الطلاب حضروا والمعلمون غابوا، محافظ الشرقية يحيل 52 شخصا للتحقيق    خبير: أراضي طرح النهر في البحيرة والمنوفية أكثر عرضة للغرق لهذه الأسباب    جامعة قناة السويس تواصل دعم الحرف اليدوية بمشاركتها في معرض تراثنا الدولي    محافظ الغربية يرحب بوزير الأوقاف والمفتي في احتفالات العيد القومي    البلطي ب 60 والبوري ب 95 جنيها، إقبال كثيف على الأسماك بالمعرض الدائم في المنصورة (فيديو)    المراكب وسيلة تنقل سكان دلهمو في المنوفية بسبب فيضان النيل (فيديو)    تداول 66 ألف طن و941 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    توجيهات رئاسية حاسمة للحكومة وقرارات جمهورية مهمة تتصدران نشاط السيسي الأسبوعي    الجيش الفلبيني يرفض دعوات ضباط متقاعدين للتدخل العسكري وإسقاط الرئيس    الأونروا تنتصر قضائيا في أمريكا.. رفض دعوى عائلات الأسرى الإسرائيليين للمطالبة بتعويضات بمليار دولار    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    شاهد، الخطيب وقائمته يتقدمون بأوراق ترشحهم في انتخابات الأهلي    إدارة مسار تشدد على ضرورة الفوز أمام الأهلي.. وأنباء حول مصير عبد الرحمن عايد    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    محافظ الدقهلية: لا تلاعب في وزن أو سعر أسطوانات الغاز بعد اليوم    ضبطوا متلبسين.. حبس متهم وشقيقة بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة بالهرم    خلافات حول أولوية الحلاقة تنتهي بمقتل شاب طعنا على يد آخر بأكتوبر    سامح حسين: لا مشاهد مثيرة للجدل في فيلم "استنساخ"    غدا .. انطلاق مهرجان نقابة المهن التمثيلية بمسرح جراند نايل تاور    دار الكتب والوثائق القومية تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول العربية المعتمدين لدى اليونسكو    126 عملية جراحية و103 مقياس سمع بمستشفى العريش العام خلال أسبوع    اعرفي مدة شفاء الأطفال من الأمراض المعدية المنتشرة حاليا    أجهزة أمن القاهرة تضبط عصابات سرقة الهواتف والسيارات    الداخلية تضبط قضايا تهريب وتنفيذ 230 حكما قضائيا عبر المنافذ في 24 ساعة    الأمم المتحدة: الحديث عن منطقة آمنة في جنوب غزة مهزلة    محمد عواد يعود لقائمة الزمالك فى مواجهة غزل المحلة    محمد زيدان يتعرض لوعكة صحية    مشروع 2025 سلاح ترامب الجديد ضد الديمقراطيين.. "AP" تكشف التفاصيل    "فيها إيه يعنى" يحقق انطلاقة قوية بأكثر من 5 ملايين جنيه فى يومين فقط    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    حفلة الإنس والشياطين: ورأيت كاتبًا يتسكع فى فن القصة القصيرة    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    حكم البيع الإلكترونى بعد الأذان لصلاة الجمعة.. الإفتاء تجيب    محافظ الإسكندرية: الانتهاء من رصف 9 شوارع وإعادة الشيء لأصله ب7 آخرين بحي غرب    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    انتخابات مجلس النواب.. أسماء محافظات المرحلة الثانية    «نظام اللعب السبب».. رد مفاجئ من سلوت بعد غياب محمد صلاح عن التسجيل    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    النظام الغذائي الصديق للبيئة «صحة الكوكب» يقلل من مخاطر السرطان    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    بريطانيا..مقتل 2 وإصابة 4 في هجوم دهس وطعن خارج كنيس يهودي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    مواقيت الصلاة اليوم وموعد خطبة الجمعة 3-10-2025 في بني سويف    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حدث تاريخي.. أول ترشيح مصري منذ 20 عامًا    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    اللجنة النقابية تكشف حقيقة بيان الصفحة الرسمية بشأن تطبيق الحد الأدنى للأجور    رابط التقييمات الأسبوعية 2025/2026 على موقع وزارة التربية والتعليم (اعرف التفاصيل)    أتربة عالقة في الأجواء .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025    «هيدوب في بوقك».. طريقة سهلة لعمل الليمون المخلل في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال شائك: أي إسلام نتبع ونطبق؟!
نشر في المصريون يوم 14 - 06 - 2011

علق أحد الإخوة القراء، على مقالي السابق (التطرف العلماني والتحرش بالمادة الثانية)، بسؤال كالتالي:
لا أتفق مع رأي الكاتب أن من يريدون تعديل المادة الثانية، إما إنسان يجهل الإسلام، أو إنسان يعادي الإسلام، لماذا لا يصدر طلب التعديل (وليس الإلغاء) من إنسان مسلم محب لدينه، ولكنه يجد النص الحالي غير عملي؟ أي تفسير للشريعة سنتبع في المسائل الغير متفق عليها، والتي يحق الاجتهاد فيها؟ مثلا حق المرأة وغير المسلم في الترشيح لانتخابات الرئاسة، وحق المرأة في تولى منصب القضاء أو أي مناصب قيادية؟ أرجو من الكاتب الإجابة على هذا السؤال.
وهو سؤال، يسأله كثير من الكتاب الليبراليين والعلمانيين، عندما يطالب الإسلاميون بتطبيق الشريعة، أو أنهم يؤمنون بدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، وقد تساءل أكثر من كاتب عن أي إسلام تدعون إليه، وأي إسلام سنطبق ونتبع؟ والنماذج كثيرة، فهل سنطبق الإسلام الوهابي، أم السلفي، أم الإخواني؟ النموذج السعودي، أم النموذج الطالباني في أفغانستان، أم النموذج السوداني، وما أكثر النماذج؟
وهنا ينبغي أن نفرق بين أمرين كثيرا ما يحدث فيهما خلط كبير، ولذا يساء إلى الإسلام من خلال تجارب أهله، نجحت أم أخفقت، ينبغي علينا أن نفرق بين: الإسلام، والفكر الإسلامي، فالإسلام هو وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي تكفل الله بحفظه: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وهذا الوحي له عند المسلم مكانته، من التقدير والتقديس والاحترام والاتباع، وهو يمثل أهم الثوابت التي تتفق عليها الأمة الإسلامية. وهذا الوحي ينقسم إلى قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وقطعي الثبوت ظني الدلالة، فالقرآن الكريم كله قطعي الثبوت، ولكن ليست كل آياته قطعية الدلالة، بمعنى أن كثيرا من آيات القرآن الكريم، عند التأمل فيها والتدبر لها، تعطي أكثر من معنى، مثلا، قوله تعالى: (وامسحوا برؤوسكم) المائدة: . فالنص آية لا خلاف على ثبوتها، ولكن الخلاف في حرف واحد من كلمة، الباء في رؤوسكم، هل الباء هنا للتبعيض، ومن هنا يأخذ بعض الفقهاء بأن بعض شعرات من الرأس تجزئ، ومنهم من يرى أن الباء زائدة، والتقدير (وامسحوا رؤوسكم)، والمطلوب مسح كل الرأس. ومنهم من يرى أنها للإلصاق، وهكذا، والوحي هنا يترك مساحة كبيرة لعمل عقل الفقيه المسلم، وتأمله وتقليبه النظر في النص. وكثير من النصوص ليس قطعي الدلالة، لتجتهد الأمة في فهمه، ممثلة في أهل الاختصاص فيها، في كل ما يجد لها من قضايا.
أما الفكر الإسلامي: فهو فهم المسلمين وعلمائهم لهذا الوحي، فكل رأي لإمام من الأئمة فيما هو مختلف فيه يعد فهما منه لهذا الوحي، وليس ملزما للأمة، ولا مقدسا لديها، قابلا للأخذ والرد، ولذا وجد في أمتنا مذاهب فقهية متعددة، لها قدرها واحترامها، ولكنها ليست موضع تقديس، بل موضع أخذ ورد، ومساحة الأخذ منها والترك كبيرة جدا.
إن الإسلام الذي يرجع إليه، وندعو إليه هنا، هو: الإسلام في ثوابته لا في متغيراته, فلا مانع أن نختلف في المتغيرات، لكن لا يمكن الاختلاف في الثوابت, وهي تمثل الجسم الرئيس للأمة، والمحور الأكبر في وحدتها، إنه إسلام الفضائل الكبرى التي لا يختلف فيها، والأصول والكليات، من حيث العدل، والحرية، والشورى، وإقامة حياة كريمة للناس، ومنع الموبقات والمحرمات، وما سماه فقهاؤنا القدامى من الضرورات الخمس: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ العرض، وحفظ العقل، وأضاف بعضهم: حفظ النسل. وهي أمور لا يختلف فيها المسلم في فهمه للإسلام مصري عن غيره، أما مساحة الاختلاف فيما يختلف فيه، فهي مساحة تركها الإسلام لكل بيئة ومناخ، تأخذ وترجح ما يناسبها منه، بأدوات الترجيح المعلومة للعلماء، والتي يراعي الإسلام في هذه الترجيحات عند تساوي الأدلة، البيئة والزمان والمكان، وذلك ليصلح تشريعه لكل إنسان في كل زمان ومكان.
وقد اجتهد العلامة الشيخ يوسف القرضاوي في وضع ثلاثين معلما للوسطية الإسلامية، تمثل مرجعا مهما يمكن الرجوع إليه، فالإسلام الذي ندعو إليه هو إسلام يدعو إلى:
1 الدعوة إلى العلم الراسخ، والفهم الشامل والمتوازن للإسلام. 2 الإيمان بمرجعية القرآن والسنة. 3 تأسيس العقيدة على الإيمان والتوحيد.4 التقرب إلى الله بالعبادات ظاهرة وباطنة. 5 تزكية النفس بمكارم الأخلاق. 6 الدعوة إلى الله بالحسنى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.7 ترسيخ القيم الإنسانية والاجتماعية. 8 احترام العقل بجوار الوحي. 9 تجديد الدين من داخله، والاجتهاد من أهله في محله. 10 الدعوة إلى فقه جديد، فقه في الكون، وفقه في الدين، من نحو: فقه سنن الكون، وفقه مقاصد الشرع، وفقه مآلات الأفعال، وفقه الموازنات، وفقه الأولويات، وفقه الاختلاف، والفقه الحضاري، وفقه التغيير، وفقه المجتمع.
11 إنصاف المرأة وتكريمها، والحفاظ على فطرتها. 12 العناية بالأسرة وتوسيعها. 13 تكوين مجتمع صالح متكافل. 14 الإيمان بوجود الأمة الإسلامية ووحدتها والولاء لها. 15 إقامة الدولة العادلة. 16 تجنب تكفير الناس وتفسيقهم. 17 تقوية اقتصاد الأمة، وإقامته على أسس إسلامية. 18 الإيمان بضرورة التعددية الدينية والسياسية، والتعارف والتسامح بين الشعوب. 19 إنشاء حضارة العلم والإيمان. 20 الرقي بالفنون وتوظيفها في خدمة رسالة الأمة. 21 عمارة الأرض وتحقيق التنمية ورعاية البيئة. 22 السلام مع المسالمين، والجهاد ضد المعتدين. 23 العناية بالأقليات الإسلامية في العالم. 24 رعاية حقوق الأقليات الدينية في مجتمعاتنا الإسلامية. 25 تبني منهج التيسير في الفتوى، والتبشير في الدعوة. 26 رعاية سنة التدرج في الإصلاح والدعوة وسائر سنن الله. 27 الموازنة بين الثوابت والمتغيرات. 28 وضع التكاليف في مراتبها الشرعية (فقه الأولويات). 29 ضرورة الإصلاح والتغيير. 30 الانتفاع بتراثنا الغني بما فيه من علوم وفنون وآداب.
تلك ثلاثون معلما وضعها رائد من رواد الوسطية الإسلامية في عصرنا، وهو الشيخ يوسف القرضاوي، وشرحها في كتاب كامل له بعنوان: (فقه الوسطية الإسلامية والتجديد)، أدعوك وأدعو كل مهتم بالأمر لقراءاتها. وقد اجتهدت في اختصارها قدر الاستطاعة، ولا يغني اختصاري عن العودة للشرح الأصلي.
أما المسائل التي ذكرها السائل الكريم، وكأنها معضلة كبرى، ستقف أمامها العقلية الفقهية الإسلامية، فليس صحيحا، من قوله: عن تولي المرأة المناصب والقضاء، فهل سنعدم أن نجد في تراثنا الفقهي من قال بتولي المرأة القضاء والمناصب؟! وجد من فقهائنا كابن حزم من أجاز، ومن أجاز أن تتولى القضاء فيما يجوز أن تشهد فيه. وهي مسألة ناقشها الفقهاء المعاصرون واختلفوا فيها، ولنا أن نأخذ من آرائهم ما نأخذ ونرجحه.
أما مسألة تولي غير المسلم الرئاسة، فهي ليست معضلة كما تتصور، ويتصور البعض، لأن الحكم عقد بين الأمة والحاكم، وكان عقد الأمة منذ سنة 1 هجرية إلى سنة 1924م، كان يلزم بأن يكون الحاكم مسلما، وارتضاه الجميع مسلمون وغير مسلمين، وعندما سقطت الخلافة الإسلامية، قام على تحرير الأوطان أهل الوطن جميعا، مسلمون وغير مسلمين، فسقط العقد القديم، وجاء عقد جديد، بني على أساس المواطنة، فمن جاءت به صناديق الانتخاب قبلناع حاكما، وفق العقد الجديد الذي ارتضيناه جميعا.
إن على كل ذوي التوجهات الإصلاحية في المجتمع السعي إلى دولة المؤسسات التي يصبح فيها الحاكم مجرد منفذ للدستور، وحامي للقانون، وحارس للقيم، بحيث يكون كأشبه بمن يملك ولا يحكم، أو هو ترس في آلة كبيرة هي المؤسسات الحاكمة، لا تتوقف عنده أَزِمَّة الأمور في الدولة، بحيث يصبح الفرد الذي يتصرف في كل أمر، وبيده كل شيء، بيده يعدل أو يظلم، يكبت الحريات أو يهبها. ونحرص على توافر الضمانات التي تمنع استبداد الحاكم أو ظلمه، والتي تحفظ على الأفراد والمؤسسات حقوقها وصيانتها، وتحفظ على الحاكم مكانته وتعينه على أداء رسالته.
وليترك للشعب قراره، عن طريق صناديق الاقتراع، وليختر من يلبي له مصلحته العامة، ويحفظ عليه كيانه وحضارته وتقدمه، وليرض الجميع بما تأت به صناديق الاقتراع الحر، الذي لا يشوبه شائبة تزوير ولا تلاعب. وليكن من يكون من تأت به صناديق الاقتراع، رجلا كان أو امرأة، مسيحيا أو مسلما، أو علمانيا أو ليبراليا، أو كائنا من يكون، المهم: أن نوجد نظاما يلتزم به الجميع، ويشرف على تنفيذه الرئيس المنتخب، ويجد على رقبته سيف رقابة الجماهير، وأعينهم المفتحة، فإن أصاب: شكروه، وإن أخطأ قوموا خطأه عبر قنوات التقويم الشرعية والقانونية.
إن المعيار الذي ينبغي علينا أن نوليه الاهتمام في المناصب في الدولة: هو الكفاءة، كفاءة من نوليه المنصب، أنى وجدناه طالبنا به.
هذا ما لدي من إجابة على سؤالك، وأرجو أن أكون أجبت عنها، وعمن يتساءل نفس سؤالك، وأترك التعقيب لمن يحب التعقيب علميا على ما ذكرت.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.