في طريقه إلى السويداء، قصف إسرائيلي لرتل عشائري في حمص    مضمون إباحي وامرأة عارية، ترامب يقاضي "وول ستريت جورنال" بسبب إبستين    بعد قصفها.. ماذا تعرف عن الكنيسة دير اللاتين في غزة؟    الأهلي بين جنة إيفونا ونار أزارو وتمرد وسام أبو علي.. ما القصة؟    انقلاب سيارات وهرولة المسعفين، حادث مروع بطريق مصر إسكندرية الصحراوي (فيديو)    وزة شيطان والدم حن، صلح أبناء شعبان عبد الرحيم بعد خلافات عائلية    اتحاد الكرة يقيم عزاء لميمي عبد الرازق في القاهرة    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    نائب الرئيس الأمريكي يؤيد خطة ترامب لتوريد السلاح لأوكرانيا على نفقة الأوروبيين    خالي من السكان.. انهيار جزئي في عقار خلف مسجد أحمد بن طولون بالسيدة زينب    جمارك مطار برج العرب الدولي تضبط تهريب كمية من الأدوية    تجديد حبس مديرة مكتب توثيق الشهر العقاري بدمنهور و2 آخرين    رئيس هيئة النيابة الإدارية يستقبل وزير الأوقاف    أول تعليق من عبدالله السعيد بعد تجديد عقده مع الزمالك    وزير الرياضة: استثمارات نجيب ساويرس دليل على نجاح تحويل الأندية لكيانات اقتصادية ربحية    الرئاسة السورية: المجموعات الخارجة عن القانون انتهكت التزامات الوساطة الأمريكية العربية    فلسطين.. استشهاد اثنين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي على الحي الياباني في خان يونس    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    منظمة المرأة العربية تعقد دورة حول "تمكين النساء في مجال إدارة المشاريع الزراعية"    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة علي حريق شقة سكنية في حدائق الأهرام    الحزن ينهش جسد والد أطفال المنيا.. ونقله لمستشفى أسيوط    حدث منتصف الليل| مظهر شاهين يرد على تصريح "يمامة" المثير.. وتحذير من طقس الساعات المقبلة    تأجيل حفل روبي وليجي سي في الساحل الشمالي لهذا السبب    قبل طرحه.. تفاصيل ألبوم آمال ماهر الجديد «حاجة غير»    بالتفاصيل.. نقل رزان مغربي للمستشفى بعد سقوط سقف فندق عليها    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    عم الأطفال الخمسة المتوفين بالمنيا: الطفل يكون طبيعيا 100%.. ويموت خلال ساعة من ظهور الأعراض    متحدث الصحة: لا أمرض معدية أو فيروسات وبائية في واقعة "أطفال المنيا"    «لا أحد معصوم من الخطأ».. نجم الإسماعيلي يعتذر بسبب قميص بيراميدز    بمشاركة 9 جامعات.. غدا انطلاق فاعليات ملتقى إبداع السادس لكليات التربية النوعية ببنها    رسميا.. عدد أيام إجازة ثورة 23 يوليو 2025 بعد ترحيلها من مجلس الوزراء (تفاصيل)    فاتورة الكهرباء الجديدة تصعق الغلابة..الوزارة تستعد لإقرار زيادات فى أسعار الشرائح تصل إلى 45%.. وتحذير من «تخفيف الأحمال»    رسميا بعد الارتفاع الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 18 يوليو 2025    سعر المانجو والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 18 يوليو 2025    حزب الله: الظلم الكبير الذي تعرض له جورج عبد الله وإبقاؤه محتجزا رغم انتهاء محكوميته وصمة عار لفرنسا    لينك نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس والاسم في القاهرة والمحافظات فور ظهورها    شاهد بالصور.. أعمال إصلاحات هبوط أرضى بمحور الأوتوستراد    هبوط جميع الأعيرة.. سعر الذهب اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 وعيار 21 ينخفض الآن بالمصنعية    انخفاض مفاجئ في أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    ارتفاع طن اليوريا العادي 1026 جنيها، أسعار الأسمدة اليوم في الأسواق    وفد برلماني يزور شركة توزيع كهرباء الإسكندرية لبحث تحسين الخدمات    أبواب الدخل ستفتح واسعًا.. حظ برج الدلو اليوم 18 يوليو    «عظمة وهيبة».. ظهور محمود الخطيب في مسلسل «كتالوج» يثير تفاعلا (فيديو)    تنسيق الجامعات 2025، قائمة المعاهد الخاصة العليا المعتمدة في مصر    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    بعثة بيراميدز تبدأ رحلتها إلى تركيا    «أحسن حاجة وبتمنى السعيد».. رسالة مفاجئة من الهاني سليمان ل شيكابالا بشأن اعتزاله    رئيس جامعة المنيا في جولة مفاجئة بمستشفى القلب والصدر    100% نسبة تنفيذ.. قوافل دمياط العلاجية تقدم خدماتها ل 41 ألف مواطن في 2025    خبير: الدولة تمتص صدمات الاقتصاد العالمي وتوفر حياة كريمة للمواطنين    الهلال يتفق على تمديد عقد بونو حتى 2028 بعد تألقه اللافت    مشيرة إسماعيل: حياتى كانت انضباطًا عسكريًا.. وعاملونا كسفراء بالخارج    "أم كلثوم.. الست والوطن".. لقطات لانبهار الفرنسيين خلال حفل أم كلثوم بمسرح أولمبيا    طبيب مصري بأمريكا لتليفزيون اليوم السابع: ترامب يحتاج جراحة لعلاج القصور الوريدي    محافظ الإسماعيلية يبحث الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ.. 135 مركزًا انتخابيًا لاستقبال مليون ناخب    ما حكم التحايل الإلكترونى؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    ما حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصمت
نشر في المصريون يوم 27 - 09 - 2014

يبدو أننا أمة كلامٍ فقط، فقد برعنا فيه وأنشأنا له أسواقاً ومعارضَ، حتى في الأساطير لم ينقذ شهر زاد من الموت إلا الحكي وفنونه، لكن أورد الكثيرَ مصارعَ الردى ذللُ الكلام وعثراته، ويبقى المرء رهين كلامه، والكثير منا تمنى مراراً أن لو صمت بعد أن رأى عاقبة مقاله، والصمتُ يُعضُّ عليه بالنواجذ ويُثنى عليه
بالخناصر. وقرأت ذات مرة أن أبلغَ خطبة قالتها العرب هي خطبة عثمان رضي الله عنه حين صعد المنبر فحمد الله وأثنى على رسوله ثم قال:" نحن قوم قوال أكثر منه فعال" أو كما قال... ادعُ الله وأنتم موقنون بالإجابة ونزل .هذا على عهد عثمان وكثير من الصحابة والتابعين، فما بالنا لو صعد أحدهم الآن يصف حال ومشهد الأمة!
و قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي وهما من أبلغ العرب بعد تجارب الكلام وحياة حافلة من الأقوال المأثورة والحكم .. قال أحدهم :الحكمة عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت، والعاشر في اعتزال الناس. فليت العرب تدرك قيمة الصمت، ولماذا لا نُقيم معرضاً أو سوقاً نتعلم فيه الصمت، فغالبُ ظنِّي أن الصمتَ والتدبر وجهان لعملة واحدة، والتدبر من أرقى العبادات، وقليل من التدبر يرينا كثيرا من العبر. وكثيرا ما يعترينا القلق، ونغتمُّ لأن الطفل تأخر في النطق، أو كلامه ليس مثل أقرانه، وربما كان قلقنا في محله أحيانا، لكن لا يعترينا نفس القلق حين يكثر الصبي من الكلام الهزيل ويثرثر، ونحاول جاهدين أن نسكته حين يكبر فلا نقدر. والآن أتساءل: هل الأصل الصمت أم الكلام؟ أعتقد أن القليل من يجاوب، وأقل هذا القليل من يحقق إجابته على الواقع، فالأصل أن يسكت المؤمن ولا ينطق إلا استثناءً " فليقل خيرا أو ليصمت "... أنسينا أم تناسينا؟ أم صارت أمة اقرأ تطرب ولا تقرأ؟ وعلمنا أن هز الخصور أقل عناء من شحذ العقول؟ اعلم أخي الكريم وأختي الكريمة أن: الصمت يصعب تأويله وهو أفضل جواب لكثير من الأسئلة، وقيل عنه أنه العلم الأصعب من علم الكلام، وحصائد الألسنة تكون سببا في كبِّ الناس على وجوههم يوم القيامة. وقال أحد الشعراء:
يموتُ الفتى من عثرةٍ بلسانة ....وليس يموتُ المرءُ من عثرةِ الرِّجْلِ
فعثرته من فِيِه ترمْي برأسه .... وعثرته بالرِّجْلِ تبرأ على مَهْلِ
وهذا أبو العتاهية يقول: يخوضُ الناسُ في المقالِ ليوجزوا ....ولَلصَّمْتُ عن بعضِ المقالاتِ أوجزُ. وجالس أعرابيٌّ الشعبي فأطال الصمتَ، فقال له الشعبي يوماً: لما لا تتكلم؟ فقال: أسمعُ لأعلمَ، وأسكتُ فأسلمَ، ولله در الشاعر حين قال:
استر النفسَ إن استطعتَ بصمتٍ ...إن في الصمتِ راحةً للصَّموتِ
واجعل الصمتَ إن عَييتَ جواباً ....رُبَّ قولٍ جوابُهُ في السُّكوتِ.
وقال لقمانُ لابنه: يا بنُيَّ إنْ غُلبتَ على الكلام فلا تُغْلبُ على الصَّمتِ، فكن على أن تسمعَ أحرصَ على أن تقول، إني ندمتُ على الكلام مراراً، ولم أندم على السكوت مرة واحدة، وقال له أيضاً: "إذا افتخر الناسُ بحسن كلامهم فافتخر أنت بحسن صمتك"، وأنشد إبراهيم بن المهدي في هذا المعنى:
إن كان يُعجبكَ السكوتُ فإنه....قد كان يُعْجِبُ قبلك الأخيارا
ولئن ندمتَ على سكوتك مرةً ....فلقد ندمتَ على الكلام مرارا
إن السكوتَ سلامةٌ ولربما ....زرع الكلامُ عداوةً وضِرارا
فحقيق على المسلم أن يدخر لسانه ولا يرسله في غير حقِّه، ويسكت بحلم وينطق بعلم، فلا يتكلم بما لا يعلم، ولا يناظر ما لا يفهم، ولا يتعجل الجواب، وإن وجد من هو أعلم منه سكت لاستماع الفائدة عنه، وقال الأعْور الشَّنِّي فأحسن:
ألم ترَ مِفتاحَ الفؤادِ لسانَهُ...إذا هو أبدى ما يقولُ من الفَمِ
وكائن ترى من صامتٍ لك مُعْجِبِ....زيادته ونقصه في التكلمِ
لسانُ الفتى نصفٌ ونصفُ فؤاده....فلم يبقَ إلا صُورة اللحم والدَّمِ
وفي اللسانِ آفتان عظيمتان، إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى: آفة الكلام، وآفة السكوت، وقد يكونُ كلٌّ منهما أعظمَ إثماً من الأخرى في وقتها، فالساكتُ عن الحقِّ شيطانٌ أخرس، عاصٍ للهِ مراءٍ مداهن إذا لم يخف على نفسه، والمتكلمُ بالباطلِ شيطانٌ ناطقٌ عاصٍ لله. وأكثرُ الخلقِ منحرفٌ في كلامه وسكوته، فهم بين هذين النوعين، وأهلُ الوسطِ – هم أهل الصراطِ المستقيم – كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم بالنفع في الآخرة، فلا ترى أحدهم يتكلمُ بكلمةٍ تذهبُ عليه ضائعة بلا فائدة، فضلاً أن تضره في آخرته، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها كلها، ويأتي بسيئاتٍ أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به.
وقال سيدنا على رضي الله عنه ":إذا تمَّ العقل نقص الكلام، وبكثرة الصمت تكون الهيبة".
وأختم بالقول الجميل :الموتُ بداء الصمتِ خيرٌ من الموتِ بداء الكلام، ف بمئزر الصمت ائتزر، وبدثار السكوت التحفْ. وعلى يقين أن الكلَّ يصفني الآن بكثرة الهذيان ... ويقول: ليته سكت! لهذا أعلنها مدوية سأصمت ... وأتخذ من صمتي عبادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.