كشفت مصادر سياسية مطلعة أنه ، وعلى الرغم من كثرة الملفات العاجلة والشائكة التي يحملها نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني خلال زيارته للقاهرة الثلاثاء المقبل ، والتي تم الإعلان عنها بشكل مفاجئ قبل عدة أيام ، إلا أن تشيني سوف يركز خلال مباحثاته بالقاهرة بشكل خاص على إيجاد آلية لمنع تكرار سيناريو الغياب المفاجئ لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في مصر ، وهو ما يعني عودة الضغوط الأمريكية على القيادة السياسية لتعيين نائب للرئيس ، خاصة وأن وجود الرئيس مبارك في هذا المنصب ساعد على إتمام عملية نقل السلطة بسرعة وسهولة عقب اغتيال الرئيس أنور السادات في أكتوبر 1981 . وشددت المصادر على أن ديك تشيني سيطالب الرئيس مبارك بضرورة تعيين نائب له منعا لحدوث أي إضطرابات في حالة مرض الرئيس ، لا قدر الله ، خاصة وأن الرئيس مبارك يبلغ من العمر 77 سنة وعاني من قبل من مشاكل صحية عولج منها في ألمانيا ، كما أصيب بحالة إغماء أثناء إلقائه خطاب بمجلس الشعب منذ عامين تقريبا. وأشارت المصادر إلى أن حساسية الزيارة والطابع العاجل للملفات التي يحملها نائب الرئيس الأمريكي خلال زيارته للمنطقة ، والتي تشمل كل من مصر والسعودية ، دفعت الإدارة الأمريكية للإعلان عن زيارة تشيني بشكل مفاجئ ، رغم خضوعه قبل عدة أيام لعلاج من قصور في التنفس اضطره للبقاء في المستشفى عدة أيام ، ، الأمر الذي يؤكد أن أمورا هامة دفعت لإتمام الزيارة في أسرع وقت . وتوقع المراقبون أن يعاود تشيني الضغط على القاهرة مجددا لإرسال قوات إلى العراق ، وذلك لتشجيع دول عربية أخرى على اتخاذ نفس الخطوة ، بعد أن تزايدت الخسائر الأمريكية هناك بشكل كبير ، والإعلان عن تخفيض أعداد القوات الأمريكية علي مراحل . وقال مصدر مقرب من السفارة الأمريكيةبالقاهرة إن ديك أتشيني سيركز علي إمكانية إرسال قوات مصرية سعودية وسورية - إن أمكن - إلي العراق لحفظ الأمن هناك حال انسحاب الأمريكيين منه بعد تشكيل الحكومة العراقية المرتقب عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة هناك . وأوضح المصدر أن القاهرة في حال موافقتها علي المطلب الأمريكي ستحظى بتسهيلات أمريكية بمجالات الإصلاح ، عبر غض واشنطن الطرف علي بعض جوانبه كما ستحظى بالمزيد من الدعم الاقتصادي بما فيه بدء التفاوض حول منطقة التجارة الحرة . وبالنسبة للأزمة السورية الحالية ، أكدت المصادر أن تشيني سيطلب من مصر والسعودية رفع يديهما عن مساندة النظام السوري وعدم التدخل لتخفيف الضغوط الدولية عليه وهو الأمر الذي سيشكل نقطة خلاف جوهرية بين مصر والسعودية من جانب ، والإدارة الأمريكية من جانب آخر. وأشارت المصادر إلى أن مباحثات تشيني مع الرئيس مبارك سوف تتطرق إلى مرحلة ما بعد شارون ، وضرورة أن تبذل مصر جهودا مضاعفة في الوقت الحالي علي وجه الخصوص لمنع أي نشاط مسلح للفصائل الفلسطينية خاصة بعد رحيل شارون عن الساحة السياسية في إسرائيل. وفي سياق مقارب ، تحدثت دوائر الاستخبارات الألمانية عن أن زيارة نائب الرئيس الأمريكي تأتي في إطار تحضير أمريكي لتوجيه ضربة موجعة لإيران تنتهي بتحطيم مفاعلاتها النووية وإزالة ترسانتها من الصواريخ بعيدة المدى وإجبار قيادتها علي الرضوخ للمطالب الأمريكية وان المشاورات تجري في إطار تنسيق أمريكي مع أهم حليفين لواشنطن في المنطقة . وفيما يتعلق بالملفات الخاصة بمصر ، لفتت المصادر إلى أن سجن الدكتور أيمن نور زعيم حزب الغد المعارض ، سوف تكون على رأس الملفات التي سيبحثها تشيني في القاهرة ، حيث سيكرر المطالب الأمريكية بضرورة الإفراج عن نور في أسرع وقت. وتوقعت المصادر أن يعود ديك تشيني للتلويح مرة أخري بمسألة المعونة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لمصر ، ومطالبة بعض الأصوات في الكونجرس الأمريكي بقطع هذه المعونة عن مصر لعدم التزامها من وجهة نظرهم بالإصلاحات السياسية والديمقراطية. كما سيلوح تشيني في إطار ضغوطه على القاهرة بورقة اتفاقية التجارة الحرة وإمكانية توقيعها مع مصر لتكون رابع دولة عربية بعد المغرب والبحرين والأردن ، وربط ذلك بموافقة مصر علي تنفيذ المطالب الأمريكية سواء فيما يخص العراق أو سوريا أو لمكافحة الإرهاب. وتوقعت المصادر أن يوجه تشيني نقدا شديدا للخارجية المصرية بعد تسرب وثيقة من الخارجية المصرية كانت مرسلة للسفارة المصرية في لندن تؤكد احتجاز المخابرات الأمريكية لمشتبه بهم في قواعد عسكرية في رومانيا وباقي دول أوربا وأنهم يتعرضون للتعذيب بتلك المعتقلات. وكان البيت الأبيض قد أعلن قبل يومين أن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني سيزور مصر والسعودية يوم الثلاثاء المقبل, حيث يلتقي بكل من الرئيس حسني مبارك والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز. وأشار بيان البيت الأبيض إلي أن زيارة تشيني لمصر والسعودية كانت مقررة في ديسمبر الماضي في إطار جولة كان يقوم بها في منطقة الشرق الأوسط, وزار خلالها أفغانستان وباكستان وسلطنة عمان, لكنه اضطر إلي قطعها للمشاركة في تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي علي الميزانية وقانون مكافحة الإرهاب.