خبر في الجول - معروف يوضح ليوسف سبب طرد هاني.. وخطوة منتظرة من الأهلي    محمد شريف: تعلمنا من أخطائنا.. والهدف المبكر ساعدنا ضد فاركو    صور..المصريون يحتفلون ب "عيد وفاء النيل" تقديرًا لعطاء النهر الخالد ودوره في بناء الحضارة المصرية    النيابة العامة تُقرر إخلاء سبيل صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    السيطرة على حريق بمحطة كهرباء الحصايا بأسوان    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكارتونة البيض في الأسواق السبت 16 أغسطس 2025    السفير الروسي في واشنطن: لا اختراق كبير في قمة ألاسكا    حاكم ألاسكا: لقاء بوتين وترامب يمثل يوما تاريخيا لولايتنا    بوتين: حرب أوكرانيا ما كانت لتندلع لو كان ترامب رئيسًا    «مؤشرات إيجابية» بعد نهاية محادثات «الصيغة الضيقة» بين ترامب وبوتين    «مرسال» يعلن إطلاق مبادرة الإستثمار الزراعي في كينيا    محافظ الوادي الجديد يعتمد المرحلة الثانية للقبول بمدارس التعليم الفني    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    أول رد فعل من ريبيرو على فوز الأهلي أمام فاركو وخطأ مصطفى شوبير    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فوز الأهلي على فاركو بالدوري؟ (كوميك)    محمد صلاح يتساوى مع كول ويصبح رابع أفضل هداف في تاريخ البريميرليج    صلاح يسجل..ليفربول يهزم بورنموث برباعية في افتتاحية الدوري الإنجليزي    ريبييرو: الفوز على فاركو خطوة مهمة لمواصلة انتصارات الأهلي في الدوري    مصرع طفل غرقا في حمام سباحة ببني سويف    10 أشخاص من أسرة واحدة.. ننشر أسماء مصابي حادث تسمم ملوي بالمنيا    ليجي سي يتألق في حفل "العلمين الجديدة".. ويسأل الجمهور: حد حافظ "بيتادين"    تكريم هاني شنودة ومشاركة فريق "وسط البلد".. 17 صورة من افتتاح "القلعة للموسيقى والغناء"    عبيدة تطرح فيديو كليب أحدث أغانيها «ضحكتك بالدنيا»    قرار عاجل من النيابة بشأن صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    الكاتب عمر طاهر يروي كواليس لقائه مع الروائي الراحل صنع الله إبراهيم    ب«الجبنة القريش والبطاطس».. طريقة تحضير مخبوزات شهية وصحية (خطوة بخطوة)    النيابة العامة تقرر إخلاء سبيل صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    بعد تصديق الرئيس.. القانون يمد خدمة المعلمين المتقاعدين لمدة 3 سنوات    فلسطين.. زوارق الاحتلال تستهدف بإطلاق النار بحر خان يونس جنوب قطاع غزة    ألاسكا تكشف الفرق الكبير بين استقبال بوتين وزيلينسكي    القانون يحدد ضوابط العلاوة التشجيعية للموظفين.. إليك التفاصيل    تعرف على حالتين يحق فيهما إخلاء السكن القديم.. وفقًا للقانون    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات ومعاهد متاحة والحد الأدنى 2024    ليفربول يدين الهتافات العنصرية ضد مهاجم بورنموث    «لو بتكح كتير».. تحذير قد يكشف إصابتك بمرض رئوي خطير    بعد ساعات.. غلق كلي ب كوبري الجلاء في الاتجاهين لمدة 3 ساعات    قرار هام من التريبة والتعليم حول تظلمات الدفعة الثانية ل 30 ألف معلم    بمشاركة محافظ المنيا ونائب وزير الصحة.. اجتماع موسع لبحث تطوير المنظومة الطبية    تأثير كوب القهوة يختلف من شخص لآخر.. اعرف السبب    موعد صرف مرتبات أغسطس 2025 بعد زيادة الحد الأدنى للأجور    محافظ القليوبية يقدم واجب العزاء لأسر ضحايا حريق القناطر الخيرية    خطوات التظلم على قرار منع السفر وفق قانون الإجراءات الجنائية    أخبار 24 ساعة.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة "دور ثانى" غدا    أسوشيتد برس: ترامب يستغل اجتماعه مع بوتين لجمع التبرعات    بضمان محل إقامته.. إخلاء سبيل عبد الرحمن خالد مصمم فيديو المتحف المصري الكبير    ضحى عاصى: صنع الله إبراهيم قدم صورة لفكرة الروائى المشتبك مع قضايا الوطن    غدًا على "إكسترا نيوز".. سامح عاشور في حوار خاص في "ستوديو إكسترا" حول مخطط "إسرائيل الكبرى"    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    وزير الأوقاف يختتم زيارته لشمال سيناء بتكريم 23 شابا وفتاة من حفظة القرآن الكريم بقرية 6 أكتوبر بمركز رمانه (صور)    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم السبت 16 أغسطس بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    تليفزيون اليوم السابع يستعرض أبرز ما يميز النسخة المطورة من تطبيق مصر قرآن كريم.. فيديو    انسحاب منخفض الهند.. حالة الطقس اليوم السبت: «أغسطس يُصالح مُحبى الشتاء»    وكيل صحة المنوفية يوضح حقيقة سقوط أسانسير مستشفى بركة السبع    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    خطيب الأزهر يحذر من فرقة المسلمين: الشريعة أتت لتجعل المؤمنين أمة واحدة في مبادئها وعقيدتها وعباداتها    محافظ المنيا يفتتح مسجد العبور ويؤدي صلاة الجمعة بين الأهالي (صور)    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    بطعم لا يقاوم.. حضري زبادو المانجو في البيت بمكون سحري (الطريقة والخطوات)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الثأر» من المسخ
نشر في المصريون يوم 21 - 02 - 2011

المفاجأة التي أوقعتها الثورة التونسية أدخلت الغرب في سباق مع الزمن لمنع امتدادها خاصة في ليبيا والجزائر اللتان كانتا مشتعلان في البداية. ومع ذلك فقد كان انفجار الثورة في مصر بعد عشرة أيام من انتصارها في تونس صفعة مدوية أفشلت كل خطط الغرب الذي لا يهتم إلا ببقاء الأوضاع على حالها.
هذه المرة عادت الثورة في ليبيا لتشتعل بضراوة أشد مما سبقها حتى الآن. ورغم أن عدد الضحايا وصل، في الأيام الثلاثة الماضية إلى المئات عدا عن الجرحى، إلا أن الليبيين يبدون صلابة وعنادا شديدين، وتصميما على الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي الذي يحكم البلاد منذ عام 1969.
في تونس انفجرت ثورة « الكرامة» المهدورة، وفي مصر كانت ثورة « الغضب» المعتمل في النفوس من القهر والاستعباد والظلم. أما في ليبيا فهي أقرب ما تكون لثورة « الثأر» أو «التأديب» لمن حكم البلاد والعباد بغطرسة وعجرفة واستهتار بعيدا عن أية مساءلة. فلو قارنا الحكم في ليبيا فلن نقع على مثيل له في التاريخ المعاصر. فلا هو حكم عائلة مالكة، ولا قبيلة نافذة، ولا هو حكم دستوري ولو صوري، ولا هو حكم ديكتاتوري، ولا حكم فاشي، ولا حكم شرعي، ولا حكم حزب متسلط، ولا أي شكل من أشكال النظم السياسية.
هكذا هي ليبيا! دولة بلا دستور، وبلا قانون، وبلا شريعة، وبلا ياسق، وبلا أية مرجعية تذكر على الإطلاق، إلا ما يرتئيه القذافي نفسه! الأسوأ من هذا وذاك أنه يحكم البلاد بطريقة التملك الفردي لكل ملموس أو محسوس في ليبيا. بل أنه يحكم الماضي والحاضر والمستقبل والوجود وفق رؤاه. وحتى الكعبة لا يرى القذافي أنها بيت المسلمين وحدهم.
فالقذافي هو صاحب الكتاب الأخضر، أو ما يسميه بالنظرية العالمية الثالثة، وهو الدين الوحيد الذي يؤمن به، والدين الذي أراد للشعب الليبي والشعوب العربية وشعوب العالم أن تعتنقه، وهو صاحب كل أطروحة شاذة، وصاحب الهوس في النياشين والألقاب، وصاحب الشخصية المتقلبة شكلا ومضمونا، والباحث عن الملك والتملك ولو في أصقاع قبائل أفريقيا الوثنية وغير الوثنية وحتى المهلبية!! شخصية صارت بايولوجيا أقرب، في مظهرها، إلى مسوخ هوليود.
القذافي قال ما لم يسبق أن قالته أو فعلته أو آمنت به حتى النظريات الإلحادية. فقد كان الغرب يحارب النظرية الماركسية باعتبارها تخالف بمحتواها الطبيعة البشرية التي أودعها الله عز وجل في خلقه، لكن القذافي استهدف الطبيعة الإنسانية ذاتها عبر أفعال وأفكار وقيم مبتدعة لا أصل لها في ثقافات البشر ولا في طبيعتهم ولا في صراعاتهم الأزلية ولا في أية عقيدة وضعية أو سماوية، وعبر ثقافة ممسوخة، من نتاجه وصنعه، ألحقت أضرارا بالغة في الشخصية الليبية التي تشهد لها وقائع التاريخ بأنها واحدة من الشخصيات الأشد مراسا وخبرة وعراقة في مقارعة قوى الظلم والطغيان، إلى الدرجة التي قارب فيها الليبيون على الانقراض لكثرة ما قدموا من خسائر في أرواحهم.
القذافي أنشأ، منذ وقت مبكر، جيشا متوحشا من قبيلته وبعض القبائل المتحالفة معه قوامه نحو ثلاثون ألف مقاتل. جيش مستقل عن الجيش الليبي، وخارج عن أية علاقة بالدولة. جيش مجهز بأحدث الأسلحة والمعدات. أما الجيش الرسمي فيعج بالمرتزقة الأفارقة. ولما يكون هذا هو الحال فليس غريبا أن يلجأ القذافي لاستخدام هذا الجيش في ترويع الناس وارتكاب المذابح الجماعية. لكن، حتى وإنْ بقي هذا الاحتمال واردا على شخصية مثل القذافي، إلا أنه يظل احتمالا ضعيفا: إما بالنظر إلى بنية المجتمع الليبي القبلية ومساندة القبائل للثورة وإما لخشية قبيلته والقبائل الحليفة له من التورط في ثارات اجتماعية ستكون تكلفتها الدموية باهظة. وبالتالي فلا خوف على صلابة الثورة الليبية واستمراريتها رغم ما خلفته وستخلفه من ضحايا أبرياء بأيدي هذا الرجل المسخ.
القذافي طغى وتجبر وعتى واستكبر واستحقر كل ما هو دونه. وعلاوة على إنكاره للسنة النبوية وتحريفه لكتاب الله وازدرائه للدين وللتاريخ الإسلامي؛ فلم يحترم وزيرا ولا سياسيا ولا معارضا ولا عالما ولا فقيها ولا شيخا ولا وجيها ولا ضابطا ولا كبيرا ولا صغيرا ولا رجلا ولا امرأة. لذا، وفيما خلا عبيده اللصيقين به، وهم قلة لا تمتلك إلا التعبد به، فما من أحد في ليبيا يكن أدنى محبة أو احترام لهذا القذافي الذي يستحق لقب الفرعون بامتياز عز نظيره. ولأنه قاتل دموي، فلم يكن أحد ليجرؤ على نقده حتى لو فرّ إلى أوروبا أو أية دولة عربية. فلطالما طالت يده الباطشة أرواح المعارضين له، أو كل من يبغضهم من الناس سواء كانوا ليبيين أو أجانب أو عربا. لذا؛ فما من أحد إلا وله عنده ثأر، وما من ليبي إلا وله عنده مظلمة، وما من مسلم أو عربي إلا وله معه حساب .. وأي حساب!!!
من يعرف تاريخ هذا الرجل وشخصيته وأفعاله يعلم علم اليقين أننا لا نبالغ فيما قدمناه من توصيف له. لكن الأهم في هذا التوصيف أنه:
• يفسر لنا جانبا من غضبه المحموم على الشعب التونسي واحتقاره له بعد نجاحه في خلع زميله بن علي وإذلاله له.
• ويفسر لنا جانبا من المذبحة التي تجري وقائعها الدموية بشكل مريع في المدن الليبية، واقتحام البيوت بدعوى ممارسة الإرهاب، ومطاردة الشبان في الشوارع بسيارات الدفع الرباعي.
• ويفسر لنا أيضا انعدام الثقة به حتى من بعض كبار ضباطه والانحياز السريع والكثيف لقطاعات من الشرطة والجنود إلى الثورة الشعبية.
• ويفسر لنا ما أشارت إليه تقارير عن تقديم البعض من وزرائه لاستقالات جماعية بسبب وحشية القتل الذي يمارسه القذافي ضد السكان عبر إطلاق النار على الرؤوس.
• ويفسر لنا الأنباء التي تتحدث عن حملة إعدامات وتصفيات جارية على قدم وساق ضد مسؤولين وشخصيات وضباط في الدولة.
• ويفسر لنا استعانة القذافي بالمرتزقة الأفارقة والآسيويين، لا للسيطرة على الأوضاع بل لممارسة القتل ضد الشعب الذي يعتبره خصما له!!! كما يفسر لنا الأنباء التي تتوالى بلا انقطاع عن هبوط طائرات المرتزقة في المطارات الليبية بما فيها الطائرات الإسرائيلية المحملة بمعدات القمع والخبراء.
• ويفسر لنا توالي المناشدات بنجدة الشعب الليبي لوقف المذبحة خاصة من قبل المستشفيات والأطباء الذين يصفون ما يجري في ليبيا بالمجزرة
• ويفسر لنا الإصرار العنيد على التخلص من هذا الطاغية على وقع كثافة صيحات التكبير والاستغاثة والدعاء التي تتعالى بين المتظاهرين بصورة ملفتة للمراقب، وأكثر وضوحا منها في ثورتي تونس ومصر، وكأن الناس يشعرون، بحق، أنهم يقارعون كفرا أكثر منه طغيانا.
لنتابع وقائع الدورة التاريخية وهي في مرحلة نزع القشرة ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.