"الشرارة".. "إسكرا".. "حدتو".. "مصر الفتاة".. كل هذه أسماء حركات شبابية سياسية تواجدت على الساحة السياسية في مصر قبيل ثورة يوليو.. ولكنها اختفت تماما بعد سيطرة الحكم العسكري.. أما الساحة السياسية الآن فهي مليئة بالحركات الشبابية الثورية أمثال كفاية و6 أبريل والكثير من الاتحادات والائتلافات.. فهل تلقي تلك الحركات نفس مصير أمثالها إبان ثورة يوليو وذلك بعد تسليم السلطة؟.. هذا ما سنعرفه في السطور التالية.... التاريخ يشير إلى وجود عشرات الحركات والقوى السياسية الشبابية ظهرت قبيل ثورة يوليو وساهمت إلى حد كبير في تأهيل المجتمع المصري لقبول فكرة الثورة والتمرد على الأوضاع الظالمة ،لكن هذه الحركات سرعان ما اختفت بعد الثورة حيث كان من أقوى هذه الحركات" مصر الفتاة "التي شكلها السياسي الراحل أحمد حسين، ودخلت مصر الفتاة فى معارك مع الملك فاروق دفاعا عن حقوق الفقراء ،كما ظهرت أيضا عشرات التنظيمات السرية التي دعت لتطبيق الاشتراكية فى مصر وكانت تسمى التنظيمات الماركسية أو الشيوعية مثل تنظيم "الشرارة" و"إسكرا" وحركة "حدتو" وتنظيم العهد الجديد وكانت هذه التنظيمات تحارب الإقطاع وتدعو لتوزيع أراضي الإقطاعيين على الفلاحين ،وظهرت أيضا تنظيمات شبابية حملت الفكر اليساري داخل الأحزاب وكان لها أثر كبير في الكشف عن الظلم الاجتماعى من خلال المنشورات والصحافة السرية وعندما قامت الثورة وتم إلغاء الأحزاب اختفت هذه التنظيمات ولكن عناصرها لم يختفوا ،حيث حاربت الثورة الشيوعيين وأودعتهم السجون وقضت على أكثر من 50 خلية شيوعية ،كما اختفت مصر الفتاة بعد صدور قرار بحل الأحزاب ولم يتبق من حركات هذه المرحلة إلا جماعة" الإخوان المسلمين" . وقبيل ثورة يناير ظهرت تنظيمات شبابية تحدت القمع الأمنى وتحدت السلطة وقادت طلائع الثورة فظهرت حركة كفاية أولا فى 2004 ثم ظهرت حركة 6 أبريل فى عام 2008 وبعض الكيانات التى سعت لتكوين أحزاب فى إطار تحدى السلطة لكن دون جدوى وبعض التنظيمات الشيوعية السرية مثل الحزب الشيوعى المصرى الذى كان يعمل فى الخفاء وسط قطاعات العمال واستطاعت هذه التنظيمات أن تخرج عن الإطار المألوف فى تنظيمات المظاهرات الاحتجاجية ضد التوريث والفساد وسيطرة رأس المال على السلطة والقمع الأمنى وفى دفع الجماهير للنزول للشارع وكان دورها واضحا فى ثورة 25 يناير وبعد الثورة بقليل ظهرت على السطح عشرات التنظيمات الثورية من شباب الثورة ،وتشير التقديرات إلى نشوء نحو 150 تنظيما ثوريا أبرزهم اتحاد شباب الثورة وائتلاف شباب الثورة وتحالف القوى الثورية وائتلاف فجر الحرية ومجلس قيادة الثورة وحكومة ظل الثورة وتيار بلا ثوار والجبهة الثورية وتحالف الثورة مستمرة وائتلاف ثورة الغضب الثانية وغيرها من القوى التى أفرزتها ثورة الخامس والعشرين من يناير. في إطار المقارنة بين حركات يوليو وحركات يناير وهل سيكون المصير واحدا، يقول الدكتور محمد صبرى الدالى- أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب جامعة حلون: أولا لكل تاريخية ظروفها الخاصة . قبل ثورة يوليو ظهرت تنظيمات رفض سياسى واجتماعى تحدت الاحتلال والقصر وطرحت مفاهيم ثورية للعدالة الاجتماعية وحاربت الاقطاع ونادت بالاستقلال والدستور وكان لكل حركة أيديولوجية سياسية، فمثلا كانت هناك تنظيمات شيوعية ماركسية مثل "حدتو" وكانت هناك حركة "مصر الفتاة" التى كانت تنادى بالاشتراكية وهذه الحركات تحدت البوليس السياسى لكن بعد الثورة هذه الحركات انتهى دورها الآن الوضع اختلف ،فالحركات التى خرجت من رحم الثورة سواء قبلها أو بعدها لا تحمل أيديولوجية معينة لأن عصر الأيديولوجية انتهى وحل محله عصر الفضائيات واختلفت القضايا أيضا فى مفهومها فالمفهوم الذى طرحته حركات ما قبل يوليو عن العدالة الاجتماعية مختلف تماما عن المفهوم الذى تطرحه الحركات الثورية الآن لأن الزمن تغير، وبعد نهاية حالة الفوران الثوري الحالية فإن هذه القوى إما أنها ستختفي أو ستندمج معا فى شكل أحزاب أو تتحول إلى روابط وتنظيمات تمارس الرفض المستمر. أما حركات يوليو فقد اختفت لظروف تاريخية مختلفة بعد سيطرة ثوار يوليو الشباب على مقاليد السلطة حيث لم يتركوا أى معسكرات أخرى مناوئة. لكن الذى لاشك فيه حالة ثورة يناير أن المستقبل القادم لشباب الثورة وستؤول مقاليد السلطة إليهم بعد مرحلة من النضج السياسى والعمرى ،حيث سيخرج منهم من يتولى السلطة ومن يشارك فى الحياة السياسية بشكل أو بآخر. أما الدكتور عاصم الدسوقى- أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بآداب حلوان- فيقول: التطور الطبيعى للحركات السياسية بعد أى ثورة هو أن تتحول لأحزاب كيانات سياسية منظمة لكن المشكلة فى ثورة يناير لا نعلم من هى القوة الحقيقية التى وقفت وراء الثورة نحن كنا أمام حالة من الاندفاع الجماهيري فلما انسحبت الجماهير انشقت الأرض عن عشرات الائتلافات وكل منها يزعم قيادته للثورة بينما لا يزال الفاعل الحقيقى مجهولا حتى الآن. ومن المؤكد أن الحركات السياسية الشبابية ستنظم صفوفها فيما بعد فى إطار فورمة أو عنوان أو لافتة تجمعها. أما عن مستقبل الحركات السياسية الشبابية في مرحلة ما بعد تسليم السلطة.. فهي كالتالي... على رأس تلك الحركات السياسية تأتي حركة كفاية التي تعتبر أولى هذه الحركات في الظهور.. ويقول محمد فاضل- عضو اللجنة التنسيقية-: مستقبل الحركة يشغلنا في الفترة الأخيرة، ولذلك عقدنا اجتماعا للجنة التنسيقية للحركة مؤخرا وذلك من أجل تطوير الحركة باستكمال الهيكل التنظيمي لها، وتوصلنا إلي إعداد تقرير سياسي عن أداء الحركة وتقديم اقتراحات تتعلق بتطويرها واستكمال تشكيلات المحافظات، واستطلاع رأيها فيما يتعلق بهذا التطوير وشكل هيكلها التنظيمي، والأهم من ذلك أن حركة كفاية تتميز عن أغلب الحركات السياسية بمصداقيتها ونقائها الثوري ولها رصيد عظيم لدي الشارع، وسوف تستمر حتى استكمال أهداف الثورة، ولكن الشىءالمؤكد لدينا أن كفاية لم ولن تفكر في التحول إلي حزب سياسي. أما عن حركة 6 أبريل.. فيتحدث مؤسس الحركة أحمد ماهر عن مستقبلها قائلا: هدفنا الدائم هو تحويل مصر لدولة ديمقراطية حرة متقدمة، وتحقيق أهداف الثورة حرية ديمقراطية عدالة اجتماعية، ثم بعد ذلك تأتي فكرة تحويل الحركة إلي جماعة ضغط، وجماعة الضغط السياسي هو شىء وسط بين الجمعيات الأهلية والأحزاب، وهي لها أهداف وتقوم بالضغط على الأحزاب أو البرلمان أو رئيس الجمهورية، من أجل تحقيقها، ولكنها ليست أهدافا شخصية ولكن أهدافا وطنية، ودورنا كحركة سوف يستمر في أن نراقب ما يحدث من تحول ديمقراطي ومراقبة الوضع بشكل عام، وعندما نشعر بتغيير حقيقي يحدث في مصر فمن الممكن أن نفكر في إنشاء أحزاب والمنافسة على السلطة وكراسي البرلمان، ولكن عندما نشعر بأن هناك عقليات جديدة ونظاما جديدا سوف نفكر في هذا العمل السياسي التقليدي. أكثر من 10 آلاف شاب في 190 ائتلافا.. هذا ما يتضمنه اتحاد الثورة المصرية.. ويقول محمد علام- رئيس الاتحاد-: الحركات الشبابية التي لم تستطع أن تبني لنفسها أرضية خلال الفترة الماضية اعتمدت فقط على الميديا والشو الإعلامي لن تستطيع أن تستمر، أما عن الحركات الحقيقية والتي كان لها انتشار في الشارع فسوف يكون لها تواجد بعد ذلك، وفي اتحاد الثورة المصرية فتم بناؤه بشكل قوي، لدينا مشروعنا الذي سنسعى لتحقيقه بعد تسليم السلطة، ولن يعتمد عملنا على العمل السياسي فقط لأن الثورة لم تقم من أجل السياسة ، ولكننا سنتحول إلي جمعية تنمية مجتمع مدني، وحصلنا على رخصة جريدة وأنشأنا موقعا الكترونيا، ولدينا حاليا رؤية واضحة ومنهج ولائحة للمرحلة القادمة، وسيكون هناك جزء خاص بالتدريب في التنمية البشرية، بجانب التوعية السياسية التي سنقوم بها من أجل إعداد قادة سياسيين، ولدينا مشروع تعليمي وبعض المشروعات الاقتصادية وحتى الرياضة لدينا رؤية لها، أما عن التمويل في كل ذلك فقد كنا نعتمد من قبل على اشتراكات الأعضاء، ولكننا بإنشاء الجمعية سوف نتلقى تبرعات، بجانب أن المشروعات الاقتصادية والجريدة والموقع سيكون لهم عائد نستطيع من خلاله مواصلة مشوارنا، وعقب تسليم السلطة سيكون لنا تواجد قوي في الشارع من خلال كل ذلك. أما اتحاد شباب الثورة والذي حاول أن ينافس في انتخابات مجلس الشعب الماضية ومستقبله في المرحلة القادمة.. فيقول تامر القاضي- المتحدث باسم الاتحاد وعضو المكتب التنفيذي-: في الوقت الحالي لم نخطط لما سوف نفعله في المرحلة القادمة، ربما لإحساسنا بأن الثورة لم تنته حتى نخطط لمرحلة تالية، ولكن وارد جدا أن نتحول إلي جماعة ضغط أو نكون حزب، وهذا سهل جدا بالنسبة لنا، لأننا لدينا قاعدة عريضة من الأعضاء في كل المحافظات، ولكن الأهم من ذلك أننا سوف نستمر كجماعة احتجاجية في أي شكل من الأشكال، وهدفنا هو أن نظل متصيدين لأي أخطاء، بجانب مراقبة أداء الحكومات، كما أننا سوف نكرر تجربة الدخول في انتخابات البرلمان بعد أن جربنا الانتخابات الماضية وإن كنا لم نوفق بسبب أننا كنا في وقت لم يكن وقت انتخابات، كما أنه لم يكن هناك تعاون مع بعض القوى السياسية الكبرى التي لم تحتوي الشباب، بجانب قلة الإمكانيات، ولكننا سوف نكرر التجربة وسوف يكون لنا مكان داخل البرلمان.