حالة من الترقب والحذر، تعيشها مصر قبل ساعات من انطلاق مظاهرات معارضة دعا لها إسلاميون، وسط تجهيزات أمنية وطبية، في القاهرة وكافة محافظات البلاد. وتشهد مصر "توترا" متزايدا تتناوله وسائل الإعلام المصرية، بسبب ما يسمونه "عنفا متوقعا" خلال تظاهرات مرتقبة الجمعة المقبلة 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، التي دعت إليها الجبهة السلفية، إحدى مكونات التحالف الداعم للرئيس المصري المعزول محمد مرسي مطلع الشهر الجاري. وقال بيان لمجلس الوزراء، صدر اليوم الخميس، إن إبراهيم محلب، رئيس الحكومة، "سيتفقد الأوضاع الأمنية بكل المحافظات من خلال مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، للوقوف على الإجراءات التي تتم من أجل تأمين كل المرافق الحيوية فى ظل الدعوات للتظاهر" بعد صلاة فجر غدا. وعلى الصعيد الأمني، قال المتحدث باسم الجيش المصري، العميد محمد سمير، إن "عناصر من القوات المسلحة والشرطة العسكرية والقوات الخاصة وقوات التدخل السريع بدأت فى الانتشار فى جميع المحافظات بما فيها القاهرةوالجيزة (وسط)، بدفع وحدات لتأمين المنشآت العامة والأهداف الحيوية، بالإضافة إلى دوريات ثابتة ومتحركة". وشاهد مراسل الأناضول، تحليق مروحيات على ارتفاعات منخفضة فوق الميادين الرئيسية بالقاهرةوالجيزة، مع انتشار مكثف للجيش في الشوارع الرئيسية، في الوقت الذي أعلنت سلطات مطار القاهرة الدولي (شرقي العاصمة)، تعزيز إجراءات الأمن وتشديد الحراسات بكافة مداخل ومخارج مباني المطار. وفي الإسكندرية (شمال)، قال اللواء أمين عز الدين، مدير أمن المحافظة، إنهم نشروا "قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات بالميادين الرئيسية، مع تطبيق أحدث الأساليب العلمية في التعامل مع الأجسام المشتبه فيها ومواجهة أية أعمال شغب". وفي بني سويف (وسط)، "عززت قوات الأمن من تواجدها في الشوارع والميادين الرئيسية"، وهو ما تكرر في محافظاتالفيوموالمنيا (وسط)، وسوهاج والوادي الجديد والبحر الأحمر والأقصر وأسوان (جنوب)، وبورسعيد والإسماعيلية والسويس (شمال شرق)، والشرقية ودمياط والمنوفية والغربية (دلتا النيل/ شمال)، حسب مراسلي الأناضول. وعلي الصعيد الطبي، أعلن عادل عدوي، وزير الصحة المصري، أن الوزارة "ستدفع ب2673 سيارة إسعاف موزعة على جميع محافظات الجمهورية لتأمين المظاهرات، منها 488 سيارة إسعاف بالقاهرة الكبرى وحدها"، حسب بيان حصلت "الأناضول" على نسخة منه. في الوقت الذي أعلنت فيه مديريات الصحة بالمحافظات المختلفة رفع حالة الاستعداد القصوى، وإلغاء اجازات الأطباء وفريق التمريض، وفق تصريحات لمسؤولين بالصحة بالمحافظات ل"الأناضول". فيما قال مصادر كنسية، بمحافظتي المنيا (وسط) وأسيوط (جنوب)، أنه تم "إلغاء القداس وكافة الاجتماعات الكنسية والاجتماعية للشباب والكهنة داخل الكنائس، حتى إشعار أخر، بالإضافة إلى إغلاق الدراسة داخل كليات اللاهوت". من جانبها، أعلنت اللجنة التنسيقية ل"انتفاضة الشباب المسلم"، المنظمة لتظاهرات الجبهة السلفية، إلى احتشاد في صلاة الفجر بجميع المساجد، للصلاة فقط دون أي تظاهر أو شعارات في كل ربوع مصر"، مضيفة: "يخرج المصلون بعد صلاة الجمعة من جميع مساجد الجمهورية". وقال بيان التنسيقية: "غدا الجمعة، هو بداية الموجة الثورية الأولى، مع احتمال مناشدة الناس للبقاء في الشوارع". وحذرت اللجنة، من الاقتراب من المنشآت العامة أو الخاصة، ورفع أي شعارات أو صور أو هتافات ذات دلالة سياسية مختلفة عن توجيهات الانتفاضة (الهوية الإسلامية - رفض التبعية لأمريكا- إسقاط حكم العسكر)". ودعا البيان إلى "رايات التوحيد البيضاء والمصاحف، وحرق الاعلام الامريكية والصهيونية بكثافة لم تشهدها مصر من قبل"، مشيرة إلى أنه "لو سالت الدماء بيد الظالمين سنندب الناس لتصعيد ثوري حضاري يوقف العدوان". وفي بيان لها، اليوم الخميس، قالت الجبهة السلفية إن "نداءات مخلصة وأخرى خائفة وثالثة مغرضة، طالبتهم بتأجيل فعاليتهم غدا، باعتبار أن فكرة التأجيل مفيدة من حيث إدارة الصراع بشكل احترافي وبأقل خسائر، إلا انهم رفضوا هذه الدعاوى خوفا من الإحباط في صفوف الشباب، واستمرار رفع قضية الهوية وراية الشريعة". وأضاف البيان أن "التأجيل سيبدو كاستجابة للتهديد بمجازر، ونجاح مخططه هذا فى إرهابنا، وإرهاب الناس، مما يدفعه لتكرارها ضد أي حراك آخر، كما أنه لن يوقف سيناريو العنف". كما أن هشام كمال، المتحدث باسم الجبهة السلفية، توعد بخروج الملايين، الجمعة، محذرا في بيان له اليوم، من "اندساس قوات أمن بزي مدني بين صفوف المتظاهرين لتشوية الانتفاضة". لافتة إلى "عقد دورات تدريبية لقيادات المسيرات تضمنت دراسات في حرب العنف والشوارع في مختلف الثورات دول العالم". دعا "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد للرئيس الأسبق، محمد مرسي، الشعب المصري إلى انفاذ الحراك الذي دعا اليه التحالف في أسبوع "الله اكبر.. ايد واحدة" مع الحيطة والحذر، واستكمال المسار الثوري بوحدة صف، محذرا قوات الشرطة والجيش من تكرار أي سيناريو دموي جديد، وفق بيان أيضا. وكان مصدر بجماعة الإخوان المسلمين، قد قال في وقت سابق للأناضول، إن "توجيهات صدرت إلى أفراد الجماعة وقواعدها بالمحافظات المختلفة، بالخروج، غدا الجمعة، في مسيرات عادية، كتلك التي تخرج أسبوعيا، دون إقامة فاعليات خاصة لمظاهرات 28 نوفمبر(تشرين الثاني)، التي دعت لها الجبهة السلفية". كما شهدت محافظات مصرية، مظاهرات عشية جمعة 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، وفق مراسلي الأناضول، حيث تظاهر العشرات من حركة "شباب ضد الانقلاب"، المؤيدة لمرسي، أمام المحكمة الدستورية العليا بالمعادي (جنوبيالقاهرة)، مرددين هتافات تطالب ب"إسقاط" السلطات الحالية. كما نظم أنصار لمرسي مظاهرات في الجيزةوالإسكندرية (شمال)، وبني سويف والمنيا (وسط)، والغربية والشرقية والدقهلية (دلتا النيل/ شمال). وفي المقابل، دعت حركة "شركاء من أجل الوطن" المؤيدة للسلطات الحالية، المصريين في بيان، اليوم، إلى عدم النزول من البيوت غدا الجمعة، وعدم التحرك فى شوارع القاهرة خوفا عليهم من المظاهرات. في الوقت الذي دعا فيه الأزهر الشريف في بيان له اليوم، كافة المواطنين إلى "اليقظة والحذر من المكائد والدسائس التي يحاول أعضاء الوطن الترويج لها، من خلال الدعوة إلى رفع المصاحف". وفي 3 يوليو/ تموز من العام الماضي، أطاح قادة الجيش، بمشاركة قوى دينية وسياسية، بالرئيس الأسبق محمد مرسي، في خطوة يعتبرها أنصاره "انقلابا عسكريا" ويراها المناهضون له "ثورة شعبية". ومنذ ذلك التاريخ، ينظم التحالف الداعم لمرسي، فعاليات منددة بعزله، ومطالبة بعودة ما أسموه ب"الشرعية"، المتمثلة في عودة الرئيس المنتخب، في إشارة إلى مرسي، إلى الحكم، وهي المظاهرات التي شهدت في أحيان كثيرة تفريق من قوات الأمن أوقعت قتلى ومصابين.