سمعت من قيادات رفيعة بالدولة، بأن الجيش الحر، هو الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا! تواتر مثل هذا الكلام ومن شخصيات كبيرة متماسة مع السلطة، يعني بالتبعية أن هذا التصور هو قناعة صانع القرار المصري.. وبمعنى أوضح: فإن مصر الرسمية تعتبر المجرم والطاغية بشار الأسد في حرب مع الإخوان. وبالعودة إلى الملف الليبي، فإن القاهرة، تدعم بشكل علني الجنرال خليفة حفتر، بوصفه "امتدادا" للتجربة المصرية مع الإخوان في مصر.. ومنذ أيام مضت، اتفق الطرفان على ما يشبه التعاون العسكري والأمني بينهما.. في صيغة تعاون "تدريبي".. غير أن ثمة تقارير غربية رسمية زعمت وجود دعم لوجستي مصري للعدوان الإماراتي على ليبيا منذ أسبوعين. صورة التعاون المصري مع فلول القذافي ممثلا في الجنرال خليفة حفتر، ربما تكون واضحة نسبيا، وللقاهرة بالطبع مبرراتها في ذلك الشان. غير أنها لا زالت ملتبسة فيما يتعلق بالملف السوري، وحتى الآن لا تعلن مصر بشكل واضح موقفها من المجرم الطائفي الدموي بشار الأسد. غير أن ما يصدر من تصريحات من شخصيات قريبة من مؤسسات القوة في مصر، والتي تعتبر الجيش الحر في سوريا "إخوانيا".. هو ما يثير القلق فعلا.. لأن النظام المصري في حالة مواجهة "صفرية" مع الجماعة، ما يطرح سؤالا بشأن سقف العلاقة التي تربطه بالنظام السوري الدموي في دمشق.. وموقف القاهرة من الثورة السورية إجمالا. وإذا كانت مصر تعتبر الجيش الحر "إخوانيا".. فماذا تبقى لها من جماعات سورية معارضة، يمكن أن تؤيدها حال كان لها موقف مناهض للمذابح التي يرتكبها بشار الأسد كل دقيقة في حق شعبه؟! الجيش الحر، يحظى تقريبا بتأييد ودعم القوى الدولية الكبرى ما عدا الصين وروسيا بطبيعة الحال الداعمتين للأسد وذلك لكونها القوة العسكرية العلمانية الوحيدة على الأرض في سوريا، ويحظى بهذا الدعم ليس فقط لمعارضته لنظام الحكم العلوي، وإنما بوصفه البديل الآمن حتى الأن للجماعات الإسلامية المقاتلة والتي يعتبرها المجتمع الدولي "جماعات إرهابية" وعلى رأسها داعش. ربما يكون بالجيش الجر "فصيل إخواني".. ولكن قوامه الأساسي مشكل، من تيارات وقوى علمانية وليبرالية يطمئن إليها المجتمع الدولي. المهم أنه إذا كانت مصر تعتبر أن الجيش الحر "إخوان مسلمون".. فلم يعد أمامها إلا خياران وحيدان: إما "داعش" وإما "بشار".. ولما كانت القاهرة تعتبر داعش جماعة إرهابية فلم يعد أمامها إلا بشار الأسد.. فما عساها تفعل في الملف السوري؟! هذا هو السؤال المعضلة والذي ربما يضع مصر في صيغتها الحالية بعد 30 يونيو في أخطر اختباراتها أمام الرأي العام العربي.. وأمام ضميرها الوطني والإنساني.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.