ما أجمل الشعوب وهي تتحرك وتنتفض لتأخذ حقها في الكرامة والحرية! كنت قد أوشكت أن أفقد ثقتي في الشعب المصري...في إحساسه وقدراته وسلوكياته...حتى أتى يوم 25 يناير 2011 ليُغير نظرتي بل ليقلبها رأساً على عقب. لم أشهد ثورةً شعبيةً في مصر من قبل؛ لم أر في حياتي جموع المصريين وهي تتحرك هكذا بمئات الآلاف، في الشوارع والميادين، طالبةً حقها في العيش بكرامة وإنسانية، وفي العيش بما يليق ببلدٍ عريق مثل مصر. الأمر كله جديد بالنسبة لي كمواطنة مصرية، فتحت عينيها لكي تجد من حولها شعباً مفعولاً به إلى أقصى درجة أمام نظام سياسي فاعل إلى أقصى درجة. اعتادت عيني على هذه الصورة المشينة، وترعرعت على رؤيتها حتى كدت أتيقن أنه قدر محتوم. إلا أنه مع ظهر يوم 25 يناير 2011 أدركت أن القدر يستجيب للشعب الذي يريد الحياة ويصر عليها دون أن يكل أو يمل. كم هو جميل أن تتحول نشرات الأخبار كلها لكي تذيع لنا أخبار الشعب المتحرك المنتفض الفعال، بدلاً من إذاعة أخبار المسئولين والوزراء – ببزاتهم المتألقة – وهم "يفتتحون" هذا الكوبري وهذه المدرسة وهذا المصنع، في وسط تصفيق المهللين المأجورين، وكأن هؤلاء المسئولين هم الفاعلون الوحيدون الذين يمنون على الشعوب المسكينة التي ليس لها حول ولا قوة. إن سُنة الحياة هي الحركة...وإن إعادة الشعب إلى الحركة يتوافق مع سنن الله الكونية. وإن إعادة الحكام إلى دورهم في حماية الشعوب المتحركة النابضة بالحياة أمر منطقي وواجب وضروري. فالأمم خلقت لكي تكون فاعلة ومتحركة لأنها هي الباقية؛ أما الحكام فيجيئون ويرحلون...حتى ولو بعد ثلاثين عاماً.