وفاة بشير صديق شيخ القراء في المسجد النبوي عن عمر ناهز 90 عاما    تطور جديد في أسعار الذهب بعد موجة الصعود القياسي بسبب الإغلاق الأمريكي    على خطى حماس، تلميح غامض من الجهاد الإسلامي بشأن خطة ترامب في غزة    بهدفين لا أجمل ولا أروع، المغرب يضرب البرازيل ويتأهل لثمن نهائي مونديال الشباب (فيديو)    ترتيب مجموعة منتخب المغرب بعد الفوز على البرازيل في مونديال الشباب    بعد بلاغ الأم، القبض على المدرس المتهم بالتحرش بتلميذ داخل مدرسة بالهرم    غلق وتشميع مقاهي ومحال مخالفة في حملة إشغالات مكبرة بالطالبية    بعد استبعاد المصريين، تركي آل الشيخ عن موسم الرياض: مفتوح للجميع على حسب احتياجنا نحن    شركة مايكروسوفت تطلق "وضع الوكيل الذكي" في 365 كوبايلوت    ترامب: على الجمهوريين استغلال فرصة الإغلاق الحكومي للتخلص من "الفاسدين لتوفير المليارات"    المسرح المتنقل يواصل فعالياته بقرية نزلة أسطال بالمنيا    «قولاً واحدًا».. خالد الغندور يكشف رحيل فيريرا عن تدريب الزمالك في هذه الحالة    البيت الأبيض: مناقشات حساسة تجري الآن بشأن خطة غزة    85 شهيدًا فلسطينيًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة    خطة ترامب لغزة.. قراءة تحليلية في وهم السلام وواقع الوصاية    بلاغ أم يقود لضبط مدرس متهم بالاعتداء على طفل فى الأهرام    متى يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025 رسميًا؟ استعد ل تغيير الساعة في مصر    سعر الذهب اليوم الخميس 2-10-2025 يصل لأعلى مستوى وعيار 21 الآن بالمصنعية    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    مدير مستشفى معهد ناصر: نستقبل مليوني مريض سنويًا في مختلف التخصصات الطبية.    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    النائب العام يلتقي أعضاء إدارة التفتيش القضائي للنيابة العامة.. صور    إصابة 4 عمال في حادث تصادم نقل وميكروباص أمام كارتة ميناء شرق بورسعيد    قرار هام بشأن شخص عثر بحوزته على أقراص منشطات مجهولة المصدر بالجيزة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    شهادة صحفي على مأساة أفغانستان الممتدة.. جون لي أندرسون يروي أربعة عقود في قلب عواصف كابول    وصول وفد رسمي من وزارة الدفاع السورية إلى موسكو    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين والبنوك والمدارس بعد قرار رئيس الوزراء    مرض اليد والقدم والفم (HFMD): عدوى فيروسية سريعة الانتشار بين الأطفال    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    أكلة مصرية.. طريقة عمل محشي البصل خطوة بخطوة    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    مايولو: سعيد بالتسجيل أمام برشلونة.. نونو مينديش قام بعمل كبير    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    انقطاع مؤقت للاتصالات قرب المتحف المصري الكبير.. فجر الخميس    هيئة مستقلة للمحتوى الرقمي ورقابة بضمانات.. 4 خبراء يضعون روشتة للتعامل مع «البلوجرز» (خاص)    ارتفاع أسعار الذهب في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 2-10-2025    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    المطبخ المصري في الواجهة.. «السياحة» ترعى فعاليات أسبوع القاهرة للطعام    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    اعتراضات على طريقة إدارتك للأمور.. برج الجدي اليوم 2 أكتوبر    أول تعليق من رنا رئيس بعد أزمتها الصحية: «وجودكم فرق معايا أكتر مما تتخيلوا»    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    تعرف على مواقيت الصلاه غدا الخميس 2 أكتوبر 2025فى محافظة المنيا    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدر البطاطا دق أعناق الرجال
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 10 - 2010

شرد ذهنه بعيدا وهو بين أبنائه وزوجته يشاهد التلفاز.. تذكر زميله فى العمل وهو يهمس فى أذنه بعد أن رآه حزينا وعرف أزمته.. فتح مخك يا أبو حسين.. أنت أمين مخازن أد الدنيا ولو عايز تاكل الشهد السكة سالكة.. بس أنت قول طيب وترتيب الموضوع اللى مايخرش المية مترتب وجاهز.. أنت قربت تطلع على المعاش وهتطلع من المولد بلا حمص.
تذكر خطيب ابنته وهو يحثه على الانتهاء من تجهيزات الزواج الذى تأجل المرة تلو الأخرى.. تذكر نظرات ابنته إليه بعيون حزينة منكسرة.. تذكر زوجته التى باعت آخر قطعة ذهبية كانت ما تزال تقتنيها وكلماتها له كل يوم قبل أن ينام.. هتتصرف ازاى يا أبو حسين فى الموضوع ده..؟؟ تذكر ولده حسين وهو يقول له إن مظهره فى الجامعة متواضع بالنسبة لزملائه وإنه يحتاج لمبلغ من المال لشراء ملابس وبعض الكتب.
تنبه إلى نفسه.. فيلم إيه ده يا ولاد.. ده فيلم الحرام يا بابا.. أيوه أنا شفته قبل كده.. نظر.. رأى عزيزة وهى ترقد على الأرض فى حالة إعياء وقد تكورت على نفسها كأنها طفل يحتمى بصدر أمه.. وجهها شاحب والرعشة تمسك بجسدها.. فجأة تقوم تجرى كالمجنونة وتذهب إلى المكان الذى وضعت فيه مولودها وقتلته حتى لا ينفضح أمرها.. تضرب صدرها بكفيها وتلطم خدودها.. تمزق ملابسها ووجهها بأظافرها وهى تقول جدر البطاطا كان السبب يا ضنايا.. ثم تهوى بلا حراك جثة هامدة.
نظر لأولاده وزوجته.. وجد الدموع تنساب من أعينهم.. قام وهو يقول لاحول ولا قوة إلا بالله.. ربنا ما يحوج حد يا كريم يا منان.. قام فتوضأ وذهب ليصلى المغرب..جلس يبتهل إلى الله..اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك.. اللهم استرنا ولا تفضحنا.. اللهم إنى أصابنى الكرب ففرج همى.. قام الرجل ودخل غرفته.. تمدد على السرير.
وجده يقف فى أرض قاحلة مليئة بحفر كثيرة وكل حفرة يقف أمامها مجموعة من الناس فى طابور طويل لا يظهر له آخر..!! نظر فى الحفرة التى أمامه.. وجد داخلها رجلا طويلا ضخم الجثمان ينظر إليه ويدعوه للنزول وهو يبتسم ابتسامة صفراء..!!؟ خاف وتردد.
اتجه نظره إلى الحفرة المجاورة فأصيب بالذهول فقد وجد رئيس المصلحة التى يعمل بها وهو يخرج منها يلملم ملابسه وهو يحمل فى يديه حبات كثيرة من البطاطا.. يحاول أن يمسك بها فتسقط إحداها على الأرض فينحنى ليأخذها لتسقط أخرى.. أصابه العجب.. قال لنفسه سيد بيه.. مش معقول أنا مش مصدق عنيه..!!
وقبل أن يفيق من الدهشة وجد شخصا آخر يخرج حاملا ملابسه فى يديه من حفرة أخرى وهو يحاول أن يجر حبة عملاقة من البطاطا لم ير لحجمها مثيلا فى حياته.. فتح فمه على آخره من الدهشة.. معقولة الباشا هو كمان هنا..!! إيه اللى أنا شايفه ده..!! عجز الرجل عن حمل جدر البطاطا العملاق.. أشار بيده فجاء عدد من الرجال عدوا..عنك يا سعادة الباشا.. حملوه عنه وهو يسير أمامهم فى شموخ واستعلاء..!!
انتبه على صوت الواقفين خلفه.. يالا يا أخينا خلصنا.. انزل.. نظر مرة أخرى إلى الحفرة.. وجد نفسه تقول.. لا.. لا..وهو يتراجع.. سمع بعضهم يقول.. بشوقك .. باين عليك راجل مستغنى..!! أخذ يعدو بين الحفر والحشود الواقفة أمامها.. وصل لأول الطريق.. وقف يلتقط أنفاسه.
وجد عربات كثيرة واقفة ورجال يمسكون ببعض الأشخاص الذين يحملون فى أيديهم بقايا صغيرة من حبات البطاطا يجرونهم من ملابسهم ويسوقونهم لداخل العربات مقيدى الأيدى وهم يبكون ويصيحون.. جدر البطاطا كان السبب..!! جدر البطاطا كان السبب..!! نظر هنا وهناك لعله يرى رئيس المصلحة أو الباشا فلم يجد لهما أثرا..!! فجأة يجد أحدهم يشير إليه من بعيد..أمسكوا الراجل ده وهاتوه هنا.. جرى العديد من الرجال ليمسكوا به.. وجد نفسه يعدو بأقصى سرعة.. يعدو وهم يعدون خلفه.. أحس بأن قلبه يكاد أن يتوقف.. وجد أحدهم خلفه تماما.. مد يده ليمسك به..
أمسكت به تهزه.. أبو حسين.. أبو حسين.. فتح عينيه مفزوعا.. فوجد زوجته أمامه..!! فيه إيه.. ومالك عرقان كده.. مفيش.. الحمد لله.. الحمد لله.. إيه هتنام بدرى من غير ما تتعشى وتصلى العشا.. لأ..أنا غفلت بس.. قام فغسل وجهه و توضأ وصلى.. جلس فى زاوية الغرفة.. أمسك المصحف يقرأ فيه.
جاءت ابنته.. بابا فيه واحد عايزك.. ذهب يستقبل الضيف.. مش معقول.. اتفضل..أخذه بالحضن وهو يقبله..الباشمهندس محمود.. يا ألف بركه..فينك..؟؟ مشاغل يا حاج.. جلسوا يتذكرون الأيام الخوالى.. أنا ما أنساش الأيام الحلوة اللى قضيتها أنا ووالدك رحمة الله عليه.. كان أعز الحبايب..هو كمان دايما كان بيشكر فيك ويقول أنا ماشفتش راجل بأمانة وأخلاق أبو حسين.
وهو ده اللى جايبنى النهارده.. أنا شاركت واحد على شغل فى الإمارات ولازم أكون هناك.. وزى ما أنت عارف أنا فاتح سوبر ماركت كبير فى المهندسين..شغال ما شاء الله.. فكرت مين ممكن أستأمنه عليه.. ما لقيت إلا أنت يا حاج..وخصوصا أنى سمعت أنك طالع على المعاش قريب..المرتب اللى أنت تقول عليه أنا تحت أمرك.. اللى كان مسئول عنه قبل كده أنا كنت بدى له أربعة آلاف جنيه.. بس انت حاجة تانية.. يابنى ماتقولشى كده..أنت زى ابنى حسين.. شرب الرجل الشاى وانصرف بعد أن اتفق معه.
رجع حيث كان يجلس فى زاوية الغرفة.. أمسك بالمصحف.. فتحه حيث توقف فوجده يقرأ.. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.. انسابت الدموع من عينيه وهو يردد.. نعم حقا وصدقا.. حقا وصدقا يا كريم يا منان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.