يأتي عيد الفطر المبارك في كل عام ليشعل مظاهر البهجة والتراحم والود داخل نفوس المسلمين، ويرسم الابتسامة على وجوه الصغار والكبار، وذلك بالتزاور والتواصل بين الأهل والأصدقاء والذهاب إلى المتنزهات لقضاء وقت ممتع بعيدًا عن التفكير في الأزمات والضغوطات التي لا تنتهي بسبب قسوة ظروف الحياة.. إلا أن هناك من الأزواج والزوجات مَن هم بارعون في استدعاء النكد أو الاستسلام له إن واجهوه، ويأبون إلا أن ينعموا ويستمتعوا بهذا العيد أو يعطوا فرصة لأفراد أسرهم كي يسعدوا ويستمتعوا به باعتباره جائزة من الله لعباده المؤمنين الذين جاهدوا أنفسهم وصاموا وقاموا وأدوا الزكاة وتخلقوا بالخلق الكريم في شهر رمضان.. حيث يجعلون من أيام العيد – وللأسف الشديد - أيامًا للحزن والاكتئاب واختلاق الأزمات التي من شأنها تعكير الصفو وتكدير المزاج وتشويه المعاني الحقيقة التي شُرِع من أجلها العيد!..
تتمثل أسباب النكد قبل وأثناء العيد في ما يلي:
أولًا: ارتفاع الأسعار بشكل جنوني مع كثرة الأعباء الملقاة على كاهل الزوج من شراء ملابس للأولاد والزوجة وإحضار مستلزمات العيد من أطعمة وأشربة وحلوى وخلافه، والتي تؤثر سلبًا على الميزانية المادية وتضطره في أحيان كثيرة إلى الاستدانة أو الاقتراض اللذَين هما بوابتا الهم والغم.. فمن الزوجات من لا يبالين بصعوبة الأوضاع المالية لأزواجهن ويجبرنهم على شراء أغلى الثياب وأفضل وأشهى الطعام حتى لا يشعرن بأنهن أقل من أحد!، وهؤلاء - هداهن الله - يرهقن أزواجهن ويكبلنهم من كل حدب وصوب حتى يمكن لهن التفاخر والتباهي بين الأهل والصديقات.. فيبدأ النكد ويشتد قبل قدوم العيد بأيام وبالتالي تموت فرحة العيد لدى هؤلاء الأزواج الذين يتم اتهام بعضهم من قبل زوجاتهم بالبخل والتقصير رغم عجزهم الحقيقي عن تلبية كل هذه الرغبات والمطالب المبالغ فيها!.
ثانيًا: تدخل بعض الأزواج في كل صغيرة وكبيرة عند التجهيز لاستقبال العيد بدءًا من اختيار ثياب الأبناء ونوع الحلوى التي سيتم تقديمها للضيوف، بل ومنهم من يتدخل بشكل سافر عند شراء الزوجة ثيابًا أو حقيبة جديدة فيفرض عليها لونًا أو شكلًا أو سعرًا معينًا!. ثالثًا: الاختلاف على تحديد أولويات برنامج الاحتفال بالعيد: فما إن يطل فجر العيد حتى تبدأ الخلافات في كثير من البيوت، وتكون النتيجة صراخًا وصدامًا وإلغاء البرنامج بأكمله أحيانًا، وبالطبع من يتضررون هم الأبناء!.. فغالبًا ما تهتم كل زوجة بقضاء واجبات عائلية في أول أيام العيد حيث زيارة أهل زوجها وأهلها وأقاربها من كبار السن، إلا أن بعض الأزواج يكتفون بزيارة أهليهم فقط في اليوم الأول وتأجيل زيارة أهل زوجاتهم اللاتي يرين في ذلك تجنيًا وإهدارًا غير مبرر لوقت العيد القصير الذي لا يكفي لترفيه وإمتاع الأبناء!.
رابعًا: البذخ والإسراف الذي يحدث أثناء تنزه الأسرة: فكثيرًا ما يرهق الخروج للتنزه أثناء أيام العيد دخل الأسرة ويكلفها نفقات كبيرة دون داعٍ في حال اختيار أماكن عالية الثمن، ما يستوجب تحكيم العقل وعدم اتباع الهوى حتى يتم قضاء عيد سعيد في ظل إمكانيات محدودة.
أخيرًا.. علينا أن نعلم جميعًا أن من المشروع في الأعياد الأكل والشرب والزينة ولكن بحدود وعدم إسراف وكذلك الترفيه واللهو المباح ونشر السعادة والمرح بين الجميع بما لا يخرج عن نطاق الشرع والأخلاق.. فجميع الأزمات التي يتعرض لها الإنسان لا يمكن التغلب عليها مطلقًا إلا بالإيمان وطاعة الله وعدم اتباع هوى النفس ووساوس الشيطان. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.