لم يكن المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني هو الوحيد الذي أفتى بالجهاد ضد ثورة أهل السنة في العراق بل آزره في هذا خمسة آخرون من مراجع الشيعة الكبار وهم على التوالي , الشيخ بشير الباكستاني النجفي و السيد صادق الشيرازي والسيد محمد تقي المدرسي ,من حوزتي النجف وكربلاء. ومن إيران صدرت أيضا فتاوى بهذا الشأن من الشيخ يد الله دوزدوزاني والشيخ جواد غروي ,من حوزتي قم والنجف. وهناك أيضا مراجع شيعة آخرون غير مشهورين أصدر كل منهم فتوى الجهاد ضد ثورة أهل السنة وقد تفاوتت بين الجهاد الكفائي والجهاد الوجوبي. وهذه الفتاوى لم تستطع لحد الآن من تغيير الواقع الميداني في ساحة المعركة حيث مازالت هزائم قوات رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي تتوالى الهزائم تلوى الأخرى, عسكريا ونفسيا ومعنويا, وما زال أهل السنة يحققون الانتصارات الواحدة تلو الأخرى, سواء على صعيد المعركة الميدانية أو على صعيد المعركة الإعلامية والمعنوية. من خلال المراجعة التاريخية لفتاوى الجهاد التي صدرت من قبل مراجع الشيعة في القرن المنصرم نجد أن جميع هذه الفتاوى واجهت الفشل ولم تحقق غايتها ما عدا فتوى واحدة فقط وهي ما عرفت بفتوى (التنباك ) التي أصدرها الميرزا محمد حسن الشيرازي سنة 1890 م، ضد احتكار البريطانيين لهذا القطاع في إيران. وكانت فتوى الشيرازي قد حرّمت حينها زراعة واستخدام التنباك, ولكن بعد أن حققت هدفها تم إلغاءها لاحقا ضمن الاتفاق الذي جرى بين البريطانيين والمرجع الشيرازي. وعند غزو البريطانيين العراق سنة 1914م أصدر المرجع الشيعي الأعلى وقتها "السيّد محمد كاظم اليزدي" فتوى الجهاد من مدينة النجف ضد الغزو البريطاني, وعلى الرغم من استجابة الكثير من أبناء العشائر الشيعة في الأحواز والعراق لهذه الفتوى إلا أنها فشلت في صنع الانتصار وعاد مراجع الحوزة إلى التحالف مع البريطانيين بعد أن كانوا قد سعوا في الضغط عليهم من خلال هذه الفتوى لتسليم حكم الدولة العراقية الوليدة للشيعة إلا أن البريطانيين رفضوا ذلك وفضلوا أن يكون الشيعة في المعارضة لأهداف لم يكشف عنها آنذاك ولكنها ظهرت بعد الغزو الغربي للعراق في عام 2003م. ومن فتاوى الجهاد الفاشلة الأخرى للمرجعية الشيعة , فتاوى الزعيم الإيراني السيد الخميني ,الأولى والثانية,. لقد أصدر الخميني إبان الحرب ضد العراق( 1980- 1988م ) فتوى الجهاد ضد الجيش والنظام العراقي ورغم وجود أتباع كثيرون له في العراق إلا أن فتواه لم تحقق غايتها واضطر الخميني لتجرع السم كما قال لتقبل هزيمة جيشه والموافقة على قرار وقف القتال مع العراق. وعقب نشر الكاتب البريطاني " سلمان رشدي" لروايته الملعونة ( آيات شيطانية ) أصدر الخميني فتوى بإهدار دم رشدي وذلك لكسب التعاطف الشعبي على أمل التغطية على فشل فتواه السابقة وهزيمة القوات الإيرانية أمام القوات العراقية. ولكن هذه المرة أيضا لم يحالف الحظ المرجعية الشيعية حيث أعلن النظام الإيراني في عهد رئاسة محمد خاتمي(1997-2005) تخليه عن فتوى الخميني بإهدار دم سلمان رشدي مقابل عودة العلاقات البريطانية الإيرانية التي كانت قد قطعت بسبب تلك الفتوى. واليوم وبعد مرور أسبوعين من إصدار المرجع الأعلى السيد علي السيستاني لفتوى الجهاد التي دعي فيها إلى مواجهة ثورة أهل السنة, فان هذه الفتوى لم تغير شيء على ظهر الواقع فمازالت هزائم قوات المالكي في تزايد , ومازال أغلب الشيعة العراقيون غير مكترثون بهذه الفتوى ,ومازالت الهزيمة النفسية والمعنوية هي سيدة الموقف , ليس في العراق فحسب بل ولدى عموم الطائفة . وأما ما شهدته بغداد وبعض المدن العراقية خلال الأيام الماضية من استعراضات عسكرية لبعض المليشيات الطائفية , فإنها لا تمثل سوى جزاء يسيرا جدا من شيعة العراق الذين رفضوا الاستجابة لفتوى المرجعية . كما أن هذه الاستعراضات مهما كثر عددها وعدتها, وإن فتاوى القتال ضد ثورة أهل السنة مهما تعددت مرجعياتها, فإنها لن تستطع التجييش أكثر مما جيشت, ولن تستطيع معالجة الهزيمة النفسية والمعنوية التي لحقت بميليشيات المالكي وأتباع المرجعية. وهل يصلح العطار ما افسد الدهُر
رئيس المؤسسة الأحوازية للثقافة والإعلام www. http://ahwazifoundation.com