رفضت الحكومة الاستجابة لمطالب القضاة بإدخال تعديلات على مشروع قانون السلطة القضائية بعد أن وافقت في اجتماعها أمس على إحالة المشروع المقدم من وزارة العدل إلى مجلسي الشعب الشورى من دون أن تطلع عليه نادي القضاة.وتجاهل مشروع القانون مطالب القضاة الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى بعد أن رفضت الحكومة ذلك، وأصرت على استمرار اختيار أعضائه بالتعيين حتى تضمن الهيمنة على المجلس. وأدخلت الحكومة في مشروع القانون الجديد تعديلاً تم بموجبه زيادة أعضاء مجلس القضاء الأعلى إلى تسعة أعضاء من خلال إضافة اثنين من رؤساء المحاكم الابتدائية ، رغم أن رؤساء هذه المحاكم يتبعون إداريا وزير العدل . وتجاهل مشروع القانون إلغاء ندب القضاء للعمل في مؤسسات حكومية ، كما ضربت الحكومة بمطالب نادي القضاة عرض الحائط بعد رفضها الاستجابة لمطلب نقل التفتيش القضائي إلى مجلس القضاء الأعلى، وأصرت على استمرار خضوعه لإشراف وزير العدل ، بالإضافة إلى تجاهل المشروع لتخصيص ميزانية مستقلة للنادي. وكانت الحكومة قد أصدرت بيانًا أكدت فيه أنها أدخلت تعديلات على قانون السلطة القضائية تشمل إلغاء تبعية النائب العام وأعضاء النيابة العامة لوزير العدل ، وأن يكون تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية والنائب العام المساعد والمحامي العام الأول وباقي أعضاء النيابة العامة من اختصاص مجلس القضاء الأعلى. وأضاف البيان أن التعديلات تضمنت أيضا "تقرير موازنة سنوية مستقلة للقضاء والنيابة العامة" ، بينما كان القانون الحالي ينص على أن ميزانية السلطة القضائية جزء من ميزانية وزارة العدل. وزعم بيان الحكومة أنها حرصت خلال وضع التعديلات على "الاستماع إلى كافة الآراء والتوجهات ، وأخذت في الاعتبار مختلف الرؤى ، سواء من مجلس القضاء الأعلى أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية أو مجلس إدارة نادي القضاة". ونصت التعديلات حسب ما ورد بالبيان على بقاء التفتيش القضائي من اختصاص وزارة العدل، لكنها اشترطت أن يوافق مجلس القضاء الأعلى على شاغلي مناصب مساعد الوزير لشئون التفتيش القضائي ووكلاء وأعضاء إدارة التفتيش ، بينما أبقت التعديلات على حق رئيس الدولة في تعيين النائب العام. وتضمن مشروع القانون إلغاء حق وزير العدل في تنبيه رؤساء المحاكم الابتدائية وقضاتها ، وتحديد مدد إعارة القضاة وأعضاء النيابة العامة إلي الجهات الأجنبية والهيئات الدولية ، بالإضافة إلى تحديد دور التفتيش القضائي في إعداد حركة تنقلات القضاة ، وضرورة أن تراعي الحركة تحقيق رغبات رجال القضاء والنيابة العامة وإتاحة الفرصة أمامهم للتظلم من قرار النقل . وفيما يتعلق بالدعاوى التأديبية للقضاة استحدث مشروع القانون ضمانة جديدة بالنص على أن يكون التقاضي عبر درجتين ، وذلك لإتاحة الفرصة للقاضي في الطعن علي الحكم الذي يصدر من محكمة أول درجة . وقد أشعل تمرير الحكومة لمشروع القانون غضبًا عارمًا في أوساط القضاة ، الذين قرروا بحث سبل الرد المناسب على التجاهل الحكومي لمطالبهم في اجتماع سيعقد اليوم بمقر النادي. ومن المنتظر أن يقرر القضاة خلال اجتماعهم اليوم أن تتضمن أساليب الرد على تجاهل الحكومة لمطالبهم الإضراب الرمزي عن العمل وتعليق الجلسات، وصولاً إلى تسيير مظاهرات لرئاسة الجمهورية للاعتراض على مشروع القانون. وأكد المستشار محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض أن القضاة كان لديهم يقين من تلاعب الحكومة بإرادتهم وسعيها لاستمرار سيطرتها عليهم، معتبرًا أن المبادرات التي طرحت من وسطاء لحل الأزمة كانت مجرد خديعة للقضاة وسعيًا لكسب الوقت لكي تتمكن الحكومة من تمرير قانونها في أسرع وقت. وحذر مكي من أن القضاة لن يقفوا مكتوفي الأيدي حيال هذا التلاعب الحكومي موضحا أنهم سيبحثون اليوم جميع الأساليب للرد على ألاعيب الحكومة ، بداية من الاعتصام والإضراب ، وانتهاء بتدويل القضية ورفع دعاوى أمام محاكم دولية لإجبار الحكومة على احترام إرادة القضاة واستقلالهم.