السيسي يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة المجيد    جامعة المنيا تحقق معدلات مُرتفعة في سرعة حسم الشكاوى    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    تعرف على أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم السبت    رفع أطنان من المخلفات وصيانة أعمدة الإنارة في كفر الشيخ    بإجمالي 134 مليون جنيه، رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات مدينة ناصر وجهينة    القاهرة الإخبارية: تقدم ملحوظ في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    "3 تغييرات".. التشكيل المتوقع للأهلي ضد الجونة في الدوري المصري    إصابة 8 أشخاص في انفجار أسطوانة غاز بسوهاج    ضبط 37 مليون جنيه حصيلة قضايا إتجار بالنقد الأجنبي    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    «البدوي»: الدولة تتبنى خطة طموحة للصناعة وتطوير قدرات العمال    محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    روسيا تسقط 4 صواريخ أتاكمز أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم.    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    جيش الاحتلال يقصف أطراف بلدة الناقورة بالقذائف المدفعية    «الرعاية الصحية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    صافرة كينية تدير مواجهة نهضة بركان والزمالك في نهائي الكونفدرالية    عفروتو يرد على انتقادات «التقصير والكسل»    وزير المالية: الاقتصاد بدأ بصورة تدريجية استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    أمر اداري لمحافظ الأقصر برفع درجة الاستعداد بالمراكز والمدن والمديريات فترة الاعياد    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    سفاح فى بيتنا.. مفاجآت فى قضية قاتل زوجته وابنه    "دفنوه على عتبة بيتهم".. أبوان يقيدان ابنهما ويعذبانه حتى الموت بالبحيرة    "تطبيق قانون المرور الجديد" زيادة أسعار اللوحات المعدنية وتعديلات أخرى    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام موسم عيد الفطر أمس.. السرب في الصدارة    تامر حسني يوجه رسالة لأيتن عامر بعد غنائها معه في حفله الأخير: أجمل إحساس    طرح البوستر الرسمي لفيلم «بنقدر ظروفك» وعرضه بالسينمات 22 مايو    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «القومي للمرأة» يشيد بترجمة أعمال درامية للغة الإشارة في موسم رمضان 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    أسعار البيض اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    رئيس هيئة الدواء يشارك في اجتماع «الأطر التنظيمية بإفريقيا» بأمريكا    عمرو وردة يفسخ تعاقده مع بانسيرايكوس اليوناني    تشكيل أرسنال المتوقع أمام بورنموث| تروسارد يقود الهجوم    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمارات والتحول من النفط إلي الطاقة النووية
نشر في المصريون يوم 04 - 01 - 2015

لم يمض شهر واحد علي إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حتى أعلنت المؤسسة عن إختيارها لتحالف الشركات الذي ترأسه الشركة الكورية للطاقة الكهربائية "كيبكو" للقيام بتصميم وبناء والمساعدة في تشغيل محطات الطاقة النووية في دولة الإمارت وذلك ضمن البرنامج السلمي للطاقة النووية لدولة الإمارات
العربية المتحدة، كان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان -رئيس الدولة- قد أصدر بصفته حاكما لإمارة أبوظبي القانون رقم "21" لسنة 2009 بشأن إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية - برأسمال قدره 375 مليون درهم تعادل نحو 100 مليون دولار أمريكي- مدشناً بذلك البرنامج النووي السلمي الهادف لإنتاج الكهرباء ودعم التنمية الاقتصادية وتوفير العديد من فرص العمل لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة.

وبموجب هذا العقد، سيقوم اتحاد كوري جنوبي تقوده مؤسسة "كيبكو"، ببناء أربعة مفاعلات نووية تعمل بالماء الخفيف سعة كل منها 1400 ميجاوات في غضون عشر سنوات بقيمة 20.4 مليار دولار، ومن المتوقع عقد المزيد من العقود بقيمة 20 مليار دولار أخرى، لتشغيل وصيانة وتزويد وقود مفاعلات نووية خلال 60 عاماً من التشغيل.

يأتي هذا القرار في الوقت الذي تعد فيه الإمارات -التي يبلغ تعداد سكانها قرابة 4.5 مليون نسمة- أحد الدول العربية والعالمية الرئيسية في إنتاج النفط، ففي عام 2008 بلغ انتاج الإمارات نحو 144 مليون طن تمثل نحو 3.1% من الانتاج العالمي ولتحتل به المركز العاشر علي مستوي العالم في قائمة الدول الأكثر انتاجا للنفط والمرتبة السادسة في الدول المصدرة للبترول، وهو ما يعد أحد العناصر الأساسية في بناء الدخل القومي للإمارات والذي بلغ 114 مليار دولار في عام 2008، من جهة أخري بلغت الاحتياطات المؤكدة من النفط في الإمارات نحو 8.4 مليار برميل بحسب تقديرات عام 2008.

وعلي المستوي الدولي تزود الطاقة النووية دول العالم بأكثر من 6%من الطاقة التي يحتاجها، فهي تلبي ما يقرب من 35% من احتياجات دول الاتحاد الأوربي، ففرنسا وحدها تحصل علي 77% من طاقتها الكهربية من المفاعلات النووية ومثلها ليتوانيا، أما اليابان فتحصل علي 30%، وفي الوقت الحالي يعكف العلماء علي أبحاثهم بغية التحكم في عمليات الاندماج النووي، في محاولة لصنع مفاعل اندماجي لإنتاج الكهرباء، لكنهم مازالوا يواجهون مشاكل حول كيفية التحكم في عملية الاندماج التي تجري في حيز محدود.

من هذا المنطلق، نتساءل عن الأسباب التي دفعت الإمارات إلي اللجوء لبناء محطات طاقة نووية؟، الأمر الآخر ما هو السبب في البدء الفعلي ببناء أربعة محطات نووية دفعة واحدة؟ خاصة وأنها التجربة الأولي؟ هل كان من الأولي أن تنشأ الإمارات محطة واحدة علي سبيل اكتساب الخبرات ثم تحديد الرؤية المستقبلية بشأن إنشاء محطات أخري أم التوقف.


توجهات الطاقة في الإمارات
بالإضافة إلي دور الإمارات المؤثر عالميا في مجال النفط، اتخذت إمارة أبو ظبي في أبريل 2006 قرارا بضرورة مشاركة مصادر الطاقة المتجددة في إمداد أبو ظبي بالطاقة، وبناء عليه تم الإعلان عن "مبادرة مصدر" والتي تعني في المقام الأول ببحث مشاركة المصادر المختلفة للطاقة المتجددة في توفير جانب من الطاقة اللازمة للإمارة إلي جانب العمل علي تأمين مصادر الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون وتوفير المياه، والعمل علي تأسيس نظام اقتصادي متنوع لخدمة هذه الأهداف، كما تم إنشاء شركة "أبوظبي لطاقة المستقبل" لتتولي تنفيذ المبادرة، وبالتالي التخطيط والإشراف علي دراسة وتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة بأبو ظبي ومراقبة انبعاثات الكربون في الإمارة، والعمل علي إيجاد مكانة متميزة للإمارة علي خريطة الطاقة العالمية وذلك من خلال دعوة شركاء عالميين لديهم خبرات عملية ومتميزة في المجالات التي تتضمنها المبادرة وذلك لتحقيق تقدم سريع وكفء لتحقيق الأهداف المرجوة.

وفي يوليو 2008 وقع عدد من دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقا لتجارة الكهرباء لربط شبكاتها الكهربائية غير أن التجارة عبر الحدود من خلال مشروع الشبكة الذي يتكلف 1.4 مليار دولار ستكون محدودة في البداية حيث لا يوجد فائض للتصدير –حاليا في دول المجلس- سوى لدى قطر.

وأوضح السيد الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية "محمد الحمادي"، أن الدراسات قد أظهرت حاجة الدولة إلى أكثر من 40 ألف ميجاوات بحلول 2020، تعادل ضعف الكميات المنتجة حالياً، بنمو سنوي تراكمي تصل نسبته لنحو 9%، أما السيناريوهات المطروحة للإمداد بالطاقة في الإمارات فتتمثل في أن كميات الغاز الطبيعي التي قد تتوفر لقطاع الكهرباء في الدولة لن تكفي لتلبية الطلب في المستقبل وأن استخدام النفط الخام أو الديزل سيكون ممكناً من الناحية اللوجستية، ولكنه سيكون مكلفاً وضاراً بالبيئة وأن توليد الطاقة بحرق الفحم قد يكون أقل تكلفة، إلا أنه غير مرغوب فيه من الناحية البيئية، وغير قابل للتطبيق من حيث أمن الإمدادات، وبالتالي فإن استخدام مصادر بديلة للطاقة سوف يكون بمثابة استكمال لمجموعة مصادر الطاقة لدى دولة الإمارات، وسيكون بوسعه تلبية قرابة 6-7% من الطلب على الكهرباء بحلول عام 2020.

وبالتالي تأتي هذه المحطات الأربع بناء علي عدة عوامل هى، العامل الاقتصادي، حيث إن محطات الطاقة النووية التي تدار بشكل جيد تعتبر من بين أفضل مصادر إنتاج الكهرباء فعاليةً، والعامل البيئي حيث لا ينتج عن تشغيل محطات الطاقة النووية انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون فهي أو أكسيد النتروجين أو ثاني أكسيد الكبريت التي تسبب الاحترار العالمي والمطر الحمضي والضباب الدخاني، وبالتالي تعتبر المحطات النووية من أدوات مقاومة تغير المناخ، والعامل الثالث هو أمن الإمدادات حيث تتمتع محطات الطاقة النووية بجاهزية عالية للعمل (تتجاوز نسبة 90%) ويمكن للعديد من محطات الطاقة النووية العمل لفترة 18-24 شهراً بعد تزويدها بالوقود النووي لمرة واحدة، أما العامل الرابع فهو التطوير الصناعي حيث من شأن أي برنامج للطاقة النووية أن ينشئ صناعات جديدة، ويوفر فرص عمل ذات قيمة عالية، إلي جانب تعزيز نواحي التنمية المستدامة.

وقد أعلنت الإمارات في أبريل 2008 تبني سياسة تعتمد على الاستخدام السلمي للطاقة النووية وذلك بدعم حظر الانتشار النووي والامتناع عن تخصيب الوقود النووي وإعادة معالجته داخل الدولة، وهاتان العمليتان هما الأكثر تسهيلاً لاستخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، بخلاف أن هذا المنهج يؤسس لإقامة نموذج جديد يمكن للبلدان غير النووية أن تقوم من خلاله باستكشاف ونشر الطاقة النووية بدعم وتأييد كامل من المجتمع الدولي.

وعمليا تحتاج محطة الطاقة النووية إلي نحو عشر سنوات حتى يكتمل بناؤها وتبدأ في الإنتاج، وهو ما يعني أن الإمارات سوف تبدأ في استخدام الكهرباء المولدة من المحطات النووية بداية من عام 2017 وتزيد هذه النسبة لتصل إلي أقصاها في عام 2020 عندما يكتمل إنشاء الأربعة مفاعلات التي تبلغ قدرتها الإجمالية 6400 ميجا وات، الجدير بالذكر أن الخطوة التي أقدمت عليها الإمارات تعتبر تتويجاً لما يقارب ثلاث سنوات من التقييم والعمل التمهيدي، بحثت خلالها الحكومة عن أكثر الطرق فاعلية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.

الأزمة المالية العالمية
يعد القطاع المالي والمصرفي في الإمارات من أكثر القطاعات التي تعرضت للانعكاسات السلبية للأزمة المالية، مما أثر بشدة على العديد من المشروعات في المجالات المختلفة، ومع الخسائر الضخمة التي تعرضت لها البورصات العالمية والتي تقدر بالمليارات خيمت أجواء من الترقب في العديد من دول العالم مؤكدين أن آثار الأزمة لم تتضح بعد.

ومما لا شك فيه أن دولة الامارات ومن خلال انفتاحها على الاقتصادات العالمية لم تكن بعيدة عن تأثيرات هذه الأزمات وتداعياتها، فالتراجع الكبير في أسعار النفط يعد أحد المؤثرات الأكبر حيث أن الامارات هي ثالث أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بنحوى 26 مليون برميل يوميا، أيضا سعت الحكومة الإماراتية إلي عدم تعرض أي من المصارف الوطنية لأية مخاطر ائتمانية، من خلال ضمان الودائع والمدخرات في المصارف إلى جانب توفير ضمانات عمليات الاقتراض فيما بين المصارف العاملة في الدولة وضخ السيولة اللازمة في الجهاز المصرفي في حال تطلب الأمر ذلك .

وعلي الرغم من أن الأسواق لا تنفي عمليات الاستغناء عن العديد من العاملين وإعلان بعض الشركات عجزها عن متباعة المسيرة، فقد افتتح السيد محمد راشد آل مكتوم حاكم دبي برج خليفة والذي يعد أعلي بناء في العالم حتى الآن، بتكلفة بلغت نحو 1.4 مليار دولار وكأنه إعلان عن عدم تخوف دولة الإمارات من آثار الأزمة المالية العالمية، وقبلها بأيام قلائل أعلنت الإمارات عن فوز التحالف الكوري ببناء أربعة مفاعلات النووية بتكلفة بلغت نحو 20.4 مليار دولار، لتضمن للإمارات الصدارة ليس فقط بين جاراتها في الخليج ولكن علي مستوي دول الشرق الأوسط، والتي تسعي دوله إلي تلبية الطلب المتنامي على الطاقة.

علي نحو آخر، فعلي الرغم من آثار الأزمة المالية إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي الست -الامارات والسعودية والبحرين وقطر وعمان والكويت- أبدت اهتماما بالطاقة النووية لسد الطلب المحلي المتنامي على الكهرباء والسماح بزيادة صادرات النفط والغاز، فقد عقدت الكويت محادثات مع اريفا الفرنسية خلا عام 2009 في حين قالت السعودية وفرنسا انهما قريبتان من ابرام اتفاقية للتعاون في مجال الطاقة النووية المدنية، أيضا وقعت شركة الكهرباء الفرنسية العملاقة "EDF" مذكرة تفاهم مع قطر في مطلع 2008 للتعاون بشأن برنامج مدني للطاقة النووية.

طراز المحطات النووية
تنتج "كيبكو" محطات نووية من الجيل الثالث وذلك وفقاً للتصميم "APR – 1400" الذي اعتمدته الشركة الكورية للطاقة الكهربائية والذي يحظى بأحدث وأعلى مستويات السلامة والأداء والتأثيرات البيئية بما يتماشى مع معايير السلامة والأداء المعمول بها على مستوى العالم، الجدير بالذكر أن هذا التصميم تم تطويره من قبل الجهات المسؤولة في قطاع الصناعة النووية الكورية بقيادة "كيبكو" وذلك على مدى عشر سنوات منذ العام 1992، وقد حظي التصميم المشار إليه بمصادقة هيئة الرقابة الكورية في عام 2002، هذا ويعد "APR – 1400" النسخة المحسنة لتصميم "System 80+" والذي سبق أن اعتمدته مفوضية الرقابة النووية في الولايات المتحدة الأميركية.

وتضمن أنظمة السلامة لهذا التصميم بقاء نسب الإشعاع الناتج عن الوقود النووي في مستويات آمنة في المحطة، وعدم وجود أية آثار له خارج المحطة، ومن أبرز أنظمة السلامة والأمان القبة الهائلة في المحطة وهي هيكل خرساني مُسلَّح بالحديد يتولى تغليف جميع الأنشطة النووية، ويلعب دوراً بارزاً في حماية وتحصين المحطة.

علي نحو آخر، تقوم كيبكو حالياً بإنشاء محطتين وفق التصميم المعتمد للإمارات وهما محطتا "شين كوري" حيث ستبدأ أولاهما بمد الطاقة الكهربائية إلى الشبكة الكورية مطلع عام 2013 وستكون هذه المحطة بمثابة "محطة مرجعية" لبرنامج دولة الإمارات، بمعني أن المحطات التي ستنشأ في الإمارات ستتبنى نماذج تلك "المحطات المرجعية" مع إجراء أي تعديلات مطلوبة بما يتلاءم والظروف المناخية السائدة في دولة الإمارات وأية متطلبات أخرى صادرة عن الهيئة الاتحادية للرقابة النووية التي تتولى الإشراف على السلامة والأمان النووي في دولة الإمارات.

وبالإضافة إلى توريد المحطات النووية توصلت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وكيبكو إلي اتفاقية تحصل بموجبها الشركة الكورية على جزء من أسهم المشروع، وهو ما من شأنه أن يقوي العلاقة التجارية بين الطرفين.

أما بشأن التعامل مع الوقود المستنفذ من عمليات التشغيل فقد ذكر الحمادي "أن التعامل مع الوقود النووي الناتج عن عمليات التشغيل سيتم من خلال 3 مراحل تقتصر المرحلة الأولى على تخزينه في أحواض مائية مصممة خصيصاً لهذا الغرض، ويتم إنشاؤها ضمن محطات الطاقة وتستمر المدة التخزينية إلى نحو 10 سنوات، وفي حال إذا ما بلغت الطاقة التخزينية لتلك الأحواض مداها، يتم تخزين ذلك الوقود في حاويات مصنوعة من الحديد والخرسانة المسلحة ومادة الرصاص ولمدة لا تقل عن 60 عاماً.

وتتضمن المرحلة الثالثة تخزين ذلك الوقود بعد مرور 70 عاماً على استخدامه في باطن الأرض بمناطق يتم تحديدها جيولوجياً، مع بحث إمكانية إعادة استخدام ذلك الوقود من خلال عمليات المعالجة والتي يجري استخدامها حالياً في بعض الدول.

معايير تقييم عروض الشركات
تمت عمليات التقييم الفني والمالي من قبل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والتي إستغرقت عاماً كاملاً بحيث تتمكن المؤسسة من تحديد هوية الشركة الأفضل، حيث روعي في عملية التقييم المعايير التي تتضمنها "وثيقة السياسة العامة لدولة الإمارات العربية المتحدة في تقييم إمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية"[1] والتي تحدد الشروط اللازمة فيما يتعلق بالسلامة والأمان وحظر الإنتشار النووي والتنمية المستدامة.

وقد شكل فريق التقييم خبراء متخصصين في المجالات التالية: الأمن والأمان والسلامة النووية، التصميم والإنشاء، عمليات التشغيل والصيانة، مطابقة الجودة النووية، إدارة التوريدات والتجهيزات، تأمين وإدارة الوقود النووي “شاملا ذلك الضمانات وحظر الانتشار وإدارة الوقود المستنفد، "تحليل المواقع" شاملا تقييم الآثار البيئية وعلم الزلازل والجيولوجيا والأرصاد الجوية، والنواحي الاقتصادية شاملة وضع نماذج التكلفة وميزانيات المشروع إلي جانب العقود والاستشارات القانونية.

هذا وقد تقدمت ثلاث تحالفات: الأول فرنسي يضم شركة كهرباء فرنسا ""EDF و"غاز دو فرانس سويز" ومجموعة آريفا النووية والمجموعة النفطية توتال، التحالف الثاني: وهو تحالف ياباني أمريكي يضم هيتاشي وجنرال الكتريك، بالإضافة إلي التحالف الكوري الفائز.

هذ وقد ركزت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على خمس معايير أساسية ساعدت في التوصل إلى قرارها النهائي، وهذه المعايير هي:

أ‌) السلامة: أظهرت التحالفات الثلاث التي تقدمت بعطاءاتها للفوز بعقد المقاول الرئيسي أن البرامج المعتمدة لديها في مجال التكنولوجيا والسلامة والأمان مطابقة لأحدث المعايير الدولية وبأن مستويات السلامة التشغيلية لديها من بين أعلى المستويات على النطاق العالمي.

وقد جاءت نتيجة هذه المرحلة في صالح التحالفات الثلاث حيث لبت جميعها معيار السلامة والذي يأتي كأولوية قصوى، وهو ما سمح لها بالدخول للمرحلة التالية والتي تمر من خلال المعايير التالية:

ب‌) عملية التوريد والتسليم: القدرة على تحقيق الأهداف التي حددتها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية للبرنامج والبدء بمد شبكة الطاقة في الدولة بالكهرباء في عام 2017.

ت‌) الالتزام بأحكام العقد: وتهتم بقياس مدي مطابقة العرض مع أطر العمل التي إشترطتها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية فيما يخص "المقاول الرئيسي"، وقد صُممت تلك الأطر بحيث تناط مسؤولية توريدات المشروع بمقاول رئيسي واحد مما يزيد التنسيق والفعالية في الإجراءات الإدارية والتنفيذية واللوجستية.

ث‌) تنمية الموارد البشرية: وتختص بتقييم التزام المقاول الرئيسي بتطوير الموارد البشرية في دولة الإمارات والتخطيط الحثيث لتنميتها دعماً لتهيئة قوة عمل مستدامة تعتمد على الكفاءات الإماراتية.

ج‌) التنافسية التجارية: تتضمن تخير عرض الشركة الذي يعزز التنافسية الإقتصادية لدولة الإمارات عن طريق توفير طاقة كهربائية بتكلفة منخفضة، ويؤسس فرصاً للشراكة بهدف دعم تطوير الصناعة النووية في الدولة، ويحد من المخاطر، ويعكس طبيعة العلاقة التجارية والتشغيلية على المدى البعيد كما هو منصوص عليه في مسودة العقد الرئيسي.

التحالف الفائز
تعتبر الشركة الكورية للطاقة الكهربائية "كيبكو" ثالث أكبر شركة على مستوى العالم في مجال الطاقة النووية بقدرة فعلية لتوليد الطاقة النووية تصل إلى 17,716 ميجاوات، وتقوم "كيبكو" بتشغيل عشرين محطة للطاقة النووية، ولديها ثمان محطات إضافية قيد الإنشاء حالياً، وعشر محطات إضافية يخطط للإنتهاء من بنائها بحلول العام 2030.

كما تحظى الشركة الكورية للطاقة الكهربائية بسمعة عالمية كشركة رائدة من حيث مستويات أمان وكفاءة وفعالية المحطات وفقاً للتقييم الذي أجرته الجمعية العالمية لمشغلي الطاقة النووية "World Association of Nuclear Operators, WANO " والتي تأسست لغرض رفع مستويات السلامة والكفاءة في تشغيل محطات الطاقة النووية. وتحرز الشركة الكورية للطاقة الكهربائية حالياً أعلى الدرجات على مؤشرات برنامج الأداء الذي تعتمده "WANO" والذي يحتسب معايير الأداء لدى المشغلين على نطاق العالم.

وستقوم "كيبكو" بتقديم كافة الأعمال والخدمات المطلوبة لبرنامج الطاقة النووية للأغراض السلمية في دولة الإمارات، ويشمل ذلك الأعمال الهندسية والتجهيز والتوريد والإنشاء والوقود النووي ودعم أعمال التشغيل والصيانة، وذلك بالتعاون مع شركات كورية مشاركة في التحالف الذي قادته "كيبكو"، ومنهم سامسونج، وهيونداي، ودوسان للصناعات الثقيلة، إضافة إلى الفروع التابعة للشركة الكورية للطاقة الكهربائية وهي: الشركة الكورية للطاقة الهيدروليكية والنووية ""KHNP والتي من المقرر أن تلعب دوراً رئيساً بوصفها مقاولاً ومنفذاً للأعمال الهندسية، الشركة الكورية لهندسة الطاقة "KOPEC" والتي سوف تقوم بإعداد التصميم الخاص بمحطة الطاقة النووية وتقديم الخدمات الهندسية، الشركة الكورية للوقود النووي ""KNF ومهمتها توفير الوقود النووي، الشركة الكورية لخدمات المنشآت والهندسة ""KPS والتي ستتولى أعمال الصيانة للمنشآت.

ويضم فريق "كيبكو" - ثالث أكبر شركة عالمياً- أيضاً شركات غير كورية منها شركة وستنجهاوس الأميركية "Westinghouse" وشركة توشيبا اليابانية "Toshiba".

الموارد البشرية
من بين الأمور الأساسية الهامة في تشغيل المحطات النووية وجود قوي عاملة مؤهلة لتشغيل هذه المحطات، ونظرا لعدم توافر هذه الأيد العاملة فقد تبنت الإمارات برنامج لتوفير هذه الخبرات علي المدى القصير والبعيد وذلك من خلال إنضمام مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إلى جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والبحوث، ومعهد التكنولوجيا التطبيقية، والهيئة الإتحادية للرقابة النووية وإلى مؤسسات تعليمية أخرى ضمن دولة الإمارات وإلى جامعات عالمية وذلك لكي تضمن وجود المؤهلات والكفاءات اللازمة لتغطية متطلبات المستقبل، سواء من الكفاءات الإماراتية أو الخبرات الدولية، وتفيد التقديرات الحالية بأن البرنامج سوف يتطلب ما بين 2100 إلى 2300 موظفاً بحلول العام 2020.

وفي هذا الإطار، بدأت الإمارات فى توطين ما لا يقل عن 60% من العاملين بالمشروع بإجمالي 170 موظفاً منهم 45 خبيراً أجنبي.

الدلالات
تعد الخطوة التي اتخذتها الإمارات خطوة فارقة سواء علي صعيد دول الخليج العربي أو المنطقة بأسرها، فبحسب التعاقد مع التحالف الكوري ستعمل أول محطة نووية في منطق الخليج في إنتاج الكهرباء –إن شاء الله- في عام 2017 لتكتمل المحطات الأربع بحلول عام 2020.

وتهدف الإمارات من هذه الخطوة إلي التوسع في أنشطة الطاقة وذلك بالسماح بتصدير المزيد من فوائض النفط، والذي يمثل تاريخه سجلا حافلا من الارتفاعات والانخفاضات وذلك لتأثره بالعديد من العوامل منها: الأحداث الجيوسياسية فلا يغيب عنا تأثر الأسعار بالتوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية أو المناطق التي تمر بها خطوط نقل البترول والغاز، فعدم الاستقرار السياسي والأمني أو التخوف من حدوث اضطرابات في دول مثل العراق، ونيجيريا، وفنزويلا، والمملكة العربية السعودية ترفع أسعار البترول بشكل مباشر، أيضا تأتي نوعية الخام كأحد العوامل التي تؤثر في سلة أسعاره، فكلما زادت الكميات المعروضه من الخام الثقيل ارتفعت الأسعار نظرا لانخفاض الطلب عليه وتزايد الطلب علي الخام الخفيف الذي يتميز بوفرة المواد المشتقة منه، كما يأتي نمو الطلب من الهند والصين في صالح رفع الأسعار، كل هذه العوامل وغيرها تؤثر في أسعار البترول، وبالتالي تنظر الإمارات إلي الاستثمار في الطاقة النووية لتوفير النفط الملوث للبيئة لأغراض التصدير والحفاظ علي بيئة إماراتية نظيفة.

وبالتالي ستترقب الإمارات تقلبات أسعار النفط خلال الفترات المستقبلية لتتحين الفرص لتحقيق مزيد من الدخل وذلك بتخصيص كميات أكبر للبيع والتداول في فترات ارتفاع الأسعار وبالتالي ضمان دخل أكبر.

أيضا تأتي الإشارات التي تخرج من وقت لآخر مرددة أن النفط المستخرج سوف تتضاءل كمياته بمرور الوقت أحد بواعث الاعتماد علي الطاقة النووية، فهواجس انخفاض الاعتماد علي النفط يجب أن يصحبها بدائل حديثة تكون قادرة علي تلبية الطلب المتزايد علي موارد الطاقة، تأتي ضرورة اتخاذ خطوات استباقية من جانب الدول الاختزال الوقت مستقبليا، من هذا الاتجاه يمكن تفسير قرار الإمارات بناء أربعة مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية دفعة واحدة وهو ما يعد إجراء ذو بعدين الأول استراتيجي يهدف لتأمين المصادر المستقبلية للطاقة والآخر لوجيستي يحقق الإمدادات المطلوبة في توقيتاتها المناسبة.


وحتى تكون الإمارات بمنأي عن الهواجس التي تشاغل من يفكر في محطات الطاقة النووية بشأن الوقود، مثل تلك الدائرة بين إيران والغرب خشية تصنيع أو امتلاك القدرة علي تصنيع قنابل نووية، فقد تعهدت الامارات بالفعل باستيراد احتياجات المفاعلات من الوقود بدلا من محاولة تخصيب اليورانيوم لتبديد المخاوف بشأن استخدام منشات التخصيب لانتاج وقود مخصب بدرجة معينة تتيح استخدامه لصنع أسلحة نووية، ولتتفرغ من جهة أخري لتوفير الطاقة التي تخدم مصالحها وتوجهاتها المستقبلية.

المثير للتفاؤل أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أعلنت أنه تم حتى الآن اختيار عشرة مواقع محتملة لبناء المفاعلات، وهو ما يختصر الطريق أما الإمارات لوضع هذه المحطات الأربع من جهة والشروع مستقبليا في إضافة محطات نووية من جهة أخري، وهو ما يضع الإجراءات التي تتخذها بعض الدول في تحديد مناطق تصلح لإنشاء محطة نووية واحدة في حرج مرجعه في ذلك الإيقاع السريع والدقيق الذي تقوم الإمارات بأدائه، ومما لا شك فيه أن مثل هذه الخطوة الفارقة التي خطتها الإمارات في مجال الطاقة النووية تحتاج إلي سنوات مماثلة في العديد من الدول وعقود في دول أخري!!!.

[1] Policy of the United Arab Emirates on the Evaluation and Potential Development of Peaceful Nuclear Energy.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.