كان عندنا تلفاز قديم من العهد الناصري من ماركة يسمونها – كايرو – وكان عندما يتعطل نقول له " هتشتغل واللا نجيب لك عم خلف " والطريف أن التلفاز عادة كان يسارع بالاستجابة كأنما يخاف منه .. وكان إذا مارفض الاستجابة نجئ له بعم خلف الذي كان يفتح التلفاز من الخلف ويقول " بسيطة ، إنه يحتاج لمبة بكذا وأجرتي علي تركيبها ربع جنيه " كان رجلا طيبا محبوبا قنوعا له ابتسامة عريضة لا تفارقه وهو سعيد بحياته وبيته وأبنائه الذين لا يقلون عنه طيبة وبساطة ويستمتعون بإدخال السعادة علي الآخرين .. وجاء اليوم الذي قلب حياة عم خلف رأسا علي عقب وجعله أتعس خلق الله – في نظره - وحول حياته إلي جحيم من الحزن والألم لقد كان فوجئ عم خلف في يوم مظلم بحملة من مخبري أمن الدولة وعلي رأسهم ضابط شهير من ضباط المنيا يقتطفون أجمل زهرة في بستانه ابنه عاطف أقرب ابنائه إلي قلبه و احسنهم خلقا وأكثرهم برا به وبأهله بل وبكل أهله وجيرانه .. كان يعمل بالاصلاح الزراعي ، عين ضمن نسبة المعاقين إذ كان لايكاد يري لتلف في قرنية كلتا عينيه نظره في كلتيهما 6\60 ولم يكن له أي نشاط ديني أو سياسي من أي نوع ، قبض عليه ضمن حملة اشتباه شملت ما يقرب من 530 شابا من شارعهم والشوارع المحيطة .. كان ذلك في يوم 17 – 6 – 1997 ترك عم خلف كل حاله وانطلق في رحلته الطويلة في البحث عن ولده فأخبره عضو مجلس الشعب عن دائرته أن ابنه موجود في حجز أمن الدولة وأنه ليس عليه شئ وسوف يفرج عنه .. فلما تأخر الإفراج ذهب إلي أمن الدولة والتقي بضابطين مشهورين هناك حيث أخبراه أن ابنه اشتبه اسمه باسم مطلوب آخر وأنه جاري تسوية الموضوع .. وبعد أيام أعلن عن مقتل ذلك الشبيه في كمين عقب تبادل لإطلاق النار كما زعموا وكان الذي قتلوه هو ابنه – كان اسم الشبيه عاطف محمد خلف حسين واسم ابنه عاطف محمد خلف صالح – ولم تسلم له الجثة ، ثم لما تقدم بعدة شكاوي إلي جهات عديدة أطلعوه علي سجل الاشتباه ليفاجأ أنهم قد كتبوا أمام اسم ابنه أنه أفرج عنه في نفس اليوم لم يترك عم عاطف مكانا إلا وذهب إليه ولا مسئولا إلا وطرق بابه باحثا عن ولده .. ذهب إلي المستشفيات ومقار أمن الدولة وإلي كل السجون ولكن دون جدوي .. لقد ذهبت الابتسامة عن عم خلف وبيته .. وتكالبت عليه الأمراض ارتفاع ضغط الدم والسكر بل إنه في أيامه الأخيرة أصيب بالشلل التام حزنا عليه مازال رغم هذه السنون الطوال يرسل نداءه إلي كل مسئول يستطيع أن يبرد ناره التي لم تنطفئ ولا يمكن أن تنطفئ أين ذهبوا بولده إن كان حيا أو أين جثته إن كان قد مات وهل من سبيل أن يقتص القانون له من قتلته إن كان قتل