الحكم الذي استطاع الديب إحرازه كان بتبرئة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ونجليه، في نفس القضية تمت تبرئة وزير داخليته حبيب العادلي وبعض كبار رجال الداخلية من كل التهم الموجهة إليهم، التي تشمل قتل المتظاهرين خلال ثمانية عشر يومًا قامت فيهم ثورة يناير، وكل قضايا الفساد المالي. و فيما يتعلق بمبارك فقد أصدر القاضي الحكم كالتالي: قضت المحكمة حضوريًّا بعدم جواز النظر في الدعوى التي رفعت ضده، وأسقطت عنه تهمة الاتفاق في جرائم القتل العمد مع سابق الإصرار، والشروع في القتل. واعتبرت المحكمة أنه ما كان ينبغي أبدًا محاكمة مبارك جنائيًّا في قضايا سياسية. هكذا انتهى الأمر إذن. لكنّ هذه المحاكمة، لكنّ هذه المحاكمة، التي أطلق عليها مجازًا “محاكمة القرن” كانت عبارة عن حلقة في سلسلة تاريخية للقضاء المصري، إستعرض موقع "ساسة بوست" ثلاث تجارب منها :- حادثة دنشواي: القضاة مصريون والضحايا مصريون والفائز هو الاستعمار في أحد أيام عام 1906 أخذ خمسة جنود بريطانيين بنادقهم متجهين إلى قرية دنشواي بالمنوفية لاصطياد الحمام، كان يتوجب على الرحلة أن تكون رحلة رفاهية للجنود، لكنَّها انقلبت مذبحة. توغل الجنود داخل القرى قريبًا من مساكن الأهالي، مؤذن القرى هرول إلى الجنود يحاول إبعادهم كي لا يحترق التبن جراء طلقاتهم، فقتلوا زوجته هرول المؤذن يستغيث بالناس ويخبرهم بمقتل زوجته. تجمع الناس على الجنود وحضر الخفر ليحموا الجنود لكنّ الجنود ظنوا أنهم جاءوا للاشتباك معهم فقتلوهم، هنا أسر الأهالي جنديين بينما هرب اثنان، في الطريق أصيب أحدهم بضربة شمس فمات من فوره وأكمل الآخر رحلته إلى المعسكر البريطاني، لتبدأ الكارثة مشطت قوات الاحتلال حملة قوية على دنشواي واقتيد الأهالي بشكل مهين، وقُتِل بعضهم، هذا كان قبل المحاكمة الكبرى، المحاكمة التي ربما تكون الأشهر في التاريخ . تشكلت المحكمة برئاسة بطرس باشا غالي وزير الحقانية بالنيابة حينها، وبعضوية أحمد فتحي زغلول رئيس محكمة مصر الابتدائية وأخو الزعيم سعد زغلول وصاحب العلاقات القوية مع المندوب السامي البريطاني حينها، اللورد كرومر، وكان ممثل الادعاء حينها المحامي المصري القدير إبراهيم بك الهلباوي الذي بدل أن يدافع عن الفلاحين المصريين دافع عن الجنود الإنجليز. “إن حسن محفوظ أول المتهمين المصريين أقام الفتنة النائمة فكدر جو أمة بأسرها، لأنه مضى علينا خمسة وعشرون عامًا ونحن مع المحتلين في إخلاص واستقامة وأمانة، أساء إلينا وإلى كل مصري. فاعتبروا صوتي صوت كل مصري حكيم وعاقل يعرف مستقبل أمته وبلاده” *من مرافعة الهلباوي بك. انتهت المحكمة بالحكم بالإعدام شنقًا على أربعة فلاحين، وبالسجن والجلد على ما يقرب من العشرين، نفذت الأحكام على مرأى ومشهد من أهالي القرية، وكانت المشانق قد علقت قبل النطق بالحكم حتى! اغتيل بطرس غالي باشا عام 1910 على يد شاب من شباب الحركة الوطنية اسمه إبراهيم ناصف الورداني، أما أحمد فتحي زغلول فقد تمت ترقيته ليصبح وكيل وزارة الحقانية، وأقيم حفل تكريمه في فندق شبرد وتوفي عام 1914، ولم يلتفت أحد إلى وفاته ولم يشر أحد إلى ذكراه حتى، بينما ظل الهلباوي كسيرًا يبعد عنه الناس، وقد كتب مذكراته ودافع فيها عن موقفه الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام المحامي القوي، صاحب السيجار الكوبي والمهارة الخطابية الفائقة مرةً أخرى، منذ ما يقارب سبعة عشر عامًا، وقف بخطابته الباهرة ليترافع عن جاسوس إسرائيلي اتهمته المخابرات المصرية بالتجسس لصالح إسرائيل، ونقل رسائل مكتوبة بحبر سري على ملابس نسائية ومحاولته تجنيد عملاء مصريين للموساد الإسرائيلي، قبض عليه عام 1996، وتمت محاكمته في مايو 1997. تسلم فريد الديب بيانًا موقعًا من 12محاميًا مصريًّا أعلنوا فيه أن مرافعة الديب عن عزام عزام خيانة للوطن، لكنّ الديب أكمل مرافعته غير آبه بالانتقادات المباشرة التي وجهت له بالخيانة، ودافع عن عزام عزام باعتباره بريئًا. كان الحكم ب 15عامًا على عزام عزام، و25 سنة على شريكه المصري عماد عبد الحليم إسماعيل، وسجن مدى الحياة غيابيًّا على سيدتين إسرائيليتين عبَّارة السلام 98 الفقراء المصريون العائدون من السعودية بعد رحلة عمل شاقة ربما امتدت لسنوات وسنوات، الحجاج المصريون الذين لم يستطيعوا الحج بالطيران، لأنَّ السفر بالبحر أقل تكلفةً، كانوا على موعدٍ مع الموت بسبب الإهمال. حادث عبارة السلام 98 التي غرقت عام 2006 أشهر وأبرز من أن ينسى في وجدان المصريين، ليس فقط لأنّ أكثر من ألف مصري ماتوا غرقًا في مياه البحر الأحمر، بل لأنّ المتهم الرئيس نال البراءة، وهو هارب في لندن حتى الآن "تسجيل في غرفة قيادة العبارة لآخر لحظاتها" اشتعلت النيران في غرفة المحركات أو في المخزن، تضاربت الأقوال في هذا، لكنها لم تتضارب أبدًا في أنَّ العبارة كانت تنقصها الكثير من عوامل الأمان الضرورية، خرج ممدوح إسماعيل مالك شركة السلام للنقل البحري بالبراءة هو ونجله/نائبه، لكن المحكمة قررت ألا يخرج اتهامها عن قائدة عبارة أخرى هي سانت كاترين لأنه تقاعس في إنقاذ الغارقين، كان الحكم عليه بستة أشهر في السجن وعشرة آلاف جنيه مصري غرامة، وهكذا انتهت القضية التي راح ضحيتها الفقراء. وثائق مسربة تتحدث عن قوة ممدوح إسماعيل الذي كان عضوًا بمجلس الشورى، وعلاقاته التجارية القوية بنجل الرئيس المخلوع جمال مبارك وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى. شاهد الفيديو: