كتب د. د.إيهاب فؤاد عندما تبكى صاحبة الجلالة ويستصرخ الناس فى بلاطها تختلف معانى الكلمات وترتدى ثوبا ألبسه النساك فى محرابها لها رغما عنها،فى بلاطها تتعطل لغة الكلام ويفقد الحرف كل معنى ومغزى وتصبح لغة الأنين لسان حال المكلومين،تصبح العيون حيرى فى سنوات الغضب وخريف العمر وربيعه أنت اقوى واعتى،ألبسوك ياصاحبة الجلالة والفخامة رداء من العز وكسوك بالوقار حين كنت تقفين للمتربصين بالكلمة بالمرصاد حتى تنحنى منهم الرءوس ويخضعون راغبين لامرغمين، فى بلاطك ياسيدتى تعلمت معنى الكلمة وقدر قائلها وإن كلفته حياته فهى تلك الشموع التى تحترق لتضئ لمن حولها، نصبوك سلطة تنهض برسالتها فى حرية واستقلال لتنشر الحق والفضيلة ولتحارب الباطل والرذيلة، فكانت سلطتك أقوى من المدفع وأعتى من اسلحة الدمار الشامل، لأنك تبنين ولاتهدمين وترفعين ولاتضعين إلا من أبى إلا ان يلوث رداءه ويمزق ثوبه المهلهل.. كنت ومازلت وسيلة للرقابة الشعبية على مؤسسات المجتمع من خلال التعبير عن الرأي والنقد ونشر الأخبار والمعلومات في إطار من الدستور والقانون مع احترام المقومات الأساسية للمجتمع وحقوق وحريات الآخرين . وحرية الرأي والتعبير مكفولة لكل مواطن فى بلد حر يأمن على رأيه ويأمن على نفسه .لم نكد نستيقظ على نبأ حتى تأخذنا أنباء وأخبار فى عصر يتشدق فيه المسؤلون أنه لم يقصف قلم واحد، ولم يحجر على فكر أو رأى، ولم يضيق على الصحفيين ولم يسجن منهم أحد، بتنا نردد ونكذب حتى صدقنا أنفسنا، كلما حاول الناس أن يشموا نسيم الحرية وأن يروا بصيصيا من النور فى ظلام دامس معتم تلطمهم الأحداث وتفاجئهم المواقف المتعاقبة فى زمن لم يعد يخفى فيه على القاص أو الدان مايحدث إذ أضحى العالم ضاحية صغيرة،فى كل يوم ومع كل صباح نتحدث عن الديمقراطية وحرية الرأى والصحافة حتى صدعوا منا الرأس،ماذا يحدث لمصرنا على وجه الخصوص؟ هل بتنا من أنفسنا على وجل؟هل بتنا نتمرغ فى الحرية المزعومة والكلام المعسول والمكذوب؟ أين حرية الرأى فى زمن تصادر فيه الآراء وتكبح فيه الحريات وتغلق الصحف بالقرارات السيادية المعروفة والمعهودة؟ فى هذه الفترة من تاريخنا تغلق الصحف وتصادر الآراء ولا حياة لمن تنادى، لم يعد فى قوس الصبر منزع، ولم يعد هناك مجال للتشدق بالديمقراطية كأن قدرنا كشعب أن نلهث ولا نحصل حقوقنا، لمصلحة من تغلق جريدة آفاق عربية، لمصلحة من يعتقل الشرفاء من أبناء الوطن بحجج واهية ممسوخة وأكاذيب ممقوتة؟ لمصلحة من تخرس الألسنة وتكمم الأفواه؟ لا يمكن لعاقل أن يقبل هذه الممارسات المشينة من قبل نظام يستعلى على شعبه ويحتقره ولايقيم له وزنا وهم يظنون الخلود والبقاء، أما آن لأصحاب الأقلام الحرة الرشيفة أن تنتفض وتعلنها رفضا قاطعا لكل الممارسات، لو كنا فى بلد حر لقامت الدنيا ولم تقعد ولحجبت كل الصحف عن الصدور تضامنا مع الجريدة التى أغلقوها وإن كانت تمثل تيارا فكريا قد يتفق أو يختلف معه أحدنا، لكنها الحرية المنشودة والأمل المرجو من الإصلاح، إن اسكات هذه السلطة الرقابية على مؤسسات المجتمع والأفراد يعنى أن يترك الحبل على الغارب للمتربصين والمنتفعين والمتمرغين فى خير هذا الشعب دون غيرهم ليرتعوا ويلعبوا حيث لا رقيب ولا حسيب...