محافظ بورسعيد يوجه بتوفير 100 مروحة كهربائية داخل الفصول بإحدى مدارس الضواحي    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 بمحافظة بورسعيد    بتكلفة 28.7.. وزير التعليم ومحافظ الشرقية يفتتحان مدرسة فوزي الدهشوري ببلبيس    بسهولة من بيتك.. الأزهر يمدد إتاحة التسجيل الإلكتروني للطلاب    رئيس جامعة الإسكندرية يؤكد دعم الطلاب غير القادرين وذوي الهمم    إدراج 118 عالماً من جامعة القاهرة ضمن قائمة أفضل علماء العالم    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الثلاثاء بارتفاع    أسعار البيض اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يبحث مع مسؤولى كبرى الشركات الأمريكية التوسع فى استثماراتها فى مجال التعهيد فى مصر    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 23 يوليو 2025    كامل الوزير: إعداد دراسة لوضع آليات لحماية الأتوبيسات المصنعة محلياً    تصدير 24 ألف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    وزير الإسكان يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة التنمية السياحية لمتابعة خريطة الاستثمار    «غضب أمريكي إسرائيلي واحتفالات بأوروبا».. ردود الفعل على الاعتراف الفرنسي بفلسطين    المفوضية الأوروبية تعلن خطة خاصة لإعادة إعمار غزة وتعزيز الدولة الفلسطينية    الرئيس السيسي يستقبل اليوم رئيس رواندا بقصر الاتحادية    ديمبيلى يعانق المجد ويمنح فرنسا الكرة الذهبية السادسة فى تاريخها    «أونروا»: قوات الاحتلال شددت القيود المفروضة على الحركة بالضفة الغربية    «صحة غزة»: أزمة نقص الوقود بالمستشفيات تدخل مرحلة غاية في الخطورة    أبو الغيط: الاحتلال يسعى لقتل مشروع الدولة الفلسطينية في غزة بالهدم والدمار    فرنسا تفض التشابك مع ألمانيا وإيطاليا في عدد اللاعبين المتوجين بالكرة الذهبية    الطلائع يستضيف المقاولون بالدوري    بيراميدز يواصل مغامرته في كأس الإنتركونتيننتال بمواجهة الأهلي السعودي    كونتي: نابولي ليس معتادًا على ضغوط ومجهود المنافسات الأوروبية    «الأرصاد» تكشف تفاصيل حالة الطقس على القاهرة الكبرى    ضبط سيدة بتهمة النصب على المواطنين بزعم توفير فرص عمل بالخارج    الداخلية تضبط أكثر من 96 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    إصابة 7 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    «تالجو وروسى مكيف».. جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    تحريات أمن الجيزة تكشف ملابسات سقوط سيدة وطفلها من عقار ببولاق الدكرور    بعد صور وفيديو التلميذة والبوابة.. إنهاء خدمة عامل مدرسة ببني سويف.. وإحالة الواقعة للتحقيق    تكريم نجوم الفن والإعلام في الدورة ال16 لمهرجان الفضائيات العريية    وزير الخارجية: التنوع الثقافي ركيزة أساسية لبناء جسور بين الحضارات    التقويم الهجري.. كل ما تحتاج معرفته عن شهر ربيع الآخر    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    وزير الصحة يتلقى تقرير متابعة ميدانية ل29 مشروعاً صحياً في 12 محافظة    تشغيل أول وحدة مناظير مسالك بمستشفى أسوان التخصصي    «صحة شمال سيناء» تعلن عن مواعيد العيادات المسائية بمستشفى العريش العام    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    من كفر الشيخ إلى مجد الدراما.. حكاية صداقة أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    صدمة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 في مصر وعالميًا    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    منهم روجينا وصابرين والعوضي، القائمة الكاملة لتكريمات مهرجان الفضائيات العربية (صور)    غضب داخل المصري من الكوكي عقب التعادل أمام فاركو.. وعقوبات على اللاعبين    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    محمود حمدان يتألق في مهرجان الفضائيات العربية ويظفر بلقب أفضل مؤلف    وزارة الداخلية تنفى شائعات إضراب عن الطعام لنزيل بمراكز الإصلاح    نجلاء بدر: تصوير مشهد جريمة القتل في «أزمة ثقة» كان الأصعب    داخل منزله.. أول صور ل علاء عبد الفتاح بعد العفو الرئاسي    مصر: لن نقبل بتهجير الفلسطينيين ونبحث مع الجميع ملف إعادة الإعمار    عليك مكافأة نفسك.. حظ برج الجدي اليوم 23 سبتمبر    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    آمنة على أطفالك.. استشاري تغذية يوصي باستخدام «لانش بوكس» من هذا النوع    الاعتداء على باسم عودة وتدوير "أبو الفتوح" ونائبه بالتزامن مع قرار العفو عن "عبدالفتاح"    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    مستشفى مبرة المعادي ينجح في علاج ثقب بالقلب باستخدام تقنية التدخل المحدود    البحوث الإسلامية: الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تجديد الصلة بالنبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الإعلام.. و"جزمة" إسحق .. و"جهنم" ممدوح حمزة
نشر في المصريون يوم 22 - 07 - 2011

نشرت "الأهرام" بعدد الجمعة 22 يوليو 2011 أن أسامة هيكل وزير الإعلام قام بتحويل أسرة برنامج "صوت مصر" الذي يبث على الفضائية المصرية في سهرة الجمعة أسبوعيا للتحقيق وذلك بعد أن طلب مشاهدة شريط الحلقة الماضية.
وتقول ميرفت إمام مخرجة البرنامج: كان ضيف الحلقة الماضية جورج إسحق وقال على الهواء "جزمة الناس اللي في التحرير أفضل ممن في روكسي" وردت عليه المذيعة سميحة أبو زيد فورا، ثم طلب أن يشرب فأعطته زجاجة ليشرب منها بعد أن انتزعت ما هو مكتوب عليها حتى لا يكون إعلانا وهو ما اعترض عليه الوزير حيث اعتبر هذا غير لائق وحولنا للتحقيق. وتتساءل المخرجة: كيف يطالبوننا بتقديم إعلام حر ويطلبون منا تكميم أفواه الضيوف؟.
أحيي الوزير على هذا القرار الذي لا يمس من قريب أو بعيد حرية الإعلام، وليس فيه تكميم للأفواه كما تزعم المخرجة التي أرادت أن تدافع عن برنامجها فكشفت عن جهلها بمفهوم الحرية، كما كشفت عن ذاكرة ضعيفة حيث لم تذكر الضيف الثاني ممدوح حمزة وكان أداؤه أسوأ من إسحق، وتختزل الفضيحة في زجاجة مياه بينما موضوع التحقيق أهم وأخطر من ذلك. هذا قرار جريء من وزير يريد أن يضبط الإيقاع داخل البرامج بما يتوافق مع المفهوم الصحيح للحرية، ولا يريد أن يخضع مبكرا للإرهاب الفكري، لإدراكه أنها ستكون كارثة لو لم يواجه الانفلات والتجاوزات التي تتعلق بسوء استخدام حرية الرأي والتعبير داخل تليفزيون الدولة المفترض أن يكون النموذج في إعلاء قيم الحرية الملتزمة بأدب الحوار حتى في الاختلاف وتباين وجهات النظر. الحرية هي المسؤولية وليس إهانة من هم على الضفة الأخرى وجرح مشاعر المشاهدين وضرب قيم المجتمع.
كنت أول من كتب عن المهزلة التي جرت في هذا البرنامج هنا في "المصريون"، رافضا حوارا كهذا يخرج عن سياق فكرة تعارض الآراء، ومدفوعا بخشيتي من أن تتجه مصر الثورة إلى الانفلات الإعلامي أيضا تحت اسم حرية الرأي والتعبير بالتجاوز في حق المخالفين في الرأي والتقليل من شأنهم بألفاظ وأوصاف خارجة وأحكام دينية قاطعة كأننا نعيش عصور محاكم التفتيش. وهي الكارثة بعينها عندما يأتي التجاوز من قائدين في الثورة يسير وراءهما شباب لا يمتلك تجربتهما وخبرتهما، حيث يحق لهؤلاء الشباب بعد ذلك أن يمسكوا السيوف ويقطعوا رقبة أي "جزمة" تختلف معهم.
ما جرى في الحلقة تجاوز كل حدود الحرية حتى في بريطانيا أعرق الديمقراطيات في العالم، أو في أمريكا نموذج الحرية للإنسانية، أو في فرنسا صاحبة أعظم ثورة للتحرر في التاريخ الحديث، أو حتى في الهند أكبر الديمقراطيات على وجه الأرض. ولو الذي قاله جورج اسحق وممدوح حمزة في التليفزيون المصري حصل في محطة بأحد هذه البلدان لكانت قامت الدنيا هناك ولم تقعد إلا بعد حسابهم حسابا عسيرا لأنهم اعتدوا على حقوق جماعة من الناس وامتد العدوان للمجتمع كله، ودخل تجاوزهم لصلب قضايا دينية حساسة بتكفير فئة من الناس، والإفتاء بأنهم سيدخلون جهنم.
جورج اعتبر أن "جزمة" واحد فقط من المعتصمين بالتحرير برقبة 400 من متظاهري "روكسي"، أي أن رقاب هؤلاء ال 400 تساوي "جزمة" واحدة فقط !. هذه إهانة شخصية كبيرة، وحط من أقدار الناس، ووصفهم بما لا يليق، وتحقير وتصغير من شأنهم، على الهواء مباشرة وأمام أسرهم والملايين من المشاهدين، وهذا يعمق الإهانة، ويزيد من جرح المشاعر، ويضخم من جريمة السب والقذف، ما يعطيهم الحق في جلبهم إلى العدالة لمحاسبتهم. من أعطى جورج هذا الحق ليشتم الناس، ومن خوله للتحدث باسم الثورة أو الثوار فيهين فئة من المصريين. يجوز له أن يتحدث باسم جماعته أو ائتلافه أو حركته لكن ليس من حقه أن يكون معبرا عن الثورة لأنها ملك الشعب كله، ومنهم من كانوا في روكسي، وما قاله ليس من أخلاق الثورة ولا الثوار، والثورة تتبرأ من شخص يقول مثل هذا الكلام.
أما رفيقه ممدوح حمزة فإنه دخل أكثر المناطق حساسية عندما اعتبر أن المتظاهرين في روكسي مصيرهم جهنم وبئس المصير، وأنهم صمتوا ثم نطقوا كفرا، وهذا ما لا يجب التسامح فيه. من أنت حتى تكفر الناس، ثم تدخلهم جهنم ؟. هل اعتبرت نفسك ظلا لله على الأرض تعطي هذا صكا بدخول الجنة، وآخرين تقذف بهم إلى النار؟. إلى هذه الدرجة تحتقرون من هم ليسوا متطابقين معكم في مواقفكم ؟. إذن أي ثائر شارك في الثورة وضحى من أجلها ثم لا يعجبه اليوم اعتصامكم ويختلف معكم بشأنه فإنكم تعتبرونه مثل "الجزمة" ومصيره جهنم وبئس المصير؟. أين منظمات حقوق الإنسان من هذه الفضيحة الفكرية والأخلاقية والسياسية، لم نسمع من إحداها مجرد تعليق على هذه التجاوزات الخطيرة ؟. لاذت المنظمات بصمت القبور، بينما لو كان إسلامي نطق بأقل من ذلك لكانت نصبت له المشانق. الشيخ محمد حسين يعقوب قال كلمتين عن الاستفتاء لا نوافق عليهما فأحدثت المنظمات الحقوقية ومعها دعاة الليبرالية والعلمانية وبقايا اليسار ضجيجا هائلا، أليس هذا كيلا بمكيالين؟.
أقول للأخ وزير الإعلام أن فريق البرنامج ضعيف لكن المشكلة ليست عنده بالكامل إنما في التخويف الذي ظل يمارسه جورج وحمزة طوال الحلقة، باعتبارهما يمتلكان الحقيقة المطلقة، ومن المؤكد أنك بعد أن استمعت لها وجدت فيها خروقات وتجاوزات أخرى كثيرة. وواضح أن المذيعة غير مدربة على إدارة حوارات من هذا النوع، فهي كانت تتقرب إليهما بالعبارات اللطيفة وتأييد كل ما يقولانه حتى لا ينالها نصيب من اتهاماتهما. وأنا أشفق على مذيعي ومذيعات التليفزيون غير المؤهلين لبرامج فيها ضيوف معارضون أو مشاكسون أو آخرون يخلقون ديكتاتورية وسلطوية جديدة باسم الثورة.
أنا متعاطف مع فريق البرنامج لكن على الزملاء بالتليفزيون أن يستعدوا للعهد الجديد بالعلم والمعرفة والثقافة حتى يكونوا على مستوى الحوار والنقاش فقد انتهى عهد تدليلهم بضيوف ملكيين أكثر من الملك وانتهى عهد الضيف الذي يجلس ليشيد بحكمة السيد الرئيس وذكاء السيدة الفاضلة والمذيعة تبتسم فقط. عليهم أن يتابعوا زملاءهم في الفضائيات الخاصة ليروا كيف طوروا من أنفسهم.
الحرية لا تعني الفوضى سواء في الشارع، أو في الإعلام، وحتى داخل البيت. لا نريد حرية تجلب فوضى، الحرية مسؤولية، والعبارة العظيمة تقول: إن حريتك تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين. وإسقاط نظام سلطوي لا يعني الإتيان بنظام منفلت متحرر إلى درجة أن يقول كل شخص ما يشاء حتى لو كان يعتدي على حرية شخص آخر أو يهدر قيم المجتمع. والحرية لا تعني أن يسير الناس عرايا في الشارع. الحرية ليست مطلقة في بلدان الحريات، هناك حدود ومسؤوليات، وهناك قوانين تحاسب وتجرم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.