أمس تسبب الدكتور يحيى الجمل في نوع من الارتباك للحكومة وأعطى انطباعا بأنها جزر منعزلة، وأن بينه وبين الدكتور عصام شرف فجوة منذ قبوله لاستقالته ورفضها من المجلس العسكري. الجمل صرح في حديث لبرنامج "اتجاهات" بالتلفزيون المصري ونشره موقع أخبار مصر "الرسمي" إن المجلس العسكري وافق على تأجيل الانتخابات لشهر ديسمبر. بعض القنوات الفضائية التقطت التصريح ونشرته كخبر عاجل وهو بالفعل يستحق ذلك. زميلنا الإعلامي الذكي محمود الوراوري الذي انتقل مؤخرا من قناة "العربية" إلى فضائية المحور، اتصل بالدكتور أحمد السمان المتحدث باسم رئيس الوزراء ليسأله عن خطط ما بعد التأجيل. لكن المفاجأة أن الحكومة لا تعلم شيئا ولم يصلها شيء، فقد أجاب الدكتور أحمد السمان المتحدث الرسمي باسم الدكتور عصام شرف بأنه لا جديد عند الحكومة سوى أن الانتخابات ستجري في موعدها، وأنها تستعد لذلك. كان رد فعل طبيعيا من الوراوري أن يعلق بأن التصريح بالتأجيل جاء على لسان نائب رئيس الحكومة، فكيف لم تعلم به الحكومة؟!.. أحمد السمان تحدث أيضا لبرنامج "الميدان" في قناة "التحرير" مضيفا كلاما يستحق أن نضع تحته مليون خط، فقد قال إنه "ليس هناك تأجيل لموعد الانتخابات القادمة، وأن مجلس الوزراء جهة تنفيذية وليست جهة مقررة ، وإذا كان هناك أى قرار من جانب المجلس العسكرى لتأجيل الانتخابات فان لدى المجلس العسكرى وسائله لاعلان ذلك". وتابع السمان ردا على سؤال عن حدوث ارتباك لمجلس الوزراء بسبب تصريحات الجمل، أنه – أي الجمل – "يشغلني أكثر للرد على هذه التصريحات". الجمل إذاً "مربك للحكومة" يتحدث بما لا يعلم ويشغل نفسه ويشغلها بتصريحاته، في وقت يجب أن تنشغل فيه بحل المشكلات المتراكمة والمتوالية التي تهبط صباحاً مساءً على رأسها. وفوق ذلك يبدو أنه في "جزيرة" وشرف في جزيرة أخرى منفصلة هل أراد الجمل إرسال رسالة لشرف بأنه "آخر من يعلم"، وأن المجلس العسكري يقوم بتحجيمه أو إهماله وتجاهله، وبذلك يرد له الصاع صاعين لأنه قبل استقالته؟! ثم نقل موقع "اليوم السابع" عن مصدر في المجلس العسكري نفيا لكلام الجمل جملة وتفصيلا. صباحا قالت مقدمة برنامج "صباح دريم" إنها سألت الجمل عن الحقيقة فعقب بأن "اليوم السابع" اعتادت على الأكاذيب. أي أنه يعيد تأكيد كلامه بخصوص التأجيل. ارتبكنا نحن أيضا. نصدق الجمل أم نصدق رئيس الحكومة على لسان متحدثه الرسمي.. أم نصدق ما نسبته "اليوم السابع" لمصدر عسكري؟! دعني أقول ما عندي.. أما أن المجلس العسكري أوحى للجمل أن يصرح بذلك اعتمادا على تسرعه وما فيه من عجلة وعدم ترو، كبالون اختبار إذا أعلنت التأجيل فعليا. ولو كان ذلك المقصود فعلا، فهي حركة (نص كم) تسيئ للمجلس وحكمته وقدراته السياسية التي أظهرها طوال الشهور الماضية. وأما أن الجمل عنده "شعره ساعة تروح وساعة تيجي". وقد جاءته في تلك الليلة فأعلن تصريحه الخطير، الذي لا يسيئ لرئيس الوزراء فقط، وإنما يضع المجلس العسكري في ورطة، فقد سمعنا فورا من يعلق: قلنا لكم "العسكر" لن يتركوا الحكم وهذه أول قطرة! إذا كان المتحدث باسم رئيس الحكومة يرى أنه يشغلهم بالرد على ما يدلي به من تصريحات.. فلماذا لا يبيعه "المجلس العسكري"؟!.. سؤال مجازي يعني تركه وحال سبيله، فالحكومة ليست محتاجة إلى مزيد من الارتباك والتشتت واهمال الأولويات؟!