ذكر الرئيس السابق حسني مبارك في خطابه الثاني في الأزمة الأخيرة أنه حارب من أجل مصر وقدم الكثير من أجلها، وكان هنا يدفع بالنقطة الأهم في تاريخه، في محاولة لتثبيت مواقعه والحصول على تعاطف بعض قطاعات الشعب التي ثارت على حكمه عندما بلغ الفساد والتزوير والضعف الداخلي والخارجي حدوداً غير مسبوقة في التاريخ المصري الحديث. وما ذكره الرئيس مبارك حقيقي لكنه منقوص...منقوص كثيراً، لقد حارب بالفعل من أجلها، حارب عام 1967 كقائد مطار عندما ضربت الطائرات على الأرض، وحارب عام 1973 كقائد للقوات الجوية يقودها من غرفة العمليات إلى جوار رئيس أركان حرب القوات الجوية الذي يقود العمليات بشكل فعلي. والمسكوت عنه هنا أن الرئيس لم يحارب وحده من أجل مصر، لقد حارب معه في هذه الحرب سبعون ألف مقاتل مصري، ولم يحكم احد منهم ثلاثين عاماً كما فعل، ولئن كان الرئيس قد حارب من غرفة العمليات فإن الآلاف غيره قد إقتحموا خطوط النار، فمنهم من إستشهد، ومنهم من أصيب، منهم من فقد عينيه أو ساقه أو يديه أو اصابته إصابة مستديمة، لقد حاربت وحاربوا يا سيادة الرئيس، وحكمت أنت مصر ثلاثين سنة، ثم تمن علينا أنك حاربت، فما الذي أخذوه هم، لقد مات العشرات من طياريك داخل طائراتهم وهم يواجهون العدو، حاربت وحاربوا، فماتوا هم وحكمت أنت مصر من شرم الشيخ وبرج العرب !!. وما هي علاقة حربك من أجل مصر يا سيادة الرئيس بما أخذه الثوار على حكمك من فساد النخبة الحاكمة مما أدى إلى نهب عشرات المليارات من المال العام بطريقة مباشرة وغير مباشرة !!، ما هي علاقة حربك من أجل مصر يا سيادة الرئيس بتزوير الإنتخابات المرة تلو المرة وخاصة في الإنتخابات الأخيرة، وهو ما يخالف ما أقسمت بالله عليه يوم أنتخبت بأن (تحترم الدستور والقانون وأن ترعى مصالح الشعب رعاية كاملة)، ما علاقة حربك من أجل مصر برغبتك في توريث حكمها، كأنها كانت ضيعة ورثتها عن الأسلاف فأنت تورثها للأنجال...ما علاقة حربك من أجل مصر بكل هذا، أكل السبعين ألف الذين حاربوا من أجل مصر فعلوا هذا ؟!. إن كنت حاربت من أجلها يا سيادة الرئيس فلم حاربتها اليوم ؟!، ولم كنت تحاربها طوال النصف الثاني من حكمك، إن كنت حاربت من أجلها فلم أطلقت عليها االفاسدين ينهبون مالها، وأطلقت عليها البلطجية يعيثون فيها ويزورون مع رجالات الحزب الحاكم إرادة شعبها، لماذا تركتها نهباً للفاسد والجاهل، ولماذ أطلقت النار على أبنائها الثوار حتى قتل منهم حوالي الثلاثمائة، لماذا تختم عهدك بأن تحارب بلادك يا سيادة الرئيس، لقد فقد الإسرائيليون في حرب أكتوبر 3500 قتيل، قتل معظمهم بالمدفعية وتدمير دباباتهم بصائدي الدبابات وبالإلتحام معهم في مخابئهم وأثناء المعارك، وبالحساب الدقيق يصعب تصور أن القوات الجوية قد قتلت من هذا العدد اكثر من 300، خاصة أنها توارت بعد الضربة الجوية الأولى، أي أن الثور الذين قتلوا على يد أجهزتك في الأيام الماضية أكثر من الإسرائيليين الذين قتلوا على يد قواتك في حرب أكتوبر......يا صاحب الضربة الجوية. سيادة الرئيس السابق، لم تكن وحدك في حرب أكتوبر، كان معك 70 الف مصري خاضوا النار وقدموا الدم والعرق والدموع، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً، فلم بدلت أنت يا سيادة الرئيس....لم بدلت. [email protected]