جامعة عين شمس: استقبلنا 4500 طالب بالمرحلة الثانية للتنسيق عبر 14 معملًا مجهزًا    موعد المولد النبوي الشريف في مصر 2025.. إجازة 3 أيام وأجواء روحانية مميزة    جامعة طنطا تعلن بدء تلقي طلبات الترشح لجوائز الجامعة للتميز الداخلي    موعد صرف معاشات سبتمبر 2025.. اعرف الجدول والأماكن    بين المزايا والتحديات.. كل ما تريد معرفته عن السيارات الكهربائية    مصادر عبرية: الجيش لا يزال يدرس آلية تطبيق قرار احتلال غزة    زلزال بقوة 6.1 درجة يهز تركيا    الزمالك يتعاقد مع كاترين أرينجو لتدعيم فريق سيدات كرة القدم    لعنة النهائيات تطارد محمد صلاح بعد خسارة ليفربول أمام كريستال بالاس بدرع المجتمع    كريستيانو رونالدو يقود تشكيل النصر ضد ألميريا    متخصص بقضايا المحكمة الاقتصادية: "البلوجرز" واجهة لعصابات غسيل أموال دولية    التضامن الاجتماعي تنفذ 6 قوافل طبية توعوية لخدمة سكان مشروعات السكن البديل    68 غرزة فى وجه الأشقاء.. مشاجرة عنيفة وتمزيق جسد ثلاثة بالبساتين    بالصور.. جلسة تصوير جريئة ل هنا الزاهد في شارع الشانزليزيه والجمهور يغازلها    رنا رئيس تنضم ل أبطال فيلم سفاح التجمع بطولة أحمد الفيشاوي    أحمد عبد العزيز يحصد جائزة الإبداع والتميز بمهرجان همسة للآداب والفنون في دورته ال 13    ليست كل المشاعر تُروى بالكلمات.. 5 أبراج يفضلون لغة التواصل الجسدي    "ملف اليوم" يكشف روايات الاحتلال المضللة لتبرئة نفسه من جرائم غزة    تكلفته 50 مليون.. 25 صورة من فرح البلوجر يومي خوري    هل المال الموهوب من الأب في حياته إلى أحد أولاده لا يدخل ضمن الميراث؟.. الإفتاء تُجيب    وزير الصحة يوجه بتسريع الاستجابة لاحتياجات المرضى ومتابعة نظام التقييم الدوري للعاملين    سعر مواد البناء مساء اليوم 10 أغسطس 2025    وظائف خالية اليوم الأربعاء.. فرص عمل بمختلف المحافظات    حجز متهم بإتلاف سيارة لتشاجره مع مالكها بالبساتين    المشدد 15 سنة لعاملين و3 سنوات لسائق سرقوا هاتفا تحت تهديد السلاح ببنها    أين هم الآن «معتصمو رابعة والنهضة» ؟    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الزواج عبر الهاتف: لا ينعقد بدون الأركان الشرعية    الوطنية للصحافة: صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين للمعاش خلال يوليو غدا    من يفوز بالفهد الذهبى ؟    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة 33 للجنة المشتركة المصرية الأردنية    «الصحة» تنظم زيارة لمستشار الرئيس الكولومبي لتفقد منشآت طبية    البورصة تربح 21.3 مليار جنيه في نهاية تعاملات اليوم الأحد    تأجيل محاكمة 29 متهما بالهيكل الإداري للإخوان    بروتوكول تعاون بين البنك الأهلي المصري وشركة "بيرنس كوميونتي"    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    بعد توجيه السيسي بحل مشكله معاشات ماسبيرو.. "المسلماني": نشكر الرئيس    محافظ بورسعيد يستقبل الطفلة فرح ويعد بفتح حساب التضامن فى اسرع وقت    شاهد.. لحظة تحرك شاحنات المساعدات من مصر إلى قطاع غزة    إصابة 6 أشخاص بينهم طفلة بإطلاق نار جماعى فى بالتيمور الأمريكية    فلوريان فيرتز يتوّج بجائزة أفضل لاعب ألماني لعام 2025    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    تعثر الأهلي أمام مودرن يعيد التساؤلات.. هل يحتاج تدعيمات وريبيرو الأنسب؟    نيابة دمنهور تقرر التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها بمنزلها فى ظروف غامضة    التعليم العالى: براءة اختراع جديدة لمعهد تيودور بلهارس فى إنتاج بروتينات علاجية    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    بيلد: النصر يتوصل لاتفاق مع كينجسلي كومان.. وعرض جديد لبايرن    ميكروباص يصدم 9 أشخاص على طريق كورنيش الإسكندرية (صور)    وزير الري: توفير الاحتياجات المائية للمنتفعين بالكميات المطلوبة وفي التوقيتات المناسبة    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    مقتل 6 جنود لبنانيين بانفجار ذخائر أثناء محاولة تفكيكها في جنوب لبنان    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    الهلال السعودي يعلن رسميًا التعاقد مع الأوروجوياني داروين نونيز حتى 2028    نقرير يكشف طلبات باريس سان جيرمان المالية لمغادرة كولو مواني إلى يوفنتوس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة مبارك.. إنه العدل الذى غاب طويلاً
نشر في المصريون يوم 08 - 08 - 2011


العدل الذى ينتظره المصريون بعد طول غياب
ليس التشفى برؤية رجل مسن فى قفص الاتهام، فهذا ليس من شيم المصريين المتسامحين.
ليس التشفى برؤية رئيس يهان فى محكمة، فليست المحاكم مكان للإهانة إطلاقاً، بل هى محل العدل وإظهار الحقائق.
ليس الانتقام ممن أذل ملايين المصريين، فى صحتهم وتعليمهم وعملهم.
ليس الانتقام ممن نام وترك أكثر من ألف يفرقون فى عبارة الموت.
ليس الانتقام ممن اعتقل وظلم عشرات الآلاف من الإخوان والإسلاميين وأبرياء كثيرين.
ليس الانتقام ممن عاند وعاند وعاند كل اقتراحات الإصلاح.
محاكمة مبارك ورؤيته فى قفص الاتهام يجيب على سؤال القاضى المستشار "أحمد رفعت" كمواطن بقوله : "أفندم. موجود، كل هذه الاتهامات أنكرها تماماً" .
هذه الكلمة "أفندم" نزلت برداً وسلاماً على قلوب معظم المصريين أو قل كلهم، حتى هؤلاء الذين قد تكون طفرت دمعة من عيونهم حزناً أو أسفاً على مصير لم يكونوا يتمنونه لرئيس سابق أو رجل مسن أو إنسان مريض أو قائد عسكرى حارب من أجل مصر حروبها جميعاً.
قد يرى البعض فى ذلك المشهد التاريخى إهانة لمصر، أو إهانة لموقع الرئاسة أو تجريح للرئيس، هذا حقهم فى إبداء رأيهم، ولكننا نريد منهم أن يمدوا البصر أبعد من ذلك ليروا - وهذا من حقنا عليهم - الدلالات الأخرى التى قد تكون أهم وأخطر وراء ذلك المشهد التاريخى العظيم .
ألم يروا فى ذلك إرادة الله تعالى، الملك الحق ا لديان الذى يمهل ولا يهمل القائل فى محكم التنزيل: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ‌ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‌ ﴿26﴾ } [آل عمران]
ألم يدركوا أن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون، وأن الله أعطى مبارك فرصاً عديدة للإصلاح والعدل والرجوع إلى الحق، وأن الشعب أحاط مبارك عند توليه، وفى فترات طويلة بالحب والحنان والتأييد والعرفان، فلم يتلق منه إلا أقل القليل، فى الخدمات والمرافق، فى المساواة والعدالة، فى الصحة والتعليم، فى الحريات وحقوق الإنسان.
ألم يروا فى ذلك المشهد ولادة مصر جديدة .. حرّة، مستقلة، ديمقراطية ..
دولة تقيم الحق والقانون ، قضاؤها مستقل، المتهم له حق الدفاع كاملاً، المحاكمة عادلة لا تخضع لتأثير الرأى العام.
مصر التى تحررت إرادتها بصورة كبيرة ، فلم يخضع : جيشها ولا شعبها، ولا قضاؤها لأى ضغوط تريد منع محاكمة مبارك.
مصر التى تحاكم رئيسها السابق وفق القواعد القانونية المستقرة، وفق القانون العادى لا الاستثنائى، أمام القاضى الطبيعى، بحضور المحامين الدهاة أمام الرأى العام كله الذى يراقب سير الجلسة الأولى للمحاكمة.
مصر التى تسعى لتتبوأ مكانتها العالية السامقة الرفيعة بين دول العالم كله وليس دول المنطقة فقط، بإرساء القيم العليا والقواعد المستقرة للدولة الحديثة التى لا تضع أحداً فوق القانون أو المساءلة والمحاسبة أو الدستور.
مصر التى لا تبيع إرادتها بثمن بخس ، إرادة جيشها مرتبطة بإرادة شعبها، وإرادة الشعب هى من إرادة الله تعالى الذى نفخ فيه من روحه وأمدّه من قوته وأعزّه بعزته وأغناه من فضله العظيم.
مصر التى تقول للعالم كله: هأنذا أبنى قواعد المجد وحدى، لا أخضع لاعتبارات تهدم أسس العدالة، ولا أرضى بغير إقامة العدل الذى يقيم أسس الملك السليم، ولا أبيع ضميرى ولا بالملايين.
ألم يدركوا هم يذرفون بعض الدمعات أن الضمان الحقيقى لمستقبل مصر التى ضحت بمئات الشهداء وآلاف المصابين هو فى إرساد قواعد الحق والعدل والقانون؟
أليس ذلك هو الهدف النبيل الذى هتف به ملايين المصريين فى ميادين التحرير، وأيدّهم ملايين أخرى بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى، فليس هناك استقرار للنفوس ولا للأحوال الاجتماعية إلا بإقامة العدل وتنفيذ القانون على الجميع .
لا يمكن أن ننسى قول الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم عن الأقوام السابقة عندما توسط أسامه بن زيد رضى الله عنه فى المرأة المخزمية الشريفة التى سرقت وأراد قومها أن يجنبوها العقوبة الغليظة فقال قولته العظيمة الشريفة الى ذهبت مثلاً فى الحكم والعدل:
(( إنما أهلك من كان قبلكم إنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد .. وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها))
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
كيف يضمن المستثمرون ورجال الأعمال الصادقين من مصريين وعرب وأجانب على أموالهم واستثماراتهم إذا تصورا أن الأوضاع كما هى لم تتغير؟
وأن الرشوة والمحسوبية وشراء الذمم والتدخل فى أعمال القضاء وعدم احترام الأحكام والتهرب من تنفيذ العقوبات سيستمر كما هو ؟
إن الضمان الحقيقى لتنمية جادة واقتصاد مزدهر هو إرساء قواعد العدالة والعدل وأحكام القانون.
وهذا المشهد العظيم يلخص لنا محاضرات وندوات عديدة، ويعفينا من أحاديث طويلة، ويوفر على مصر ملايين عديدة للترويج لمصر الجديدة، مصر الحق والقانون، مصر الأمن والاستقرار، مصر الديمقراطية والعدل والعدالة.
إن الدرس الأكبر الذى علينا أن نتأمله هو:
كيف يمكن أن نعفى الرئيس القادم من ذلك المشهد الرهيب؟
كيف نجنب مشاعر المصريين الاهتزازات الشديدة؟
كيف نؤمن للرئيس القادم الوقار والاحترام ونجنبه الإهانة.
الجواب باختصار هو: الديمقراطية والشورى والمحاسبة والمساءلة السياسية فى برلمان حقيقى يخضع له الجميع وفق إجراءات سياسية واضحة وشفافية فى إطار دستورى جديد.
الجواب هو أن يتم تقليص صلاحيات الرئيس القادم بحيث يكون هناك توازناً بين السلطات الثلاث فى الدولة المصرية: التنفيذية والتشريعية والقضائية.
الحوار الذى بدأ عن الدستور يجب أن يتعمق حول القضايا الجوهرية لأى نظام ديمقراطى، وأن تتوقف النخبة عن الحرث فى الماء والجدل الذى لا ينتهى حول هوامش الدستور.
إذا كان لدينا رئيس يشعر أنه محاسب ومراقب رغم إنه منتخب من الشعب، وأن البرلمان يستطيع أن يوقفه وأن يعطل قراراته وأن يكشف عن تصرفاته ، فإنه لن يتحول إلى فرعون جديد يقول ما أريكم إلا ما أرى، وما علمت لكم من إله غيرى ، لا يُسأل عما يفعل ، كما كان الرؤساء الثلاثة السابقين.
إذا أصبح لدينا برلمان يناقش ويدقق ويراقب ويحاسب، وليس مجرد أدوات للنظام أو هتيفة للرئيس أو أغلبية ميكانيكية توافق على كل أحلام الرئيس فإننا سنجنب الشعب أية اضطرابات عاطفية أو أى هزّات سياسية تجاه الرئاسة والرئيس.
الخطايا التى يحاسب عليها مبارك وأولاده وصديقه، والعادلى وأركانه ووزرائه يمكن تقسيمها إلى جزئين:
الأول: ما يتعلق بالثورة وقتل الثوار المتظاهرين.
الثانى: الجرائم الجنائية الخاصة بالتربح واتفاقية تصدير الغاز وغيرها.
وعند التأمل نجل أن الأولى سياسية تسبب فيها الانسداد السياسى الذى نشأ عن تزوير الانتخابات وإهانة البرلمان وغياب الديمقراطية.
والثانية كانت نتيجة الأولى، فلو كان هناك إحساس بالمسئولية والرقابة السياسية والقضاء المستقل لما تجرأ مسئول كبير على التصرف بمخالفة للدستور والقانون فى ارتكاب جرائم جنائية.
اليوم علينا أن نترك المحاكمة لعملها وفق القواعد القانونية وقواعد العدالة ، وأن ننظر لمستقبل مصر كيف نبنيه؟ وكيف نصنع التاريخ القادم ؟
اليوم علينا أن ندرك أن المحاكمة السياسية آتية لا ريب فيها، ولكنها لن تبدأ إلا بعد الانتخابات وقيام البرلمان الجديد بدوره، سواء بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق حول الثورة المصرية وتسجيل وقائعها كلها، أو بإصدار قانون جديد لمحاكمة الرئيس وقانون آخر لمحاكمة الوزراء.
على القوى السياسية والأحزاب أن تنظر باهتمام إلى البرلمان القادم بغرفتيه مجلس الشعب والشورى وإلى الأدوار الخطيرة التى سيقوم بها وأن تتدارك بسرعة غيابها عن الشعب أو تأخرها فى إعداد مرشيحها أو عدم إعداد الملفات الهامة لهذا البرلمان.
غياب بعض الرموز كزكريا عزمى أو صفوت الشريف عن المحكمة لا يعنى إعفائهم من المسئولية ودورهم قادم فى موقعة الجمل وغيرها.
مصر تولد من جديد: مصر الحرة المستقلة الديمقراطية دولة القانون والحق والعدل الذى غاب طويلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.