لن يحل ترشح وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ولا إمساكه -بشكل رسمي- بمقاليد الأمور في الدولة المصرية الأزمة السياسية الدائرة رحاها منذ 3 يوليو، ولن ينهي ذلك الصراع الدائر. لأنه السيسي وباختصار، وبلا مواربة، ولا كلام ساكت جزء من المشكلة، ولن يكون جزءًا من الحل، وهو غير مؤهل لذلك، ولا لديه إرادة، ولا إدارة، ولا قدرة على الحل. الداخل والخارج، والكبير والصغير، والعالم والجهل في مصر يدركون تمام الإدراك أن السيسي هو من يحكم مصر بشكل مباشر من 3 يوليو، ويشارك في حكمها بشكل غير مباشر من قبل ذلك بكثير. فهو جزء من المجلس العسكري الذي أدار البلاد لمدة عام ونصف، وشهدت البلاد فيها فشلا ذريعا على كل المستويات، بعدما مارس المجلس العسكري الحكم والإدارة، واللعب كطرف سياسي، واللعب ببقية الأطراف السياسية الأخرى. ثم كانت الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الدكتور محمد مرسي، وتم ترقية وتصعيد السيسي حتى أصبح وزيرا للدفاع. واستمر المجلس العسكري يلعب كأحد الأطراف السياسية في البلد، وكان السيسي يشارك في الإدارة وصناعة القرارات على مدار العام الذي تولى فيه الدكتور محمد مرسي الرئاسة، وكان يعلب كطرف سياسي عندما كان يدعو القوى السياسية للحوار واللقاء فتستجيب، في الوقت الذي لم تستجب لرئيس الدولة، في هذه اللحظة الفارقة كان من المهم إدراك حدود الدور السياسي الذي يلعبه وزير الدفاع ومجلسه العسكري، حتى لو حلف على المصحف أنه لا يدبر شيئا في الخفاء. كان وزير الدفاع يمارس عملا سياسيا يوم أن كان يفاوض رئيس الدولة على سقف التغيير المطلوب حتى تسكت القوى والأحزاب السياسية عن إثارة الشارع، ثم كان انحيازه الواضح لطرف أو إن شئنا الدقة استخدامه هو لهذا الطرف كمرحلة من مراحل الوصول للسلطة، حتى لو أقسم ثلاثة أنه ليست هناك نية ولا إرادة للحكم. لن ينجح نظام السيسي فيما فشل فيه نظام مبارك ونظام المجلس العسكري والفترة التي تولى فيه الدكتور محمد مرسي لأنه ببساطة يدير: بنفس العقلية، وبنفس الطريقة، وبنفس الأشخاص، وسينتظره نفس المصير. بل أتصور أن نظام السيسي سيكون أفشل: كنا قبل نظام السيسي نسمع عن الإرهاب، فاذا بنا مع نظام السيسي أمام الإرهاب وجه لوجه، وبلا أي حواجز صد أو مساحات مرونة. كنا قبل نظام السيسي لا يتجاوز الإرهاب منطقة سيناء، فاذا بنا مع نظام السيسي نشاهد ونسمع الإرهاب والتفجيرات في قلب الدلتا مرورا بقلب مصر وعمقها. كنا قبل نظام السيسي نعيش خلافات سياسية يمكن إدارتها بشيء من التنازلات المتبادلة، فاذا بنا مع نظام السيسي في حالة احتراب أهلي لم تشهد لها مصر مثيلا. السيسي ونظامه وعقليته وأشخاصه جزء من المشكلة ولن يكون جزءًا من الحل: انظروا فقط كيف أُديرت الشهور الماضية، وتوقعوا حجم الكارثة المنتظرة. انظروا فقط إلى تصريحاته وتسريباته المتعمد منها والمسروق. انظروا إلى نمط الحلول المقدمة، كالتقشف ورفع الدعم، وعلى رأيه: أنا ماعنديش شيء ببلاش. كنا قبل نظام السيسي نعيش اختلافا سياسيا تحت سقف الوطن، فاذا بنا مع نظام السيسي نعيش مرحلة تنافي تصل حد القتل على الهوية، انتوا شعب واحنا شعب. السيسي ونظامه وعقليته وأشخاصه جزءًا من المشكلة ولن يكون جزءًا من الحل: انظروا فقط كيف تساقط المرشحون المحتملون أمامه واحدًا تلو الآخر كأوراق الخريف. ومن ينتظر (حمدين صباحي) يعلم أنه يضفي شرعية على عملية تزوير منظم كاملة الأركان، تفتقد الحد الأدنى من الشرعية، والحد الأدنى من معايير الشفافية، هو استفتاء على اختيار رئيس الجمهورية، وليس انتخابات رئاسية حقيقية. "إذا ترشح وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي فإن الدولة بكامل أجهزتها ومؤسساتها ستشتغل له، وتظبط له كل الأمور ولن تكون انتخابات حقيقية" هذا كلام واحد من أهل بيت الحكم، بوزن ودور الفريق شفيق. انظروا إلى الكيفية التي انسحب بها الفريق سامي عنان، والتي ظهر بها وكأنه ينفد بجلده الأمر جد وليس هزلا. السيسي ونظامه وعقليته وأشخاصه لن يحل مشكلة مصر، لأنه باختصار هو: من خلقها، ومن كرسها، ومن عقّدها، ومن ألغى كل الحلول عدا حلا واحدا هو الحل الأمني. وهو الحل الذي أثبت فشله على كل المستويات وبكل الأشكال، وما زالت البلد تجني ثماره المرّة. مصر منذ 3 يوليو وهي تعيش تحت سقف الحل الأمني، وهو حل لم يوفر لها الحد الأدنى من الأمن، ولا الحد الأدنى من الاستقرار، ولن يوفر لها الحد الأدنى من التنمية. هذه حقيقة كاشفة عن حجم الكارثة التي نتوقع حدوثها. نظام السيسي لن يحل أزمة مصر، ولو أنفق عليه فائض الميزان الخليجي. الأمر جد وليس هزلا. نفق العنف المظلم لا نهاية له، والحل الأمني مصيره مزابل التاريخ. نظام السيسي باختصار هو: مد خط الواقع المصري الأليم على استقامته. وهو لا يحمل أي من معاني الاستمرار بموازين الدول، لا على مستوى الداخلي، ولا على مستوى الخارجي. لقد كان سُلّم الديمقراطية الذي أخذه مرسي معه عندما صعد للحكم هو ما عابه السيسي عليه، وها نحن نرى السيسي قد وصل للحكم بسُلّم الاحتجاجات الشعبية، ثم إذا به يرفع السلم معه بعد أن صعد عليه، ويحاول أن يمنع أي مظهر من مظاهر الاحتجاجات الشعبية. السيسي يحاول أن يصادر سُلّم التغيير والاحتجاجات الشعبية، فيصادر حريات الناس وحقهم في الاحتجاج، فيكون قانون منع التظاهر، وتكون القوانين التفصيل، والإحكام التفصيل ولو كانت بالإعدام، حتى ولو لم تنفذ، ولن تنفذ. هده الأحكام الغاشمة بحد ذاتها هي العنوان الكبير لفترة حكم السيسي، التي لن تطول. هذا استقراء وليس تهديد.