الشهابي ورئيس جهاز تنمية المشروعات يفتتحان معرض «صنع في دمياط» بالقاهرة    رويترز عن الخارجية النيجيرية: نؤكد استمرار التعاون الأمني مع الولايات المتحدة    انفجار قنبلة يدوية يهز مدينة الشيخ مسكين جنوب غربي سوريا    بدأت بغية حمام، حريق هائل بعزبة بخيت بالقرب من قسم منشية ناصر (فيديو)    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    استمتعوا ده آخر عيد ميلاد لكم، ترامب يهدد الديمقراطيين المرتبطين بقضية إبستين بنشر أسمائهم    مصدر سوري يرجح توقيع اتفاق أمني سوري إسرائيلي قريبا    زيلينسكي يبحث هاتفياً مع المبعوثَيْن الأميركيين خطة السلام مع روسيا    الاحتلال يصدر أوامر إخلاء لإزالة منازل الفلسطينيين فى حى التفاح بغزة    18 إنذارا للمصريين فى 10 مباريات رصيد حكم مباراة الفراعنة وجنوب أفريقيا    وزير العمل: الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستوفر ملايين فرص العمل بشكل سهل وبسيط    سكرتير محافظة القاهرة: تطبيق مبادرة مركبات «كيوت» مطلع الأسبوع المقبل    أمن الجزائر يحبط تهريب شحنات مخدرات كبيرة عبر ميناء بجاية    بالأسماء، إصابة 7 أشخاص في حادثي انقلاب سيارة وتصادم موتوسيكل بآخر في الدقهلية    ارتفاع حجم تداول الكهرباء الخضراء في الصين خلال العام الحالي    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    الأب بطرس دانيال: اختلاف الأديان مصدر غنى إنساني وليس سببًا للصراع    حريق هائل في عزبة بخيت بمنشية ناصر بالقاهرة| صور    هشام يكن: مواجهة جنوب أفريقيا صعبة.. وصلاح قادر على صنع الفارق    منة فضالي للإعلامية يارا أحمد: لو حجيت هتحجب وساعتها هسيب الشغلانة    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    «اللي من القلب بيروح للقلب».. مريم الباجوري تكشف كواليس مسلسل «ميدتيرم»    محمد فؤاد ومصطفى حجاج يتألقان في حفل جماهيري كبير لمجموعة طلعت مصطفى في «سيليا» بالعاصمة الإدارية    أردوغان للبرهان: تركيا ترغب في تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة أراضي السودان    أمم إفريقيا - تعيين عاشور وعزب ضمن حكام الجولة الثانية من المجموعات    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    رئيس كوريا الشمالية يؤكد أهمية قطاع إنتاج الصواريخ في تعزيز الردع العسكري    متابعة مشروع تطوير شارع الإخلاص بحي الطالبية    ناقد رياضي: تمرد بين لاعبي الزمالك ورفض خوض مباراة بلدية المحلة    محافظة الإسماعيلية تحتفل بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بحفل "كلثوميات".. صور    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    الزمالك يستعد لمباراة غزل المحلة دون راحة    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    فاروق جويدة: هناك عملية تشويه لكل رموز مصر وآخر ضحاياها أم كلثوم    تطور جديد في قضية عمرو دياب وصفعه شاب    جلا هشام: شخصية ناعومي في مسلسل ميد تيرم من أقرب الأدوار إلى قلبي    واعظات الأوقاف يقدمن دعما نفسيا ودعويا ضمن فعاليات شهر التطوع    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    استمرار حملات إزالة التعديات على الأراضي الزراعية بكرداسة    أخبار مصر اليوم: سحب منخفضة على السواحل الشمالية والوجه البحري.. وزير العمل يصدر قرارًا لتنظيم تشغيل ذوي الهمم بالمنشآت.. إغلاق موقع إلكتروني مزور لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    أخبار كفر الشيخ اليوم.. إعلان نتائج انتخابات مجلس النواب رسميًا    جراحة دقيقة بمستشفى الفيوم العام تنقذ حياة رضيع عمره 9 أيام    أخصائي يُحذر: نمط الحياة الكارثي وراء إصابة الشباب بشيخوخة العظام المبكرة    "إسماعيل" يستقبل فريق الدعم الفني لمشروع تطوير نظم الاختبارات العملية والشفهية بالجامعة    كيف نُصلِح الخلافات الزوجية بين الصم والبكم؟.. أمين الفتوى يجيب    حزب المؤتمر: نجاح جولة الإعادة يعكس تطور إدارة الاستحقاقات الدستورية    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«دنشواي».. ذكرى 107عاما غير قابلة للنسيان
قتيل الشمس أورثنا حياة..
نشر في محيط يوم 13 - 06 - 2013

يوم 13 يونيو من كل عام.. تعيد ذاكرة المصريين إلى حادثة «دنشواي» الأليمة ،التي وقعت أيام الاستعمار البريطاني الذي رحل بإصرار وعزيمة الشعب المصري.
دنشواي ليست مجرد حادثة وقعت بين شعب أعزل واستعمار طاغي ، فبين سطور الأحداث تفاصيل تحكي مرحلة تاريخية مرت بها مصر، فمن رحم الصعاب ولد الأمل، وهكذا الحال فمن رحم «دنشواي» حصد الشعب الأمل والإصرار والعزيمة.
فتيل الأحداث
بدأت أحداث «دنشواي » يوم الاثنين 11 يونيو 1906 عندما تحركت القوات البريطانية من القاهرة إلى الإسكندرية عبر الطريق الزراعي، ثم وصلت إلى المنوفية يوم الأربعاء 13 يونيو 1906 وقت مرت على قرى منوف ودنشواي وكمشيش وهى من قرى مركز بوليس الشهداء.
إن هذا اليوم يبدأ وأهالي دنشواي في حالة خوف من تكرار تجربة الإنجليز في صيد الحمام في قريتهم، وكان عم رضوان قد ذهب إلى مصر المحروسة من أجل الشكوى إلى باشا الإنجليز لمنع العساكر من قتل الحمام وتخريب الأبراج،لقد كان صيد الحمام ممنوعاً بحكم القانون ولكن التهور والخيلاء والغرور جعل البريطانيين يتجاوزون كل شيء.
أما الذين وصلوا إلى دنشواي من الإنجليز فقد كانوا من فرقة «الدراجوان»، وكانت مجموعة من جنود الإنجليز بقياده «الميجور كوفين» يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة وكان الميجور مغرما بصيد الحمام فأقنع الميجور كوفين رجاله وهم كابتن «بول» ملازمين «بورثر»و «سميث» طبيب بيطري، والملازم «بوستك بان» وتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواي.
وكان «كوفين» و «بول» و «بوستك» يطلقون الأعيرة لاصطياد الحمام بجوار الأشجار على جانبي الطريق الزراعي ولكن تشاء الأقدار أن يتوغل «بورثر» و سميث داخل القرية لوجود أبراج الحمام ويصوب «بورثر» بندقيته إلى جرن الحمام الخاص بالشيخ «محمد عبد النبى» مؤذن القرية، ولأن الوقت كان وقت الحصاد وكانت أبراج الحمام في الجرن الذي يوجد فيه القمح فإن شرارة إحدى الرصاصات أشعلت الحريق في المحصول، و اعترض فلاح وصاح الفلاحون و كانت في أيدي القوات الإنجليزية البنادق ومع الفلاحين الطوب والحصى.
الشهيدة الأولى
كانت في الجرن وقت الضرب مبروكة أول شهيدة زوجة محمد عبد النبي مؤذن الجامع أصابتها رصاصة ،فهاجم زوجها الإنجليزي فضربه الإنجليزي بكعب بندقيته ، ربما ليتأكد من متانة صنعها صرخ الفلاح مستغيثا.
وحضر الفلاحون على الصراخ وأصيب الضابط «ستوك» وجرى بفزع واكتشف الفلاحون انه بدون ملابس داخلية، وانتقلت الشائعات بسرعة غير عاديه بين أهل القرية، أن الضباط الانجليز قد قتلوا زوجه الشيخ واحرقوا الجرن فيتدافعوا للفتك بهم حيث فيما يبدوا أن مؤذن القرية نادى بالجهاد ضد الكفار.
ومن ناحية الإنجليز حاول«كوفين» أن يظهر العدل لأهل القرية، فقام «بورثر» بالقبض على الجندي صاحب العيار الطائش، وجرده من سلاحه ويتخلى عن بعض مقتنياته حتى يتم التحقيق معه ولكن أهل القرية الغاضبين صمموا على الفتك بهم فأسرع «بول و بوستك» بالهرب لإحضار النجدة من المعسكر.
وفى الطريق سقط «بول» مغشيا عليه من اثر العطش وأشعه الشمس الحارقة، وواصل «بوستك» العدو لثمانية كيلوا مترات إلى أن وصل معسكر الجيش الإنجليزي في «كمشيش».
اقترب من «بول» فلاح أسمه سيد أحمد سعيد وأدرك حالته فيبدأ في تلاوة الشهادتين،ولكن بول يطلب منه الماء وعندما لا يفهم الكلام لجأ معه إلى لغة الإشارة، وأحضر له الفلاح الماء من الترعة، وفكر الإنجليزي في قذارة الماء وتساءل أليس عندهم فلتر؟، ويموت بعد شرب الماء.
ويقوم جنود المعسكر لنجده المحتجزين في القرية ولكنهم في الطريق يجدون زميلهم ميت، ويتصورون أن الفلاح قتله فطاردوه إلى أن سقط فانهالوا عليه بالسمكي ( السكين الموجود بمقدمه البندقية ) وقتلوه وهشموا رأسه.
ويندفع الجنود الإنجليز باتجاه القرية ويتم مهاجمه البيوت والأجران والحقول فقبضوا على ستون فردا نجح ثمانية في الهرب من رجال وشباب القرية واحتجزوهم داخل الجامع تمهيدا لمحاكمتهم .
ما إن وصلت أخبار الحادث إلى ولاة الأمور في منوف والقاهرة والإسكندرية وعرفوا أن ضابطاً قد قتل، وهو في الحقيقة مات متأثراً بضربة شمس، وأن هناك ضباطا قد جرحوا حتى قامت الدنيا وقرروا الانتقام قبل البدء في إجراء التحقيق.
تحقيق سريع
وجرى التحقيق سريعاً في الحادثة لأن ضابطاً مات من أثر ضربة شمس بعد هروبه من دنشواي، وأصر اللورد كرومر الغاضب جدا مما حدث لضباطه وأهانتهم وموت أحدهم والقبض على بقيتهم من أهالي القرية وصمم على الانتقام من أهل القرية وإلا سوف تكون العواقب وخيمة على مصر وفى يوم 20 يونيو 1906 أي قبل انقضاء سبعة أيام على وقوع الحادثة.
وشكلت محكمة مكونة من بطرس غالى وكان «وزير الحقانية بالنيابة» ،و المستر هبتر «المستشار القضائي»، و المستر بوند «وكيل محكمة الاستئناف الأهلية»، وقام لارلو «القائم بأعمال المحاماة والقضاء في جيش الاحتلال» احمد فتحى زغلول رئيس محكمة مصر الابتدائية ،عضو المحكمة وكاتب حيثيات الحكم،والمفاجئة أنه أخو الزعيم سعد زغلول.
بالإضافة إلى إبراهيم الهلباوي المحامى الذي عين من قبل المحكمة للدفاع عن المتهمين، ومن المؤسف أنه من المفروض أن يدافع عن المتهمين، بل كان يقوم بشرح أبعاد ما قام بها الأهالي ضد السادة الأفاضل ضباط الجيش الانجليزي وفى يوم 18 يونيو 1906 نصبت المشانق في مدينة دنشواي قبل صدور أية أحكام ضد الأهالي.
انعقدت المحكمة في يوم الأحد 24 يونيو بشبين الكوم وعين عثمان مرتضى رئيس أقلام وزارة الحقانية سكرتيراً للمحكمة، والهلباوى مدعياً عاماً،كان عدد المتهمين 52 قدموا مقبوضاً عليهم، وكان منهم سبعة من الغائبين.
استمرت المحاكمة ثلاثة أيام 24، 25، 26 يونيو، وفى صباح الأربعاء 27 يونيو، صدر الحكم الذي تلاه سكرتير الجلسة وكان يقضى بإدانة 21 متهماً، انتهت المحاكمة بالاتي : إعدام أربعه، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على أثنين، والأشغال الشاقة 15 عاما لواحد والأشغال الشاقة7 سنوات علي6 آخرين، والجلد50 جلدة بالقطة الإنجليزي ذات الأذرع الخمسة على 8 من أهل القرية، وأن يتم الإعدام والجلد بقرية دنشواي وأن يقوم مدير مديرية المنوفية بتنفيذ الحكم فوراً.
الحكم البشع
في تمام الساعة الثانية بعد ظهر يوم الخميس 28 يونيو جرى تنفيذ الحكم بوحشية غريبة، في نفس المكان الذي مات فيه الكابتن «بول» كان يتم شنق واحد ثم ينفذ الجلد في واحد وهكذا بالتناوب، والأهالي يشاهدون ما يجرى أمامهم حتى انتهت المجزرة.
ويذكر المؤرخون عن العقاب الإلهي لأعضاء المحكمة واللورد كرومر حيث تم نقله من مصر في مايو عام1907 بعد أن ظل مده ربع قرن كحاكم عسكري، أما بطرس غالى تم اغتياله بيد إبراهيم الوردانى احد رجال الحزب الوطني، احمد فتحي زغلول توفى 1914 بعد أن لاقى الأمرين من معامله الناس.
ويوم أراد بعض الأفاقين تكريمه في فندق «شبرد» قال احمد شوقي أبياته الشهيرة « إذا ما جمعتم أمركم وهممتم بتقديم شيء للوكيل ثمين .. خذوا حبل مشنوق بغير جريرة وسروال مجلود وقيد سجين.. ولا تعرضوا شعري عليه فحسبه من الشعر حكم قد خطه بيمين ولا تقرأوه في «شبرد» بل اقرءوه على ملأ من دنشواي حزين».
وتوفي إبراهيم الهلباوى عام 1940 بعد أن ذاق الذل والهوان والتصق به لقب جلاد دنشواي حتى مماته.
الزعيم الصغير
ووقت وقوع حادثة «دنشواي» الأليمة كان مصطفى كامل في باريس وكانت مصر حزينة واجمة،و وصف ذلك قاسم أمين في مقال جميل له، ولكن ما فعله مصطفى كامل في أوروبا حرك كل ساكن، كتب مقالاً في جريدة «الفيجارو» الفرنسية تحت عنوان«إلي الأمة الإنجليزية والعالم المتمدن».
وانتقلت الحملة إلى إنجلترا حيث كتب الكاتب الإنجليزي الشهير «ستيد» يطالب بمنح مصر استقلالها، وفى مواجهة الحملة،اضطر السير «إدوارد جراى» وزير خارجية إنجلترا في ذلك الوقت إلى التصريح يوم 5 يوليو 1906 في البرلمان بأن التعصب الديني الذي يسري في مصر كان السبب فيما وقع للجنود البريطانيين.
ووصل مصطفى كامل يوم 14 يوليو رغم مرضه الشديد ونصيحة الأطباء له بالراحة التامة إلى لندن وقابل رجال السياسة والصحافة.
ونشرت له جريدة «الديلى كرونكل» حديثاً له في عددها الصادر يوم 20 يوليو 1906 شرح فيه وجهة النظر المصرية ورد على دعاوى التعصب الديني وبرهن على تسامح المصريين الديني.
وقد أحدثت حملة مصطفى كامل تحولا في الرأي العام، وأقامت له يوم الثلاثاء 24 يوليو 1906 جمعية الوحدة الإسلامية الهندية حفلة لتكريمه بفندق «كرينزيون» حضرها عدد كبير من عظماء الشرق والغرب
و أقيم احتفال ثان يوم الخميس 26 يوليو 1906 في فندق «كارلتون» ولأن التعب نال منه اتجه من لندن إلى قيشى للاستشفاء ورحب به المصطافون، ولكنه ما إن رأى جريدة «الديلى جرافيك» الإنجليزية التي تزعم أن المصريين يريدون استبدال الحكم الإنجليزي بالحكم التركي حتى كتب مقالة كان عنوانها: «مصر للمصريين» رد فيها على هذه المزاعم.
رسم خريطة مصر
يرى خبراء سياسيون أن ما جرى في «دنشواي» ليس مجرد عدوان من قبل قوات إنجليزية محتلة على فلاحين عزل من السلاح، ولكنها حادثة هزت المجتمع المصري والعربي والإسلامي بل والعالمي وكانت مقدمة لثلاث حوادث سياسية كبرى أسهمت في رسم خريطة وطنية لمصر.
خرجت إلى النور رحم الحادثة فكرة إنشاء الجامعة الأهلية المصرية التي أصبحت جامعة القاهرة فيما بعد، ومنها نبتت فكرة إبعاد اللورد كرومر عن مصر وهو المندوب السامي البريطاني الذي كان يتصرف باعتباره باقيا إلى الأبد.
وأعتبر محللون سياسيون أن الحادثة بمثابة الشرارة الأولى التي تحولت إلى لهيب في ثورة 1919 التي قامت بعد الحادثة بحوالي ثلاثة عشر عاماً ، فضلا عن اهتزاز هيبة الأسد البريطاني الذي اضطر لمحاكمة المتهمين خارج القوانين وفرض عليهم عقوبات كانت بريطانيا قد ادعت إلغاءها ونفذت على مشهد من الجميع وكأن هناك رسالة مطلوب إيصالها إلى كل الناس إنها العقوبة التي تنفذ على طريقة «اضرب المربوط يخاف السايب».
حصاد دنشواي
ولم يقف النضال عن مصطفى كامل فقط، بل فكر محمد فريد في جمع التبرعات من أجل إقامة وليمة كبرى لمصطفى كامل عند عودته إلى مصر وتقديم هدية له.
وما أن علم مصطفى كامل بالمشروع حتى أرسل من باريس خطاباً بتاريخ 14 سبتمبر سنة 1906 إلى محمد فريد يعتذر فيه عن عدم قبول هذا التكريم.
وطلب أن تقوم اللجنة بدعوة الأمة إلى إنشاء جامعة أهلية، وأن تتحد الجهود من أجل هذا المشروع، وقد قوبل خطاب مصطفى كامل بالترحيب وبدأت الدعوة.
وفى صباح الاثنين 15 أكتوبر سنة 1906 وصل مصطفى كامل إلى الإسكندرية ومنها إلى العاصمة وقد استقبلته وفود من المصريين وقد كان من نتائج حادثة دنشواي أن اشتد ساعد الحركة الوطنية المصرية وزاد اهتمام الصحافة العالمية بالمسألة المصرية. وبدأت سياسة الاحتلال الإنجليزي في التغير.
ثم بدأ سعد زغلول وقاسم أمين وكانا مستشارين بمحكمة الاستئناف الدعوة في أكتوبر 1906 أي بعد حادث دنشواي بأربعة أشهر لتأسيس الجامعة الأهلية.
ومن نتائج حادث دنشواي تعيين سعد زغلول وزيراً للحقانية في 28 أكتوبر 1906، وفى العام التالي 1907 صدر القرار البريطاني بإعفاء اللورد كرومر من منصبه الذي طلب منه تقديم استقالته، وكان قد عين في هذا المنصب عام 1883 أي أنه بقى في منصبه أربعا وعشرين سنة.
ومن نتائج حادثة دنشواي أيضا تأسيس الحزب الوطني في عام 1907 وجعل شعاره الجلاء، والحزب كان موجوداً كأمر واقع من قبل.
كما تم تأسيس جريدتين يوميتين إحداهما بالفرنسية وهي «لتيندار اجيبسيان والثانية بالإنجليزية وهي«ذى إجيبسيان ستاندرد» وكان لدى الحزب قبل ذلك جريدة بالعربية هي جريدة «اللواء» اليومية.
قبل هذه الأحداث قال جمال الدين الأفغاني لو تحول الهنود إلى ضفادع لتمكنوا من جر الجزيرة البريطانية إلى أعماق البحار، وهى عبارة شديدة الأهمية،والمؤسف أن الذى أدرك مغزاها كان البريطانيون وليس الهنود، أما المصريون فقد استوعبوها ولكن بعد سنوات طويلة.
قتيل الشمس
وكان من الشعراء الذين حولوا مأساة دنشواي لقصائد شعرية، حافظ إبراهيم وأحمد شوقي وكل الشعراء المصريين والعرب الذين عاصروا هذه الواقعة.
في أكتوبر1906 كتب الشيخ علي يوسف رئيس تحرير جريدة «المؤيد» سلسلة مقالات يهاجم فيها اللورد كرومر عند عودته إلي مصر تحت عنوان« في قصر الدوبارة بعد يوم الأربعاء» والأربعاء هو يوم مأساة دنشواي.
وقال شاعر النيل حافظ إبراهيم: «قتيل الشمس أورثنا حياة.. وأيقظ هاجع القوم الرقود..فليت كرومر قد بات فينا..يطوق بالسلاسل كل جيد..لننزع هذه الأكفان عنا..ونبعث في العوالم من جديد».
وكتب قاسم أمين بعد الحادث: «رأيت عند كل شخص تقابلت معه قلبا مجروحا ورعشة عصبية في الأيدي وفي الأصوات..كان الحزن علي جميع الوجوه».
وأشعر الشاعر أحمد شوقي في دنشواي وقال :«يا دنشواي علي رباك سلام..ذهبت بأنس ربوعك الأيام.. يا ليت شعري في البروج حمائم..أم في البروج منية وحمام».
وجدير بالذكر أنه تم إنشاء متحف «دنشواي» عام 1963 على نفس الأرض التي وقعت عليها الحادثة تخليدًا وتكريمًا لشهداء حادثة دنشواي التي وقعت أحداثها.
ويمتاز متحف دنشواي بالتصميم التتابعي الحلزوني للطوابق كي يستطيع الزائر منذ دخوله أن يتعرف على قصة حادثة دنشواي منذ دخول الضباط الإنجليز القرية وحتى نهاية الحادثة.
ويتضمن المتحف مخطوطات خاصة بحادثة دنشواي التي وقعت في 13 يونيو عام 1906 ومجموعة من اللوحات التي أبدعها الفنانون بالإضافة إلى 6 صور فوتوغرافية تمثل بعض أحداث معركة دنشواي وقد حصل المتحف عليها من أحد المواطنين هدية, كما يوجد بالمتحف الآلات التاريخية التي استعملت في الزراعة في حينها مثل الشادوف والناعور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.