يدرك شباب الدعاة أن مسئولية الدعوة إلي الله تتطلب منهم العناية باعداد أنفسهم الإعداد الجيد بتعلم العلم الشرعي. وتزكية النفس وإصلاحها. والوعي بالدعوة وأساليبها وواقع مجتمعاتهم والمشاركة في القضايا التنموية لهذا الوطن ولأمة الإسلام ولعل من أبرز الدعاة الموهوبين بمحافظة الفيوم الداعية الشاب فضيلة الشيخ جمعة عبدالفتاح محمد السيد إمام مسجد الشبان المسلمين بالفيوم له موهبة فطرية وأسلوبه المتميز يعد فارسا من فرسان الكلمة وموسوعة متحركة وشعلة نشاط يستنهض الهمة ويخاطب بالحكمة شغفت بعلمه القلوب والأبصار يصول ويجول يحزن علي فرقة الأمة وتخلفها عن مواكبة العصر فما أحوج الأمة لأمثال هؤلاء الدعاة الذين يبصرون الناس بأمر دينهم ودنياهم ويساهمون في نهضة الأمة ورقيها والفوز بسعادة الدنيا والآخرة. وكان لعقيدتي هذا الحوار مع داعية مثالي ونموذج مشرف من نماذج شباب الدعوة للاطلاع علي أهم القضايا في ساحة الدعوة وأحوال الدعاة فماذا قال؟ * سألته عن نشأته؟ فقال: ولدت بقرية دمشقين مركز ومحافظة الفيوم عام 1390 من الهجرة 1970 ميلادية وبدأت بحفظ القرآن الكريم بكتاب القرية علي يد الشيخ عبدالفتاح محمد رحمه الله ثم التحقت بالتعليم العام في الابتدائية ثم تحولت للتعليم الأزهري بالقرية بعد افتتاح المعهد الديني بها وكنت الثاني علي دفعتي ثم التحقت بالثانوية الأزهرية بمعهد الفيوم الثانوي القسم الأدبي فحصلت علي الثانوية 1988 ثم تقدمت لجامعة الأزهر بكلية الشريعة والقانون قسم البعوث الاسلامية وتخرجت فيها 1992 بتقدير عام جيد جداً وتم تعييني في نفس العام ثم التحقت بالقوات المسلحة المصرية ثم تسلمت العمل في مايو 1994 بمساجد الفيوم العسيلي ثم الصباحية ثم الدش بقحافة ثم مسجد فاطمة إلياس وبفضل الله تفوقت في مسابقة الإمام المثالي 2005 فحصلت علي جائزة العمرة ومبلغ ألفي جنيه بالإضافة إلي شهادة التقدير ثم سافرت إلي السودان مبعوثاً من وزارة الأوقاف لقضاء شهر رمضان هناك ثم سافرت إلي اليمن معاراً 2007 لمدة ثلاث سنوات رجعت من السفر تسلمت العمل في مسجد الشبان المسلمين في مارس 2010 وبفضل الله تفوقت في مسابقة المقارئ وأصبحت عضواً بمقرأة مسجد ناصر بالفيوم موهبتي في الدعوة جاءت نتيجة مواكبتي لأحداث الاعتداء علي البوسنة والهرسك أثناء دراستي بالكلية فأصبحت أحمل هم الاسلام والمسلمين. * ما معوقات العمل الدعوي من وجهة نظركم؟ - توجد معوقات شخصية ومعوقات عامة بالنسبة للمعوقات الشخصية قد يعتبر بعض الدعاة ان العمل مجرد وظيفة وليست رسالة يتقاضي عليها الأجر ويعتبر ان راتبه ضئيل بالنسبة للوظائف الأخري وهذا يتطلب من الداعية الصبر والجلد وقد يضطر بعض الدعاة لترك مساجدهم بغية عمل آخر للحصول علي ضروريات الحياة وربما يلجأ الداعية لتحسين راتبه في مجال الدعوة عن طريق المقرأة وإلقاء المحاضرات خارج مسجده وقد تكون الأسرة معوقاً أساسياً للدعوة فالزوجة لها التزامات تريد من زوجها تحقيقها من المعوقات سطحية الداعية وعدم إطلاعه فهو لا يثري فكره ولا يثقف نفسه وربما يكون غير مؤهل للعمل الدعوي ولكنه يعمل في مجال الدعوة بحكم حصوله علي مؤهل أزهري وهذا ما عمت به البلوي يعمل بلا موهبة والدعوة تحتاج لموهبة فطرية وبالنسبة للمعوقات العامة نجد ان المجتمع غير مدرك لأهمية وجود الداعية بخلاف عمل الطبيب والمهندس وغيرهم يحظون باحترام الناس وهذا ينعكس سلباً علي الدعوة وأذكر عبدالله بن المبارك كان صاحب مال ويعول من ماله الخاص خمسة من العلماء كحماد بن زيد وحماد بن سلمة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وإسماعيل بن علية كانوا من علماء الفقه والحديث. من المعوقات للدعوة الإعلام السلبي الذي يتجه شرقياً وغربياً يصورون الداعية في صورة مزرية يظهر الشيخ علي أنه إرهابي أو محب للشهوات أو متخلف ورجعي من المعوقات ما يعرف بالطابور الخامس وهذا اللفظ أطلقه الشيخ الغزالي رحمه الله فهم لا يحبون الإسلام ولا أهله من المعوقات التضارب بين العلماء والفقهاء ما يعرف باختلاف تضاد فمن الدعاة من لا يشغله إلا النقد اللاذع في إخوانه بحق أو باطل وأحياناً يسمي الهجوم جرح وتعديل بل جرح وتجريح يتأثر بهؤلاء كثير من الشباب ومن هنا تبدأ مرحلة التعصب لبعض الدعاة وهذا شر ما تبتلي به الأمة عندما تختذل كل الفتاوي عند عالم واحد نجد من عامة الناس من يقول هذا يقول كذا وآخر يقول كذا وينبغي ان ينظر إليه علي أنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد والمعول علي ذلك كله كتاب الله وسنة رسوله فلا عصمة إلا للوحي وإما الأفراد لا عصمة لهم من معوقات الدعوة عدم حضور الناس للدعة دروسهم فالحضور ضئيل فهناك جفوة بين العلماء والرواد من أسبابها ذوبان الشخصية المسلمة في غيرها من الشخصيات الغربية والتأثر بالممثلين ولاعبي الكرة لقد تأثر كثير من الناس بالإعلام الغربي الذي لا هم له إلا هدم شخصية المسلم لقد غزا عقله وفكره وحال بينه وبين كتاب الله وسنة رسوله عكس ما كان عليه القدماء كانوا يوقرون العلماء ويحترمونهم من المعوقات أن القائمين علي أمر الدعوة يهتمون بالشكليات أكثر من الجوهر من ناحية السؤال عن الزي والنظافة وكتابة الدرس ودفتر الحضور والانصراف. * من الداعية المتميز من وجهة نظرك؟ الداعية المتميز صاحب رسالة في أمته يحترمها مقتنعا بها العامل بما يدعو إليه حاله موافق لقوله ما استطاع إلي ذلك سبيلا لقوله تعالي "فاتقوا الله ما استطعتم" يتسم بالصبر والجلد علي أداء رسالته أن تكون لديه ملكة دعوية صاحب أسلوب متميز حتي يتأثر به رواده وأن يعيش واقع الأمة فلا يخاطبهم بمواضيع لا علاقة لها بواقعهم حتي لا يصبح في واد والناس في واد آخر وأن يكون داعية مجددا في المعلومات والفكر والأسلوب والعرض ومعاصرا لأحداثها. * ما كيفية النهوض بالدعوة والدعاة؟ النهوض بالدعوة لها طريقان الأول يقع علي ولاة أمر المسلمين من ناحية انتقاء الدعاة ومن يصلح لها وهذا يقع علي عاتق وزارة الأوقاف وقد طبقت الوزارة هذا المبدأ حيث تقوم باختيار الدعاة المحبين للدعوة الصادقين الربانيين الذين يتقون الله في رسالتهم فلا يختار لدعوة إلا من كان أهلا لها راضيا بحظه منها ولابد من قيام الوزارة بتثقيف الأئمة بالكتب والمكتبات وكل ما يعينهم علي مواصلة دعوتهم ومسايرة عصرهم ولابد من المتابعة الفنية للأئمة وتقويم سلوكهم ونقله من مكان إلي مكان وتقوم الادارة علي العمل بعقد اللقاءات المستمرة بهدف تقديم النصح والارشاد دائما فالدين النصيحة كما ينبغي علي الدولة أن تكفي الدعاة مؤنتهم وتحسين معيشتهم هم وأسرهم وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب إذا أخطأ أو أقصر الداعية في دعوته وأن يشارك المجتمع المدني الداعية أن تتعاون الوزارات الأخري في نجاح الدعوة فالاعلام له دوره والتربية والتعليم لها دورها وحل مشاكل الناس لابد أن يدخل الداعية المدارس والملاجيء والسجون ودار الأحداث يذهب إليهم ويرشدهم فالدعوة ليست حكرا علي المسجد فقط والطريق الآخر يقع علي عاتق الداعية نفسه لابد أن يعتز بدعوته ويفخر بها يواصل مسيرة الأنبياء والمرسلين عنده عزة وكرامة فتقوي عزيمته وتصفو نفسه ويتحمل الأذي في سبيل دعوته ويعلم أن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرا وأن ينهض بفكره فيثري فكره بكثيرة القراءة في فروع العلم المختلفة ولاسيما التي تخص دعوته أن يكون الداعية نسيجا وحده فلا يتأثر بغيره ثأرا تذوب شخصيته فيه فمن تأثر بغيره وقع ولم ينجح. * ما رأيك في تجديد الخطاب الديني؟ لقد كتب كثير من العلماء حول تجديد الخطاب الديني وأفضل ما قرأت أن يرد الخطاب إلي أصله وذلك بما كان علي عهد النبوة والرسالة وأن ننظر في خطب رسول الله صلي الله عليه وسلم كيف كان يعالج مشكلات مجتمعه من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية ومطلوب أن يساير عصره مع الالتزام بثوابت ديننا في العقيدة والشريعة العملية والأخلاق الاسلامية والمعاملات التي تتفق وروح هذا الدين و التجديد يكون بتطوير الخطيب لأسلوبه وفكره يختار الأسلوب الأمثل في الخطاب الذي يحتاجه مجتمعه لا غبار عليه فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها. * كلمة للدعاة؟ أقول لنفسي وللدعاة اتقوا الله عز وجل في الرسالة التي تحملونها فأنتم ورثة الأنبياء والمرسلين وأنتم حملة مشاعل النور للبشرية فأصلحوا من أنفسكم واتقوا الله في المسلمين وانهضوا بهم واتقوا الله في مجتمعاتكم احملوهم علي الحق حملا واحترموا قول الناس خاطبوهم بما يعرفون من دينهم وأن تقولوا الحق وتصدعوا به وليكن عندكم الشجاعة الأدبية التي من خلالها تستطيعون تبليغ رسالتكم تحلوا بالصبر والتحمل امتثالا لقوله تعالي لرسوله صلي الله عليه وسلم "فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل".