كشفت مصادر مقربة من الكنيسة عن وجود دور مهم للكنيسة في انسحاب الأقباط السبعة من حزب الوسط " تحت التأسيس " وقيامهم بإلغاء التوكيلات الخاصة بالحزب ، مما أدى إلى تأجيل محكمة القضاء الإداري للقضية وفتح باب للمرافعات من جديد. وأوضحت المصادر أن الكنيسة لعبت دورا مهما في هذا الأمر بالتنسيق مع النظام ليظل لها السيطرة السياسية على الأقباط ، خصوصا أن الأقباط السبعة لم يعرف عنهم أي نشاط سياسي وليسوا من الشخصيات العامة. وأرجعت المصادر موقف الكنيسة هذا إلى وجود مرجعية دينية لحزب الوسط وهو ما تخشى منه الكنيسة في ظل الصعود المتنامي لجماعة الإخوان المسلمين ونجاحها في تحقيق عدد كبير من مقاعد البرلمان بصورة غير مسبوقة. ونبهت المصادر إلى وجود حالة تقاطع وتوحد بين الحكومة والكنيسة في إفشال مهمة حزب الوسط خصوصا أن نفوذ الكنيسة وسط الأقباط قد تنامي في المرحلة الأخيرة بصورة تفوق قوة الدولة التي لم تملك سوى أن تطلب من الكنيسة التدخل لإقناعهم بالانسحاب. ويوافق على هذا الطرح النشط القبطي المعروف جمال أسعد عبد الملاك ، إذ رجح أن تكون الضغوط الكنسية قد لعبت دورا حاسما في انسحاب أقباط الوسط بالتنسيق مع الحكومة التي لا ترغب في ظهور أي أحزاب سياسية إلا إذا كانت من تحت عباءاتها خصوصا إذا كانت أحزاب مدنية ذات مرجعية دينية. وأشار عبد الملاك إلى أن الكنيسة تحارب أي تصاعد للمشاركة السياسية للمسيحيين حتى تظل لها السيطرة الكاملة على الأقباط . واعتبر عبد الملاك أن انسحاب الأقباط من تجربة الوسط خسارة سياسية للأقباط وللحياة السياسية عموما خصوصا أن هذا الحزب يقدم تجربة مميزة وغير معهودة في حياتنا السياسية ونحن بحاجة شديدة لها في ظل تصاعد نفوذ جماعات الإسلام السياسي. في المقابل ، قلل الباحث في الشئون القبطية الدكتور هاني لبيب من أهمية وجود دور للكنيسة في هذه الأزمة ، مشيرا إلى أن هذا الأمر ليس من أولويات الكنيسة بأي شكل من الأشكال كما أنه ليس من مصلحة الكنيسة التضييق على المشاركة السياسية للأقباط. ونفى لبيب أن تكون الكنيسة قد دفعت هؤلاء للانسحاب من الحزب كما سبق وطالبت من نشطاء أقباط الانسحاب من حزب الغد ، مشددا على أن الأمر مختلف فالأقباط السبعة لم يكونوا من الكهنة بعكس القس فلوباتير الذي اعتبرت الكنيسة موقفه موقفا معارضا لموقف الكنيسة خصوصا أنه كاهن وليس مواطنا مسيحيا عاديا. واتهم المهندس أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي الحزب جهات لم يسمها بالوقوف خلف إلغاء توكيلات الأقباط السبعة ، مؤكدا أنه لم تصله معلومات عن تورط الكنيسة في هذا الأمر. ودلل ماضي على ذلك بأن الكنيسة لم تتدخل طوال السنوات العشر الماضية وهي عمر تجربة الوسط ولم تتدخل في العامين الماضيين منذ تقدم أوراق حزب الوسط الجديد فلماذا تتدخل حاليا. واعتبر أبو العلا أن الخطوة الأخيرة هدفها إظهار الأمر كأنه معركة بيننا وبين الأقباط تورطت فيه مجموعة في السلطة لا ترغب في إحداث أي تطور في الحياة السياسية. من جانبه ، اعتبر المستشار نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان والناشط القبطي أن انسحاب الأقباط بهذا الشكل من حزب الوسط هو ردة على طريق الديمقراطية ويشكل إخلالا بمبدأ المواطنة وانتهاكا للنسيج الاجتماعي الواحد للمسلمين والأقباط ومؤشر على تقهقر العامل الحزبي في مصر ، كما أنه يزيد من تهميش الدور السياسي للأقباط ومشاركتهم في الحياة الحزبية في مصر. ورفض جبرائيل القول بأن هناك ضغوطا مارستها الكنيسة على هؤلاء الأقباط للانسحاب من الوسط حيث إن الكنيسة تنأى بنفسها عن الدخول في المعترك السياسي ، مشيرا إلى أنه بغض النظر عن الجهة التي ضغطت على هؤلاء الأقباط للانسحاب ، فإن انسحابهم يشكل تراجعا لدور الأقباط في الحياة السياسية.