حاتم النجيب يوضح أسباب انخفاض أسعار الفاكهة والخضروات    الأمم المتحدة: الوضع في غزة فشل للإنسانية    خبير اقتصادي يوضح أبعاد مشاركة مصر في مؤتمر "تيكاد 9" باليابان    أستاذ علاقات دولية: المجتمع الدولي عاجز عن مواجهة جرائم إسرائيل في ظل الدعم الأمريكي    ترامب يعلن موعد ومكان قرعة كأس العالم 2026    جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب شهادات ثانوية عامة مزورة    من أدوات الكتابة إلى روائع المصاحف.. رحلة بين تحف ومقتنيات دار الكتب    فتح باب التظلمات للطلاب الغير ناجحين بإمتحانات القبول بمدارس التمريض بقنا    حفل أهداف بقيادة هاتريك هاري كين.. بايرن ميونخ يفتتح الدوري الألماني باكتساح لايبزيج    معلق مباراة برشلونة وليفانتي في الدوري الإسباني    تعرف على نتائج مباريات اليوم في افتتاح الجولة الأولى بدوري المحترفين    نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهر الشريف 2025 خلال ساعات.. «رابط مباشر»    ضبط 1954 مخالفة ورفع كفاءة طريق «أم جعفر – الحلافي» ورصف شارع الجيش بكفر الشيخ    القضاء يسدل الستار على قضية توربينى البحيرة.. تفاصيل حكم جنايات دمنهور بإعدام صاحب كشك بكفر الدوار بتهمة الاعتداء على 3 أطفال وتصويرهم بهدف الابتزاز.. رئيس المحكمة يطالب الأهالى برعاية أولادهم    وزارة النقل تحذر من اقتحام مزلقانات القطارات وتناشد المواطنين المشاركة فى التوعية    ترامب يعلن إقامة قرعة كأس العالم 2026 في الخامس من ديسمبر المقبل    مدحت صالح يفتتح حفله في مهرجان القلعة ب«زي ما هي حبها» وسط تفاعل جماهيري كبير.. صور    «الإخوات بيتخانقوا» و«مستحيل أرجعله».. كيف تحدث حسام حبيب وشيرين عن علاقتهما قبل عودتهما؟    مصدر أمني ينفي شائعات إخوانية بشأن وجود انتهاكات بمركز للإصلاح والتأهيل    السفير حسام زكي: التحركات الإسرائيلية في غزة مرفوضة وتعيدنا إلى ما قبل 2005    رابطة الأندية تعلن تعديل مواعيد وملاعب 7 مباريات في الدوري    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    الخارجية الفلسطينية: استباحة الاحتلال والمستوطنين للضفة الغربية انتهاك صارخ وتكريس لمخططات التهويد والضم    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل    ترامب: الوضع الراهن في غزة يجب أن ينتهي    موعد إجازة المولد النبوي 2025 للقطاعين الحكومي والخاص (رسميًا)    مدرب توتنهام: لا مكان لمن لا يريد ارتداء شعارنا    الوادي الجديد تطلق منصة إلكترونية للترويج السياحي والحرف اليدوية    ليلى علوي تتألق بالوردي.. ما سر اللوك؟    صراع الخير والشر في عرض مدينة الأحلام بالمهرجان الختامي لشرائح ونوادي مسرح الطفل    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    خسارة سيدات الطائرة أمام صاحب الأرض ببطولة العالم بتايلاند    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    بادشاه لسعد القرش.. قصص فلسفية شاعرية تشتبك مع القضايا الكبرى    محمود فوزي: الحكومة جادة في تطبيق قانون الإيجار القديم وحماية الفئات الضعيفة    «التنظيم والإدارة» يعلن توقف الامتحانات بمركز تقييم القدرات.. لهذا السبب    حماس: تصريحات كاتس «اعتراف بجرم يرقى للتطهير العرقي»    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    بعد مداهمة وكر التسول.. حملات مكثفة لغلق فتحات الكباري بالجيزة| صور    نجاح عملية دقيقة لاستئصال ورم بالمخ وقاع الجمجمة بمستشفى العامرية العام بالإسكندرية    عميد طب القصر العيني يتابع جاهزية البنية التحتية استعدادًا لانطلاق العام الدراسي    لمرضى السكري - اعتاد على تناول زبدة الفول السوداني في هذا التوقيت    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    الكشف الطبى على 276 مريضا من أهالى قرى البنجر فى قافلة مجانية بالإسكندرية    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    ضبط 400 قضية مخدرات وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال يوم    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    الاقتصاد المصرى يتعافى    الداخلية تكشف تفاصيل اقتحام منزل والتعدي على أسرة بالغربية    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العثماني".. الذي جاء متأخرا..!
نشر في المصريون يوم 12 - 06 - 2011

رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة ذو الخلفية الإسلامية الذي وصل للحكم في تركيا العلمانية من خلال الديمقراطية والانتخابات النزيهة، ساهم بمواقفه السياسية فيما آلت إليه الأوضاع في ليبيا وسوريا من دماء تسيل منذ أشهر للمطالبين بالحرية. الحاكم الذي ذاق ثمرة الحرية لابد أن يشجع على نشرها في أي بلد يتحرك شعبه لانتزاعها، ولا أفهم أن ينحاز إلى ديكتاتور يقتل شعبه عندما يطالب بحقوقه سلميا، هذا ما حصل من أردوغان عندما انتفض الشعبان في إطار ربيع الحرية العربي.وهذا يطرح سؤالا عن مدى إيمانه بقضية الديمقراطية، فهو استفاد منها في وصوله للحكم، ولولاها لظل هو وأعضاء حزبه محرومين من العمل السياسي، أو ظلوا ضيوفا على المحاكم والسجون بتهمة خرق القوانين العلمانية في تركيا الكمالية، فكيف - إذن - يضن بالحرية على الشعوب التي تتشوق إليها، ولا يندفع لمساعدتها، إنما ينحاز إلى الاستبداد، هل الحرية حلال لنفسه ولشعبه، حرام لغيره؟. والسؤال الآخر يطرح إشكالية مدى إيمان الإسلاميين بالديمقراطية؟، دفاع أردوغان عن أنظمة سلطوية يثير الخوف من أي إسلامي عندما يحكم في أي بلد، فإذا كان الغرب يعتبر أردوغان النموذج المقبول للحكم والتطبيق في الدول العربية والإسلامية، ثم عندما يكون على المحك نجده لا يخلص لمبادئ الديمقراطية، وينحاز للمصالح لحفظ شعبيته الداخلية من أجل البقاء في السلطة ولتذهب الديمقراطية عند الجيران والأصدقاء إلى الجحيم، فما بالنا بالإسلاميين الآخرين الأقل اعتدالا وتجربة منه عندما يصلون للحكم؟.
يفترض أن أردوغان عاش الحرمان من ممارسة حقوقه السياسية هو وتياره العريض، بسبب القوانين المصنوعة على مقاس نظام سياسي بعينه، لإقصاء القوى الإسلامية، ويفترض أنه واصل نضال من سبقوه مثل نجم الدين أربكان، لانتزاع شرعية الوجود السياسي، والمشاركة في الحكم كالأحزاب العلمانية والقومية، فإذا ما وجد شعوبا أخرى تربطه بها علاقات تاريخية من الأخوة والجيرة والروابط الروحية والثقافية والحضارية، فلماذا لا يمد يديه إليها، خصوصا أن كلمته لها تأثير في المحيطين الإقليمي والدولي؟، بماذا كان يراهن أردوغان، هل بتحول القذافي إلى ديمقراطي بين يوم وليلة؟. وهل باتخاذ الأسد قرارات إصلاحات جذرية؟. وهل بحدوث تداول سلمي للسلطة في البلدين؟. هل الأنظمة الفردية العائلية التي تحتكر الحكم قادرة على تطوير نفسها والإصلاح الجاد من الداخل؟. النتيجة ماثلة الآن وهي أن نصائح أردوغان لأصدقائه الحكام ورهاناته على الاستجابة لمطالب شعوبهم تذهب أدراج الرياح، لكنها تأخذ معها أرواح الألوف.
هل يمكن أن يدافع أحد عن نظام القذافي الذي ليس له علاقة بالواقع، وحتى لو تم التغاضي عن العصف بالحرية، مقابل العيش الكريم للشعب، فإن هذه المعادلة لم تتحقق، رغم أن ليبيا بلد نفطي كبير، يدر مداخيل تجعل الليبي يعيش في رفاهية، لكن أحوال الليبيين شديدة البؤس، بسبب تبديد ونهب الثروات، والنتيجة انه بعد صبر 41 عاما ثار الليبيون على جماهيرية القذافي الهلامية، فكان الرد هو القصف بالدبابات والطائرات، مما اضطر الغرب إلى التدخل العسكري لحماية المدنيين. مواقف أردوغان لم تكن بمستوى مواقف فرنسا أو بريطانيا في ليبيا، ولا هي ما كان مأمولا منه في سوريا. بريق العلاقات الاقتصادية جعلت أردوغان يضحي بمبادئ الديمقراطية، ولا يستمع لأنين الناس، بل هو دافع عن صديقه القذافي، وعرقل عمل الناتو، ومنع فرنسا من قيادة العمليات لتصفية حسابات معها لها علاقة بعرقلة باريس انضمام بلاده للإتحاد الأوروبي، وهو ما أصاب الناتو بالارتباك، والتخبط، وأطال أمد العمليات، مما قد يدفع بعض الدول للانسحاب، أو تفكك التحالف، وهو ما يراهن عليه القذافي. الآن فقط يقول أردوغان ما كان يجب عليه قوله منذ أشهر: "ليس أمام القذافي خيار آخر سوى مغادرة ليبيا مع منحه ضمانا، وقد منحناه هذا الضمان، لقد قلنا له إننا سنساعد على إرساله إلى أي مكان يرغب في الذهاب إليه". هذا الكلام جاء متأخرا جدا، والرد أعلنه القذافي قبل أيام بأنه لن يغادر ليبيا أبدا.
وفي سوريا ومنذ اليوم الأول للمظاهرات السلمية، فإن أردوغان دافع بشدة عن النظام، بحكم الصداقة، والمصالح، والتداخل العرقي والتقارب السكاني والحدود المشتركة الطويلة، لكن ماذا يمنع في ظل كل هذه الروابط أن يتطور النظام سياسيا ويتحول للديمقراطية، ذلك أفضل لتركيا لأنها ستتعامل مع سلطة منتخبة بدل السلطة المفروضة التي يصنع قراراتها بضعة أفراد، وهي عرضة للتبدل حسب أمزجة صانعيها، ودليل ذلك أن العلاقات بين البلدين كانت على وشك الحرب أواخر حكم الأسد الأب، لكنها متميزة الآن، وبالتالي من يمنع ألا تتغير غدا، بل هي تتجه فعلا للتأزم بعد أن بدأ أردوغان متأخرا ينتقد تعامل النظام مع المتظاهرين، وهو لم يفعل ذلك إخلاصا للحرية، إنما لأسباب انتخابية داخلية، ولأن الغرب بدأ يتحرك ويعاقب ويسعى لمحاصرة النظام وإدانته في مجلس الأمن، أي أن دور تركيا في هذا الموضوع سيتراجع، وربما لو استمرت الأوضاع تتطور في الاتجاه الخطر لتكرر التدخل العسكري على غرار ليبيا، أي ستكون الحرب في البيت التركي.
الآن فقط وبعد دفاع مستميت عن النظام يذرف أردوغان الدموع على القتلى ويقول: للأسف فإنهم لا يتصرفون بطريقة إنسانية، ويصف التعامل مع جثث النساء اللواتي يقتلن على يد قوات الأمن السورية بأنها "من الفظاعات". ويضيف: تحدثت مع الأسد لكن السوريين لا يقدرون خطورة الوضع. وبناء على ذلك، لا يمكننا أن نصر على الدفاع عن سوريا. وفي نفس الوقت يتضامن معه الرئيس جول قائلا: للأسف، من الواضح أن الأمور في سوريا لا تتطور في الاتجاه الصحيح. كلام الاثنين رغم أنه ذر للرماد في العيون إلا أنه يمكن أن يعوض ما فات إذا تواصل الضغط بقوة لتتوقف آلة القتل.
أردوغان الذي كان أسدا هصورا على مبارك، وقبله بن علي، تحول إلى نعامة مع القذافي والأسد، وهو تناقض مواقف صارخ لا يوجد ما يبرره، فلا مبرر للتخلي عن تحركات شعبية سلمية تصبوا إلى الحرية، ولا مبرر لإسناد أنظمة تقتل شعوبها. لعبة المصالح، وقاعدة لا أخلاق في السياسة، هي التي تفرض نفسها، فلم تكن لتركيا أردوغان مصالح كبيرة مع تونس ومصر، بل كان هناك تنافس وصراع أدوار مع القاهرة خصوصا، بعكس المصالح التركية الضخمة مع ليبيا وسوريا. أردوغان وصفناه يوما بأنه محمد الفاتح القرن الواحد والعشرين، لكن يبدو أن هذا العثماني صاحب الشعبية الواسعة متعدد الأوجه، ويبدو أنه معجب بمبدأ مكيافيللي "الغاية تبرر الوسيلة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.