موقع الرئاسة منصب خطير يحاسب المسئول عنه أمام الله حساباً عسيراً حين يأتي يوم القيامة وقد ربطت يداه إلى عنقه لا يفكهما إلا عدله أثناء ولايته . ولذلك قلت في عنوان مقالي ( لا قدر الله ) لأنني لا أحب أن أُسأل عن مهمة ثقيلة كهذه خاصة في الظرف العصيب الذي تمر به البلاد . وقد يقول قائل إنني تقدمت بأوراق ترشحي للرئاسة في عام 2005 أثناء وجودي في السجن , كما تقدمت ببرنامج انتخابي عنونته ( برنامج الخمسين نقطة ) أقول له لقد حدث ذلك فعلاً , إذ فعلت ذلك من باب التحدي لنظام مبارك وطرحت رؤية سياسية ووفرت لي مظلة إعلامية وقانونية انتقدت من خلالها نظام مبارك وسياساتة في الداخل والخارج , وكنت على يقين أنني سوف يتم استبعادي من اللجنة العليا للإنتخابات وقد كان ... وحينما خرجت من السجن في عام 2011 خلال شهر مارس سألني العديد من الصحافيين عن نيتي للترشح فأجبت بشكل قاطع أن ذلك لن يحدث لكوني أعلم حجم المسئولية التي هي فوق طاقتي مع وجود من هو أفضل مني على الساحة .. ولازلت عند رأيي هذا .. وحين افترضت في مقالي وجودي في هذا المنصب لا قدر الله , هو افتراض جدلي أردت من خلاله أن أبين ماهو الواجب على الرئيس القادم فحسب , حيث أن المشهد السياسي لايزال في حالة صراع يحتاج إلى وفاق قبل إجراء الانتخابات الرئاسية كى تكون الأجواء نقية , والمناخ صحياً بما يتيح منافسة شريفة بعيداً عن أجواء الصدام والتزوير والعنف حول الصناديق .. وفي الحقيقة أنني من أنصار المصالحة الوطنية منذ البداية حيث هي المدخل الحقيقي لحالة من الهدوء تلقي بظلالها على ترتيبات لحل مناسب , كما إنني ليست مع التشريعات الحازمة في مواجهة الخصوم السياسيين في هذه المرحلة الحساسة , ولكني مع الاحتواء والاستيعاب والترضية والإصلاح والوفاق , لكون الوطن لا يتحمل استمرار صراع استنزافي للقدرات والطاقات , فضلاً عن دماء أبنائه التي تراق على أرض مصر كل يوم بلا مبرر .. إن الذي يجب على الرئيس القادم بل ويلزم أن يكون في مقدمة أولوياته هو المصالحة الوطنية والإفراج عن المعتقلين والمسجونين بلا تهمة , وتعويض المتضررين من الصراع وذلك قبل أن يندمج في برنامجه التفصيلي الذي أعلن عنه في الدعاية الانتخابية , ولو كنت مكان الرئيس لبذلت جهدي في إصلاح ذات البين والوفاق الوطني منذ اللحظة الأولى فإذا فشلت في ذلك أعلنت ترتيبات انتخابات مبكرة ليأتى من له القدرة على لم الشمل وجمع الكلمة والعودة بمصر إلى المسار الطبيعي كما كانت عليه يداً واحدة تعمل من أجل مستقبل أفضل للبلاد وكل ذلك يجب ألا يتجاوز العام الأول من الولاية .. إننا يا سادة بحاجة إلى رئيس لكل المصريين وليس لفريق دون فريق , فلا يصح أن يعادي الرئيس نصف شعبه يقهرهم ويسجنهم بدعوى الحزم وتنفيذ القانون فكل ذلك لا يمكن قبوله وسيبوء بالفشل الذريع الذي سينعكس أثره على مقدرات هذا الوطن . إنني أنكر بشدة على أي مرشح رئاسي يتكلم عن تحقيق الأمن والأمان من خلال قبضة أمنية يفرض من خلالها القوانين دون أن يكون له رؤية سياسية لرأب الصدع مع المخالفين له , فكما أنكر البعض على الدكتور محمد مرسي تجاهله للمعارضة , فسوف يقعون في نفس الخطأ , وسيذوقون من نفس الكأس لأن المعارضين ليسوا مجرمين , وإنما يحملون في رؤوسهم رؤية سياسية , وفي حلوقهم غصة ومرارة من جراء القهر والاستبداد , فلا بد من معالجة ذلك في إطار الأسرة الواحدة وليس كالأعداء المتربصين ببعضهم البعض . وهنا أستطيع أن أقول بكل وضوح وصراحة إنه إذا لم تتم المصالحة والوفاق الوطني خلال العام الأول من فترة الولاية الأولى فعلى الرئيس القادم أن يستعد لأحد أمرين إما التنحي طوعاً وإما العزل كرهاً !! , لأن الشعب لم يعد يتحمل كل هذه المآسي التي نعيشها دون أن يكون له كلمة فاصلة , ولم يعد يصبر على صراع محتدم بين طرفين دون أن يتدخل برؤية جديدة حاسمة لإنقاذ الوطن من الدمار . والله المستعان