النظام السابق جعل من جماعة الإخوان المسلمين "فزاعة" لإخافة الغرب في الخارج والأقباط بالداخل، وبعد الثورة، جعل "أيتام مبارك" ومثيرو الشغب ضد استفتاء 19 مارس، من الجماعة "دوكو" لطلاء وتجميل والواجهات المعادية لأول تجربة ديمقراطية في مصر. أخذتني الدهشة كل مأخذ، عندما لاحظت حرص الجماعة على الاستجابة للمشاركة في مؤتمرات واجتماعات هدفها الأساسي، إعادة الوضع في مصر، إلى ما قبل استفتاء مارس.. فإذا كان لما يطلق عليهم ب"الحركات الجديدة" مصالح في الالتفاف على نتائج الاستفتاء، فإنني لا أدري ما هي مصلحة الجماعة في أن تورد نفسها مورد الشبهات، وهي تتلو في الأثر "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"! من المؤسف أن تشارك الجماعة في لقاء يقدم اقتراحا "نكتة" ولا يوجد مثيل له في العالم المتمدين ولا حتى يمكن قبوله إلا في مصحات الأمراض النفسية، هو اجراء "استفتاء على نتائج الاستفتاء"! هذا "الهلفطة" لا تليق أبدا بوقار اللحظة وهيبتها.. وما كان للجماعة، ان تكون طرفا فيها، لأنها تُستخدم اليوم وكما قلت ك "ميك اب" لتجميل هذا القبح السياسي، وتقديم "الشبيحة" إلى الرأي العام في صورة "رجال سياسة". نتائج الاستفتاء باتت خارج أي جدل يحاول الغائها، ولا يجوز قبول أية دعوة، يكون على أجندتها إعادة النظر في نتائج استفتاء 19 مارس، لأنها في واقع الحال إهانة فجة وصريحة تبلغ مبلغ "الجليطة" في التعامل مع الشعب الذي قال كلمته ديمقراطيا بشأن ترتيبات نقل السلطة من العسكريين إلى حكومة مدنية منتخبة. أنا لست ضد الحوار مع أي تيار سياسي أيا كان وزنه، ولكن توجد أمور لها من "القداسة" ما يجعلها في منزلة التوقير والاحترام والنزول عند استحقاقاتها وعلى رأس ذلك ما جرى الفصل فيه عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع. فعندما تصدر مانشيتات الصحف قائلة بأن الإخوان يشاركون في مؤتمر أو اجتماع "الدستور أولا".. فإن أول انطباع سيتكون لدى القارئ هو أن الإخوان إما مع فحوى الشعار، او أنها قبلت مراجعة نتائج الاستفتاء، أوأنها ليس لديها مانع من النزول عند مطالب "الشبيحة" ولكن بشروط! أعرف أن الجماعة، لا تريد أن تتهم بأنها "اقصائية" أو ترفض التواصل والحوار مع القوى الوطنية.. وأنها شديدة الحرص هذه الأيام على مراعاة شعور الجميع.. غير أن الأمر في هذا الموضوع على وجه التحديد، لا يمكن التعاطي معه باتباع تقاليد "الإتيكيت السياسي".. لأن المسألة التي يدعون إليها ليست موضوعا للمراجعة، لأنه قد تم الفصل بشأنها ديمقراطيا، ولا يجوز من باب التأدب مع الشعب أن نتهمه بأنه قاصر ومخطئ ولا يفهم وأن "شوية" الحركات الجديدة التي ظهرت مؤخرا، هي الأذكى والأكثر منه فهما ووعيا ووطنية، وعليه أن يقبل بأن يلغي عقله وارادته ويسلم أمره ومستقبله لهذه البلطجة غير المسؤولة. نربأ بالجماعة أن تتحول إلى "غسالة مواقف" تعيد غسل من علق بتاريخه قبل الثورة وبعدها، ما يخزي ولا يشرف أحدا أبدا. [email protected]