ثار جدل قانوني حول اعتزام الحكومة إعداد مشروع قانون لمواجهة الإرهاب، فالبعض يرى أنه يهدف لمواجهة "الإخوان المسلمين" التي صنفتها الحكومة ك "جماعة إرهابية" في ديسمبر الماضي، بينما يرى البعض الآخر أن إصرار الحكومة على إصدار مشروع قانون الإرهاب محاولة منها لتكميم الأفواه المعارضة، وذلك من خلال إجراءات استثنائية بديلة للمحاكمات العسكرية ولقانون الطوارئ. وقال المستشار حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن الحكومة تعتزم إصدار حزمة من التشريعات الجديدة لتغليظ العقوبة على المخربين والإرهابيين، فضلاً عن اعتكافها لدراسة مشروع قانون الإرهاب حتى تتمكن من مواجهة الإرهاب الذي تفشي في البلاد، مشيرًا إلى أن مشروع القانون تضمن بعض الإجراءات الاستثنائية، موضحًا أنها بديلة للمحاكمات العسكرية. وأكد الجمل أن الإجراءات الاستثنائية هي بديلة للمحاكمات العسكرية ولا يجوز محاكمة المدنيين أمامها طبقًا للدستور، معتبرًا أن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية عودة للنظام السابق ومخالفة صريحة للدستور. وأضاف أن كل مَن قام بالاعتداء على رجال القوات المسلحة ومنشآتها أو تخريب معداتها وسرقة الأسلحة الخاصة بها وقتل رجالها إذا ارتكب الشخص أيًا من هذه الاعتداءات يخضع للقضاء العسكرية ويحاكم محاكمة عسكرية ما عدا ذلك يعتبر مخالفة صريحة للقانون. وقال إن مَن قام باستخدام العنف ضد مجموعة أو أحدث الرعب في نفوس المواطنين وقتل، يعاقب طبقًا لقانون الإرهاب في المادة 86، مشيرًا إلى أن مَن قام بتفجير كبينة للكهرباء أو قام بالاعتداء على المنشآت العامة وما إلى ذلك يستوجب على الحكومة المصرية الإسراع بإصدار قانون لتغليظ العقوبة على مَن قام بإحداث الفوضى والتخريب في البلاد، ضرورة تشديد العقوبة لتصل إلى الإعدام فى حال وقوع ضحايا، بالإضافة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة فى بعض الجرائم. وأوضح الجمل أن تعريف كلمة إرهاب، هو كل مَن استخدم القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني؛ تنفيذًا لمشروع إجرامي فردى أو جماعي، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالمواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها، أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح. وتابع رئيس مجلس الدولة الأسبق، أنه يعاقب بالسجن المشدد كل مَن أنشأ أو أسس أو نظّم أو أدار على خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التى كفلها الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى. ولفت الجمل إلى أن عقوبة مَن يستخدم الإرهاب كوسيلة فى تحقيق أو تنفيذ الأغراض التى تدعو إليها الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الجماعة أو العصابة، الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة ويعاقب بذات العقوبة كل مَن أمدّها بأسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو أموال أو معلومات، مع علمه بما تدعو إليه، وبوسائلها فى تحقيق أو تنفيذ ذلك. وأضف الجمل أن الرئيس السابق عدلي منصور، أصدر العديد من مشاريع القانون التي تتلاءم مع المرحلة التي تمر بها البلاد ومنها مشروع قانون الإرهاب في المادة الرابعة من مشروع قانون الإرهاب والتي نصت على أنه يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة 25 عامًا كل مَن تولى زعامة أو قيادة أى من التنظيمات المذكورة أو أمدّها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه. وقال الجمل إن نص مشروع القانون نص أيضًا على أنه يعاقب بالسجن المشدد كل مَن انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات أو شارك فيها بأي صورة مع علمه بأغراضه، ويعاقب كل مَن روّج بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى للأغراض المذكورة "فى تعريف كلمة إرهاب" وكذلك يعاقب بنفس العقوبة كل من اختطف وسيلة من وسائل النقل الجوي أو البري أو المائي؛ معرضًا سلامة مَن بها للخطر، أو إذا قاوم الجاني بالقوة أو العنف السلطات العامة أثناء تأدية وظيفتها في استعادة الوسيلة من سيطرته، وتكون العقوبة الإعدام إذا نشأ عن الفعل موت شخص داخل الوسيلة أو خارجها". وشدد الجمل على أهمية مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية، وذلك لإجهاد جميع محاولات جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت على ما يبدو أنها تسعى لإعاقة جهات الدولة المختلفة، وإضعافها، مشيرًا إلى أن مصر تشهد الآن حالة من العنف لم تشهدها من قبل، حيث اشتد اشتعال الحرب بين النظام السياسي والاجتماعي والشرطة والجيش وجماعة الإخوان المسلمين. واعتبر الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة، أن الدولة المصرية اعتادت على عدم احترام القانون، وأصبحنا نعيش في دولة غير قانونية في ظل حكومات استبدادية لا تعرف حرية أو ديمقراطية، مؤكدًا أن الحكومة المصرية مُصرّة على تحدي الشعب بإصدار قوانين تكبله وتقيد حرياته. وأشار إلى أن إصرار الحكومة المصرية على إصدار مشروع قانون للإرهاب جريمة في حق الشعب، مما يؤكد أننا نعيش في دولة لا تحترم القانون، على حد قوله. وقال إن الحكومة المصرية حكمت على هذا الشعب أن يعيش تحت أقدامها، وأوضح أن إصدار قانون لمكافحة الإرهاب سيخرج من رحمه الإجراءات الاستثنائية البديلة للمحاكمات العسكرية وهو ما يعد تكريسًا لسياسة قمع الحريات، وتكميم أفواه المعارضة ومقيدًا لجميع أشكال التعبير عن الرأي. وأبدي الدكتور ثروت بدوي، الفقيه الدستوري، رفضه على إصرار الحكومة المصرية بإصدار مشروع "قانون الإرهاب"، قائلا: "لقد طفح الكيل من دي حكومة" على حد قوله. فيما أكد الدكتور هاني الصادق، رئيس منظمة "إنسان بلا حدود"، وعضو الجمعية المصرية للقانون الدولي، أن اعتكاف الحكومة المصرية على دراسة إصدار قانون لمواجهة ما وصفته ب"الإرهاب"، محاولة منها لتكميم الأفواه المعارضة، وذلك من خلال إجراءات استثنائية بديلة للمحاكمات العسكرية، ولقانون الطوارئ، مضيفًا أن مشروع قانون الإرهاب المنتظر صدوره، يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويخالف كل المعاهدات والمواثيق الدولية. وأشار إلى أن فقهاء القانون لم يشهدوا من قبل على مستوى العالم مصطلحًا محددًا في تعريف الإرهاب، أو قانون دولي للإرهاب، التي ترغب السلطات المصرية أن تنشأ قانونًا للإرهاب، وإنشاء محاكم خاصة للمعتقلين المتهمين بهذه التهمة، في إجراءات استثنائية مخالفة لدساتير العالم والقانون الدولي. وأوضح أن الحكومة المصرية تريد التخلص من معارضيها عن طريق سنّ قانون للإرهاب للتخلص نهائيًا من المعارضة التي تكشفه أو تعترض على ممارساته أو فساده.