غيبت مسيرات الشوارع الجانبية، على ما يبدو، مدرعات الجيش عن الميادين الكبرى في محافظات مصرية، والتي لم تعد هدفا للمتظاهرين، وذلك لأول مرة في يوم الجمعة منذ شهر يونيو 2013، الذي شهد تظاهرات حاشدة قادت إلى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم، في 3 يوليو من العام ذاته. وانتقلت احتجاجات أنصار مرسي في الفترة الأخيرة إلى الشوارع الجانبية بعد أن أصبح الأمن يواجه المظاهرات التي تستهدف الميادين بحزم وقوة، تطبيقا لقانون التظاهر الذي يمنع أي مظاهرة لا تحصل على تصريح. ورصد مراسلوا الأناضول في محافظاتالقاهرة و السويس "شرق القاهرة" والاسكندرية "شمال"، اليوم الجمعة، غياب مدرعات الجيش عن الميادين، فيما تواجدت مدرعات تابعة للشرطة على مقربة منها. وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في 28 أكتوبر الماضي، قرارا جمهوريا بقانون يسرى لمدة عامين فقط، يلزم قوات الجيش مشاركة جهاز الشرطة في حماية وتأمين المنشآت العامة والحيوية بالدولة. ودرج مرتادوا منطقة وسط القاهرة، يوم الجمعة، من كل أسبوع على مشاهدة مدرعات الجيش في منطقة قريبة من ميدان التحرير، الميدان الرئيسي الذي شهد احتجاجات حاشدة قادت إلى تنحي حسني مبارك عن الحكم في 2011 وعزل محمد مرسي من قبل الجيش في 2013، غير أنها اختفت هذا الأسبوع، وبدا المشهد في الميدان طبيعيا. فيما شاهد مراسل الأناضول مدرعات تابعة للشرطة على مقربة من الميدان استعدادا لإغلاقه، حال استهدافه من قبل مسيرات يدعو لها "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيد لمرسي كل يوم جمعة. وأصبح يوم الجمعة هو اليوم المفضل لأي دعوه للتظاهر منذ 28 يناير 2011، إبان أحداث ثورة 25 يناير 2011، التي قادت إلى تنحر مبارك عن الحكم، عندما نجح المتظاهرون في اقتحام ميدان التحرير، بوسط القاهرة، والميادين الرئيسية بكل محافظة، فيما عرف حينها بيوم: "جمعة الغضب". وقبيل احتجاجات 30 يونيو 2013، التي قادت لعزل مرسي، نزلت قوات ومدرعات الجيش إلى المحافظات بهدف تأمين الميادين والمنشآت الحيوية، حسب ما جاء بيانات للجيش حينها. الحال لم يختلف كثيرا في ميدان رابعة العدوية، شرقي القاهرة، وهو الميدان الرئيسي الذي شهد اعتصام مؤيدي الرئيس الأسبق محمد مرسي خلال الفترة من 28 يونيو 2013 وحتى 14 أغسطس 2014؛ فعلى الرغم من رمزية الميدان بالنسبة لمؤيدي الرئيس الأسبق، إلا أن مدرعات الجيش كانت، اليوم، غائبة عن المكان، بينما تواجدت مدرعات الشرطة بالقرب منه. وتكرر المشهد في محافظة السويس "شرق القاهرة"، واقتصر تواجد قوات الجيش أمام المنشآت الحيوية، وأصبحت مهمة تأمين الميادين الكبرى تابعة للشرطة فقط. وشاهد مراسل وكالة الأناضول، قوات تابعة للشرطة على مقربة من ميدان الأربعين بالسويس" الميدان الرئيسي الذي تستهدفه التظاهرات"، فيما يتم تسيير دوريات أمنية تجوب شوارع السويس للتصدي لأي مظاهرة غير حاصلة علي موافقة مسبقة، وفق اشتراطات قانون التظاهر. ومحافظة السويس من المحافظات التي تشتهر بنشاط في التظاهر، ويعزي البعض تمكن ثورة 25 يناير 2011 من الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، إلى حالة الغضب التي سيطرت على المتظاهرين ابان جمعة الغضب في 28 يناير 2011 بعد أن شهدت هذه المحافظة مقتل أول متظاهر خلال الثورة. وتقدم محافظة الإسكندرية "شمال" سببا آخر لغياب قوات الجيش عن الميادين، والاكتفاء بتواجد شرطي قريب من الميادين. ويقول مراسل الأناضول، نقلا عن شخصيات اعتادت المشاركة في مظاهرات أنصار مرسي، إنهم أصبحوا يتجنبون تلك الميادين؛ خوفا من الاحتكاك مع من أسماهم ب "البلطجية". والبلطجية، هو مصطلح مصري يطلق على أشخاص اعتادوا استخدام العنف منهجا في حياتهم، ويردد دوما أنصار مرسي، أن الأمن يستخدمهم لمقاومة المتظاهرين، فيما تصفهم بعض وسائل الإعلام ب "الأهالي". ويعد ميدان "القائد إبراهيم" بمحافظة الاسكندرية من أبرز الميادين التي اشتهرت في ثورة 25 يناير 2011، غير أن هذا الميدان وميادين أخرى في المحافظة بينها ساحة مسجد سيدى بشر وميدان الشهداء بمنطقة محطة مصر وميدان الساعة وميدان السيوف شهدوا في وقت سابق حالات من الكر والفر بين هؤلاء والمتظاهرين، وهو ما دفع تحالف دعم الشرعية إلى تجنب الاحتكاك معهم، حتى لا يضيفوا إليهم عبئا جديدا، إلى جانب عبء مواجهة الأمن، حسب ما أفاد به مصدر بتحالف دعم الشرعية ل"الأناضول"، طالبا عدم نشر اسمه. وأضاف المصدر أن المسيرات أصبحت مقتصرة في معظمها على الشوارع الداخلية لصعوبة وصول قوات الأمن إليها، إضافة إلى أنها عادة ما يكون المشاركين فيها من أهالي نفس المنطقة والمناطق المجاورة لها. في السياق، قال مصدر أمني مسؤول إن خطط تأمين الميادين والمنشآت العامة تتم بالتنسيق بين قوات الجيش والشرطة بشكل دائم. وأوضح في تصريح ل"الأناضول"، مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن تواجد تلك القوات يكون وفقا لمتطلبات الحالة الأمنية التي يتم حسمها بناءً على المعلومات التى ترد إلى الأجهزة الأمنية، لافتا إلى أنه من الوارد وجود قوات الشرطة وحدها فى أماكن معينة، وإذا استدعت الحاجة يتم الاستعانة بقوات الجيش لمعاونة الشرطة.