قبل عدة أيام نشرت إحدى الصحف "القومية" لأمن اللبس خبرا عن أن مكتب المدعي العام الاشتراكي شكل لجنة مهمتها الاطلاع علي ملف العبارة السلام 98 ومراجعة كافة التقارير الصادرة بشأنها من الجهات المختلفة وأنه كلف مباحث الأموال العامة بكتابة تقرير يتضمن بيانا بكافة ممتلكات ممدوح إسماعيل وزوجته وأولاده وشركاته والتحري عن المخالفات التي ارتكبت داخل شركة السلام والمسئولين عنها علي أن يوافي جهاز المدعي العام الاشتراكي بهذه التقارير خلال أيام ، ولم يمض سواد الليل حتى صدر في الصباح التالي مباشرة بيان عاجل من المستشار جابر ريحان المدعي الاشتراكي بأنه لم يأمر بتشكيل لجنة للاطلاع على ملف العبارة المذكورة ولم يطلب مراجعة التقارير ولم يطلب أي تقارير عن ممتلكات ممدوح إسماعيل صاحب العبارة وزوجته وأولاده ، كان الأمر يبدو وكأن مكتب المدعي الاشتراكي قد لدغه عقرب أو هاتف نكدي ، فلم ينم الليل من الهم والغم والقلق من تسريب هذه الأخبار ، فسارع بإصدار هذا البيان الغريب والمثير ، وهو بيان يحتاج إلى شرح طويل عريض لفهم دلالته وخلفياته ، لأنه بدا وكأن طلب المدعي الاشتراكي ملف الشركة يعتبر عيبا أو مراجعته لتقارير الجهات المختلفة عن مخالفات الشركة يمثل قلة ذوق أو أن معرفته بطبيعة ممتلكات صاحب الشركة يمثل فضيحة ، المسألة غريبة جدا ، وزير المواصلات المحترم أضاف في تصريحات صحفية أنه لو تمت إدانة صاحب العبارة فسوف نأتي به ولو كان على سطح القمر ، وأعتقد أنه تقمص شخصية الرئيس الأمريكي جورج بوش ، ونسي أنه مجرد وزير صدفة في دولة لم يعد هناك من يعبأ بقرارها أو قضائها في العالم الثالث فضلا عن العالم الأول ، ولكن الأمر الأكثر أهمية والذي لم يوضحه الوزير المحترم هو : إذا كان الملف كله يخضع للتحقيق ، ويمكن إدانة الرجل في النهاية أو تبرئته ، فلماذا صرحتم له ابتداءا بالسفر والهرب من مواجهة المحقق ، إذا كان مدار الاتهامات كلها تنحصر بين صاحب العبارة وبين القبطان ، فمن هو المسؤول في مصر الذي سمح له بالسفر معززا مكرما بجواز سفر خاص مصحوبا بتشريفة أمنية عالية في مطار القاهرة ودعوات له بالسلامة ورحلة هانئة ، من الذي سمح له بالسفر في ظل هذه الأجواء كلها ، بوضوح أكثر : من الذي هربه من التحقيق ، لماذا رفض مجلس الشورى أن يرفع عنه الحصانة مدة طويلة ، ولماذا لم يصدر النائب العام قراره المعتاد والبديهي بمنعه من السفر حتى يتم استكمال التحقيقات ، مع من يحقق النائب العام في هذه القضية الآن ، وما معنى التحقيقات من حيث الأصل ، إذا كان الطرف الأساس والمحوري فيها غائب ، هل اعتبر النائب العام أن ممدوح اسماعيل لا صلة له بالعبارة مثلا أو بالشركة ، هذا هو الافتراض الوحيد الذي يمكن أن يبرر تركه يسافر ويهرب من مواجهة التحقيق ، هل تذكرون واقعة عليه العيوطي أم نسيناها ، التحقيق أدانها والقضاء نفسه أدانها ، والنائب العام السابق قبل خروجه من الخدمة بأربعة وعشرين ساعة وإسهاما منه في حماية المال العام أصدر قرارا مباشرا برفعها من قوائم الممنوعين من السفر ، أيضا لأسباب صحية : بقت عادة ! ، بالمناسبة : الحكومة كافأت رجاء العربي على ذلك بمنحه عضوية مجلس الشورى والحصانة البرلمانية بعد أسبوع واحد من هذا القرار المروع ، المهم ، فإذا كان محمد منصور وزير دكر ، ويأتي باللصوص والمتهمين من فوق سطح القمر فليأت لمصر بعليه العيوطي من المقهى التي تشيش فيه كل مساء في قلب العاصمة الفرنسية منذ سبع سنوات . [email protected]