تحذير القيادي البارز في جماعة الاخوان المسلمين الأردنية الشيخ حمزة منصور الذي أطلقه أمس الإثنين على شكل رسالة لرئيس الوزراء عبدالله النسور بخصوص الاستعانة المتوقعة بطاقم من وعاظ وخطباء المساجد المصريين له ما يبرره سياسيا، خصوصا وأن الشيخ منصور يقود عمليا الجناح الداعي لأقصى مستوى ممكن من التهدئة داخل الأردن بعدما حصل في مصر. وجهة نظر الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ منصور أن الاستعانة بطاقم ‘أئمة' ووعاظ مصري يمكنه أن ينقل ‘الانقسام' المستوطن في الشارع المصري الى الشارع الأردني حيث اقترح منصور على النسور تعبئة الشواغر في مجال الوعظ والإرشاد والخطابة من نخب أكاديمية وعالمة أردنية متقاعدة، حيث أننا نود أن نؤكد أن المصلحة الوطنية تقتضي أن يعهد بمهمة الإمامة في المساجد لأبناء الوطن المعروفين برشدهم والتزامهم بالقيم الأردنية التي نعتز بها. وفي حال وجود نقص في عدد الأئمة يمكن تبني استراتيجية وطنية لتأهيل العدد الكافي من أبناء الوطن للقيام بهذه المهمة الجليلة، إذ لا يخفى عليكم أن هناك عدداً من كليات الشريعة في جامعاتنا الأردنية قادرة على التوسع في القبول، شريطة توفير الحوافز المناسبة للعاملين في المساجد، بحسب "القدس العربي". منصور قال في رسالته: لا يخفى عليكم الأوضاع التي تعيشها مصر وحالة الانقسام التي يعاني منها الشعب المصري، ونخشى أن تنقل حالة الإنقسام هذه إلى بلدنا. لذا نأمل إعادة النظر في توجهاتكم، والإستعانة بالمعلمين وأساتذة الجامعات والمؤهلين من العاملين في مؤسسات الدولة والمتقاعدين لتعويض النقص إلى أن تؤتي الخطة الوطنية المشار إليها أكلها. سياسيا الحجة التي يستخدمها الشيخ منصور هنا تؤشر ضمنيا الى مخاوف مطبخ الحركة الإسلامية من اتفاقية بين الحكومتين الأردنية والمصرية على حصول تفاضل عددي في مساجد الأردن لصالح وعاظ مصريين يؤيدون الانقلاب العسكري او يساهمون بالتالي في إقصاء وإبعاد الاخوان المسلمين أكثر عن منابر المساجد. فكرة الاستعانة بطاقم مصري ولدت فيما يبدو من رحم وزارة الأوقاف التي يشرف عليها حاليا أحد قادة حزب الوسط الإسلامي وهو الدكتور هايل داوود. حزب الوسط بدوره يعلن بدوره الخصومة في الساحة المحلية مع الاخوان المسلمين ويخطط فيما يبدو للجلوس في مقعدهم الشعبي والاجتماعي. الخطة فنيا تستهدف تعبئة شواغر في قطاع الأئمة والوعاظ وهي شواغر يقول الاخوان المسلمون داخل أطرهم إنها تنتج عن سياسة إدارية تبعد خطباء الاخوان ورموزهم عن منابر المساجد وهو أمر يسعى حزب الوسط فيما يبدو لاستثماره وتوظيفه لصالح تمتين العلاقات مع مصر المحكومة الآن بالخطاب المعادي للاخوان المسلمين. بهذا المعنى تكون رسالة الشيخ منصور محاولة للدوران حول حقيقة الأمر السياسية فهو لم يطالب بتعبئة شواغر الأوقاف من الحركة الإسلامية نفسها لكنه طالب بتعبئة الشواغر من وعاظ ومرشدين أردنيين لافتا النظر الى ما أسماه باحتمالية انتقال عدوى الإنقسام الى الشارع الأردني. بالنسبة للأخوان المسلمين وتحديدا للجناح المعتدل الخطوة تبدو إستفزازية ولا مبرر لها الآن الإستعانة بوعاظ ومرشدين من النمط المصري المؤيد للجنرال عبد الفتاح السيسي هي رسالة سياسية قد تؤشر في باطنها على الرغبة في اتباع سياسات إدارية تفصل تماما بين الحركة الأخوانية ومنابر المساجد. هذه الرسالة لا تبدو مطمئنة بالنسبة للشيخ منصور والمعتدلين في جبهة العمل الإسلامي خصوصا في ظل منهجية التهدئة التي يميل لها الإسلاميون تقديرا منهم للحساسية التي تثيرها سيناريوهات مصر والسعودية والإمارات في حال الضغط على الأردن. تقديرات القيادي البارز في الجبهة الشيخ علي أبو السكر أن الحكومة الأردنية متعقلة ولا يمكنها السعي للتماهي مع السيناريو السعودي. لكن في التقييم الاخواني الداخلي كانت خطوة وزارة الأوقاف مؤشر على نوع من التصعيد غير المعلن لمضايقة الأخوان المسلمين وحزبهم الرئيسي في الساحة وهي مضايقات اشتكى بصورة علنية منها الشيخ منصور ورفاقه. أبو السكر لازال يعتبر الأخوان المسلمين جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الأردني والرجل الثاني في التنظيم الاخواني الشيخ زكي بني ارشيد حذر عدة مرات بعضها أمام ‘القدس العربي' مباشرة من استمرار نمو بعض أفكار الإستهداف للإسلاميين من قبل بعض المسؤولين في الوقت الذي تزايدت فيه مؤشرات الحذر في ظل علاقة غير مفهومة تستقر الآن بين حكومة النسور ومشايخ الاخوان المسلمين. النسور كان قد أفاد أمام ‘القدس العربي' أن الحركة الإسلامية لها الاحترام ولن تستهدف لكن حكومته لن تدللها بحوار مستقل مشيرا الى أن وزارة التنمية السياسية تتحاور مع جميع الأحزاب ووفقا لقياسات موحدة. قبل الإسلاميون ذلك وخفضوا بوضوح من مشاركتهم في حراك الشارع ومن المضايقات التي انتهت بخروجهم من انتخابات اتحاد الطلبة في أكبر جامعات البلاد لكنهم فاجأوا الجميع بفوز كاسح بانتخابات نقابة عملاقة هي نقابة المعلمين. اليوم يشعر الاخوان المسلمون في الأردن أن بعض مفاصل الإدارة السياسية تعمل على خلخلة قواعد اللعبة معهم، الأمر الذي يفسر بتقديرهم السياسي ميل وزير الأوقاف وهو قيادي في حزب الوسط أصلا الى اختراع قصة تعبئة شواغر المساجد بالوعاظ المصريين، وهو أمر سيتم بالضرورة عبر وزارة الأوقاف المصرية مما يعني عبر السلطات الحالية في مصر المعادية تماما للتيار الاخواني