... كل من لامني على إيرادي بعض عامية.,ثلاثة مساجد كانت تتوزع بينها صلاتي للجمعة,واحدها خطيبها كل كلامه بالعامية اللهم إلا عند تلاوته لآية أو روايته حديثا,وثانيها,فصيح وبليغ ورحمة ربي عليه وهو الدكتور عبد الصبور شاهين,-واحد من أفضل من نطق بالضاد في ثلاثة أجيال- وثالثها,ينطق الفصحى عرجاء عمياء لا أرض لها ولا سماء, فأتململ-طبعا ستتهمني بأن ذلك بسبب ذنوبي,شكرا لك-و أتمنى أن تنتهي الخطبة,فهو يقول مثلا وقام أبي بكر,ثم مضت إلى أبا بكر,وسلمت على أبو بكر,-والله هذا حدث بل أشد منه- لا يكاد ينطق جملة سليمة,ويظلمنا ويظلم نفسه ومنبره .,و اللوم والعتاب على من سهل المنابر لراكبين ليسوا أهلها واغتصب مساجد من أهلها,ومن أراد فليتعلم(ويموت المعلم ولا يتعلم)و أرجوك افهمني ,فقد أوقفني وقال لي:أنا البحر في أحشائه الدر والزبرجد والعبقرية والحكمة واستقامة التفكير,وأنا البحر في ماضيه ما يمد حاضره بلآليء تضيئ الطريق المعبدة للشخصية الخلاقة,وأنا البحر في حاضره القريب مولدون قادوا اللفظ و طوعوا الصخر ولان لهم الحديد,وأنا البحر على شاطئه جيم مصرية ودرع يمانية و حكمة شآمية وقصيدة حجازية,وأنا البحر العميق لم ينطق خير من ولجني عن الهوى,وأنا البحر غرفة مني في يده وحي يوحى,وأنا البحر سكن إلى وأبحر في داخلي غواصون وامتطى ظهري بحارون على صحاف من ذهب وفضة,لا تكاد تحصيهم عددا ,أو تجاريهم مددا,ولو ذكرت أخشى أن أنسى منهم أحدا,أبنائي علموا الدنيا وشغلوا الناس,ولم يأت بحاور بحر غيري بمثل ما أتوا,شغلت مفرداتي الشافعي فوضع بها قدما على بساط الريح الذي تدعونه شعرا,وأخرى فوق ساحة العقل التي تسمونها فقها,وأنا البحر قال عني علىٌ رضى الله عني :من تعلم مسار خطي حاز رزقا,وأنا البحر أدرك عمر رضي الله عنه شعابي وحكم فعدل بين شعراء ومنظمي صدفي الذي تقولون عنه شعرا,وأنا البحر,موجي نثر وصخبي شعر ,وأما بعدي (ف) قانون ملزم,وأنا البحر زائري الجنوبي,أعلن أمام كاتب وحي الرب معاوية رضى الله عنه في فخر بي ,سيعلم الجمع اليمانون أنني/إذا قلت أما بعد,فإني خطيبها,وأنا البحر,حبلت داخلي جدة أحمد بن الحسين فملأ المتنبي الدنيا معجزات,وأنا البحر وسعت كتاب الله لفظا ومعنى وتورية وكناية واستعارات أمسكت ببعضها فكنيت,وصرحت بالبعض,وأنا البحر غاب في لجيِ موجي لما ظلموه محمود شاكر,فجاء بعجب عجاب ,و حمل راية الصامدين عند مضيقي ,والشهداء على ساحلي في وجه من قلتم إنه أستاذ الجيل وتلامذته من فرسان المعبد غير المقدس,وأنا البحر,حملت على ظهري فتى,فلتبك على مثله النساء,لم يعرفه أكثر أبنائي,شلته حتى حجاز الله المقدسة,فقال عفيفي مطر يوم التروية:غسلت كفني بزمزم وجففته بالحرم,ومضى دون أن تقوم الدنيا وليتها ما قعدت, وأنا البحر داعبت هشام الجخ ,وسيأتيني ,فالشعر جاذب صحبه حتى حتفه,و أنا البحر أغار وغيرتي ,حنطوها في مجمع,وخبأوها في أزهر ,وكفنوها في ورق أصفر,ورجالي لو أنصفوهم لقالوا وقالوا وصالوا وجالوا فعلَوا بالدنيا والدنيا في أمس الحاجة لهم, وأنا البحر يحبني من يحب الله ,ويغترف مني من كحل عينا في لفظ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهو يستجير بمولاه ويشكو ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على الناس ويعوذ بنور وجهه,و قد ضعفه المحدثون ,لكن اللفظ يدل على اللافظ ,واللغة تشير إلى القائل ,وابن القيم يقسم أن الكلام الجزل والترتيب الفصل -وإن أنكره محدث -فهو لا يخرج إلا من مشكاة نبوة خير من نطق بالضاد, ولامني –وأنا الغريق- في خوفي من البلل أقوام,وأعتذر إليك أيها البحر,وما أنا بالغافل ولا الجاحد عظمتك,و وبخني على عامية بعض ألفاظي أصدقاء,وأعتذر إليك يا بحر لا لهم, وفكرت أن حدثوا الناس على قدر عقولهم وأن انفضوا التراب عن الفاظ لشيوعها نقلناها من خانة الفصيح إلى دنيا العامي,ولعل مولدين جددا في الطريق نسير على دربهم ,فيعرف القوم عظمة لغة القوم, ويا أيهاالبحر الذي في أحشائه الدر كامن ,أستغفر الله أن أهجرك,فأنت تعلم يا بحر كم أحبك وأغار عليك وأغار ممن يغار عليك أكثر مني,و أبوس لأجل عيونك أرضا داستها شيوخك,وأشيل إنتاجهم مما حوته دروبك في عيني وانشال به الزمن شولا, و لقراء المصريون خاصة ,ولا أستثني منكم أحدا,عتابكم على راسي(بترقيق الهمزة)وغيرتكم على اللغة,وإنكاركم على بعض العامية حملٌ على ظهري تنوء منه الجبال,واللقا نصيب والنصيحة أمانة, لكن لي عتابا,قصدت به أحبابا,فالناس بعدت عن الشعر وبه دائما أضرب الأمثالا ,وأمثالنا العامية ,لو دققنا النظر في أكثرها لوجدناها فصيحة وأبوابا للحكم فسيحة, وخذ منها واحدة على سبيل التبيين (ياكل خيره ويعبد غيره) لغة فصيحة وسليمة وحتى (ياكل)دون الهمزة مشهورة في كلام العرب خاصة المولدين منهم وقل:الرئاسة والرياسة,والكأس والكاس ,ولو ضربنا صفحا عن أمثالنا الشعبية فقد خسرنا كثيرا,وإن نطقنا العامية أو أوردناها في مقالات فما نأخذ منها إلا بعض الأمثال والحكم بين قوسين , وأنا البحر في أحشائه الدر كامن /فهل سآلوا الغواص عن صدفاتي,وأعتذر. [email protected]