كُثر أولئك الذين يرفضون وجود الدكتور يحيى الجمل – مع كامل الاحترام لسيادته- في الوزارة القائمة الأن في منصب نائب رئيس الوزراء. ذلك أنه في اثناء ثورة الخامس و العشرين من ينايرأدلى سيادته بكلام غريب محبط لا يتفق و جلال الموقف ( العاشرة مساء- 5/2/2011 )، إذ قال " إذا كنا نريد تعديلا دستوريا فالتعديل يلزمه 70 يوما ولابد من بقاء الرئيس ". وفي معرض أخر قال " تعديل الدستور يقتضي موافقة رئيس الجمهورية بشخصه، إذ لا يجوز لنائب الرئيس تعديل نصوص الدستور، فضلا عن عدم قدرته على حل مجلسي الشعب و الشورى أو إقاله الوزارة وذلك حال تفويض رئيس الجمهورية له لصلاحياته ". مدلول هذا الكلام إما أنه يخاطب باستعلاء قوما من الجهلاء ، وإما أنه يهون من أمر الثورة و من قدرتها على التغيير ويوصد أمامها طريق الاصلاح أو يعتبرها مجرد وقفة احتجاجية عارضه سرعان ما تذوى من تلقاء نفسها وكأنه يحرض على انهائها ، وإما انه فضل أن يقف موقفا وسطا، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء بمعنى التريث ثم الانضمام إلى الجانب الذي ترجح كفته. وبعد تنحي الرئيس، وتولي مجلس أعلى عسكري قيادة البلاد ووقف العمل بالدستور و تشكيل لجنة لتعديل بعض مواده خلال عشرة أيام، وحل مجلسي الشعب و الشورى نجده يقول " الثورة أسقطت النظام ". إذن كيف طاوعه لسانه من قبل على التفوه بما فاه به و هو الخبيرالدستوري! و نتعجب كيف لم يقدر الدكتور الجمل خطوره ما قاله في بداية الثورة، ولسنا نفهم تراجعه حال نجاحها. إن كلامه كان من الممكن أن يغري بالثورة ويجهضها، وكان من الممكن أن يضلل الناس لولا الواعين المخلصين الذين فهموا مقصده وبصروا الجموع بالمرامي التي تختفي خلف الكلمات.أمثال هذه المواقف ما كان يجب أن يشترك أصحابها في حصد الثمار،بينما أصحاب المواقف الثابته تواروا إلى الظل. ما كان يجب أن يروق هذا النموذج لرئيس الحكومة. ولسنا نعرف ما هو الدور المنوط بالدكتور الجمل كنائب لرئيس الوزراء بلا حقيبة وزارية محددة غير تحميل خزانة الدولة بمخصصات ومميزات المنصب. هل منوط بسيادته التحدث باسم الوزارة ويعلن في مداخلة تلفزيونية بعض أسماء الوزراء ،أم التوصية بتنصيب هذا أو ذاك كما صرح بذلك في شأن وزير الثقافة ،أم كمستشار للشئون القانونية كما سمعنا مؤخرا،أم النصح بعدم ضرورة مليونية الجمعة. على أيه حال ،عزاؤنا أن الحكومة الحالية مؤقته ،والأمل معقود على حكومة مصفاة ،مبرأة من الوجوه القديمة ومن أصحاب الأراء الهلامية. وألهمنا الله الصبر. العجيب أن الدكتور الجمل يستنكر مواقف بعض الصحف القومية في بداية الثورة وبعد نجاحها ،ومبعث العجب أن سيادته سلك نفس الموقف في أحاديثه عبر برنامج تلفزيوني جماهيري. وإذا كنا نطالب بعض الصحافيين الذين شاركوا في بلبلة الناس بالاستقالة ،وقد استقال بعضهم بالفعل، فإننا نطالب أيضا الدكتور الجمل بالاستقالة.