في الوقت الذي يترقب فيه المصريون الإعلان عن التعديل الوزاري، الذي يهدف لمحاولة تهدئة الناقمين على الحكومة، أجمعت القوى الوطنية علي ضرورة أن تبادر الحكومة للاستجابة لمطالب الثوار المشروعة، والكف عن سياسة "إمساك العصا من المنتصف"، التي كانت السبب وراء حالة الفوضى السياسية والاقتصادية والأمنية، معتبرة أن تطهير مؤسسات الدولة من فلول النظام السابق، وإجراء محاكمات عاجلة وجادة وعلنية لرموز النظام السابق ورعاية اسر الشهداء، هي السبيل الوحيد لاستعادة ثقة الشعب المصري في الحكومة، من خلال بدء صفحة جديدة معه. وحدد الدكتور عبد الله الأشعل، المرشح المحتمل لانتخابات رئاسة الجمهورية، عددًا من الخطوات التي يتعين على الحكومة القيام بها، وفي مقدمتها ملاحقة رموز النظام السابق، ملاحقة قضائية جادة، ومن خلال محاكمتهم ما اقترفوه في حق مصر خلال عهد النظام السابق، محذرًا من أنه بخلاف ذلك، عبر السماح لإفلات هذه الرموز من العقاب، أو تقديمها لمحاكمات "هزلية" سيعزز من أجواء عدم الثقة في الحكومة وسيكرس من حالة الاحتقان الشعبي وأضاف الأشعل في تصريح ل "المصريون"، إن هناك تحديات كبيرة ستواجه الحكومة الجديدة، ومن بينها التحرك من أجل استعادة أموال مصر المنهوبة، وحتى لا يؤدي التقاعس عن المطالبة بها إلى إهدارها على مصر للأبد، ما يزيد من الضغوط على هذه الحكومة ويقدم مبررات لحملة التشكيك وإسقاطها في النهاية. بيد أن الأمر الذي أثار انتقاد الأشعل، هو غياب الشباب عن التشكيلة الحكومية الجديدة وإسناد ملفات شديدة الخطورة لشخصيات ذات أعمار متقدمة في السن، ما يؤشر إلى استمرار نفس نهج الرئيس السابق حسني مبارك في إدارة شئون البلاد، مشددًا على أهمية الاعتماد على وجوه شابة بما يواكب التطورات الراهنة في مصر، خاصة وأن للشباب الفضل الأكبر في إنجاحا الثورة المصرية والإطاحة بنظام حسني مبارك، ما يتعين معه أن يكون للشباب دور أساسي في قيادة مصر خلال الفترة الحالية. من جانبه، بدا الدكتور وحيد عبد المجيد، مستشار مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام" متشائمًا إزاء فرص نجاح الحكومة الجديدة، قائلاً إنه لا تتوافر لها فرص النجاح، بعد أن أضاعت فرصًا عديدة لإحداث نقلة نوعية في مصر خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن حالة الفوضى الأمنية والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر سحبت كثيرًا من رصيد هذه الحكومة. مع ذلك، قال إن خروج الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء من الحكومة، والضغوط الشعبية المتصاعدة لمنح رئيس الوزراء صلاحيات حقيقية قد يمنح الحكومة فرصة لاستعادة أرضيتها، لاسيما وأن الجمل تولى وبعناية العمل علي تخريب الحياة السياسية، وجاء الكشف عن قبول رئيس الوزراء استقالته ورفضها من قبل المجلس العسكري ليطرح العديد من علامات الاستفهام حول تمتع شرف بصلاحيات حقيقية، ما يؤكد أهمية تمتعه بتلك الصلاحيات، إذا كان جادا في العبور بمصر من النفق المظلم. فيما طالب الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، الحكومة بتبني سياسات جديدة تختلف جذريًا عن الأسلوب الحذر التي تعاملت به تجاه العديد من القضايا خلال الفترة الماضية، الأمر الذي اعتبره البعض دعمًا ل "الثورة المضادة"، مشددًا على أهمية وضع إستراتيجية واضحة لأهداف تقوم الحكومة على تنفيذها بها خلال الفترة المقبلة، وبما يمكنها من تقديم شيء لمصر. واعتبر إن العمل علي تأمين محاكمة جادة لرموز النظام السابق وعدم إعطائهم أي فرصة للإفلات من الجرائم التي ارتكبوها بحق مصر، والتعامل بشكل جدية مع الرئيس السابق والكف عن تدليله وملاحقة فلوله والتغلب علي الفوضى الأمنية وتبني سياسات اقتصادية أكثر رشادة من شأنه أن يحسن بشدة من مجمل الأوضاع في مصر. وشاطره الرأي الدكتور محمد يسري سلامة، المتحدث باسم حزب "النور" مشددًا على ضرورة إعادة النظر في السياسات التي تتبنها حكومة شرف في الفترة ووضع سياسات جديدة لعملها بالمرحلة المقبلة، حتى يؤتي التعديل الوزاري ثماره، فالمهم ليس تغيير الشخصيات، بالرغم من وجود تحفظات على بعض الشخصيات ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة. وأكد ضرورة التزام حكومة شرف بالاستحقاقات الدستورية، طبقًا للاستفتاء علي التعديلات وإجراء الانتخابات البرلمانية في أقرب فرصة، وتشكيل جمعية تأسيسية منتخبة لصياغة الدستور الدائم، معتبرًا أن الإيفاء باستحقاقات المرحلة الانتقالية من شأنه أن يقود مصر لبر الأمان. بدوره، طالب المهندس عاصم عبدا لماجد، المتحدث الرسمي باسم "الجماعة الإسلامية" بضرورة إعطاء حكومة شرف الجديدة، الفرصة للعمل لتعويض ما فاتها، بعدما رأى أن الوقت لا يزال متاحًا أمامها لمعالجة عدد من الملفات وأهمها التراخي الأمني، والأوضاع الاقتصادية الصعبة والارتفاع الحاد في الأسعار، وعلو صوت "الفوضويين"، وهي قضايا طالب الحكومة بأن توليها اهتمامًا كبيرًا حتى تكون قادرة علي استعادة ثقة الشعب. وأضاف" لاشك أن تخلص الحكومة من جميع فلول نظام مبارك المجرم كان أمرًا إيجابيًا، لافتا لأهمية سعي الحكومة لإيجاد حلول سريعة لمواجهة مشاكل الداخل والعمل علي المحافظة علي وزن مصر الإقليمي والتواصل مع دول حوض النيل سيزيد من شعبية هذه الحكومة ويجعلها علي تجاوز هذا الوضع المعقد.