كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة تفاصيل الأجندة السرية التي يحملها نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني خلال جولته الحالية في المنطقة ، والتي تشمل مصر والسعودية وعُمان وأفغانستان وباكستان ، خاصة وأن الزيارة الأخيرة التي قابل بها تشيني للمنطقة كانت لوضع اللمسات الأخيرة قبل انطلاق الحرب الأمريكية على العراق . وكان الناطق الرسمي باسم ديك تشيني قد أعلن أن زيارة تشيني تأتي في إطار ما يسمي الحرب علي الإرهاب ، وكذلك تفعيل خطة الرئيس بوش لتوسيع هامش الحرية والديمقراطية حول العالم. ولم ينس مكتب ديك تشيني أن يذكر بأن مصر والسعودية وعمان هم من أهم حلفاء الولاياتالمتحدة في الحرب علي الإرهاب ، مشيرا إلى أن نائب الرئيس سيعقد محادثات مهمة مع زعماء البلدان الثلاث. وعبرت مصادر سياسية ل " المصريون" عن مخاوفها من الأجندة السرية التي يحملها تشيني خلال زيارته للمنطقة ، والتي بدأت أمس من باكستان ، حيث أكدت المصادر أن أجندة مباحثات تشيني مع مبارك وعبد الله وقابوس تشمل علي ثلاث موضوعات رئيسية. وأوضحت المصادر أن الموضوع الأول الذي تصر عليه الإدارة الأمريكية هو ضرورة أن تشارك مصر والسعودية ودول عربية أخري في إرسال قوات لحفظ الأمن في العراق بدلا من القوات الأمريكية والبريطانية التي ستبدأ انسحاب جزئي خلال العام القادم. ويذكر أن مصر والسعودية قد أبديتا تحفظات شديدة علي إرسال قوات عربية للعراق خاصة في الوقت الحالي ، حيث إن المقاومة العراقية سوف تنظر لهذه القوات باعتبارها امتدادا لقوات الاحتلال ، وهو ما دفع القاهرة لمطالبة واشنطن بعدم سحب قواتها بشكل سريع من العراق حتى لا تنشب حرب أهلية هناك . وبدلا من إرسال قوات للعراق ، أبدت مصر استعدادها لتدريب الآلاف من قوات الشرطة والجيش العراقي على أن يتم ذلك في مصر . أما الموضوع الثاني علي قائمة أجندة ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي فيتعلق بإيران وبرنامجها النووي ، حيث كشفت المصادر أن تشيني يريد استطلاع رأي مصر والسعودية وعُمان حول تداعيات الأوضاع في المنطقة في حال توجيه ضربة عسكرية لإيران لتدمير برنامجها النووي ، كما سيطلب تشيني من الزعماء الثلاث علي الأقل عدم إبداء أي معارضة إذا ما وجهت أمريكا أو إسرائيل هذه الضربة. وقالت المصادر إن تشيني ربما يطلب تسهيلات خاصة لإتمام توجيه هذه الضربة العسكرية . ويتعلق الموضوع الثالث علي أجندة نائب الرئيس ، بسوريا والتهديد بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها علي خلفية تقرير ميليس الأخير ، كما سيطلب مجددا الضغط علي سوريا للقبول بالحل الإسرائيلي لحل النزاع السوري الإسرائيلي. وأشارت المصادر إلى أن تشيني سيحاول الضغط علي السعودية ومصر وعُمان للقبول ببنود أجندته سواء فيما يختص بتوجيه ضربة عسكرية لإيران أو المشاركة في القوات عسكرية لحفظ الأمن في العرق أو فيما يتعلق بسوريا. ولفتت المصادر إلي أن هذه الضغوط قد تصل إلي حد الابتزاز السياسي خاصة لمصر والسعودية فيما يتعلق بمسألة الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان ، حيث يمثل ملف تجاوزات أجهزة الأمن المصرية في الانتخابات التشريعية الأخيرة أحد أوراق الضغط الهامة علي الحكومية المصرية. وسيحض نائب الرئيس الأمريكي خلال اجتماعاته مع المسئولين المصريين والسعوديين القاهرة والرياض على زيارة جهودهما فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب ، وكذلك مسألة التعليم الديني في مصر والسعودية وضرورة الحد منه. وأشارت المصادر إلى أن تشيني سوف يطالب المسئولين المصريين بتكثيف الضغوط علي حركة حماس الفلسطينية لتجديد اتفاق الهدنة بينها وبين إسرائيل ، وذلك بعد أن هددت حماس بأنها لن تجدد هذه الهدنة التي تنتهي مع نهاية هذا العام. وكانت دوائر أمريكية قد نصحت جورج بوش بتجاهل الضغط علي القاهرة لإرسال قوات للعراق لان حكومتها من المستحيل أن تقدم علي تلك الخطوة التي فيها نوعا من الانتحار وأن يركز تشيني علي الإصلاحات ونشر الديمقراطية وتبادل المعلومات الأستخبارية والحصول علي تسهيلات مصرية بمجالات لوجستية أفضل ، إلا أن دور مصر يبدو أنه أصبح الأمل الأخير لدى واشنطن لإخراجها من المأزق العراقي . وكان السفير المصري بواشنطن نبيل فهمي قد كشف أن مصر عرضت مراراً تدريب عشرات الآلاف من القوات العراقية ولكن واشنطن تجاهلت هذا العرض وانتقدت القاهرة لعدم قيامها بما يكفي. وتتهم الولاياتالمتحدة باستمرار الدول العربية بما في ذلك مصر بعدم القيام بجهد كاف لإحلال الاستقرار في العراق وإعادة بنائه ولكن السفير المصري قال إن هذا الانتقاد لا أساس له من الصحة. وأبلغ فهمي الصحفيين على دعوة إفطار بمقره إنه قدم عرض مصر بالمساعدة في تدريب القوات العراقية من خلال محادثات مع مسئولين بوزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية وأعضاء بالكونجرس ، لكنه لم يتلق أي رد. وأضاف "وصلت إلى مرحلة توقفت فيها عن الإلحاح، كان الأمر محيراً ". ورداً على سؤال للتعقيب على شكوى فهمي ، قال مسئول في وزارة الخارجية الأمريكية إن تدريب القوات العراقية قضية ثنائية بين مصر والعراق وليس الولاياتالمتحدة ، مشيرا إلى أن تدريب قوات عراقية في مصر لن يكون مجديا على الأرجح من حيث التكلفة.