انتهاء اليوم السابع من تلقي أوراق الترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    مصر تستعد لطرح مزايدة عالمية للبحث عن البترول والغاز بالبحر الأحمر    عاجل- "كريتيفا".. مبادرة وطنية لتأهيل الشباب ودعم ريادة الأعمال وتعزيز الاقتصاد الرقمي في المحافظات    مدبولي يتابع الموقف التنفيذي لأعمال تطوير ورفع كفاءة بحيرة البردويل    CNN تشيد بعدد الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ للسلام    بث مباشر beIN SPORTS HD لمتابعة مبارة قطر والامارات اليوم    ضبط 8.6 طن لحوم ودواجن فاسدة خلال حملات بأوسيم وكرداسة والعجوزة    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    غدا.. فرقة النيل للموسيقى تختتم فعاليات معرض الزمالك الأول للكتاب    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    أرقام تفصيلية.. إطلاق سراح 3985 أسيرا فلسطينيا خلال صفقات التبادل    التخطيط: استضافة مصر للأكاديمية الإقليمية للقيادة خطوة جديدة لترسيخ دورها الإقليمي كمركز للمعرفة    محمود مسلم: قمة شرم الشيخ تمهد لسلام واستقرار الشرق الأوسط.. وحماس لن يكون لها تواجد سياسي في غزة    نجم الزمالك السابق: فيريرا لا يجيد قراءة المباريات    سليمان: صفقة بيزيرا أغلى من أي لاعب في الزمالك آخر 5 سنوات    كريس عبود المدير العام لشركة بيتي إحدى شركات المراعى يكشف رحلة الاستدامة    تأجيل محاكمة 73 متهما بقضية خلية اللجان النوعية بالتجمع لجلسة 24 نوفمبر    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل أسيوط ل5 أطفال    اتهام سيدة بالاعتداء على عدد من المعلمين داخل مدرسة بعد فصل نجلها بأكتوبر    تشغيل عدد من الرحلات المخصوصة من وإلى طنطا الجمعة المقبلة    بدء أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام برئاسة المهندس خالد عبدالعزيز    «منتصف النهار» يبرز الإشادات الدولية بدور مصر في وقف الحرب على غزة    الصور الأولى لمحمد إمام من كواليس تصوير شمس الزناتي 2    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام فى المنطقة ودرع منيع للحق والعدالة    نادي أدب البادية يواصل فعالياته في بئر العبد في شمال سيناء    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    ما حكم إخراج الزكاة في عمل تسقيف البيوت؟    الخارجية الفرنسية تعرب عن تقدير باريس لدور مصر المحورى فى اتفاق شرم الشيخ    وزارة الصحة: فحص 94 مليون مواطن للكشف عن الأمراض غير السارية وفيروس سى    وزير الصحة: فحص أكثر من 94 مليون مواطن للكشف عن الأمراض غير السارية وفيروس سي    وزيرا الري والإسكان ومحافظ دمياط يشهدون ورشة عمل إطلاق الخطة المتكاملة للمناطق الساحلية    رئيس وزراء بريطانيا: لا يمكن ضمان أمن إسرائيل ومستقبل غزة دون نزع سلاح حماس    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    تصالح بعد حادث مروري بين دراجة نارية وسيارة المطربة رحمة عصام في الجيزة    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    «الحرب الكيميائية» توقع بروتوكول تعاون مع هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء    حقيقة تأجيل «القائمة الوطنية من أجل مصر» التقدم بأوراق ترشحها للانتخابات (خاص)    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    وزير الري يبحث مع مدير المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي حوكمة إدارة المياه ورفع كفاءة الاستخدام    إيمان كريم: بروتوكول التعاون مع "قضايا الدولة" يعزز دعم ذوي الإعاقة    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    جامعة بني سويف تشارك في مؤتمر فيينا لدعم الحفاظ على التراث الثقافي    المرجان ب240 جنيهًا.. قائمة أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    صحيفة إسبانية: شرم الشيخ لؤلؤة سيناء تتألق كعاصمة للسلام وتخطف أنظار العالم    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    حماس توضح أسباب تسليم عدد أقل من جثامين الرهائن وتؤكد: «القيود الميدانية خارجة عن الإرادة»    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    رئيس المجلس الأوروبي: تخصيص 1.6 مليار يورو لدعم السلطة الفلسطينية خلال العامين المقبلين    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذين ضللونا .. والذين خذلونا !
نشر في المصريون يوم 15 - 11 - 2014

أشعر مثل ملايين المصريين بالقرف والغضب والإحباط بعد انتشار الفيديو الذي بثه تنظيم "بيت المقدس" على شبكة الانترنت صباح اليوم عن عملية "كرم القواديس" ، وقد قررنا في المصريون الامتناع عن بث الفيديو ، ليس فقط لأنه مهين ، وإنما أيضا احتراما لدماء الشهداء ومشاعر أسرهم ، ولكن تلك العملية وما سبقها وما لحقها لا يمكن السكوت عليها ، لا بد من مراجعة شاملة لكل ما قيل لنا عبر قيادات رسمية وعبر خبراء استراتيجيين وعبر الإعلام الرسمي والإعلام الخاص ، لا بد من مساءلة كل من قال لنا أن الإرهاب لن ينجح في أن يهز شعرة في رأس الوطن ، ولا بد من محاسبة أولئك "الخبراء" المعروفين بالاسم والمقربين من الأجهزة الرسمية والذين كانوا يسارعون في كل مرة ليظهروا عبر شاشات الفضائيات ليقولوا لنا أن العملية الإرهابية هي إعلان يأس من الإرهابيين ، وأن الإرهاب يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وبعد كل تصريح نفاجأ بعملية إرهابية أكثر خطورة ووحشية مما سبقها ، حتى بدأنا نفاجأ بعمليات إرهابية في عرض البحر وعلى بعد أربعين ميلا من سواحل البلاد .
يوم الأربعاء 24 يوليو من العام الماضي 2013 ، وجه الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، وزير الدفاع وقتها والقائد العام للقوات المسلحة ، نداءا للشعب المصري بتفويضه لمواجهة مخاطر إرهابية محتملة ، وقال في كلمته : «أنا بصراحة بطلب من المصريين يوم الجمعة الجاية، لابد من نزول كل المصريين الشرفاء الأمناء، ينزلوا ليه؟ ينزلوا عشان يدوني تفويض وأمر بإني أواجه العنف والإرهاب المحتمل، أنا عمري ما طلبت منكم حاجة، وماليش إني أطلب منكم حاجة» ، ورغم أن مواجهة العنف والإرهاب هي مسؤولية بموجب الدستور والقانون ولا تحتاج لتفويض جماهيري أساسا ، ومع ذلك نزلت حشود من المصريين في الجمعة المذكورة وأبدت القيادة ابتهاجها بنجاح التفويض ، ومن يوم التفويض وعلى مدار عام ونصف تقريبا وقد وقعت سلسلة انتكاسات مروعة ، حيث كانت مذبحة رفح الثانية والتي راح ضحيتها 22 شهيدا من أبناء القوات المسلحة ، ثم وقعت فاجعة إسقاط الطائرة المروحية وراح ضحيتها خمسة من الشهداء ، ثم تفجير مديرية أمن جنوب سيناء ثم تفجير مديرية أمن الدقهلية وفي كليهما وقع ضحايا بالعشرات ، ثم وقعت مذبحة الفرافرة وراح ضحيتها قرابة 22 شهيدا من أبناء القوات المسلحة ، ثم وقعت مذبحة كرم القواديس وكانت الأكثر دموية ووحشية وراح ضحيتها قرابة 30 شهيدا ، ثم فوجئنا بعملية ساحل دمياط في عمق البحر والتي لا نعرف حتى الآن عدد ضحاياها بالضبط ولا تفاصيلها ، وإن كان البيان الرسمي يتحدث عن فقدان ثمانية من رجال البحرية ، سلسلة ممتدة ومتواصلة ، رغم أن التفويض الذي حصل عليه السيسي كان من أكثر من عام وأربعة أشهر ، يتحدث فيه عن "إرهاب محتمل" ولم يتوقف الإرهاب بل تزايد وتعاظم خطره ، وفي كل مرة كانوا يقولون لنا أن الأمور تحت السيطرة وأن الإرهاب يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وكان وزير الداخلية يتباهى أمام الميكروفونات بأن مديريات الأمن وأقسام الشرطة محصنة بالمدفعية الثقيلة والآر بي جيه ، وقال عبارته الشهيرة "اللي عايز يجرب يقرب" ، وقد استجاب له الإرهابيون بعد ثلاث ليالي فقط ففجروا له مديرية أمن العاصمة !
خلال هذه المرحلة كلها ، دفع المصريون ثمنا غير قليل من حريتهم وحقوقهم ، فوضعت القوانين التي تمنع التظاهر السلمي رغم أنف الدستور وعوملت المظاهرات بقسوة مفرطة وسال دم الشباب من كل التيارات ، إسلامي ويساري وليبرالي ، على الأسفلت كما دخل مئات آخرون في غيابات السجون على تلك الخلفية حتى أصبح ملف مصر في حقوق الإنسان مثار استياء عالمي متكرر ، واقتحمت الجامعات في مسلسل شبه يومي وضرب الطلاب بالذخيرة الحية والخرطوش والغاز ، وأعلنت حالة الطوارئ في سيناء وهدمت بيوت المواطنين في رفح وتم تهجير مئات الأسر ، وبعدها استمر الإرهاب هناك وحصد أرواح المزيد من أبنائنا الجنود والضباط ، وبدا الأمر كما لو كانت المعادلة طردية بين تزايد إجراءات القمع والحصار الاستثنائية وبين تزايد أعمال العنف والإرهاب ، فكلما زادت الإجراءات الاستثنائية كلما زاد الإرهاب وتطور بوحشيته ، وما زال المستقبل مفتوحا على المجهول .
متى يعترف المسؤول بأنه أخطأ ، متى يعترف بأنه أساء التقدير ، متى يعترف بأن المسار الذي انتهجه خاطئ وأن الحل ليس في المزيد من القمع والحصار والتهجير والسجون والملاحقات والإجراءات الاستثنائية ، وأن الحل هو في توحيد الوطن ، كل الوطن ، خلف معركة مصير ، وليس بتعزيز انقسام الوطن وصناعة كراهية وعداءات مجانية بين أبنائه ، متى نتعلم أن الهجمة الإرهابية في شمال سيناء لن يكون علاجها بقمع مظاهرات الطلبة في جامعة القاهرة ، وأن تطوير الإرهاب لأساليبه كما جرى في بحر دمياط لا يكون علاجه بتعزيز الحصار على نشطاء 6 أبريل في شوارع العاصمة وميدان طلعت حرب ووضع رموزهم في السجون ، وأن وضوح تزايد قدرات الإرهابيين في سيناء يستدعي أن تكون أولوية التدريب والتطوير والتسليح والدعم لجنودنا وضباطنا الذين يواجهون الإرهاب وليس لقوات مكافحة الشغب والمظاهرات ، متى نعترف بأن قهر الإرهاب والانتصار عليه يكون باستراتيجيات للتنمية والإصلاح السياسي والقانوني والإنساني وليس بخطط التوسع في بناء السجون الجديدة لاستيعاب أفواج أخرى من المعارضين المحتملين ، متى نعترف بأن الدولة لن تفلح في حربها على الإرهاب إذا استمر قلق "الرئيس الحائر" بين اهتزاز ولائه لثورة يناير وقيمها وجيلها وأشواقها ، وبين انجذابه إلى "نموذج" دولة مبارك بموازناتها وأدواتها وسياساتها وأجهزتها ، متى نتعلم الدروس من تجارب الآخرين الدموية من حولنا ، متى نعترف بأن القذافي لم يكن ينقصه أجهزة أمن قمعية وأجهزة استخبارات مروعة وإعلام يطبل له في الداخل والخارج، وقوانين استثنائية ، بل بلا قوانين أساسا ، متى نعترف بأن بشار الأسد لم يكن يملك جيشا ضعيفا ، ولا ينقصه أجهزة استخبارات أكثر من الهم على القلب وتملك قدرات مروعة ووحشية ولم يكن يفتقر إلى دعم مالي وسياسي وعسكري إقليمي ودولي من متعاطفين مع نظامه ولم يكن يحتاج إلى قوانين جديدة لأنه حكم طوال عهده وعهد أبيه بالقوانين الاستثنائية وحالة الطوارئ ، ومع ذلك انتهى ببلاده إلى ما نعرف .
لم يفلت من أيدينا طريق الإصلاح والإنقاذ بعد ، وما زالت مصر قادرة على دحر الإرهاب وتجفيف منابعه ، ولكن علينا الاعتراف بأن المزيد من الإجراءات الاستثنائية التي يضار منها ملايين المواطنين العاديين الذين هم ليسوا جزءا من المعركة يعني المزيد من ضخ وقود الحياة للمنظمات الإرهابية تتغذى عليه وتجذب به المزيد من الأعضاء والموالين والمؤيدين الناقمين من الإجراءات الاستثنائية وآثارها والمزيد من الدعم المادي والمعنوي والفكري والسياسي ، علينا الاعتراف بأن هزيمة الإرهاب لن تكون عبر الجعجعة الإعلامية التي يمارسها "خبراء الزور" ولا إعلاميو البهلوانات ولا فهلوة المسؤولين ولا أغاني حسين الجسمي ، علينا الاعتراف بأن هزيمة الإرهاب لن تكون عبر أجهزة وأدوات وقوانين وصل بها الغثاثة والتفاهة أن تشغل الدولة بالحرب على روابط مشجعي كرة القدم وخناقاتهم مع رئيس ناديهم وهل نصنفهم تنظيمات إرهابية "مثل داعش" أم مجرد مجرمين عاديين ، علينا الاعتراف بأن الانتصار على الإرهاب لا يمكن في ظل سياسات منحازة للغة القمع والترويع وصناعة الكراهية والتمزق الوطني ، وسياسات اقتصادية تنحاز لحيتان عصر مبارك المهيمنين حاليا على البيزنس والبورصة والإعلام على حساب ملايين المصريين الحالمين بالعدالة الاجتماعية الموعودة ، علينا الاعتراف بأن مواجهة الإرهاب لا تنجح إلا بمنظومة إصلاح شامل ، تعيد وحدة النسيج الوطني الصلبة ، وتقنع الجميع بأنهم شركاء في صناعة حاضر الوطن ومستقبله ، وشركاء في المسؤولية ، وبالتالي شركاء في معاركه ، منظومة ترسخ قيم العدالة والإنسانية والديمقراطية في المجتمع ، وهي القيم التي تميز الدولة كدولة عن التنظيمات الخارجة عليها ، فالدولة لن تنتصر في معركة السلاح إلا إذا انتصرت في معركة الأخلاق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.