شركة عالمياً- أيضاً شركات غير كورية منها شركة وستنجهاوس الأميركية "Westinghouse" وشركة توشيبا اليابانية "Toshiba".

الموارد البشرية
من بين الأمور الأساسية الهامة في تشغيل المحطات النووية وجود قوي عاملة مؤهلة لتشغيل هذه المحطات، ونظرا لعدم توافر هذه الأيد العاملة فقد تبنت الإمارات برنامج لتوفير هذه الخبرات علي المدى القصير والبعيد وذلك من خلال إنضمام مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إلى جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث، ومعهد التكنولوجيا التطبيقية، والهيئة الإتحادية للرقابة النووية وإلى مؤسسات تعليمية أخرى ضمن دولة الإمارات وإلى جامعات عالمية وذلك لكي تضمن وجود المؤهلات والكفاءات اللازمة لتغطية متطلبات المستقبل، سواء من الكفاءات الإماراتية أو الخبرات الدولية، وتفيد التقديرات الحالية بأن البرنامج سوف يتطلب ما بين 2100 إلى 2300 موظفاً بحلول العام 2020.

وفي هذا الإطار، بدأت الإمارات فى توطين ما لا يقل عن 60% من العاملين بالمشروع بإجمالي 170 موظفاً منهم 45 خبيراً أجنبي.

الدلالات
تعد الخطوة التي اتخذتها الإمارات خطوة فارقة سواء علي صعيد دول الخليج العربي أو المنطقة بأسرها، فبحسب التعاقد مع التحالف الكوري ستعمل أول محطة نووية في منطق الخليج في إنتاج الكهرباء –إن شاء الله- في عام 2017 لتكتمل المحطات الأربع بحلول عام 2020.

وتهدف الإمارات من هذه الخطوة إلي التوسع في أنشطة الطاقة وذلك بالسماح بتصدير المزيد من فوائض النفط، والذي يمثل تاريخه سجلا حافلا من الارتفاعات والانخفاضات وذلك لتأثره بالعديد من العوامل منها: الأحداث الجيوسياسية فلا يغيب عنا تأثر الأسعار بالتوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية أو المناطق التي تمر بها خطوط نقل البترول والغاز، فعدم الاستقرار السياسي والأمني أو التخوف من حدوث اضطرابات في دول مثل العراق، ونيجيريا، وفنزويلا، والمملكة العربية السعودية ترفع أسعار البترول بشكل مباشر، أيضا تأتي نوعية الخام كأحد العوامل التي تؤثر في سلة أسعاره، فكلما زادت الكميات المعروضه من الخام الثقيل ارتفعت الأسعار نظرا لانخفاض الطلب عليه وتزايد الطلب علي الخام الخفيف الذي يتميز بوفرة المواد المشتقة منه، كما يأتي نمو الطلب من الهند والصين في صالح رفع الأسعار، كل هذه العوامل وغيرها تؤثر في أسعار البترول، وبالتالي تنظر الإمارات إلي الاستثمار في الطاقة النووية لتوفير النفط الملوث للبيئة لأغراض التصدير والحفاظ علي بيئة إماراتية نظيفة.

وبالتالي ستترقب الإمارات تقلبات أسعار النفط خلال الفترات المستقبلية لتتحين الفرص لتحقيق مزيد من الدخل وذلك بتخصيص كميات أكبر للبيع والتداول في فترات ارتفاع الأسعار وبالتالي ضمان دخل أكبر.

أيضا تأتي الإشارات التي تخرج من وقت لآخر مرددة أن النفط المستخرج سوف تتضاءل كمياته بمرور الوقت أحد بواعث الاعتماد علي الطاقة النووية، فهواجس انخفاض الاعتماد علي النفط يجب أن يصحبها بدائل حديثة تكون قادرة علي تلبية الطلب المتزايد علي موارد الطاقة، تأتي ضرورة اتخاذ خطوات استباقية من جانب الدول الاختزال الوقت مستقبليا، من هذا الاتجاه يمكن تفسير قرار الإمارات بناء أربعة مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية دفعة واحدة وهو ما يعد إجراء ذو بعدين الأول استراتيجي يهدف لتأمين المصادر المستقبلية للطاقة والآخر لوجيستي يحقق الإمدادات المطلوبة في توقيتاتها المناسبة.


وحتى تكون الإمارات بمنأي عن الهواجس التي تشاغل من يفكر في محطات الطاقة النووية بشأن الوقود، مثل تلك الدائرة بين إيران والغرب خشية تصنيع أو امتلاك القدرة علي تصنيع قنابل نووية، فقد تعهدت الامارات بالفعل باستيراد احتياجات المفاعلات من الوقود بدلا من محاولة تخصيب اليورانيوم لتبديد المخاوف بشأن استخدام منشات التخصيب لانتاج وقود مخصب بدرجة معينة تتيح استخدامه لصنع أسلحة نووية، ولتتفرغ من جهة أخري لتوفير الطاقة التي تخدم مصالحها وتوجهاتها المستقبلية.

المثير للتفاؤل أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أعلنت أنه تم حتى الآن اختيار عشرة مواقع محتملة لبناء المفاعلات، وهو ما يختصر الطريق أما الإمارات لوضع هذه المحطات الأربع من جهة والشروع مستقبليا في إضافة محطات نووية من جهة أخري، وهو ما يضع الإجراءات التي تتخذها بعض الدول في تحديد مناطق تصلح لإنشاء محطة نووية واحدة في حرج مرجعه في ذلك الإيقاع السريع والدقيق الذي تقوم الإمارات بأدائه، ومما لا شك فيه أن مثل هذه الخطوة الفارقة التي خطتها الإمارات في مجال الطاقة النووية تحتاج إلي سنوات مماثلة في العديد من الدول وعقود في دول أخري!!!.

[1] Policy of the United Arab Emirates on the Evaluation and Potential Development of Peaceful Nuclear Energy.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.