أخيرًا انفجر بركان التغيير، وانطلق قطار الثورة، وخرج العفريت من القمقم.. ولم يعد بوسع أحد أن يعيدنا إلى ما قبل 25 يناير..!! أصبح ذلك اليوم علامة فارقة في تاريخنا الحديث.. حُقَّ لكل مصر أن يعتز به، وأن يفاخر به شعوب الأمم التي كانت تصمنا بالجبن والخنوع والخضوع لكل مستبد طاغية. لو رأيت آلاف الشباب وهم يخوضون معركة أشرس من اختراق خط بارليف على كوبر قصر النيل يوم الجمعة 28 يناير في مواجهة جحافل الأمن المركزي.. لأدركت بسالة المواطن المصري الذي لم يرهبه شيء حتى اضطر المجرمون إلى استخدام الرصاص الحي.. لو رأيت الجماهير في الشوارع وهم يتحادثون بلا خوف، ولا تحسّس، لأدركت كم كتم الظالمون أنفاسهم، وجثموا على صدورهم.. نصف قرن ويزيد من القهر والكتمان والإذلال..!! لكن جاء 25 يناير ليحطم القيود، وليعيد إلينا هواء الحرية النقي الذي لُوِّث بالتلفزيون الرسمي، والصحف القومية، والمنابر الكاذبة، وآلة الديكتاتورية الباطشة.. البعض يتعامى ولا يريد أن يصدق أننا بإزاء "ثورة" بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ..!! يكفي أن نقول لهم: من كان يصدق أن يتزحزح جمال مبارك وصفوت الشريف عن منصبيهما؟! ومن كان يتخيل أن يُقال أحمد عز ويحول إلى المحاكم؟! والأدلة كثيرة لكنهم يكابرون..!! ومع ذلك نقول بكل واقعية: إن قطار الثورة قد انطلق، لكنه لم يصل بعدُ إلى محطة الأمان.. وهذا هو التحدي الأكبر. فَشِلّة المنتفعين ومَنْ تعودوا على إحراق البخور بين يدي السلطان، لا يريدون أن يصدقوا أن التغيير (تغيير الثورة لا تغييرهم!!) قد بدأ.. فراحوا يشوهون الثورة، ويكيدون لها، ويزعمون أن خيوطًا خارجية تحركها، وتلعب بالشباب "الطاهر البريء"...!! وتجاهلوا أن هذه الثورة التي بدأها الشباب قد شارك معه فيها الملايين من الشيوخ والنساء والأطفال.. فلم تعد ثورة شباب بل ثورة شعب اشتاق إلى الحرية منذ قرون.. بعد أن ظلت حلمًا يداعب خياله الذي أفقره الطغاة والظالمون.. ثم، هل الشباب "الطاهر البريء" الذي حرك عجلة التغيير، وحشد الجماهير، وقاد المسيرات المليونية.. هل يكون هكذا سهلاً للاختراق؟! كفانا استهزاءً بالعقول.. فقد انطلق قطار الثورة والتغيير..!!