عدت للقاهرة بجواز سفر ليبي سليم واستخرجت بطاقة رقم قومي ووثائق لأبنائي الخمسة الشوق إلى لقاء الوالدة أجبرني على العودة ومضايقات الأمن الوطني تتواصل داخل العقرب
المحققون سألوه عن شعوره حين سمع خبر اغتيال السادات.. والقيادي الجهادي يشكو من ظروف احتجازه بالزنزانة القاتلة ب"العقرب"
مثل القيادي الجهادي البارز ثروت صلاح شحاتة، الأحد أمام نيابة أمن الدول العليا طوارئ، للمرة الثالثة منذ إلقاء أجهزة الشرطة القبض عليه بالقرب من مسقط رأسه بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية بحضور محاميه إبراهيم علي نصر، حيث تطرق التحقيق معه إلى العديد من القضايا على رأسها أسباب خروجه من مصر عام 1991. وردًا على سؤال حول الأسباب التي حدت به لمغادرة مصر، قال شحاتة إن "الأحداث التي شهدتها مصر والمواجهات التي جرت بين الدولة من جانب والجماعة الإسلامية من جانب حولته لضيف دائم على مقرات أمن الدولة والأجهزة الأمنية بدرجة حولت حياته إلى جحيم". وفجر شحاتة قنبلة من العيار الثقيل حين أكد أن مغادرته لمصر جاءت بنصيحة من أحد كبار الضباط بجهاز مباحث "أمن الدولة" المنحل، بعدما حذره من أن بقاءه في مصر سيجعله يواجه نفس مصير، الدكتور علاء محيي الدين، المتحدث الرسمي باسم "الجماعة الإسلامية" الذي اغتاله جهاز مباحث أمن الدولة في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما دفعه لمغادرة مصر بشكل فوري. ونفى شحاتة بشكل قاطع أي علاقة له بأسامة بن لادن، زعيم "القاعدة"، قائلاً إنه لم يقابله مرة واحدة في حياته ولم ينضم لتنظيمه، ولم يرتبط بأي من رموزه خلال وجوده في أفغانستان والسودان واليمن أو إيران. وأشار شحاتة إلى أن صلاته بالدكتور أيمن الظواهري زعيم "القاعدة" الحالي انقطعت منذ سنوات طويلة، عقب رفضه للتحالف بين التحالف بين "القاعدة" وجماعة "الجهاد" المصرية. ووصل شحاتة إلى ليبيا في أكتوبر 2012 بعد انتهاء العقوبة التي صدرت بحقه في تركيا، بتهمة دخول الأراضي التركية بدون الحصول على تأشيرة قادمًا من إيران التي أمضى فيها عدة سنوات بعد سقوط حكم حركة طالبان, في أفغانستان. وقال إنه وعقب خروجه من السجن في تركيا ذهب إلى ليبيا وهناك حصل على الجنسية الليبية وجواز سفر ليبيا ودخل الأراضي المصرية باسم مستعار، نافيًا علم جماعة "الإخوان المسلمين"، أو الرئاسة أو أي من "الجماعات الإسلامية" بوجوده داخل الأراضي المصرية. وأشار شحاتة إلى أنه خلال وجوده في مصر منذ عام حيث كان يقيم بمدينة العاشر من رمضان انخرط في تجارة الأقمشة وانقطعت صلاته بأبناء الحركة الإسلامية حتى المقربين منه جدًا، وأمضى تلك الفترة بهدوء، وقام باستخراج بطاقة شخصية باسم ثروت صلاح شحاتة ووثائق لأبنائه الخمسة وعاش حياته بشكل طبيعي. ولم يستبعد شحاتة خلال التحقيقات أن يكون استخراجه لبطاقة الرقم القومي كشف عن وجوده في مصر حيث تتبعت أجهزة الأمن محل إقامته وفقًا للبطاقة، وألقت القبض عليه في مدينة العاشر من رمضان، على الرغم من أنه لم ينخرط في أي أنشطة مريبة طوال مدة وجوده في مصر باستثناء تجارة الأقمشة التي تمني شحاتة أن يقوم مقربون منه بتصفيتها وبيع ما تبقي منها. ورد شحاتة على سؤال للنيابة حول أسباب عودته لمصر رغم أنه يواجه حكمين بالإعدام في قضيتي "العائدون من ألبانيا" وعملية اغتيال الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق، قائلاً إنه كان يرغب بقوة في رؤية والدته المسنة التي لم ينعم بلقائها منذ عدة عقود. وأبلغ شحاتة النيابة كما يؤكد محاميه إبراهيم علي نصر بأنه يتعرض لمضايقات من جهاز الأمن الوطني خلال احتجازه بسجن العقرب شديد الحراسة، حيث يمثل لتحقيقات مكثفة من الضباط الذين يقومون بتغمية وجهه والتحقيق معه لساعات طويلة في ظروف شديدة التعقيد، وبشكل مخالف للقانون الذي يحظر التحقيق إلا من قبل نيابة أمن الدولة العليا. ولم تخلُ جلسة التحقيق من "قفشات" حيث لام محامي شحاتة موكله حول وجوده في مصر لمدة عام دون أن يخبره رغم الصلات الوثيقة التي تربطهما معًا. وهذه جلسة التحقيق التي يخضع لها شحاتة، الصادر ضده حكمين بالإعدام، بعد أن تمكنت أجهزة الأمن من القبض عليه، في مدينة العاشر من رمضان بالشرقية، حيث اتخذ من تجارة الملابس الجاهزة ستارا لإخفاء شخصيته ونشاطاته، حتى نجحت أجهزة الأمن في إلقاء القبض عليه بدعم من حملة أمنية مكثفة في وقت سابق هذا الشهر. وخلال جلسة التحقيق التي عقدت الأسبوع الماضي بحضور محاميه إبراهيم نصر لمدة ساعة ونصف الساعة تم التطرق لمسيرة شحاتة مع جماعة الجهاد ومراحل إعادة تأسيس الجماعة على يد المهندس محمد عبد السلام فرج، رئيس مجلس شورى الجهاد، وعلاقته بأيمن الظواهري، زعيم "القاعدة". وقال محامي شحاتة، إن نيابة أمن الدولة طرحت عليه عدة أسئلة عن دوره فى عملية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، والشعور الذي انتابه بعد سماعه نبأ اغتياله آنذاك، والخطوات التي اتخذتها الجماعة، ودوره فى المحاولة الفاشلة لاقتحام مقر التليفزيون لإذاعة بيان الثورة، كما كان مخططًا في أعقاب الهجوم. وواجه المحقق بحسب نصر شحاتة بتهمة تزوير جواز سفر لأحد الأشخاص عام 1998، إلا أنه نفى ذلك، وطالب بضرورة تحديد هوية الشخص الذي قام بتزوير جواز السفر، والجهة التي سافر إليها، وكيف ساعده فى الهروب من مصر إلى ألبانيا عام 1998، في حين أنه غادر مصر عام 1991. ودارت التحقيقات مع شحاتة أيضًا حول كيفية خروجه من مصر ودوره فى الجهاد الأفغاني وعلاقته بأسامة بن لادن، زعيم "القاعدة"، وخلفه وأيمن الظواهري، وغيرهما من قادة الأفغان العرب، فضلاً عن التطرق لدوره فى قضية "العائدون من ألبانيا"، والوقوف وراء عمليات عدائية ضد مصر، وهو أمر نفاه القيادي الجهادي جملة وتفصيلاً. وشكا شحاتة خلال التحقيقات من تعرضه للتعذيب خلال مكوثه لأكثر من عشرة أيام بسجن "العزولي" فى الإسماعيلية وهو السجن الذي يضم شخصيات محتجزة منذ اشتعال ثورة 25 يناير 2011 حتى الآن، وفى المحطات المهمة لهذه الثورة، نتيجة عدم وجود أي سيطرة قانونية على هذه السجن، مشيرًا إلى أن معاناته من عدة أمراض حالت دون تعرضه لموجات أخرى من التعذيب يتعرض لها ذووه. وأثبت شحاتة، خلال التحقيقات أنه يعيش ظروفًا غير آدمية فى عنبر التأديب فى سجن "العقرب" شديدة الحراسة، حيث يمكث هو أحد الأشخاص المجهولين بالنسبة له بشكل منفرد، ولا يسمح لهما بالخروج من الزنزانة التى لا يدخلها الهواء بعد قيام السجن بسد نافذة الهواء الوحيدة ب "شيكارة"، بل أنه لم يسمح له لدى دخول سجن العقرب باصطحاب "ساندوتش" كان قد جلبه من الخارج، فيما اكتفت إدارة السجن بتقديم وجبة غير آدمية له تضم فول "أمريكانى مسرطن" شأنه شأن كل المساجين. وأوضح نصر، أن التحقيقات مع شحاتة لم تتطرق حتى الآن إلى الاتهامات الموجهة بقيادة الجيش المصري الحر فى ليبيا ولا قيادة خلايا القاعدة فى درنة شرق ليبيا، لافتًا إلى أن الوقت لم يسمح له بالحديث عن موكله فى كيفية العودة لمصر والتاريخ الذي عاد فيه وكيف أمضى عامًا فى العاشر من رمضان. وأشار إلى أن هيئة الدفاع ستشرع بعد انتهاء التحقيقات وبيان الموقف القانوني فيما تعرف ب "قضية العائدون من ألبانيا"، ومحاولة اغتيال عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق، الصادر بحقه حكمين بالإعدام، للبحث فى إعادة محاكمته بعد إلغاء الحكم الغيابي الصادر من محكمه عسكرية ضده بالإعدام، ومعرفة هوية الدوائر التي أحيلت إليها القضية، بعد نقل القضاء العسكرية وطبقًا لدستور 2012 لمحاكم مدنية. ثروت صلاح شحاتة 51 عامًا هو أحد أهم كوادر تنظيم الجهاد المصري، ويعتبر على نطاق واسع أخطر شخصية جهادية مصرية بعد الدكتور أيمن الظواهري، زعيم "القاعدة"، وقضى 3 سنوات في السجن في قضية الجهاد الكبرى، وصدر عليه حكمان غيابيان بالإعدام من محاكم عسكرية، الحكم الأول في قضية محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي عام 1994، والثاني في قضية "العائدون من ألبانيا" عام 1999. وكانت السلطات المصرية قد سمحت لأسرته بدخول مصر في أغسطس 2011، عندما عادت السيدة نجوى موسى عبدالمقصود سلطان وأبناؤها عن طريق تركيا قادمين من إيران.