: تعلمنا أصول السلمية وأهمية الحراك الشعبي وضرورة النَفَس الهادي الطويل لأي عمل إصلاحي أو تغييري. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن للتغير مراحل، وأن إحداث التأثير الحضاري المنشود يمر عبر مستويات متعددة ومركبة من الفرد إلى الأسرة إلى المجتمع إلى الدولة. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن أساس التغيير هو تغيير ما بالأنفس حتى يغير الله ما بالقوم. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن السياسة وأدواتها ومنابرها وسائل لا غايات، وأن البرلمانات والمجالس النيابية والمحلية والعمل النقابي والطلابي كلها وسائل مشروعة للوصول إلى الناس، وليست غايات تطلب لذاتها. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن العمل تحت مظلة قوانين الدولة ومؤسساتها أدعى للنجاح وأوفق في تحقيق الأهداف. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أنه لابد أن يكون هناك شخصيات عامة (وزراء أو نقباء نقابات مهنية) يمثلون نقاط اتصال تحترمها الدولة، وتثق فيها مؤسسات المجتمع المدني، وأن القطيعة المطلقة مع النظام السياسي –أيا كانت طبيعته- لا تأتي بخير. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن كسب قلوب الناس والأشخاص هو الهدف النهائي للعمل الإصلاحي، وليس كسب المواقف أو تسجيل انتصارات وهمية. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الرحمة فوق العدل، وأن الستر مقدم على كشف السوءات، وأن الأعراض مصونة ومحترمة، أيا كانت مواقف أصحابها الفكرية أو السياسية. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الدين سلوك، ومعاملة وحقوق الجوار بل وحسن جوار وإن كانوا أهل كتاب. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الدين حسن خلق، واتساق مع الذات، ونجاح في الحياة العملية والمهنية. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الدين نظافة يد، ونقاء ضمير، وعفة لسان، وصدق مودة، واحترام خصوصيات الناس، فلا تجسس ولا تلصص ولا تتبع لعورات الناس أو انتهاك لخصوصياتهم. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن أفراد الأجهزة الأمنية -وإن ظلمونا- هم إخواننا بغوا علينا، على أصل معتقد دين الإسلام، فلا تكفير ولا شبهة تكفير، ولا جور في الحكم على معتقدات الناس ودينهم. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن أهل الدعوة دعاة وليسوا قضاة أو وكلاء نيابة على دين الناس، ولا عسس على ضمائرهم. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن جيش مصر هو درع الوطن، وهو خارج حسابات الصراعات الفكرية والسياسية، وهو حيش الوطن لا جيش النظام –أي نظام-. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن للدماء –كل الدماء- حرمة، وأن الأعراض -كل الأعراض- مصونة، وأن مال الناس محترم، فلا عدوان على أحد، ولا انتهاك لعرض، ولا اعتداء على مال. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الأصل في المسلم هو عفة اللسان، وحفظ مقامات الناس وكراماتهم، وعدم التطاول على أحد باللفظ أو بالفعل. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الرابطة الإنسانية فوق كل اعتبار، وأن الإسلام رحمة للعالمين، ورحمة للناس –كل الناس- على اختلاف أديانهم وأعراقهم وبلدانهم ومذاهبهم. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن تجارب التاريخ الإسلامي كله -منذ عهد الخلفاء الراشدين إلى يوم الناس هذا- تجارب إنسانية ليست لها عصمة، ولا لأصحابها قداسة. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الرجوع إلى الحق فضيلة، وأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وأن الاعتراف بالخطأ من شيم النفوس الكبيرة. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن كسب العداوات وتكثير الأعداء ليس له مصلحة لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأن العاقل لا يكثر أعداءه ولا يكتلهم عليه. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن انتصار الحق وقيم الإيمان ولو بعد حين سنّة من سنن الله الكونية والشرعية. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الزمن جزء من العلاج، وأن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى، وأن التفاعلات الاجتماعية تحتاج إلى وقت حتى تنضج ثمار التغيير فيها. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن حفظ الأوطان ومقدرات البلدان من أعلى الفروض الدينية إلزاما. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الصبر فريضة دينية وخلقية، وأن هدف الدعوة أن نُحكَم بالإسلام وبقيمه، لا أن نحكُم نحن بالإسلام. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن طريق الصراع واستهلاك الطاقات في مشكلات فرعية لا يحقق أهدف الدعوة بل يؤخر تحقيقها لأهدافها أزمانا مديدة. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الدعوة الإسلامية روح تسري في هذه الأمة فتحييها بالقرآن، لا جماعة بذاتها، ولا تنظيم بهياكله، ولا أشخاص بأعينهم. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أنه لا عصمة لأحد، فكل يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا ألا نعرض للأشخاص فيما اختلف فيه بطعن أو تجريح، ونكلهم إلى نياتهم. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا عدم تجريح الهيئات أو الأشخاص أو التعرض بسوء للمؤسسات أو لمز الهيئات أو إلقاء التهم جزافا أو القول على أحد بلا بينة أو دليل. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن المسلم كالغيث أينما حلّ حلّ الخير، وأينما وقع نفع، لا تحكمه هياكل حركية، ولا أطر تنظيمية، ولا مسميات بعينها. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن العبرة بالمسميات والمقاصد وليست بالأسماء، والأصل في العبادات التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وفي العاديات الالتفات إلى الأسرار والحكم والمقاصد. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الدعوة رسالة سامية لا وظيفة يتكسب منها بعض الأشخاص، وموطن عطاء وتضحية وبذل لا مغنم فيه ولا مكاسب. وفي مدرسة الإخوان: تعلمنا أن الإسلام يحرر العقل، ويحث على النظر في الكون، ويرفع قدر العلم والعلماء، ويرحب بالصالح والنافع من كل شيء، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها. لكن منذ سنوات طويلة والسؤال الدائر: أين مدرسة الإخوان؟ ومن بدل أسسها ومعالمها؟ ومن سلم مفاتيحها وهياكلها لأفراد بأعينهم يكونون علما وحكرا عليها؟