العمرة لغة: الزيارة. وشرعا: زيارة بيت الله الحرام على وجه مخصوص وهو النسك المعروف، وله أركان هي الإحرام والتلبية، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير. والعمرة مشروعة بأصل الإسلام، وأن فعلها في العمر مرة.. يقول تعالى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) (البقرة: 196)، ويقول: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 158). وليس للعمرة وقت خاص بها لا تصح إلا فيه، بيد أن أهل العلم والصالحين استحبوا وقوع العمرة في رمضان وأنه أفضل لأدائها من غيره، لما صح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر أم معقل - لما فاتها الحج- أن تعتمر في رمضان، وأخبرها أن: (عمرة في رمضان تعدل حجة). وفي لفظ: معي. أي حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ففضل الله واسع وكرمه جزيل.. وهكذا فالعمرة في رمضان لها فضل عظيم يضاعفه الله عز وجل، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما رجع من حجة الوداع قال لامرأة من الأنصار تُدعى أم سنان: "ما منعك أن تحجي معنا"؟ قالت: أبو فلان تقصد زوجها له ناضحان –أي ركوبتان- حج على أحدهما، والآخر نستقي عليه، فقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم): إذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حجة معي". (رواه البخاري ومسلم).. ويؤكد النبي في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه)، يؤكد على فضل العمرة عموما فيقول: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).. وقد اختلف العلماء في المراد بالذنوب التي تكفرها العمرة، فذهب بعضهم إلى أن المراد تكفير صغائر الذنوب دون الكبائر، وذهب البعض إلى تعميم ذلك. والله أعلى وأعلم. ومن فضل العمرة أيضا أنها تنفي الفقر كما تنفي الذنوب وفي هذا يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (تابعوا بين الحج والعمرة، فإن متابعة بينهما تنفي الذنوب بالمغفرة كما ينفي الكير خبث الحديد) (رواه الترمذي). مع الأخذ في الاعتبار أنه إذا كان ثواب العمرة في رمضان مضاعف، ويعدل ثواب الحج، لكنه لا يقوم مقامه في إسقاط الفرض أي إسقاط فرض الحج على المسلم. نقطة أخرى أردت أن أشير إليها للذين يؤدون العمرة بصورة دورية وفي أوقات متقاربة، أهمس في آذانهم وأقول لهم: من الأفضل بدلاً من تكرار العمرة، إنفاق هذه الأموال في إنشاء مشروعات ومصانع وشركات تفيد الشباب وتعود بالنفع على المجتمع وتقلل من تيار البطالة الجارف، إلى غير ذلك من الأمور، والناظر اللبيب يرى أنَّ توجيه هذه الأموال في مثل هذه الأمور أفضل بكثير _دينيًّا ودنيويًّا- فالأفضل والأجدر أنْ ينفق الشخص تلك الأموال على كفالة اليتيم أو إطعام المساكين أو المساهمة في تزويج الشباب أو المشاركة في بناء المدارس. كما ينبغي على المسلم الذي خرج لأداء هذه الشعيرة أن يقتصد في المصروفات والنفقات قدر المستطاع. أعود ثانية إلى العمرة في رمضان وأقول: فيا له من هناء، ويا له من فضل عظيم يظفر به ذلك الذي اعتمر في رمضان، وكأنه حج بيت الله الحرام في معية رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وكفى بذلك شرفا وسؤددا..
* المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية – عضو اتحاد كُتَّاب مصر