في نفس اليوم – في النفس اليوم يا مؤمن !! – تجد الأخبار التالية تتصدر الجرائد اليومية: في عدد يوم 30 إبريل عنوان عريض في صدارة جريدة الشروق ( لن نتهاون في حظر 6 إبريل )، وعنوان فرعي في السطر التالي ( النيابة: سنحاكم أعضاءها بمواد الإرهاب) (كذا) !!، يقول ممثل النيابة – لا فض فوه – إن النيابة لا تحتاج إلى الإستناد لحكم الأمور المستعجلة في توجيه افتهامات لأعضاء الحركة، لأن هناك سندًا في قانون العقوبات وهو المادة 86 مكرر، التي تعاقب على تأسيس الجماعات على خلاف القانون، وهي إحدى المواد التي يعاقب عليها قانون الإرهاب (كذا) !. في الصفحة التالية مباشرة - أي والله في الصفحة التالية - مقالة الأستاذ عماد الدين حسين تحت عنوان (مستقبل حركة تمرد)، ما شاء الله لها مستقبل، أما 6 إبريل ففجأة اصبحت بلا مستقبل وأصبحت تنطبق عليها المادة 86 مكرر بإعتبارها (جماعة غير شرعية)، أما تمرد بكل مقراتها وهيئتها التأسيسية ولجانها....إلخ لا تنطبق عليها المادة 86 مكرر، بل يرش عليها (السكر المكرر) !!.
عودة إلى مقالة الأستاذ عماد التي هي في ظهر خبر حظر 6 إبريل، يقول: (مرت سنة كاملة على انطلاق حركة تمرد وسيظل إنجازها الأكبر أنها كانت أحد الأسباب فى إسقاط حكم الرئيس السابق محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين فى 30 يونية الماضى، فى الخامسة من مساء الاثنين الماضى ذهبت إلى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر تلبية لدعوة من الأستاذ محمود بدر مؤسس حركة تمرد لحضور الاحتفال الذى حمل عنوان "عام من التمرد إلى البناء ".
الاحتفال حضره المئات من أعضاء تمرد فى محافظات كثيرة وحضره أيضا حشد كبير من الشخصيات العامة والإعلاميين والسياسيين، والحزبيين والوزراء السابقين والبدو وبعض الشخصيات العربية، سنة مرت ولايزال الكثيرون مشغولين بالجدل حول من يقف وراء تمرد وتأسيسها: هل هم مجموعة الشباب الذين قادوها ولايزالون مدفوعين فقط بإحساسهم الوطنى وخوفهم من شبح دولة الإخوان الدينية أم أنهم نفذوا بقصد أو بدون قصد أهداف بعض الأجهزة الأمنية كما يروج خصومهم خصوصا من الإخوان.
ماذا عن مستقبل تمرد؟، لا توجد إجابة نموذجية جاهزة لكن أغلب الظن ان الحكومة ستظل مدينة بالتقدير للحركة مادامت الأخيرة قادرة على دعم الحكومة. بعبارة أخرى: لا عواطف فى السياسة ولكن مصالح فقط، ومادامت تمرد قادرة حتى على جمع آلاف الأنصار فقط وليس الملايين فسوف تستمر الحكومة فى النظر إلى الحركة باعتبارها الابن البكر المدلل الذى حقق لها ما لم تستطع ان تحققه كل الأحزاب المدنية مجتمعة.
هذا الكلام يكتب في الصفحة التالية للكلام الأول، حركة ثورية تحظر بدعوى أنها كيان غير قانوني، وحركة متمردة تتبناها الحكومة وتحضر إحتفالاتها وتعتبرها الأبن المدلل، مع أن الحركة الأولى هي الحركة الثورة التي كانت من أعمدة ثورة يناير التي يدعي النظام أنه مدين لها ويتغنى بها.
وطبعا لا يقال أن هذه تحظر لأن أحدهم رفع قضية بينما تصادف أن أحدًا لم يرفع قضية على الثانية !!، هذا التبرير الساذج المتهالك لا تقام بمثله العدالة، فمعيار العدالة هو المساواة بين المتشابهات والتفرقة بين المختلفات، وعلى كل حال سيادة النائب العام اراحنا من عناء الرد على هذه الحجة البلهاء، فقال أن التعامل مع (6 إبريل) لا يحتاج لحكم قضائي وإنما هو بالإستناد للمادة المباركة حسنة السمعة المادة 86 مكرر، وهي بالتالي تنطبق على (تمرد) تمامًا مثلما تنطبق على (6 إبريل)، فما هو غير الشرعي في (6 إبريل) ولا يوجد في (تمرد) ؟!!
خذوا الأعجب من هذه، وفي نفس العدد من نفس الجريدة، تحليل يرصد (الحركات) السياسية التي تؤيد (السيسي) وتلك التي تؤيد (صباحي)، عد بقى يا سيدي معي، (الحركات) و(القوى السياسية) التي تؤيد السيسي: - حركة تمرد. - الجبهة الشعبية لثوار 30 يونيو. - تكتل القوى الثورية الوطنية. - إتحاد حماة الثورة. - الحركة الحرة للتغيير السلمي. - حركة مستقبل وطن. - تنسيقية 30 يونيو. - حركة مصر بلدي. - حركة تحالف نواب الشعب. - حركة كمل جميلك.
بينما الحركات التي تؤيد حمدين صباحي هي كالتالي: - الإشتراكيون الثوريون. - التيار الشعبي.
فهذا التحليل يذكر إثنا عشر حركة، جميعها ليس لها أساس قانوني، وجميعها لم يسمع عنها مشاركة مؤثرة في الثورة الأم، ثورة يناير، وليس لأي منها من النضال والفضل ما ل6 إبريل، ومع ذلك لا يتحدث النظام عن حظر أي منها، بل تعلن الجرائد الموالية له علنًا عنها وتحدد بالإسم اي منها يميل لهذا وأي منها يميل لذاك تمامًا مثل الكيانات الحزبية، ومع ذلك لا يفكر النظام ولا يذكر ولا يطارد إلا 6 إبريل، ولا يتذكر المادة 86 مكرر إلا من أجلها، بينما (الحركات) الأخرى لها (السكر المكرر) وليس (86 مكرر) !!.
هل يمكن أن يستمر هذا العهد الذي يغيب العدالة ويقتلها في كل المجالات ؟!، هل يمكن أن يستمر هذا العهد الذي يشن بكل حماسة ثورة مضادة على كل مكتسبات ثورة يناير ؟!، هل يمكن أن يستمر هذا العهد الذي جناحاه الظلم والجهل، فالقتل والجرح والتشريد والسجن والكيل بالف مكيال تمثل جناحه الأيمن، والكفتة وترقية الجهلاء و( 683) وال (528) وغيرها من براهين الجهل والشعوذة التي وصلت لأعلى الأماكن وأخطرها تمثل جناحه الأيسر، عهد هذا حالة هل يمكن أن يستمر ؟!، وإذا إستمر فما الذي نتوقعه لمصر خلاله إلا تماما مثلما حدث لليبيا في عهد القذافي !...إن عهدًا هذا حاله إنما ينادي على نفسه أو على بلاده بالفناء...أيهما أقرب !.
م/يحيى حسن عمر عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.