أكد قضاء وخبراء قانون، أن هناك "ثغرات" في القانون المصري تتيح للمتهمين بقتل المتظاهرين الحصول على البراءة، في ظل عدم توصيف لتلك الجرائم بالقانون المصري، مقترحي عوضًا عن ذلك أن تتم محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه المتهمين بقتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير من خلال توقيع مصر على الاتفاقية الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، أو وفق "قانون الغدر" الذي وضع في أعقاب ثورة 1952 وينص علي عدة أفعال يعد مرتكبها مستحقًا للعقاب بجريمة الغدر بالوطن. وقال ناصر أمين، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة لبرنامج "ناس بوك" على فضائية "روتانا مصرية"، إن هناك ثغرات في القانون المصري تضمن البراءة لقتلة المتظاهرين، منتقدًا قانون العقوبات الذي وصفه ب "الفقير"، قائلاً إنه تم صياغته قبل أن يعرف العالم جرائم القتل الجماعي المنظم. وأضاف إن أوامر الإحالة إلى محكمة الجنايات لا تخرج عن التشريعات المصرية التي لا تعرف توصيف جريمة تتعلق بالهجوم المنظم على المتظاهرين، والحل- كما يرى- تصديق مصر على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، لأن هذه الاتفاقية توصف الجرائم ضد الإنسانية، وتعتبر الهجوم على المتظاهرين إحداها، وتكتفي بإثبات نية الهجوم المنظم على مدنيين عزل. وأضاف أن العقوبات قد لا تصل إلى الإعدام، لكنها تحقق العدل على الأقل وتضمن عدم إفلات القتلة. وهو الاقتراح الذي أثنى عليه الرأي المستشار عصام عبد الجبار، نائب رئيس محكمة النقض، لكنه أكد أنه يتعين أولاً تصديق مصر على اتفاقية روما، موضحًا أنه بتصديق المجلس العسكري على هذه الاتفاقية تجعل مواد الاتفاقية الجنائية الدولية ضمن قانون العقوبات المصري مباشرة، ويستطيع القاضي أن يكون جزء من المحكمة الجنائية الدولية، وفي هذه الحالة القضاء الدولي ينقذنا من ثغرات القانون المصري ومواده الفقيرة التي تضمن البراءة لهؤلاء القتلة. واقترح إلى جانب ذلك حلولاً أخرى لمحاكمة المتهمين بقتل المتظاهرين من بينها استدعاء "قانون الغدر"، داعيًا المجلس العسكري للنظر في القانون المذكور الذي صدر في عام 1952 خلال عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وقال: أطالب بمراجعة قانون الغدر لمحاكمة كل من أفسد في الحياة السياسية. وقال إن هذا الحل، سواء باسترجاع "قانون الغدر"، أو باللجوء للاتفاقية الجنائية الدولية يضمن عدم إفلات القتلة ويوفر على القاضي كل أسباب تحقيق العدالة، لأن العدالة ستغيب سواء اكتفى القاضي بالتشريعات المصرية أو تأثر في حكمه بصوت الشارع وهدير الثورة. في حين رأى المستشار محمد صلاح القاضي بمجلس الدولة، والذي أعد أطروحة دكتوراه حول المسئولية الجنائية للقادة ورؤساء الدول، أن ما حدث بميدان التحرير أيام الثورة يعد "جرائم ضد الإنسانية"، وهذه الجرائم لها شروط ومواصفات تحكمها، أولها أن تكون على نطاق واسع وبشكل منظم وليس عشوائيًا، وأن تستهدف مدنيين. وقال إن كل ذلك حدث بالفعل خلال المظاهرات التي سبقت الإطاحة بالنظام السابق بميدان التحرير، بالإضافة إلى "التعذيب المنهجي" الذي شهده عهد مبارك، وبالتالي لابد أن يحاكم على ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية، لكن أولاً ينبغي أن تصدق مصر على اتفاقية روما. لكن الناشط الحقوقي الدكتور أمير سالم أبدى اعتراضه، وقال: "لو انتظرنا اتفاقية روما وإجراءات التصديق عليها ستمضي سنوات وسنوات بدون محاكمة هؤلاء المتهمين ولن تتحمل أسر الشهداء هذه السنين". وأكد أنه سيكون حزينا لو عوقب مبارك وفق أحكام قانون غير القانون المصري، ونفى أن يكون القانون المصري للعقوبات عقيمًا أو فقيرًا أو به ثغرات تضمن البراءة للمتهمين بقتل الثوار. وقال إنه بهذا القانون مواد تحاكم هؤلاء جميعًا عن كل جريمة اقترفوها بحق الشعب المصري من سلب ونهب للممتلكات الدولة وقتل لأبنائه، بل ويتضمن مواد خاصة تنص على عقوبات بحق من أفسد الحياة السياسية، مثل تزوير الانتخابات وترويع الناس. وتساءل: فلماذا نلجأ إذًا للاتفاقية الجنائية الدولية، أو حتى لقانون الغدر الذي صدر في عهد جمال عبد لناصر وكان صدوره للانتقام ولتصفية حسابات؟، مضيفًا: سأكون حزينًا لو تم استدعاء هذا القانون في محاكمة مبارك وأعوانه، لأنه يضرب المبادئ الدستورية كلها. وأكد سالم أن قانون العقوبات المصري يتضمن عقوبات لكل من اختلس المال العام أو اعتدى عليه، وبالتالي به يتضمن نفس مواد قانون الغدر لكن بشكل دستوري وشرعي. وقال إنه يريد الدفاع عن دولة القانون كي لا تهتز ثقة الناس به، "لا نريد قوانين المحكمة الجنائية ولا قانون الغدر ولا قانون محاكمة الوزراء نحن نريد محاكمتهم من خلال القانون المصري للعقوبات حفاظاً على هيبة الدولة".