كشفت مصادر سياسية واقتصادية مطلعة في تصريحات خاصة ل "المصريون" أن زيارة كارلوس جوتييرز وزير التجارة الأمريكية لمصر تأتي في إطار الضغوط الأمريكية المتزايدة على مصر والتي أعقبت تعليق المحادثات بين القاهرةوواشنطن حول توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. وأكدت المصادر أن الزيارة تستهدف إجبار مصر على استيراد حصتها الأكبر من القمح الأمريكي لاسيما وأن القاهرة بدأت تنوع مصادر استيراد القمح بين روسيا وكندا وفرنسا واستراليا وبلدان أوروبية أخرى وذلك على العكس من اعتمادها السابق على القمح الأمريكي حيث كانت تستورد البلاد أكثر من 75% من احتياجاتها من القمح من الولاياتالمتحدة. وقالت المصادر إن وزير الخارجية الأمريكي في كلمته أمس أمام غرفة التجارة الأمريكيةبالقاهرة وهي أول غرفة تجارة أمريكية يتم إنشاؤها في منطقة الشرق الأوسط ربط بين صادرات القمح الأمريكي للقاهرة وبين واردات أمريكا من المنسوجات المصرية وهو الأمر الذي يمكن أن يهدد اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة والمعروفة باسم (الكويز) والموقعة بين القاهرة وتل أبيب وواشنطن. وكشفت المصادر النقاب عن ضغوط شديدة مارسها وزير التجارة الأمريكية في اجتماعه أمس مع نظيره المصري المهندس محمد رشيد فيما يتعلق بتطبيق اتفاقية التربس الخاصة بحقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بإنتاج الدواء. المصادر نفسها أضافت أن وزير التجارة الأمريكي اتهم مصر بالاعتداء على حقوق الملكية الفكرية وطالب أن تتوقف القاهرة عن منح الموافقات لتسويق المنتجات الدوائية التي تتعدى على حقوق الاختراع حسب رأيه كما طالب أن تحسن مصر مستويات تطبيق حماية حقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بحقوق النشر والعلاقات التجارية وتسحين الإجراءات القضائية. وقال وزير الصناعة الأمريكي إن واشنطن ستوفد قريبا للقاهرة ملحقا إقليميا للملكية الفكرية ليراقب التزام الشركات المصرية فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية سواء في مجالات الأدوية أو برامج الحاسب الآلي أو غيرها. كما أكدت المصادر أن المهندس محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة المصري وعد نظيره الأمريكي بالتزام مصر بالمطالب الأمريكية فيما يخص حقوق الملكية الفكرية في صناعة عدد من أصناف الدواء الهامة التي تخص القلب والسرطان والسكر وغيرها الأمر الذي يهدد برفع أسعار عشرات الأصناف من الأدوية الهامة عدة أضعاف وهو المطلب الذي رفضه عدد من وزراء الصحة السابقين وفقدوا فيه مناصبهم الوزارية. كما وافق المهندس محمد رشيد بحسب المصادر على مطلب كارلوس جوتييرز الخاص بإعادة تشكيل مجلس الأعمال المصري الأمريكي لفترة جديدة حيث تأمل أمريكا في ضم عدد من الشخصيات المصرية الموالية لها والتي ستعمل على تفعيل الأجندة الأمريكية فيما تسميه الاستراتيجيات الإصلاحية وقد وقع رشيد ونظيره الأمريكي على مذكرة تفاهم بهذا الشأن. وقد انتقد الوزير الأمريكي في لقاءه بأعضاء غرفة التجارة الأمريكيةبالقاهرة الروتين الحكومي واللوائح والجهات التنظيمية المصرية فيما يتعلق بالاستثمار بين البلدين ، وقال أن هناك تأخير في الإفراج عن البضائع من خلال الجمارك المصرية ، كما أكد على ارتفاع تكلفة الإنتاج في مصر بسبب الرسوم والضرائب المبالغ فيها ، وأنتقد أيضا النظام القضائي التجاري ووصفه بالبطيء. وقال الوزير الأمريكي إن مصر تتعاون الآن مع أمريكا في إنشاء مجلس لغرف التجارة الأمريكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقا ، وأن هذا المجلس سيعمل على تشجيع الإصلاحات في جميع أنحاء العالم وسيحرر التجارة ومناخ الأعمال في المنطقة على حد قوله. وعن توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين قال الوزير الأمريكي إن مصر وأمريكا لم تصل بعد إلى النقطة التي تمكن من البدء رسميا في مفاوضات اتفاقية تجاره حرة مع مصر إلا أنه أكد أن المفاوضات ستتم في الوقت المناسب . المصادر أكدت أن أمريكا أضافت شرطين جديدين لاستئناف هذه المفاوضات بالإضافة لشروطها السابقة وهو التزام مصر بحقوق الملكية الفكرية خاصة فيما يتعلق بإنتاج الدواء وبرامج الكومبيوتر المستخدمة في مصر وهو الأمر الذي يمكن أن يكلف مصر عشرات المليارات من الدولار في حال تطبيقه، أما الشرط الأخر هو التزام مصر بالتصدي لظاهرة الاتجار بالبشر على حد زعم الوزير الأمريكي. وقال الوزير إنه تحدث مع الرئيس مبارك في منتدى دافوس حول هذا الموضوع. جدير بالذكر أن أمريكا قد أصدرت تقريرا بعنوان الاتجار بالبشر اتهمت فيه كل الدول العربية بلا استثناء بهذه التهمة التي لم تحددها بدقة. كما يشار في هذا الصدد إلى أن صادرات مصر لأمريكا نهاية 2004 كانت 1.1 مليار دولار بينما كانت ورادات مصر من أمريكا 3 مليارات دولار بالإضافة إلى ما تستورده مصر بأموال المعونة الأمريكية والذي قد يصل إلى 750 مليار دولار.