منير: ضغوط مصرية وخليجية على لندن لتصنيفنا جماعة إرهابية.. السيسي يحذر من المغالاة فى الفرح.. وجبريل: الجماعة ستستغل نتائج التحقيقات لصالحها تسود حاليًا حالة من الترقب على المستويين المحلى والدولي لنتائج التحقيقات البريطانية، حول فكر ومنهج جماعة "الإخوان المسلمين" بالمملكة المتحدة، ففي الوقت الذى اعتبر فيه مراقبون تسريبات صحيفة "فاينانشيال تايمز"، بالون اختبار لموقف الدول والحكومات المناهضة للجماعة، وعلى رأسها السلطة الحالية في مصر، والسعودية والإمارات، وأن تأخير نشره جاء خشية رفض تلك الدول له، نظرًا للمصالح المشتركة بين لندن وتلك الدول، رحبت الجماعة وحلفاؤها بالتسريبات التي قيل إنها تنصفها. وكانت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، نقلت عن مصادر رسمية لم تسمها، إن تقريرا للحكومة البريطانية عن جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر تأجل لعدم موافقة وزراء ومسئولين على ما انتهى إليه من نتائج. وأضافت الصحيفة نقلاً عن مصادر مسئولة أن "التقرير خلص إلى أنه لا ينبغي تصنيف الجماعة السياسية كمنظمة إرهابية، وأنه لم يجد دليلا يذكر على أن أعضاءها ضالعون في أنشطة إرهابية". وأشارت إلى أن "وزراء عطلوا نشر التقرير لعدة أسابيع خوفا من رد فعل الحلفاء في الشرق الأوسط". وقالت الصحيفة، إن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذى قالت إنه يقع تحت ضغط من حلفائه بالخليج كان قد طلب من سفير بريطانيا لدى السعودية، جون جنكينز، إجراء تحقيق لمعرفة هل يتعين تصنيف الإخوان المسلمين تنظيمًا "إرهابيًا" أم لا؟ ووفق "فاينانشيال تايمز"، فإن وزراء بالحكومة البريطانية عطّلوا نشر التقرير عدة أسابيع، خوفًا من رد فعل الحلفاء بالشرق الأوسط. وقال إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، إن ضغوطًا مصرية وخليجية تمارس على الحكومة البريطانية لتصنيف الجماعة إرهابية، متوقعًا ألا تخضع لندن لهذه الضغوط. وأضاف منير في تصريحات من إقامته بالعاصمة البريطانية لندن، أن بريطانيا "لم تعلن رسميا نتائج لجنة البحث والتحري التي شكلتها، لمراجعة فلسفة وأنشطة الإخوان في البلاد (بريطانيا)، ومدى اعتبار الجماعة إرهابية من عدمه"، مشيرا إلى أن التأخر في عرض التقرير "يعود لضغوط ممارسة عليها للخروج بنتيجة معينة". وذكر أن "الداعين سواء من السلطات الانقلابية بمصر أو الداعمين لها من بعض أنظمة الخليج، لهذه الخطوة (يقصد تشكيل لجنة التحري والبحث)، كانوا يتوقعون أن يجدوا مبررا لاتهام الإخوان بالإرهاب، وهو ما لم يفلحوا فيه حتى الآن"، على حد قوله. وقال إن "توقعاتهم باءت بالفشل، لأن تاريخ الإخوان ناصع، وملفات وأنشطة الجماعة متاحة أمام العالم أجمع، ولم يشوبها أي إثبات لعلاقتنا بالإرهاب"، مضيفًا "إنهم (مصر ودول الخليج) لا يزالون يمارسون الضغوط لصدور القرار بوصمنا بالإرهاب، ولكننا نتوقع أن بريطانيا لن تخرج بهذا القرار بعدما تأكدت عن طريق تحرياتها أننا أبرياء من هذه الاتهامات". وقال الدكتور أشرف عبد الغفار، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، ومقرر لجنة الإغاثة الإنسانية، والقيادى بجماعة الإخوان المسلمين، إن الحكومة البريطانية طلبت إجراء تحقيق مدني وليس جنائيًا فى نشاط جماعة الإخوان على أراضيها، وذلك إرضاء للسعودية والإمارات اللتين كانتا تأملان فى أن تصدر بريطانيا قرارًا باعتبار الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. وأشار إلى أن "التقرير الذى سرب حول نشاط الإخوان ليس بالون اختبار كما وصف إنما جاء حرصًا على العلاقة مع هذه الدول دون المساس بالقيم البريطانية"، ورأى أن القرار البريطاني الذي اعتبره "انتصارًا للحقيقة على الظلم والتزييف لن يكون له توابع وسيغلق الملف". من جهته، حذر محمد السيسي، عضو اللجنة القانونية لحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة "الإخوان" من المغالاة فى الفرح بخصوص تلك التقارير، قائلاً إنه لا يعول على تقارير الغرب، سواء كان ذلك لصالح جماعة الإخوان أو غيرها، متهمًا تلك الدول بمراعاة مصالحها الخاصة فقط، دون الاعتراف بالديمقراطية والحرية فى حال تضاربت مع مصالحها. وأضاف: "الوضع الدولي قائم على المصلحة والمصلحة فقط، فمن الممكن أن تتجه دولة كبريطانيا يومًا ما إلى إدراج الإخوان كجماعة إرهابية، فالمصالح الاقتصادية أهم بكثير عند الدول الغربية من حقوق الإنسان والديمقراطية، فنحن لم ننس ما فعله الفرنسيون فى الجزائر خلال فترة احتلالها، حيث كان الجنود الفرنسيون يقطعون رؤوس الجزائريين ويصورونها على طوابع البريد، والجنود الأمريكيون كانوا يتبولون على جماجم جنود أفغانستان، أنا أؤمن فقط بمبادئي وقيمي"، بحسب قوله. وأشار السيسي إلى وجود الجماعة فى بريطانيا منذ ستينيات القرن الماضي، منذ اضطهاد دولة جمال عبد الناصر لها، كما أن لهم وجودًا فى غالبية الدولة الغربية، أبرزها الولاياتالمتحدة وألمانيا والنرويج والسويد، وفى تلك الدول لم تثبت إدانة أى عضو منها فى ممارسة الأعمال الإرهابية، بل على العكس هم شركاء فى الحضارة الغربية الحالية، فهم يحصلون على شهادات جامعية ويعملون بها، وهذا يعتبر من أكبر الأدلة التي تثبت سلمية الجماعة، فى ظل إيمانها بقيم التعايش التي تربت عليها، بحسب تعبيره. بدوره، قال المهندس إيهاب شيحة، رئيس حزب "الأصالة"، والقيادى ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، إن "تسريبات "فاينانشيال تايمز"، متوقعة لوكانت هناك تحقيقات منصفة، وإلا فنحن أمام نظام دولي سيضع الإسلام كديانة على قائمة الإرهاب". وأضاف: "لكن دعنا نركز على أمر هام، وهو الضغوط الخليجية على بريطانيا وعلى الغرب، ففي الوقت الذى تتقاعس فيه هذه القوى عن دعم القضية العربية والإسلامية الأولى، وهى قضية فلسطين، وبدا ذلك واضحًا خلال العدوان الحالي، تجدهم يبذلون قصارى جهدهم فى اتجاه اعتبار الإخوان جماعة إرهابية فى بريطانيا، مستخدمين المال السياسي والضغوط التجارية". وتابع: "وللأسف هذا يوحى بهشاشة النظام الدولي الحالي، بل إنه أصبح مرشحًا لتغيير كبير سيحدث فى العالم يعيد ترتيب أوراق النظام الدولي الذى يبدو أنه أصبح غير مواكب للعصر ويسعى لاستعادة أنظمة فى المنطقة ثبت فشلها على مدار عقود". وأكمل: "الأمر الأخير دور الوصيف التابع الذى تنتهجه بريطانيا منذ الحرب على العراق متمثلاً فى أداء توني بلير (رئيس الوزراء الأسبق)، وإلى الآن هو دور يرتد بصانع القرار البريطاني أمام مواطنيه الذين طالما تفاخروا بأنهم أعرق الديمقراطيات فى العالم". وأردف: "أتوقع أنهم الآن بين دفتى رحى، فإذا اتخذوا القرار المنصف قد يخسرون دعمًا خليجيًا، ولكن لو اتبعوا مطالب الخليج لفقدوا كل شيء من مصداقية ومركز عالمى يريدون الحفاظ عليه". وقال شيحة، إن "هناك حراكًا دوليًا كبيرًا بعد تقرير هيومن رايتس ووتش، وأظنه سيزداد بعد هذا التقرير إذا خرج بشكل منصف، فليست لدى الثقة فى صانع القرار البريطانى وفى هذه الحالة سيكون الضغط كبيرًا دوليًا وإقليميًا ليس على الانقلاب فحسب، بل أيضًا على داعميه ممن يضغطون فى كل اتجاه، من القوى الإقليمية المعروفة بل أكاد أتوقع أنها ستواجه غضبًا شعبيًا فى بلادها". من جهته، نفى الدكتور جمال جبريل، المستشار السابق للرئيس المعزول محمد مرسى وعضو مجلس الشورى السابق، أن تكون دول خليجية مارست ضغوطًا على الحكومة البريطانية للتحقيق فى أنشطة الإخوان على أراضيها. وقال: "القضاء والمؤسسات البريطانية تتمتع بالاستقلالية، على خلاف المؤسسات السيادية الموجودة فى مصر". وأرجع جبريل، قرار رئيس الوزراء البريطاني بالتحقيق فى أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، إلى رغبة بريطانيا فى إثبات أنها دولة لا ترعى أو تحتضن الإرهاب أمام العالم، خاصة أن المقر الرئيسي للجماعة موجود هناك. وأضاف: "لو ثبت للحكومة البريطانية ممارسة الجماعة لأي أنشطة إرهابية ستطرد أعضاءها من هناك". وأوضح جبريل أن الجماعة ستعمل على استغلال نتائج التحقيقات لو جاءت فى صالحها، كما كشفت تسريبات صحيفة "فاينانشيال تايمز"، سياسيًا فى ظل نشاطها الدبلوماسى والسياسى الحالي. فى السياق ذاته، وصف الدكتور ثروت نافع، وكيل لجنة الأمن القومى بمجلس الشورى السابق، قرار الحكومة البريطانية بالتحقيق فى أنشطة الجماعة على أراضيها بأنه "سياسى بالدرجة الأولى، وهو نتيجة ضغط دول خليجية داعمة للانقلاب"، بحسب قوله. وأضاف نافع "ذكرت منذ بداية إعلان الحكومة البريطانية مراجعة أفكار الجماعة على أراضيها، أنها لن تتوصل لشيء يدين الجماعة، لان أوروبا والغرب يعلمون جيدًا أن الإخوان منهجهم سلمى وآمنوا بالعملية الديمقراطية بخلاف الجماعات الأخرى الأكثر تشددًا". وتوقع نافع، أن يكون قرار المراجعة فقط كأداة للضغط من جانب بريطانيا على الإخوان للقبول بالتفاوض مع من وصفهم ب "الانقلابيين". وأشار إلى رغم انحياز الحكومة البريطانية لما وصفه بالانقلاب العسكري وأعوانه من بعض دول الخليج، فبريطانيا دولة لديها منظومة للعدالة حقيقية وليست مثل مجتمعاتنا، وهو ما يؤكد أن الحق سيظهر فى النهاية، بحسب تعبيره.