تواصلت الاحتجات ليلة امس الاحد وفجر اليوم في العاصمة الليبية طرابلس بين المحتجين على نظام العقيد معمر القذافي من جهة وعناصر امنية وموالين للقذاقي من جهة اخرى. وكان سيف الاسلام القذافي هدد فجر اليوم الاثنين ان والده "سيحارب حتى اخر رجل" وذلك في الوقت الذي انضم فيه الناس في العاصمة طرابلس الى الاحتجاجات لاول مرة بعد ايام من الاضطرابات العنيفة في مدن وبلدات شرق الساحل الليبي عموما وفي مدينة بنغازي تحديدا. وتجمع محتجون مناهضون للحكومة في شوارع طرابلس واعلن زعماء اكبر اربعة قبائل رأيهم صراحة ضد القذافي، مؤكدين انحيازهم للمطالب الشعبية. كما انضمت وحدات في الجيش للمعارضة في الوقت الذي تشهد فيه ليبيا المصدرة للنفط واحدة من ادمى الثورات التي تهز العالم العربي. وظهر سيف الاسلام على التلفزيون الوطني في محاولة لتهديد وتهدئة الناس قائلا ان الجيش سيفرض تطبيق الامن "بأي ثمن". وقال: "نحن معنوياتنا مرتفعة والقائد معمر القذافي يقود المعركة في طرابلس ونحن معه والقوات المسلحة معه. نحن لن نفرط في ليبيا سنقاتل حتى اخر رجل وحتى اخر امرأة واخر طلقة ولا يمكن نتركها بلادنا". وانحى سيف الاسلام باللائمة على منفيين ليبيين في تأجيج اعمال العنف واتهم جهات عربية لم يسمها بالمشاركة في "مخططات ضد ليبيا". ولكنه وعد ايضا باجراء حوار بشأن الاصلاحات وزيادة الرواتب. وربما يكون هذا التملق غير كاف لاطفاء نار الغضب الذي انطلق بعد 40 عاما من حكم القذافي في انعكاس للاحداث في مصر حيث اطاحت ثورة شعبية بالرئيس حسني مبارك الذي كان يبدو منيعا. وفي مدينة بنغازي الساحلية سيطر المحتجون بشكل كامل على المدينة بعد ان انضمت وحدات من الصاعقة اليهم وساهمت في السطرة على قاعدة عسكرية تابعة لحرس القذافي. واضرمت النار في مقار للشرطة ومثابات ثورية تابعة ل"الجان الثورية" الموالية للقذافي. وفي اول علامة على وقوع اضطرابات خطيرة في العاصمة اشتبك الاف المحتجين مع انصار القذافي. ودوت اصوات اطلاق النار خلال الليل واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين رشق بعضهم صور القذافي بالحجارة. وقالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" ان 223 شخصا على الاقل قتلوا خلال خمسة ايام من العنف. وكان معظمهم في بنغازي مهد الانتفاضة وهي منطقة قبضة القذافي فيها اضعف دائما من المناطق الاخرى في ليبيا. وقال حبيب العبيدي الذي يرأس وحدة للعناية المركزة في مستشفى الجلاء ان جثث 50 شخصا معظمهم قتل رميا بالرصاص نقلت الى المستشفى بعد ظهر الاحد. واضاف ان 200 مصاب نقلوا ايضا الى المستشفى. وقال ان احد الضحايا كان مطموس المعالم بعد اصابته بقذيفة صاروخية في بطنه. واضاف ان افراد وحدة بالجيش تعرف باسم فرقة "الصاعقة" نقلوا زملاء لهم مصابين للمستشفى. وقال الجنود انهم انضموا لقضية المحتجين وانهم قاتلوا وهزموا الحرس الخاص بالقذافي. وقال رجل اخر بالمستشفى وهو محمد المانع بالتليفون إن الجنود يقولون الآن إنهم تغلبوا على الحرس وإنهم انضموا لثورة الشعب. واذا كان القذافي يأمل استبعاد بنغازي بوصفها مشكلة اقليمية فانه واجه تطورا ينذر بالخطر الليلة الماضية مع خروج الحشود الى شوارع طرابلس. وقال احد السكان ان بامكانه سماع اصوات اطلاق النار في الشوارع وحشود من الناس. واضاف: "اننا بداخل المنزل والانوار مطفأة.هذا ما اسمعه اصوات اطلاق نار والناس .لا استطيع الخروج". وقال عامل وافد ان المتظاهرين المناهضين للحكومة تجمعوا في المجمعات السكنية. واضاف: "الشرطة تفرقهم. بوسعي ان اراهم يشعلون النار في السيارات". وتراجع ايضا التأييد للقذافي بين القبائل الصحراوية في ليبيا. والقذافي نجل راعي اغنام استولى على السلطة في عام 1969. وهدد زعيم قبيلة الزوية الشرقية بوقف صادرات النفط اذا لم توقف السلطات ما وصفه بقمع المحتجين. وقال الشيخ فراج الزوي في قناة "الجزيرة" انه سيوقف صادرات النفط للدول الغربية في غضون 24 ساعة اذا لم تتوقف اعمال العنف. وقال اكرم الورفللي وهو شخصية بارزة في قبيلة ورفللة ل"الجزيرة" انه سيقول للاخ القذافي انه "لم يعد اخا وسيقول له ارحل من البلاد". وكان نجل القذافي حذر من ان الجيش "قادر" وسيفرض الامن باي ثمن". وأكد سيف الإسلام أن الشعب الليبي أمام خيارين "إما الدخول في حوار وطني أو الاحتكام إلى السلاح" إذا استمر الوضع كما هو في بلاده. وقال سيف الإسلام إن عشرات الآلاف يتوافدون على العاصمة طرابلس للدفاع عن القذافي، مشددا على أن والده في المدينة ويقود المعركة وأن ليبيا ليست مصر أو تونس وأن انتشار الفوضي سيكون أسوأ ألف مرة من البلدين. ووصف ما جرى في بلاده من احتجاجات في الأيام الماضية بالفتنة الكبرى، محذرا من وقوع حرب أهلية في ليبيا نظرا لطبيعتها القبلية . ودعا إلى البدء اعتبارا من اليوم الاثنين في حوار وطني بشأن دستور ليبيا كما حذر الليبيين من خطر استعمار بلاده إذا لم تتوقف الاحتجاجات مؤكدا أن الغرب لن يسمح بالفوضى أو تصدير الإرهاب أو إقامة إمارات إسلامية في ليبيا. وأشار سيف الإسلام إلى وجود مخطط يستهدف ليبيا، مشيرا إلى أن السلطات قبضت على العشرات من العاملين المغتربين، وبعضهم عرب، تم استعمالهم على حد قوله في إثارة الفتنة. وأشار إلى أن كل الاستثمارات الخارجية ستهرب من ليبيا إذا سقط النظام، مشددا على أن "انهارا من الدماء ستسيل إذا استمر الوضع الراهن" حيث سيحتكم الجميع إلى السلاح. والانتفاضة الليبية احدى سلسلة ثورات تنتشر كالنار في الهشيم عبر العالم العربي منذ كانون الاول (ديسمبر) الماضي مما ادى الى اسقاط رئيسين ظلا يحكمان لفترة طويلة في تونس ومصر وتهدد انظمة راسخة ابتداء من البحرين حتى اليمن.