تلعب الحكومات الرشيدة فى أى مجتمع دور المدرب(الكوتش)الذى يتولى التنسيق بين مختلف أطراف الفريق من أجل الصالح العام. ولما كانت بلدنا تتعرض لأزمة اقتصادية طاحنة، بعد عقود من الفساد والسرقات ومحاربة النجاح وإقصاء الشرفاء ووأد المشروعات والأفكار الناجحة من كل الأفراد ، وصلنا الى هذا الدرك الأسفل فى كل المجالات دون استثناء . والبورصة المصريه ليست بمأمن عما نتحدث عنه ، بل البورصة اليوم تمر بأسوأ أيامها على الإطلاق منذ انطلاقها ، وتلعب الأسواق المالية دورا هاما في دنيا الأعمال اليوم، بل قد تكون المصدر الأساسي لكثير من الشركات فى الحصول على التمويل المطلوب للقيام بالكثير من المشروعات العملاقة التى تنعش وتنمي الحياة فى كبرى دول العالم، كذلك قد تكون ممرا من خلاله تدخل الأموال الأجنبية إلى البلاد لإنعاش الحياة الاقتصادية . وتنقسم البورصه إلى سوقين رئيسيين: 1- السوق الأول أو سوق الإصدار وهو السوق الذى يتم فيه طرح الإصدارات الجديدة من الأوراق المالية، وهو السوق الأهم ومصدر تمويل العديد من الشركات فى الساحة المصرية والعالمية. 2- السوق الثانوى أو سوق التداول ويتم فيه تداول الأوراق المالية التى سبق إصدارها فى سوق الإصدار ، وترجع أهمية هذا السوق الى كونه يوفر ضمانا بالنسبة للمستثمرين فى إمكانية الحصول على السيولة وبيع ما لديهم من أوراق مالية فى أى وقت . وفى هذه الأيام وبعد قرار الحكومة المصرية بفتح البورصة بعد شهرين تقريبا من التوقف لا يسعنى الا أن أتقدم بهذه المجموعة من الاقتراحات: : 1- دخول الحكومة البورصة كمشتري لأسهم الشركات التى انخفضت انخفاضا ملحوظا خاصة بالنسبة للشركات التى تمثل عماد الاقتصاد المصرى؛ وبذلك تقفل الباب أمام مشترين لتلك الأسهم بأقل الأسعار وآخرين من جنسيات لا نعرفها وبأغراض نجهلها ، وهى بذلك ليست بدعًا من الحكومات فى العالم ففى ظل الأزمة المالية الأخيرة دخلت الحكومة الأمريكية البورصة بهذه الطريقة لحماية مقدرات البلاد، وكذلك فعلت الحكومات الغربية . وتسطيع الحكومة هنا استثمار أموال المعاشات والتأمينات المتجمعة لصالح أصحابها، وهذه استثمارات مضمونة لأن انخفاض الأسعار الآن هو مجرد انخفاض وقتي سيعقبه انتعاش كبير. 2- وضع مجموعة من القيود المؤقتة على بعض الأوراق المالية وذلك بوضع حدود سعرية ( حد أدنى لانخفاض السعر ) وكذلك حد أقصى للكمية التى يمكن بيعها لكل مستثمر فى البورصة ولتكن فى حدود 30% من أى ورقة مالية يملكها. 3- إطلاق مؤشر يتفق مع معايير الشريعة الإسلامية ، من أجل أن يتم جذب التمويل الإسلامي للاستثمار في العديد من القطاعات في البلاد، وكذلك تشجيع أفراد المجتمع المتدينين على التعامل فى البورصة؛ مما يكسب البورصة مستثمرين جدد ليسوا بقليلين خاصة وأن المجتمع المصرى يميل إلى التدين، مستفدين فى ذلك من مؤشر بورصة إسطنبول الإسلامي. 4- من الطبيعي أن تحدث مجموعة من الانهيارات لبعض الشركات فى هذه الأوقات، لكن دور الحكومة هنا يتمثل فى إنشاء قانون لحماية هذه الشركات من الانهيار، وهنا يمكن للحكومة أن تستفيد من قانون الإفلاس الأمريكي خاصة في الجزئية المتعلقة بإعلان الحماية من الإفلاس فى (الفصل الحادي عشر) .وتستطيع جميع أنواع الشركات حتى الأفراد اللجوء إليه إلا أنه في الغالب يستخدم من قبل الشركات. ويسمح بإبقاء عمليات الشركة تحت سيطرة المدين وملكيته ولكن تظل تحت المراقبة من قبل الدولة. وطبقا لهذا الفصل فإنه يمكن للمدين العمل كوصي على شركته إلا إذا تم تعيين وصي خارجي لسبب ما . وهكذا فإنه طبقا لهذا الفصل يملك المدين الأدوات لإعادة هيكلة شركته ويستطيع الحصول على تمويل وقروض ميسرة بشرط إعطاء الممولين الجدد أولويه في الحصول على أرباح الشركة وقد تعطي الحكومة للمدين حق رفض أو إلغاء العقود .كما يتمتع المدين بحماية من دعاوى قضائية ضد شركته عن طريق فرض ما يسمى بوقف التنفيذ صورة إليه وبينما يكون هذا الوقف نافذ المفعول فإن أي دعاوى قضائية ضد المدين تتوقف أو تؤجل حتى يتم البت فيها . وبدون مثل هذا القانون قد تتفاقم الأزمة الاقتصادية، وقد تدفع العديد من الاستثمارات الأجنبية للهروب؛ لعدم وجود أفق ورؤية واضحة حول سبل الخروج من التعثر في حال حدوثه، خاصة فى هذه الأوقات الحرجة.