يعتقد الكثيرون أن الدماء التي سالت في مقر حزب الوفد وما سبقها ثم تلاها من أحداث يعد كارثة قد حلت على الليبرالية في مصر وسقطة لأعرق حزب ليبرالي في المنطقة العربية مما يدفع إلى مزيد من إثراء ثقافة البلطجة السياسة والاستبداد اعتمادا على قوة السلاح كما فعل رئيس حزب الوفد المعزول الدكتور نعمان جمعة وعصابته مما أدى إلى صدور قرار النائب العام بالقبض عليه رهن التحقيق . إبتداءا فإن النظام الحاكم هو الذي أرسى دعائم ظاهرة البلطجة السياسية المسلحة في مصر لأن تلك الظاهرة هي فلسفة رجال يوليو 1952 الذين انقضوا على الديمقراطية بقوة السلاح وحولوا الوطن إلى مرتع خصب للفساد والمفسدين ولا يمكن بأي حال من الأحوال استبعاد تخاذل وتقاعس وإهمال الدولة المصرية عن ما جرى من أحداث داخل حزب الوفد .. ولم لا فالوفد هو المنافس القوى الذي يخشاه الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم وليس الإخوان كما يعتقد البعض . الحرية والديمقراطية التي أرسى قواعدها في مصر والوطن العربي حزب الوفد تبدأ من القاعدة .. فالمستبد لايمنح من الحرية أو الديمقراطية إلا بالقدر الذي يضمن له البقاء ديكتاتورا وهذا مافعله الدكتور نعمان جمعه بعد أن تعلم الدرس من عسكر يوليو 1952 ولكن سقطته الأخيرة أنه تصور أنه جمع من حوله كذابين الزفة وحملة المباخر وضاربوا الدفوف يجمعهم بمزمار ويفرقهم بالعصا تيمنا بما أفرزته حركة ضباط يوليو المباركة متناسيا أن الوفد به رجال شرفاء وقادة عظام أمثال الدكتور أباظة والأستاذ منير فخري عبد النور كانوا ومازالوا وسيظلون على مبادئ سعد باشا زغلول ومصطفى باشا النحاس وفؤاد باشا سراج الدين وأن القاعدة العريضة من شباب الوفد لاتزال بكل خير ووعى وإدراك تام لكل ما يحدث على الرغم من كل القيود . إن دماء هؤلاء الشباب الوفديين التي سالت دفاعا عن الوفد وعن الشرعية الوفدية هي وسام على صدر الوفد وكل الوفديين ستسجل في صفحات التاريخ أن الوفد لم ولن يكون إقطاعية لمستبد أو طاغية لأنه قلعة الحرية والليبرالية في منطقتنا العربية ودرسا بليغا من شباب الوفد لشعب مصر فيجب إنعاش شجرة الحرية بين وقت وأخر بدماء الوطنيين والأعداء . نبيل محمود والى مستشار قانوني وكاتب ليبرالي المملكة العربية السعودية